نافذة مشرعة
الاتحاد الأوروبي: هكذا يتم تجاوز الإجماع في السياسة الخارجية
تريد باريس وبرلين التخلص من شرط الإجماع على قرارات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، مثل العقوبات. ولقبول هذه الفكرة، تقترح فرنسا صندوقا لتعويض الدول الأعضاء المتضررة بشكل خاص من العقوبات التي يتم إقرارها بشكل مشترك.
«الاتحاد الأوروبي يجب أن يتعلم استخدام لغة القوة”، يصر جوزيب بوريل. ويريد رئيس دبلوماسية بروكسل أن تكون أوروبا قادرة على الدفاع عن مصالحها ونحت السياسة الدولية.
وتحث واشنطن بروكسل على الانضمام إلى مواجهتها مع بكين، بينما تجبر الشركات الأوروبية على الانسحاب من إيران من خلال عقوبات ثانوية. وتحاول الصين، من جانبها، التوافق مع الاقتصاد والسياسة الأوروبية من خلال فتح دفتر شيكاتها. وفي هذا السياق، انضمت برلين مؤخرًا إلى باريس بشأن الحاجة إلى تعزيز السيادة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، في بيئة دولية يهيمن عليها إحياء التنافس الجيوسياسي، لا يستطيع الاتحاد الأوروبي الاعتماد على قانون الأقوى... إنه لا يفتقر إلى القدرة العسكرية المشتركة فحسب، بل يفتقر أيضًا إلى رؤية مشتركة لاستخدامها.
وبالنتيجة، يجب أن تعتمد بروكسل قبل كل شيء على ثقلها الاقتصادي لتقوية مواقفها. ويعدّ الاتحاد الأوروبي الآن أكبر سوق في العالم، وأحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم. وإذا أراد الأوروبيون إظهار أسنانهم، كما يرغب إيمانويل ماكرون، فغالبًا ما يضطرون فقط إلى اللجوء إلى العقوبات. ويتراوح رصيدهم من حظر الأسلحة إلى العقوبات الاقتصادية التي تعلق التجارة في السلع والتدفقات المالية.
الإجماع ...
لكن العقبة الرئيسية أمام استخدامها السريع والفعال هو أن اعتمادها يتطلب إجماع أعضاء الاتحاد الأوروبي. والتاريخ مليء بأمثلة عن بلدان تستخدم حق النقض لعرقلة أو تأخير أو تخفيف المواقف الأوروبية، ويجد الاتحاد الأوروبي صعوبة للتأثير على الأحداث كما يحلو له. قبرص اليوم تؤجل تبني عقوبات ضد النظام البيلاروسي طالما أن بروكسل لا تشدد العقوبات ضد تركيا بسبب الخلاف حول قضية استغلال الغاز في شرق المتوسط.
وأدى هذا الإحباط إلى اعادة التفكير في مبدأ الإجماع. وفي إعلان ميسبرغ الصادر في يونيو 2018، وافقت ألمانيا وفرنسا على استكشاف إدخال تصويت الأغلبية المؤهلة. كما تحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لصالح التحول إلى الأغلبية المؤهلة.
إن مثل هذه القفزة نحو أوروبا اتحادية أكثر أمر بالغ الحساسية. ولا يزال لدى أعضاء الاتحاد الأوروبي وجهات نظر متباينة حول العديد من البلدان الأخرى، مثل روسيا. وتلعب الشؤون الخارجية أحيانًا دورًا مهمًا في النقاش السياسي الداخلي.
لكنها ليست مجرد عقبات سياسية. ففي نهاية المطاف، تحجم الدول الأعضاء عن التخلي عن حق النقض لأنه يحمي مصالحها الاقتصادية.
عدم التماثل
في معظم الأوقات، تكون العواقب الاقتصادية لعقوبات الاتحاد الأوروبي غير متكافئة. العقوبات التجارية المفروضة على روسيا، على سبيل المثال، أصابت فنلندا وبولندا بشكل أكبر، ولكن كان لها تأثير أقل بكثير على الاقتصادين الألماني والفرنسي. ويجب أن تعترف أي محاولة لإزالة شرط الإجماع بهذه الحقيقة.
كيف يتم حل هذه المشكلة؟ من خلال إنشاء صندوق مخصص، وتعويض الدول الأعضاء المتضررة بشكل خاص من العقوبات المقررة بشكل مشترك. وليس ضروريا البداية من الصفر.
اليوم، يوزع صندوق الاتحاد الأوروبي للتضامن المساعدات على الدول الأعضاء المتضررة من الكوارث الطبيعية. ويتم دفع المساعدات حسب ثروة المنطقة المتضررة ومدى الضرر. ومن الغريب أن المفوضية اقترحت العام الماضي استخدام هذا الصندوق لمساعدة الشركات والموظفين الذين يواجهون صعوبات في حال “بريكسيت متشدد».
ومن الواضح أن مثل هذا الصندوق “الجيوسياسي”، سيكون له موارد محدودة وسيكون بالتأكيد أداة غير كاملة لموازنة جميع تكاليف السياسة الخارجية المشتركة. ومع ذلك، إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد حقًا أن يصبح لاعبًا قويًا على المسرح الدولي، فيجب أن يكون الأوروبيون مستعدين لتحمل عواقب سياساته معًا.
في النقاش حول إصلاح اليورو، تجادل ألمانيا بأنه لا يمكن إحراز تقدم في التكامل المالي طالما أن الدول الأعضاء تقرر ميزانياتها بنفسها. وهذه الحجة الألمانية، التي تتطلب المواءمة بين الرقابة والالتزام المالي، صالحة أيضًا في مسائل السياسة الخارجية.