إعلام إسرائيلي: تصريحات الرئيس الأمريكي نادرة وغير مسبوقة
انتقادات بايدن لحكومة نتانياهو.. أزمة حقيقية أم محاولة للضغط
وجّه الرئيس الأمريكي جو بايدن، انتقاداً لاذعاً للحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، ما أثار ردود فعل واسعة في إسرائيل، وعزز التساؤلات فيما إذا كانت العلاقة بين واشنطن وتل أبيب تواجه أزمة عميقة بعد ستة أشهر من تشكيل حكومة نتانياهو.
وقال بايدن، خلال لقاء مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، إن “حكومة نتانياهو تضم بعض الأعضاء الأكثر تطرفاً الذين رآهم في إسرائيل”، مضيفاً “وزراء الحكومة الإسرائيلية جزء من المشكلة في الصراع مع الفلسطينيين».
وأوضح بايدن، أنه “واحد من أولئك الذين يعتقدون أن أمن إسرائيل النهائي يكمن في حل الدولتين، وأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تضاعف مشكلة ضعف السلطة الفلسطينية”، متابعاً “نأمل أن يواصل نتانياهو التحرك نحو الاعتدال والتغيير».
هجوم حاد
ووصفت تقارير عبرية، هجوم بايدن على الحكومة الإسرائيلية بـ”النادر وغير المسبوق”، خاصة وأن الرئيس الأمريكي تهرب من الرد على سؤال حول موعد زيارة نتانياهو لزيارة البيت الأبيض، وأشار إلى زيارة مرتقبة للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية، إلا أن نتانياهو لم يتلقَ بعد دعوة لزيارة البيت الأبيض ولقاء بايدن، وهو الأمر الذي يخالف المعمول به بين البلدين، حيث يتم دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي للقاء الرئيس الأمريكي فور تشكيل الحكومة.
رد إسرائيلي
ورد عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، داني دانون، على تصريحات بايدن بالقول: “أحترم الولايات المتحدة، صديقتنا العظيمة في الخارج، لكن سياسة دولة إسرائيل لن تحددها إلا الحكومة التي انتخبها شعب إسرائيل ديمقراطياً».
وأضاف في تغريدة عبر حسابه بتويتر: “الشعب الأمريكي يفهم جيداً أنه في بلد ديمقراطي لا يتم تحديد السياسة إلا من قبل حكومة منتخبة».
ومن ناحيته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، ايتمار بن غفير، بايدن إلى إدراك أن إسرائيل ليست جزءاً من الولايات المتحدة.
وأضاف بن غفير، عبر تويتر “إذا كان بايدن يعتقد أن توزيع الأسلحة على الإسرائيليين تطرف فأنا أدعوه لزيارة القدس والخليل ليرى أن التطرف الذي يتحدث عنه دافعه حب إسرائيل”، حسب قوله.
المعارضة تؤيد بايدن
بدوره، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إن “بايدن كان محقاً عندما قال إن حكومة نتانياهو الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل».
وأضاف لابيد “وزراء حكومة نتانياهو يفضلون الانقلاب المجنــــــون ومشـــــــغولون في محاولات إفساد وتفكيك ديمقراطيتنا”، وفق القناة 13 العبرية.
ونقلت القناة العبرية ذاتها، عن عضو الكنيست عن حزب “الليكود”، نسيم فاتوري، قوله: “أعتقد أن شيئاً ما لا يعمل بشكل صحيح”، متابعاً “إسرائيل رصيد لأمن الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والصداقة مهمة لكلا الجانبين».
قلق إسرائيلي
وتثير الانتقادات الأمريكية العلنية للحكومة الإسرائيلية الحالية القلق بشأن التوتر في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، خاصة في ظل معارضة إدارة بايـــــــــدن لســــــياسة حكومة نتانياهو في العديد من الملفات أبرزها الفلسطيني والإصلاح القضائي.
وقالت صحيفة “جيروزالم بوست” العبرية، إن “شخصيات في إدارة بايدن تجنبت الاجتماع مع وزراء من الجناح الأيمن في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم وتحديداً حزبي عوتسما يهوديت والصهيونية الدينية، وبشكل خاص وزير المالية بتسلئيل سموتريتش».
وأوضحت الصحيفة العبرية، أن تصريحات بايدن تأتي بعد ثلاثة أسابيع من تقديم إسرائيل مخطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية بالضفة الغربية، وهو الأمر الذي يثير انتقادات حادة من قبل الإدارة الأمريكية والعالم.
ونقلت الصحيفة، عن عضو بارز في الليكود قوله، إنه “من السيء للغاية أن بايدن لم يذكر أن حكومة نتانياهو ساعدت السلطة الفلسطينية في عملها الحاسم ضد البنية التحتية للمسلحين الذين طردوا رجال السلطة من جنين».
تصريحات صعبة
وفي السياق، قال المحلل السياسي لصحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية، ناحوم برنياع، إن حكومة بنيامين نتانياهو هي الحكومة الإسرائيلية الأكثر كرهاً من قبل الرئيس الأمريكي، واصفاً تصريحاته ضد الحكومة الإسرائيلية بـ”الصعبة».
وأوضح برنياع أن “بايدن كان يقصد في تصريحاته موقف وزراء حكومة نتانياهو تجاه المناطق الفلسطينية وسكانها، خاصة وأن نتانياهو تعهد للأمريكيين بالامتناع عن إقامة مستوطنات جديدة ومساعدة السلطة الفلسطينية؛ لكنه فعل العكس».
وأشار المحلل السياسي، إلى أن “من القضايا الخلافية بين إدارة بايدن وحكومة نتانياهو أيضاً خطة إصلاح القضاء والتي وضعت الائتلاف الحاكم في المكان الأكثر كرهاً بالنسبة لبايدن والحزب الديمقراطي الأمريكي».
وبين أن “نتانياهو أصبح شخصية غير مرغوب فيها بواشنطن، وأن الوضع الحالي بين واشنطن وتل أبيب يشبه ذات الوضع الذي كان فيه خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما”، متابعاً “يجب ألا ينظر لكلمات بايدن على أنها حلقة منعزلة أو إحباط مؤقت». وحسب المحلل السياسي، فإن “الحزب الديمقراطي يحرر نفسه من الالتزام التاريخي تجاه إسرائيل، كما أن بايدن يؤكد بتصريحاته أن القيم المشتركة لم تعد ذات صلة بين البلدين، وأن ما يربطهما فقط هي المصالح الأمنية».
واستكمل “ليس فقط جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي ينظر بقلق إلى تدهور الحكومة في إسرائيل، ولكن التحذيرات تأتي من كل عواصم العالم بهذا الشأن”، على حد تعبيره.
ضغوط أمريكية
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، رياض العيلة، أن “تصريحات بايدن لا يمكن أن تعكس خلافاً عميقاً بين تل أبيب وواشنطن”، مشيراً إلى أنها تأتي في إطار الضغوط الأمريكية على حكومة بنيامين نتانياهو.
وأضاف العيلة، لـ24: “بتقديري لا يوجد خلاف عميق بين البلدين؛ ولكن وجهة نظر بايدن هي ممارسة أكبر قدر من الضغط على نتانياهو ووزراء حكومته المتطرفين من أجل الالتزام بالمحددات التي تضعها الولايات المتحدة بالعديد من القضايا».
وتابع “هذه التصريحات وإن كانت اليوم حادة إلا أنه يمكن أن تسمع بين الحين والآخر، كما أن العلاقة بين البيت الأبيض وحكومة نتانياهو كانت بنفس الحال خلال فترة ولاية أوباما”، مشيراً إلى أن التوتر في العلاقة لن يتخطى ذلك، وفق تقديره.
وأشار العيلة، إلى أن ما يؤكد ذلك هو عدم التحرك العملي على الأرض من قبل الولايات المتحدة ضد إسرائيل، لافتاً إلى أنه لا يمكن التعويل كثيراً على مثل هذه التصريحات خاصة مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وبين المحلل السياسي، أن بايدن يسعى لفرض مواقف إدارته على الحكومة الإسرائيلية ويرفض التعامل مع المتطرفين فيها، كما أنه يسعى لإلزام تل أبيب بالرؤية الخاصة بالولايات المتحدة في العديد من القضايا.
وفيما يتعلق بزيارة نتانياهو لواشنطن، شدد العيلة، على أن تأجيلها يأتي في إطار رغبة من الإدارة الأمريكية لأن تكون ناجحة وتحقق تفاهمات ملموسة بين الجانبين، مبيناً أن الرئيس الأمريكي لا يرغب بأن تكون هذه الزيارة شكلية.