مخاوف من إمكان فقدان الاهتمام بروسيا

التركيز على الصين يثير انقسامات داخل الناتو

التركيز على الصين يثير انقسامات داخل الناتو

وُجد الناتو لردع الدبابات والصواريخ الروسية في أوروبا. وحالياً، توسعت وظيفته إلى ردع الطموحات العالمية للصين، الأمر الذي يتسبب بقلق لدى بعض الأعضاء حول تمدد المهمة، فضلاً عن اتهامات من قبل بكين بإثارة مواجهة.
وحول هذا الموضوع، كتب ألستير غايل في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن قادة من أستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية واليابان-المعروفة بأربعة آسيا-المحيط الهادئ- سيحضرون القمة السنوية لحلف شمال الأطلسي للعام الثاني على التوالي. وعلى أجندة القمة المقررة هذا الأسبوع في ليتوانيا، زيادة التعاون في مجالي الأمن البحري والسيبراني، مع تصدر الاهتمام بالجبهة الصينية.
ويقول قادة الناتو إن الخطوات الصينية لبسط السيطرة على بحر الصين الجنوبي، نقطة العبور لتريليونات من التجارة العالمية سنوياً، وكذلك القدرات النووية المتعاظمة للصين وإمكاناتها في الحرب السيبرانية، هي مصدر قلق لأوروبا وأمريكا الشمالية وكذلك بالنسبة للبلدان الآسيوية.
وأبلغ الأمين العام للناتو ينس ستولتبنرغ “وول ستريت جورنال” في مقر الحلف ببروكسيل أن “الناتو سيبقى حلفاً إقليمياً لأمريكا الشمالية وأوروبا.. لكن هذه المنطقة تواجه تهديدات عالمية ويتعين علينا التعامل معها مع شركائنا».
 
القلق من الصين
ويزداد قلق الناتو من الصين على نحو متسارع. وكان الحلف أبدى مخاوفه الأولى في قمة للقادة في أواخر 2019 والعام الماضي، مع إشارة للمرة الأولى إلى الصين في وثيقته الأساسية التي يطلق عليها “المفهوم الاستراتيجي».
وقال الناتو إن الصين “بطموحاتها المعلنة وسياساتها الإكراهية تشكل تحدياً لمصالحنا وأمننا وقيمنا”، مشيراً إلى تعزيز بكين لترسانتها العسكرية وجهودها لاستخدام الإكراه الاقتصادي، وكذلك علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا.
قبل غزو أوكرانيا، أعلنت روسيا والصين أن علاقتهما “بلا حدود” وأنهما يعارضان أي توسيع جديد للناتو.
ويلفت الكاتب إلى أن جزءاً من رد الناتو كان بإقامة علاقات مع الدول التي لديها قلق مشابه حيال الصين.
 
زيارة لتايوان
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زار نحو 12 مسؤولاً عسكرياً من الناتو تايوان وتباحثوا مع المسؤولين العسكريين هناك حول القدرات العسكرية الصينية وفي شأن المؤتمر العام للحزب الشيوعي الذي كان أنهى أعماله للتو، وفق ما كشف أشخاص مطلعون.
وقبل ذلك بأشهر، حضر زعماء الدول الأربع لآسيا والمحيط الهادئ قمة الناتو في مدريد في يونيو(حزيران).
 وانضـــــــم المسؤولون الدفاعيون في الدول الأربـــــــع إلى اجتمـــــــاع للجنة العسكرية للحلف، التي تعتبر مجلساً استشارياً لقادة الناتو.
وبينما القلق يتنامى لدى الدول الأعضاء في الأطلسي، ثمة قلق أيضاً من تمدد دور الحلف، خصوصاً أن الحرب الأوكرانية قد بددت المصادر العسكرية للدول الأعضــــــــاء. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأكثر تشككاً حول الدور الآسيوي للناتو، إذ قال في مؤتمر أمني في مايو(أيار)، إن توسيع “طيف وجغرافية” الحلف سيشكل خطأ كبيراً.
 
فقدان التركيز على روسيا
وفي الأعوام الأخيرة، أرسلت المملكة المتحدة ودول في الناتو سفناً حربية لإجراء تدريبات في منطقة الهادئ-آسيا، لكن بعض الدول الأعضاء تثير مخاوف من إمكان فقدان التركيز على روسيا وإثارة توترات مع الصين.
وبرزت التباينات داخل الحلف هذه السنة عندما اعترض مسؤولون فرنسيون على إقامة مكتب ارتباط للناتو في طوكيو. كما سلطت بكين الضوء على الخطوة باعتبارها دليلاً على أن الناتو لا يزال يهدف إلى التصدي لنمو الصين.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في يونيو (حزيران) “لقد رأينا الناتو عازماً على التوجه شرقاً إلى هذه المنطقة، متدخلاً في الشؤون الإقليمية ومثيراً مواجهات بين الكتل».
 
وقال الكولونيل البارز في جيش الشعب الصيني زهاو شياوزهو في مقابلة مؤخراً إن بكين قلقة من تحويل العلاقة بين الناتو والشركاء الأمنيين للولايات المتحدة في آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، إلى تحالف أمني واسع. وأضاف أن “بقاء الناتو على قيد الحياة كل هذه السنوات يثبت أنه يحتاج إلى أعداء.. كانت روسيا هي العدو والآن باتت الصين هدفاً».
ويرى محللون عسكريون أن القدرة المحدودة لمعظم الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو، تعني أن من غير المرجح تعزيز قوة بحرية في منطقة آسيا-الهادئ، التي تسيطر عليها المحيطات. إن المملكة المتحدة ملتزمة إرسال حاملة طائرات وسفن دعم إلى المنطقة بحلول عام 2025، من دون أن يعلن آخرون عن أي خطط. ولاحظ المستشار البارز لمنتدى الباسفيك الذي يتخذ هاواي مقراً له براد غلوسرمان، أنه حتى الوجود الموسمي لسفن الناتو من شأنه أن يعزز الردع، من خلال جعل الصين، تفكر بأن أي عدوان من الممكن أن يواجه برد من الناتو.
 
واستناداً إلى أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الوطني للدراسات العليا في طوكيو يوكو إواما، فإن الخطوات من قبل الناتو والدول الأربع في آسيا-الهادئ لإجراء تدريبات مشتركة، قد تساعد في الاستعداد لأزمات مستقبلية. واتفقت المملكة المتحدة واليابان في وقت مبكر من هذه السنة على إجراء مناورات بحرية مشتركة. ورغم ذلك، يقول مسؤولون في الدول الأربع في آسيا-الهادي إنهم لا يسعون إلى عضوية الناتو. وبموجب البند الخامس من معاهدة الحلف، فإن الدول الأعضاء تتعهد الدفاع عن أي عضو يتعرض لاعتداء في أوروبا أو أمريكا الشمالية.