منصور بن زايد: المتحف يعكس رؤية الإمارات نحو تعزيز الثقافة والسلام والتعايش
بفضل أدائها الرائع في "تشريح سقوط" و"منطقة الاهتمام"
الألمـــانية ســاندرا هــولر في قمّــة فنّهــا
رغم عدم فوزها بجائزة أفضل ممثلة، في الدورة الـ76 (16 ـ 27 مايو/أيار 2023) لمهرجان "كانّ" السينمائي، تفرض الممثلة الألمانية ساندرا هولر (1978) نفسها، بفضل "أداء رائع لها" في فيلمين اثنين، يفوزان بأول جائزتين أساسيتين: "تشريح سقوط" للفرنسية جوستين تريّية، الفائز بـ"السعفة الذهبية" ، و"منطقة الاهتمام" للبريطاني جوناثان غلايزر، الفائز بـ"الجائزة الكبرى" وبجائزة "الاتحاد الدولي للنقّاد ـ فيبريسي". بحسب الفرنسي تييري شاز، تترك هولر، بعد عرضهما، "أثراً عميقاً" في الدورة تلك، مُضيفاً أنّ أداءها في الفيلم الفرنسي "يُثير الانطباع الأجمل".
بعد Sibyl، هناك "تشريح سقوط" (يُعرض في الصالات الفرنسية منذ 23 أغسطس/آب 2023)، الذي تؤدّي الممثلة الألمانية فيه دور كاتبة متّهمة بقتل زوجها. أمّا في "منطقة الاهتمام"، فتؤدّي دور زوجة ضابط نازيّ في معتقل "أوشفيتز" (يُفترض بعروضه التجارية الأميركية أنْ تبدأ في 8 ديسمبر/كانون الأول المقبل). كتابات نقدية وصحافية عدّة تذكر أنّ هولر، بعد عرض الفيلمين في المهرجان المذكور، تُصبح "المُفضّلة من دون منازع" لنيل جائزة التمثيل النسائي، المحرومة منها "ظلماً" في الدورة الـ69 (11 ـ 22 مايو/أيار 2016) لـ"كانّ"، عن دورها في "توني إردمان" للألمانية مارِنْ أدِي: "غيابها عن الجائزة في دورة هذا العام منبثقٌ من نيل الفيلمين أول جائزتين أساسيتين"،
يكتب شاز، مُضيفاً أنّها، في فيلم تريّية "ستلمع عبقريّتها على الشاشة الكبيرة". ثم يتساءل: "أتكون شخصيّتها مذنبة أم بريئة؟ ففي 150 دقيقة، نتفحّص وجهها الناعم (رغم ذلك، فإنّه مُعبِّر)،
بحثاً عن إشارة (على أيّ منهما هي). لكنْ، لا شيء يرشَح (عن التفحّص)".
"ألاحظ طبعاً كم أنّ الممثلين ينهلون من أنفسهم في أدوارهم. مثلاً: عشية اليوم الأول من التصوير، وفيه نبدأ بلحظة العثور على الجثة، تتصل ساندرا بي وهي قلقةٌ بعض الشيء. تسألني إنْ تكن الشخصية التي تؤدّيها مذنبة أم بريئة. لا أجيب عن سؤالها، لكنّي أخبرها بأنْ تمثّل كما لو أنّها بريئة"، تقول جوستين تريّية في حوار معها منشور في العدد 800 (يوليو/تموز ـ أغسطس/آب 2023) من "دفاتر السينما" (مجلة سينمائية شهرية فرنسية). هذا لاحقٌ على إجابةٍ لها، في الحوار نفسه، مفادها أنّها غير مُفكّرةٍ بأحدٍ عند كتابتها السيناريو.
تقول هولر إنّها مسحورة بسيناريو "تشريح سقوط"، لأنّه، بالنسبة إليها، "يحتضن عصره في مستويات عدّة: إضفاء الطابع القضائي على الحميميّ؛ توازن قوى بين زوجين، عندما تنجح المرأة أكثر من زوجها؛ الإيمان بالكلام". يسألها شاز: هل تختارين موقعك لتأدية الشخصية "كمذنبة أم كبريئة". تُجيب: "لو أنّي أكثر شباباً، لاعتبرتُ السؤال أساسياً. حينها، سأحتاج إلى التموضع أخلاقياً. لكنْ، مع التقدّم في العمر، نفهم ونقبل ونتذوّق الغموض الذي، في العمق، يُحدِّدنا جميعاً".
التحدّي الأكبر لها كامنٌ في اللغة. فرغم تمثيلها سابقاً باللغة الفرنسية، في Proxima لأليس وينُكور (2019)، غير مؤدّية أبداً دوراً أول بهذه اللغة: "فوراً، تطلب ساندرا منّي فترة 3 أشهر بين انتهائها من تصوير الفيلم السابق وبداية تصوير هذا الفيلم، من أجل التحضيرات"، تقول تريّية، مُضيفةً أنّها تُدرك سريعاً أنّ طلبها "غير قابل للتفاوض". تؤكّد الممثلة هذا، شارحةً أنّ فترة التمرّن اليومي أساسيّة: "عبر طريقة نُطق بعض الكلمات، أعثر على أجوبة عن أسئلة متعلّقة بالشخصية التي أمثّل". وهذا، مع تغييرها، بعمق، أسلوب عملها: "أقرأ السيناريو عشرات المرّات، وهذا لا أفعله عادة. وأنا التي، في بلاتو، أكره أنْ أغلق على نفسي في فقّاعتي، أضطرّ إلى العودة إلى السيناريو من دون توقّف، وإلى طرح أسئلة على جوستين أكثر بكثير مما أفعله مع مخرج آخر. التصوير بلغةٍ ليست لغتي،
له جانب مُحرِّر. هذا يُزيل عنّي الهوس بالدقّة الذي أعيشه عندما أمثّل باللغة الألمانية".
سؤالٌ يطرحه ماركوس أوزال وشارلوت غارسون (دفاتر السينما) على تريّية:
هل فكرة أنْ تكون ساندرا (التي تؤدّيها هولر) أجنبية حاضرةٌ منذ البداية؟". تؤكّد المخرجة ذلك، قائلةً التالي: "عندما تُعبِّر عن نفسها باللغة الفرنسية، يُقال إنّها مُهيّئة نفسها مسبقاً على الكلام، وإنّها في موقع قوّة". لكنْ، عند شعورها بأنّها تتعرّض للخطر، "تنتقل إلى اللغة الإنكليزية". تُضيف أنّ اللغة الألمانية غير موجودة في السيناريو، رغم أنّها لغتها الأمّ،
فلا "ابنها ولا شريكها (في الفيلم)" يتحدّثان بها: "(كما أنّي) أعتبر أنّ فكرة محاكمة أجنبية في فرنسا مهمّة".
بالنسبة إلى تييري شاز، بعد 17 عاماً على خطواتها الأولى في السينما، مع Requiem لهانس ـ كريستيان شميدت، الحائزة بفضله على جائزة التمثيل في الدورة الـ56 (9 ـ 19 فبراير/شباط 2006) لـ"مهرجان برلين السينمائي"، تبدو ساندرا هولر، حالياً، في "قمّة فنّها".