ديبلوماسي كبير من أوروبا الشرقية :أحياناً لانفهم أنفسنا

انقسام غربي.. لا ضمانات أمنية مفتوحة لأوكرانيا

انقسام غربي.. لا ضمانات أمنية مفتوحة لأوكرانيا

تطالب أوكرانيا بضمانات أمنية ملزمة لضمان البقاء على المدى الطويل. الحلفاء ليسوا مستعدين للقيام بذلك حتى اللحظة، وفق تقرير مجلة “بوليتيكو».
وبالرغم من محادثات امتدت طوال أشهر، لا يزال الحلف الغربي منقسماً حول كل عنصر تقريباً من عناصر طريقة الاستجابة لهذا الطلب، حسب خمسة ديبلوماسيين أوروبيين.
هل ينبغي على حلف الناتو الذي تطمح أوكرانيا للانضمام إليه أن يجري هذا الحديث؟ أم ينبغي على القوى العسكرية الكبرى في العالم أن تقدم تعهدات فردية؟ هل أي ضمانات أقل من العضوية الأطلسية جديرة بالاهتمام؟ ويطرح المسؤولون سؤالاً آخر مفاده: ما الذي يشكل حتى “ضمانة أمنية”؟
 
الأكثر خبرة 
في  تلقي الجواب
وتنسب “بوليتيكو” إلى الديبلوماسيين إن كل هذه الأسئلة تظل مفتوحة حتى مع فصل خمسة أسابيع فقط الحلفاء عن قمة الناتو في فيلنيوس. حددت أوكرانيا القمة كنوع من الموعد النهائي ودفعت الحلفاء إلى تقديم التزامات صريحة في الاجتماع حول السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو وتقديم ضمانات أمنية على طول الطريق.
«أوكرانيا هي الدولة الأكثر خبرة في العالم بسماع كلمة ‘لا‘ من الناتو”، حسب شكوى نائبة رئيس الوزراء الأوكراني لشؤون التكامل الأوروبي أولغا ستيفانيشينا. وأضافت “نحن بحاجة إلى الوضوح، وعضوية أوكرانيا في الناتو أمر لا مفر منه ولن تكون نوعاً من ورقة مساومة”.  بالتالي، يتصارع داعمو كييف مع واقع محرج: لا يرغب كثر في منح أوكرانيا جدولاً زمنياً ملموساً للانضمام إلى حلف الناتو في الوقت الحالي. لكنهم أيضاً لا يريدون ترك الأوكرانيين محبطين أو عرضة لغزو آخر في المستقبل.
 
لا نفهم أنفسنا
قال ديبلوماسي كبير من أوروبا الشرقية طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة التفكير الداخلي للحلف: “أحياناً، من الصعب فهم ما نتحدث عنه».
تريد أوكرانيا من قادة الناتو إعطاء كييف خريطة طريق للانضمام إليه بعد الحرب، إلى جانب ضمانات أمنية ملموسة من العواصم الغربية في الوقت الحالي. أعرب عدد من القادة الغربيين في الأيام الأخيرة على الأقل عن تشدقهم بالحاجة إلى ضمانات أمنية. أيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “شيئاً ما بين الضمانات الأمنية على غرار الضمانات المعطاة لإسرائيل والعضوية الكاملة (في الناتو)”، وهو إشارة إلى المساعدات العسكرية التي قدمها الحلفاء إلى إسرائيل طوال سنوات. وأضاف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك التزامه الغامض قائلاً إن الحلفاء “يريدون التأكد من أننا أقرينا ترتيبات أمنية لأوكرانيا على المدى الطويل».
 
عن طرفي الطيف
يقول مسؤولون حاليون وسابقون إنه ما من توافق في الآراء على إعطاء ضمانات، ولا على ما قد تنطوي عليه وما هي الصيغة التي يمكن استخدامها. قال مساعد الأمين العام السابق لحلف الناتو كاميل غراند إنه عند الطرف الأول للطيف تكمن عضوية كاملة في الناتو. يجلب هذا الخيار معه ضمانة المادة الخامسة الحديدية التي تشير إلى أن الهجوم على حليف واحد يعد هجوماً على جميع الحلفاء. وأشار إلى أنه في الطرف الآخر من الطيف، ثمة ما يمكن اعتباره “ضمانات ورقية، مثل مذكرة بودابست الضعيفة لسنة 1994 والتي أعطت أوكرانيا تطمينات فضفاضة من روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وبين الطرفين، ثمة العديد من “التنويعات”، بدءاً بالمعاهدات الثنائية وصولاً إلى الالتزامات السياسية بحكم الأمر الواقع. ويكمن التحدي في إيجاد “النقطة المناسبة”. أحد الاقتراحات المطروحة ما يسمى ميثاق كييف الأمني وهو مفهوم طوره مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس راسموسن. ستشهد هذه الخطة قيام مجموعة أساسية من الحلفاء بتقديم التزامات موجبة لتحصين دفاعات أوكرانيا طوال سنوات قادمة بمساعدات عسكرية وغير عسكرية.
 
أفكار أخرى
بشكل منفصل، طرحت مجموعة من كبار مسؤولي الدفاع الغربيين والأكاديميين السابقين فكرة تركز على التعاون الطويل الأمد ومساعدة أوكرانيا على توسيع صناعة الدفاع الخاصة بها بسرعة. وقال المسؤول الأمريكي الكبير السابق الذي شغل أيضاً منصب نائب الأمين العام للناتو ألكسندر فيرشبو إن ذلك سيكون “مشابهاً لالتزام الولايات المتحدة الدفاعي تجاه إسرائيل”. وأضاف في مؤتمر استضافته بروكسل يوم الثلاثاء أنه سيكون بمثابة ترتيب “انتقالي” حتى تنضم أوكرانيا إلى الناتو.
مع ذلك، عندما يتحدث السياسيون الآن عن “ضمانات” و”تطمينات”، فهم يتحدثون أساساً عن تعهدات بمواصلة التدريب وتحويل الأسلحة لا عن وعود ملموسة للدفاع عن أوكرانيا. قال ديبلوماسي كبير من أوروبا الوسطى: “نسمع في أغلب الأحيان تطمينات، عوضاً عن ضمانات”. وأضاف “يبدو أن الأمر كله يتلخص في توفير طويل الأمد للوسائل كي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم.»
وافق ديبلوماسي أوروبي غربي على ذلك قائلاً: “يفضل الكثير منا الحديث عن تطمينات أمنية».
 
كيف سيتم ذلك؟
الوعود بمزيد من الأسلحة فقط ليست بالضبط ما تريده أوكرانيا. بدلاً من ذلك، كانت مناشدات زيلينسكي المتزايدة تطالب بتعهدات غير قابلة للكسر تمثل نقطة انطلاق نحو حلف الناتو. حددت ستيفانيشينا، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أن أوكرانيا تتصور شيئاً كالالتزامات العسكرية التي حصلت عليها فنلندا والسويد بعد طلبيهما الانضمام إلى الناتو خلال الأسابيع التي أعقبت الغزو الروسي.
في ذلك الوقت، كان الخوف من أن روسيا قد تستغل الفترة الفاصلة بين التقدم بالطلب والانضمام لملاحقة البلدين. قامت العديد من القوى الكبرى في الناتو بسد الفجوة مشيرة إلى أنها ستتحرك إذا اجتازت روسيا الحدود. لكن هذا الأمر جزء من المشكلة.
 
ليست ضمانة أمنية
ينقسم الديبلوماسيون حول ما إذا كانت الضمانات أو التطمينات يجب أن تكون جزءاً من محادثات الناتو. حتى الآن، يرجح معظم الأشخاص الذين يتابعون المناقشات أن تتم خارج إطار الناتو.
وقال رئيس الحلف ينس ستولتنبرغ يوم الأربعاء عندما سئل عن الضمانات المحتملة لأوكرانيا: “الضمانات الأمنية للناتو هي المادة الخامسة، وهي (تنتج عن) عضوية كاملة”. وأضاف “أعلم أن هناك أيضاً مناقشات ومشاورات بين أوكرانيا وبعض الحلفاء بشأن الترتيبات الثنائية”. ولكن حتى لو لم تكن القضية مدرجة رسمياً على أجندة الناتو يبقى النقاش حول الضمانات في أذهان الجميع بينما يستعد الحلفاء لقمة يوليو (تموز).
قال الديبلوماسي الكبير من أوروبا الوسطى: “بغض النظر عما إذا كانت (الضمانات) مذكورة في بيان الناتو أم لا، سيكون لها عملياً تأثير غير مباشر على الحلف، لذلك إن استبعاد هذه القضية والتظاهر بأنها ليست مسألة الناتو، غير مفيد».
وتساءل الديبلوماسي الأول من أوروبا الشرقية “هل تفكر أي دولة بجدية في تقديم ضمانات أمنية ثنائية حقيقية لأوكرانيا؟” قبل أن يجيب “فقط ضمانات المادة 5 مهمة”. وجادل هذا الديبلوماسي بأن شحنات الأسلحة الطويلة الأمد “ليست ضمانة أمنية».