تمرّ بأخطر أزماتها منذ الحرب العالمية الثانية:

الولايات المتحدة: رئاسة مشكوك في كفاءتها...!؟!

الولايات المتحدة: رئاسة مشكوك في كفاءتها...!؟!

-- انحراف القاعدة الجمهورية نحو التطرف والمحافظة التقليدية، ليس وليد الأمس
-- لا يرى أنصار ترامب المتشددين التناقض في تصريحاته المجنونة
-- سيطرته على «قاعدة» الجمهوريين تسمح له بتخويف ســاســة الحـزب الذين قــد يجــرؤون على مواجهتـه
-- فهم أسباب انتخاب ترامب عام 2016 أمر ضروري إذا أردنا تقييم فرصه في الحصول على ولاية ثانية
-- كان لرجل الأعمال أربع مزايا حاسمة: قاعدة حزبية  متقبلة، الشهرة، والاستقطاب، والشعور بالاستياء


    تمر الولايات المتحدة بأخطر أزماتها منذ الحرب العالمية الثانية. ويتولى قيادتها رئيس يمكن الشك في كفاءته بشكل شرعي، والذي بدا انتخابه بعيد الاحتمال في البداية. كيف وصلت البلاد إلى هناك؟    إن فهم أسباب انتخاب دونالد ترامب عام 2016 أمر ضروري إذا أردنا تقييم فرصه في الحصول على ولاية ثانية.
  فاز ترامب بفارق ضئيل، وفاجأ انتصاره الكثيرين -وهو أولهم. خسر التصويت الشعبي بنحو ثلاثة ملايين صوت، لكنه فاز في المجمّع الانتخابي من خلال انتزاع ولايات ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا بما مجموعه 80 ألف صوت.    للفوز، كان على دونالد ترامب اختيار الوقت المناسب، وكسب الترشيح الجمهوري، والحفاظ على الأصوات التي نالها ميت رومني في انتخابات عام 2012، و”تحويل” عدد كاف من الناخبين في ولايات رئيسية معينة لكسب معركة المجمّع الانتخابي.    عندما نزل من مصعد برج ترامب ليعلن ترشيحه امام العشرات من مدفوعي الاجر، لم يكن مرجحا أن ينجح.
   إلى جانب سياق ثقافي موات، كان لرجل الأعمال أربع مزايا حاسمة: قاعدة حزبية متقبلة، والشهرة، والاستقطاب، والشعور بالاستياء.

حزب جمهوري متجاوب
   كان السياسة الرئاسية ترازد ترامب منذ فترة طويلة. تحدث عن ذلك عام 1988. وانطلق تقريبا عام 2000. وعام 2008، كان الاقتصاد يلعب ضد الجمهوريين.
   فكر في الغوص عام 2012، لكن ساعته لم يحن بعد. ومع ذلك، فقد أقام علاقة مع أقصى اليمين من خلال الترويج لشائعات خادعة عن الرئيس في ذلك الوقت، باراك أوباما.
  ان انحراف القاعدة الجمهورية نحو التطرف، والقومية البيضاء، والمحافظة التقليدية القائمة على كراهية الأجانب، واليمين الديني، والمعارضة المنهجية لأي تدخل لإعادة التوزيع من قبل الدولة، ليس وليد الأمس. وكان هذا التحول جارياً منذ عقود، لكن الحزب ظل تحت سيطرة نخبة متمسكة بالمحافظة الاقتصادية وسياسة خارجية اممية.
  انضم ترامب إلى القاعدة الحزبية من خلال اللعب على كل هذه العناصر -باستثناء الأممية -وإحالة المحافظة المالية على الرف. كانت رسالته تتماشى مع القاعدة الجمهورية، وكان يكفي تعبئتها.

المشاهير وحسّ اعلامي
   في يونيو 2015، رفض غالبية الجمهوريين الملياردير، ولكن مع 17 مرشحًا في الانتخابات التمهيدية، دفعته شهرته إلى المركز الثاني. واعجبت رسالته المعادية للأجانب والحمائية القواعد، ودعمت شهرته وثروته انحرافاته السلوكية.
   في وقت لاحق، منحته شهرته، ونزعته الفرجوية وتواطؤ وسائل الإعلام، الدفعة التي يحتاجها لاحتلال الصدارة، و”طبّعته” نجاحاته الانتخابية في أعين الجمهوريين. ولم تتأثر ابدا قدرته على احتكار اهتمام وسائل الإعلام.
   حريصة على التوازن، شعرت وسائل الإعلام التقليدية بأنها مضطرة إلى تخفيف التغطية السلبية لترامب، وتضخيم مسالة البريد الإلكتروني لمنافسته هيلاري كلينتون. ان أجواء السيرك في مسيرات ترامب الحزبية تضمن تغطية متواصلة وغير مكلفة.
   ومنذ اللحظة التي فاز فيها ترامب بورقة الترشيح، امّن له الاستقطاب الحزبي دعم أغلبية كبيرة من حزبه. بالإضافة إلى ذلك، قدم له الديمقراطيون هدية تتمثل في خصم مثالي.
   للحفاظ على التصويت الجمهوري لعام 2012، يمكن أن يراهن على نفور الجمهوريين من امرأة يكرهونها منذ ربع قرن.
  وخلال الحملة، قوبل دونالد ترامب بمقاومة من جانب ناخبين جمهوريين، خاصة بين النساء الأكثر تعليما. وهذا ما أظهرته استطلاعات الرأي حتى آخر أيام الحملة. غير ان مجموعة من الأحداث، منها إعادة فتح تحقيق كلينتون عن البريد الإلكتروني، أعادت القطيع الضال إلى بيت الطاعة.

استثمار الاستياء
   بالإضافة إلى الولايات التي فاز بها الجمهوريون عام 2012، كان على ترامب إسقاط ولايات أخرى. وقد استهدف بضع ولايات شمالية حيث أدى التدهور الصناعي إلى استياء البيض من ذوي التعليم المتدني: الاستياء من العولمة والتجارة الحرة، سبب فقدان مواطن الشغل، وضد المهاجرين، الذين يُنظر إليهم على أنهم لصوص عمل؛ وضد المدن الكبرى، الرابح الاكبر من الاقتصاد المعولم وأقطاب الهجرة؛ وضد الموظفين العموميين، الذين يُنظر إليهم على أنهم طفيليات، وضد بعض سياسات إعادة التوزيع، حتى وان كانوا من المستفيدين منها، لأنهم يعتقدون أنها تفيد دون داع الأقليات.
  وبالرهان على هذا الاستياء، تمكن ابن نيويورك من تحويل وجهة عدد كافٍ من الناخبين في الولايات الرئيسية القليلة التي كان عليه كسبها ليحقق الانتصار في المجمّع الانتخابي.

ماذا تبقى؟
   عام 2020، هل لا تزال هذه الظروف مواتية لدونالد ترامب؟ فيما يتعلق بالحزب، الامر محسوم: لقد أصبح الحزب الجمهوري نهائيا عابدا لشخصية ترامب. الناخبون المنتسبون للحزب لا يكفوا لصناعة الفوز بالانتخابات، الا ان حماسهم ونفورهم من المعارضة، تظل أوراقا رابحة رئيسية.
   من جهة اخرى، فإن التطور الديموغرافي والاقتصادي على المدى الطويل، يؤدي الى تقليص القاعدة الجمهورية للبيض ذوي التعليم المتدني في المناطق الطرفية، لكن هذه التغييرات بطيئة، وبعد أربع سنوات، لا تزال هذه القاعدة حاضرة بقوة.
   خلال فترة رئاسته، لم يحاول السياسي، 73 عامًا، أبدًا توسيع دعمه إلى ما وراء هذه القاعدة. وهذا هو السبب في أن نسبة الرضا عنه لم تتجاوز أبدًا النسبة المئوية من الأصوات لعام 2016، وظل مؤيدوه مخلصين له لأنه استجاب لطلباتهم.
   وبقي الناخبون الأقل ارتباطًا بالحزب معه بسبب النمو الاقتصادي.
   وبالنظر للمجهول الهائل اليوم للتأثير الصحي والاقتصادي للوباء، بالإضافة إلى تقييم الناخبين لتعاطي ترامب مع الازمة، فإن توقع نتائج نوفمبر أمر محفوف بالمخاطر. هل سينجح دونالد ترامب في إعادة بناء التحالف الذي سمح له بالتسلل إلى البيت الأبيض عام 2016؟ سأعود إلى ذلك قريبًا.

النمر الملك، استعارة لعصر ترامب
   في الولايات المتحدة، كما هو الحال في كندا، يؤدي الحظر الصحي إلى الاستهلاك المفرط للمسلسلات التلفزيونية.
  واحد منها يستقطب الاضواء وهو مسلسل النمر الملك: قصة سريالية لسرب من الشخصيات المذهلة، بطولة جو إكزوتيك، مثلي، موشم، متعدد الازواج، متعطش لاستخدام الاسلحة، متحرر، ومدمن.
    يتمتع بكاريزما لا يمكن إنكارها، حتى انه جسّ نبض السياسة. يركز المسلسل على الأداء العشوائي لعدد قليل من حدائق الحيوانات الخاصة، والصراع بين جو وناشطة سابقة في حقوق الحيوان من الهبي.
    كيف تكون هذه القصة استعارة لعصر ترامب؟ اطمئنوا، فهذا ليس (بعد) بسبب الإشارة إلى الجريمة في العنوان.     في الحد الأدنى، يمكن أن نستنتج أنه في بلد حيث يمكن لـ جو إكزوتيك أن يزدهر ويظهر بشكل جيد في الانتخابات، لا ينبغي استغراب رؤية شخصية مثل دونالد ترامب يصبح رئيسًا. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد.

خيال ومشهدية
   إحدى السمات الثقافية الخاصة للأمريكان هي ميلهم إلى الانغماس في جميع أنواع الرؤى الخيالية الى ان ينتهي بهم الأمر إلى خلطها مع الواقع.
   وكما يوجز كورت أندرسن في مقاله في فنتازي لاند، أن تكون أمريكيًا “هو المطالبة بحق الايمان وتصديق ما تريد».
  وهذا الميل هو الذي أدى إلى ظواهر مثل المورمونية، وبي تي بارنوم، والتلفزات الانجيلية. كما أنتج أيضًا صناعة مخيالية ضخمة، منها هوليوود ولاس فيغاس وديزني لاند.
   في عصر الإنترنت وتلفزيون الواقع والترفيه دون انقطاع، تلتقي شخصيات مثل جو إكزوتيك بجمهورها دائمًا وهي صادمة أكثر وشنيعة بمنسوب أكبر.
  ومثل أي حادث، لا يمكنك إلا مشاهدته. وبما اننا في الولايات المتحدة، يرغب الكثيرون في دفع مقابل ليكونوا جزءً من العرض.
   وفي هذا السياق الثقافي، طور دونالد ترامب شخصيته من “صانع القرار” في تلفزيون الواقع المبتدئ، من خلال مضاعفة المغامرات التي جعلت منه ظاهرة إعلامية لا مفر منها.

عبادة الشخصية
  ان مؤيديه، على قناعة بحقهم في الايمان وتصديق ما يريدون، يثقون في هذا الكذاب، وسيؤمنون بشيء في الصباح ونقيضه في المساء، إذا كان ترامب هو من يقول ذلك.
  الظاهرة المقلقة الأخرى التي نلاحظها في النمر الملك، هي عبادة الشخصية التي تلهمها الشخصيات الرئيسية في كل من حولها. هذا صحيح بالنسبة لـ جو إكزوتيك كما هو الحال بالنسبة لبطلة حقوق الحيوانات التي تقض مضجعه.
   هل يمكن أن نعتبر الترمبية عبادة شخصية؟ ليس صعبا... عليك فقط وضع ميكروفون أمام مشارك في مسيرات “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” الحزبية، لتتأكد من ذلك.
   ان أنصار ترامب المتشددين لا يرون التناقض في تصريحاته المجنونة. وإذا قال أن الجفال علاجٌ لفيروس كورونا، سيتجاهل مؤيدوه “العقلانيين” الامر، لكن مراكز معالجة السموم ستشهد تصاعدًا في عدد المكالمات.
   لم يشرب جميع الجمهوريين “كول ايد”، مستعرين تشبيه جونستون، لكن قبضة ترامب على “القاعدة” الجمهورية تسمح له بتخويف جميع السياسيين الجمهوريين الذين قد يجرؤون على الوقوف في وجهه.

الاستهتار هو الملك
   بالطبع، أسوأ ملامح الثقافة الأمريكية التي تم تصويرها في النمر الملك هي عمل أقلية فقط. ولكن في بلد يبلغ عدد سكانه 330 مليون نسمة، يمكن لأقلية صغيرة أن تمثل جمهورًا كبيرًا. ما يؤدي في النهاية الى ان تطبيع بعض الانحرافات هو موقف طاغي الحضور في هذا المسلسل وفي المجتمع الأمريكي: الاستسهار.
   بدرجات متفاوتة، جميع الشخصيات تقريبًا في النمر الملك فاسدة، بما في ذلك الهبي السابقة التي صنعت ثروتها على ظهور المتطوعين والمتبرعين لعملها الخيري والتطوعي، لكن الاستهتار السائد يجعل كل ذلك تافهًا أو أسوأ من ذلك، عادي.
  وفي هذا السياق، هل نستغرب من أن يعتبر الفساد والمحسوبية التي يظهرها دونالد ترامب في العلن، ممارسات “طبيعية” من قبل مؤيديه، الذين لا يترددون في رش الرماد على عيون خصومهم ليعلنوا أن كل شيء طبيعي تمامًا مع رئيس له عصابة على عينيه.
  في أرض النمر الملك، هل نتعجب من ان ينظر الى دونالد ترامب على انه “سياسي عادي”؟
*أستاذ العلوم السياسية / مركز الدراسات والبحوث الدولية في جامعة مونريال لتنمية المعرفة حول الرهانات الدولية



 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot