صراعات داخل البيتين الجمهوري والديمقراطي

الولايات المتحدة: من يريد خلافة الرئيس جو بايدن...؟

الولايات المتحدة: من يريد خلافة الرئيس جو بايدن...؟

- يحاول الجمهوريون الابتعاد عن ظل دونالد ترامب، ويتجه الديمقراطيون نحو خيارات أخرى
- قد يكون جافين نيوسوم الشخصية التي يجب رصدها على الجانب الديمقراطي
- ليز تشيني مستعدة لفعل أي شيء يحمي الأمة من ترامب ويعيق طريقه
- حظوظ بيت بوتيجيج، وزير النقل الحالي، وحاكمة ميشيغان جريتشن ويتمير، كبيرة
- داخل الحزب الجمهوري، الأمور أكثر تعقيدًا، ويظل ديسانتيس وترامب الأوفر حظا


   لئن تؤكد فرق الرئيس الأمريكي الحالي أنه سيكون على خط الانطلاق عام 2024، يبدو أن الديمقراطيين يتجهون إلى خيارات أخرى اليوم، في حين يحاول الجمهوريون الابتعاد عن ظل دونالد ترامب.   تم انتخاب جو بايدن في نوفمبر 2020، ونصّب في يناير 2021، وسيحتفل بمرور عامين على توليه رئاسة الولايات المتحدة في غضون بضعة أشهر. وُلد الرئيس الأمريكي عام 1942، وسيبلغ حينها من العمر 80 عامًا. ولئن قال طاقمه إنه سيكون في خط الانطلاق عام 2024، فمن الصعب ان نتخيله يرشّح نفسه لولاية ثانية وهو في 82 عاما ويترك السلطة عند 86 في حالة الفوز.

  خاصة أن تصنيف شعبيته ينخفض باستمرار منذ عام تقريبًا مع تكاثر الأزمات التي لا تنتهي -كوفيد-19، والحرب في أوكرانيا، والتضخم المتسارع -ولا يبدو أن في الأفق ما يبشر بعكس هذا الاتجاه على المدى القصير. والأسوأ من ذلك، أنّ المقالات الصحفية تتكاثر لتؤكد ضعف ردّه على مواضيع رئيسية مثل الحق في الإجهاض أو السلاح.
   وفي هذا السياق، تبرز من خلف الكواليس مناقشات داخل المعسكر الديمقراطي، ويقوم بعض المسؤولين المنتخبين بتحريك بيادقهم تدريجيًا مع تأكيد ولائهم لمستأجر البيت الأبيض. على الجانب الجمهوري، يجد الحزب نفسه مقيّد اليدين والقدمين تجاه التجاوزات المتطرفة للترامبية التي يمكن أن تتسبب، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024، في الكثير من التوتر الداخلي. غير ان الرئيس السابق، الذي يظل في قلب الجهاز، لم يعد الخيار الوحيد. ولئن لم يعلن أحد رسمياً ترشحه في الوقت الحالي، فإن السباق على البيت الأبيض قد بدأ فعلا بشكل جدّي وحقيقي.

بين الديمقراطيين استمرارية أم قطيعة؟
  كما رأينا، فإن جولة ثانية من قبل جو بايدن تبدو غير مرجحة، حتى وان لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال تمامًا. قد يفرض المنطق أنه في حالة تقاعد الرئيس، ستتولى نائبه، كامالا هاريس، المهمة. يعرفها الأمريكيون جيدا، ولم تعد السيناتورة السابقة عن ولاية كاليفورنيا تفتقر للشهرة منذ أن تم اختيارها لتولي منصب نائب الرئيس خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.
   ليست كبيرة في السن ولا صغيرة جدًا، قادمة من التنوع، ويبدو أنها تتمتع بصورة مثالية لتعبئة الناخبين الديمقراطيين. يمكنها أيضًا الاعتماد على ثقلها الكبير داخل الاستبلشمنت للتأثير وفرض نفسها كزعيمة جديدة للحزب. لذلك، وللوهلة الأولى، لا شيء يبدو أنه قادر على الوقوف في طريقها. غير ان عدم شعبية الرئيس ينعكس عليها، كما لا يسمح لها دورها بالتميّز والتمايز. نائب الرئيس هو في الواقع منصب تمثيلي بدون سلطة سياسية حقيقية، ويضاف إلى ذلك مشاكل اتصالية وتوتر مع البيت الأبيض... باختصار، ديناميكية سيئة.

    هذا الوضع، يفتح الباب أمام ترشّحات تقطع إلى حد ما مع سلالة بايدن: لا تستبعد فرق بيرني ساندرز، على سبيل المثال، إمكانية الترشح الثالث، بحسب وثيقة داخلية كشفتها صحيفة واشنطن بوست في أبريل الماضي. سيبلغ سن السيناتور عن ولاية فيرمونت 83 عامًا، مما قد يمثل مشكلة، الا ان المفاجأة قد تأتي من ساكرامنتو، لأن حاكم ولاية كاليفورنيا التقدمية، جافين نيوسوم، لم يعد يخفي طموحاته الوطنية.

   يقود حملة عدوانية ضد الجمهوريين منذ عدة أشهر، وينتقد حزبه لعدم مشاركته بشكل كامل في “الحرب الثقافية”. وبمناسبة العطلة الوطنية في 4 يوليو، قام حتى ببث إعلان تلفزيوني في فلوريدا لتنبيه السكان إلى الطبيعة المبيدة للحرية للسياسات المحافظة، وتشجيعهم على الانتقال إلى الساحل الغربي. وإذا استمر على هذا النحو، وواصل جذب الانتباه، فقد يكون جافين نيوسوم -الذي سيبلغ من العمر 57 عامًا عام 2024 -الشخصية التي يجب رصدها من الجانب الديمقراطي.
   سيتعين علينا أيضًا أن ننظر عن كثب إلى بيت بوتيجيج،
مفاجأة الانتخابات التمهيدية الأخيرة ووزير النقل الحالي، أو حتى حاكمة ميشيغان جريتشن ويتمير، التي تصدرت المسرح لفترة من الوقت في بداية الأزمة الصحية.

يسعى الجمهوريون إلى شخصية أقل انقسامًا
   داخل الحزب الجمهوري، الأمور أكثر تعقيدًا. يمكن لدونالد ترامب، الذي لم يخف أبدًا رغبته في الانطلاق مجددا في حملة انتخابية ثالثة، إضفاء الطابع الرسمي على ترشّحه قريبًا جدًا لسحب البساط من تحت منافسيه ومحاولة حماية نفسه من تداعيات الاعترافات المدمرة في لجنة احداث 6 يناير التي تحقق في محاولة انقلاب ما بعد انتخابات 2020 واقتحام مبنى الكابيتول.
   ومع ذلك، لم يعد ترامب يحتكر رائحة القداسة تمامًا في المعسكر المحافظ، ويُنظر إليه بشكل متزايد على أنه مادة سامة، على الرغم من سيطرته النسبية على الحزب، وتعصّب قاعدته. ويودّ العديد من أعضاء الاستبلشمنت الجمهوري التخلص منه لإفساح المجال أمام شخصية أقل انقسامًا ولكنها رجعية بنفس القدر، مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس أو حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
   الأول، تنكّر له الترامبيون منذ رفضه إلغاء نتائج الانتخابات، وقد يفشل خلال الانتخابات التمهيدية الجمهورية المقبلة. والثاني، له فرصه، مع ترامب أو بدونه. مدلّل فوكس نيوز، ويحظى بتقدير إيلون ماسك أو صانع البودكاست المؤثر للغاية جو روغان، وفي صعود في جميع استطلاعات الرأي، يتمتع رون ديسانتيس بشعبية بين النخبة والقاعدة.   ومن خلال تواصله بكفاءة ومهارة، عرف كيف يظل بعيدًا تمامًا عن التصريحات التآمرية للإدارة السابقة ورسم مساره من خلال مضاعفة الهجمات ضد الديمقراطيين و”الووكيزم”. وعلى خلاف معه بعد أن كان مرشده ومعلّمه، يعلم دونالد ترامب أنه قد يخسر في حالة مبارزته في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين.

هل يجب فصل ترامب؟
   إن الرهان عند الجمهوريين هو تحديد ما إذا كان فصل الرئيس السابق هو الحل الصحيح. بالنسبة للمنتخبة ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق جورج دبليو بوش، ديك تشيني، وعضو لجنة التحقيق في الكابيتول، فإن الإجابة واضحة: “أهم شيء هو حماية الأمة منه”. تمثل أقلية داخل حزبها ومعاقبة لمشاركتها في اللجنة، ولا تمثّل كلمتها الناخبين المحافظين، لكنها تقول إنها مستعدة لفعل أي شيء يعيق طريقه، حتى الترشح عام 2024 “مستقلة؟” خدمة للمرشح الديمقراطي.
   عندما ندرك أنّ الفوز في ولاية ما يحسم أحيانًا ببضعة آلاف من الأصوات، فقد يكون لهذا القرار تأثير كبير، كما كان الحال عام 1992 عندما تمكّن المحافظ الثري روس بيرو من الحصول على ما يقرب من 19 بالمائة من الأصوات. تصويت مستقل، حكم على جورج بوش الأب بالهزيمة أمام بيل كلينتون.    للحالة الاستثنائية، تركيبة استثنائية؟ قد تشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة صداما بين مرشحين غير متوقعين، وتقويض التكهنات المطروحة حتى الآن. وعندما ندرك الآن أنّ رهان الانتخابات هو بقاء ديمقراطية القوة العالمية الأولى، لا شك أن الحملة القادمة ستكون محور متابعة لا تقل او تفوق الحملات السابقة.