رئيس الدولة ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
الشواب
تعلمنا الكثير من أخلاقيات الأوليين (السنع) سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال تصرُف عفوي، ولكن المُوفق من يُحلل سمو الأخلاق المنبثقة من الفطرة السليمة ليُطبقها في حياته، لأنها بدأت تتلاشى مع اختلاف الأجيال، أتذكر في يوم كنت جالساً أتعشى وباب المجلس مفتوح فتحة بسيطة جداً (ملايم) وكان عمي على وشك الدخول فلما رأى جلوسي للعشاء توقف ولم يدخل كي لا أقوم من عشائي وأُسلم عليه، ذهب لعدة دقائق ورجع، فوجد أني ما زلت آكل -يبدو أني في هذا اليوم كنت جائعاً- فذهب و لما رجع في الثالثة وجدني جالساً على الكنب وقد أخذت المناديل لأنشِف يدي بعد غسيلها، فدخل وألقى السلام وقمت وقبلته على رأسه، قد يسأل سائل ويقول كلمة (قويتوا) تكفي، ولا سلام على طعام، هذا في المجمل، ولكن عندما يدخل رجل شايب ويتعكز بعصاه ليُسلم عليك فالموقف اختلف وتحطمت كل القواعد. أما الموقف الثاني عندما مرض أبي، كنت كلما أسأله عن صحته يقول الحمدالله لم أسمع منه شكوى قط، بأنه مريض أو لديه أدوية أو لا يستطيع الخروج من المنزل، كان لديهم سمو في الأخلاق لن يعرفها إلا من عاصرهم، في يوم قلت لأبي بعد إلحاح وتكرار في السلام ، "علومك"، فرد العلوم عندكم إنتوا الي تطلعون وتردون، ولا اليالس في البيت من وين عنده علوم، تأملت عبارته، وانتابتني حالة صمت قلت في نفسي حتى في شرحه للتعب والمرض كان بطريقة غير مباشرة ودون أي شكوى.
أما زيارات الشواب للأقارب والأصدقاء كانت خفيفة لا يحبون المكوث طويلاً ولا يزورونهم في أوقات الوجبات الرئيسية مثل الغداء أو العشاء حتى لا يُكلفونهم عناء الوليمة، وكان أبي رحمه الله يقول :_لا تكثر زيارة الخلان يملونك_ فالزيارة المتكررة على بيوت الناس ستؤدي إلى مللهم منك، فالزيارة عندما تكون في أوقات متفاوتة تجعل المُضيف يستأنس بلقائك وحديثك، عكس اللقاء اليومي والمتكرر سيؤدي إلى الملل من جانب الطرفين.
رحم الله من توفي منهم وأطال الله عمر المتبقي منهم فهؤلاء قد يكونون لم يأخذوا نصيباً من العلم إلا أنهم كنوز بشرية ومعرفية وأرشيف وطني، كنت أتمنى أن يتم التسجيل معهم في برنامج تراثي تحكي مواقفهم وعبرهم وتصرفاتهم، ليكون أرشيفا للتاريخ نستطيع الرجوع إليه، فدخول التكنلوجيا ورحيل الشواب، ستؤدي إلى وجود فجوة في السنع، خذوا أبناءكم للمجالس فالمجالس مدارس.