تحركات «حاسمة» في بغداد وواشنطن.. هل حان موعد تفكيك الميليشيات؟
تصاعد تبادل الرسائل الدبلوماسية بين بغداد وواشنطن حول ملف الميليشيات المسلحة، وسط معلومات عن اجتماعات مرتقبة قد تُفضي إلى تحولات بارزة في هذا الملف المعقد.
وأفاد مصدر دبلوماسي عراقي، بأن وزير الخارجية فؤاد حسين تلقّى خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن «خارطة شاملة» قدّمتها الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل الشرق الأوسط، تتضمن بندًا رئيسيًا يشدد على ضرورة تسريع حوارات إنهاء الأذرع المسلحة والميليشيات المرتبطة بإيران داخل العراق.
وقال المصدر الذي طلب حجب اسمه، لـ»إرم نيوز» إن «واشنطن عرضت على بغداد مجموعة من الترتيبات، لضمان الالتزام الهادئ بنزع سلاح الميليشيات، من بينها مناقشة رفع العقوبات عن بعض الشخصيات، وتحرير أموال لهذه الشخصيات مجمدة في الخارج».
وأوضح، أن «الرسائل الأمريكية، كانت واضحة، بضرورة تسريع ملف الميليشيات وإنهاء وجودها العسكري بشكل كامل، والانخراط في العمل السياسي أو المدني ضمن أطر الدولة»، لافتُا إلى أن «واشنطن بدأت تضيق دائرة الضغط على شخصيات عراقية محددة لتسريع حسم ملف الميليشيات المسلحة، وفي مقدمتهم، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري الذي يزور واشنطن حاليًا، وهو مسار جديد، ضمن الضغوط الأمريكية القصوى في الداخل العراقي».
الميليشيات المعاقَبة
وتُعد «كتائب حزب الله» أبرز الميلشيات العراقية المدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية، منذ العام 2009 بسبب أنشطتها المسلحة، وتتهم واشنطن الميليشيا بأنها الذراع الأبرز للحرس الثوري الإيراني داخل العراق.
ومن بين الشخصيات المعاقبة أيضًا، يبرز اسم عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ»أبو فدك»، رئيس أركان ميليشيا «هيئة الحشد الشعبي»، الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات بسبب ما وصفته بدوره في قمع التظاهرات، وارتباطه الوثيق بالحرس الثوري الإيراني.
وتشمل العقوبات أيضًا فالح الفياض، رئيس ميليشيا «هيئة الحشد»، على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان خلال احتجاجات أكتوبر-تشرين الأول 2019.
كما تشمل القائمة الأمريكية ميليشيا «عصائب أهل الحق» وزعيمها قيس الخزعلي، إلى جانب ميليشيا «النجباء» وأمينها العام أكرم الكعبي، وميليشيا «سيد الشهداء» بزعامة أبو آلاء الولائي، وتتهم هذه الميليشيات بتنفيذ أجندات إيرانية داخل العراق،
ومنذ الـ7 من أكتوبر- تشرين الأول، عاد ملف الميليشيات المسلحة في العراق إلى واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي، باعتباره جزءاً من البوصلة الدولية لإنهاء ظاهرة الجماعات الخارجة عن سيطرة الدولة في الشرق الأوسط.
ورغم الزخم الذي شهده هذا الملف، سواء عبر تحركات داخلية أو ضغوط دولية، إلا أنه ما زال يواجه مشاكل كبيرة بسبب الرؤية الإيرانية، وكذلك الانقسام الحاصل داخل الساحة العراقية بشأن آليات حل هذه الميليشيات.
مفاوضات مستمرة
لكن برغم تلك التحركات، أكد سبهان الملا جياد، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، أن «المفاوضات مع الميليشيات المسلحة ما تزال مستمرة، حيث أوقفت تحركاتها بشكل كامل منذ نحو 4 أشهر».
وأوضح المستشار العراقي في تصريحات صحفية، أن «الميليشيات تمتلك استعدادًا للانخراط في العمل السياسي، والحكومة تفضل معالجة هذا الملف عبر الحوار حفاظًا على الاستقرار الداخلي».
ويرى مختصون أن تصعيد واشنطن لتحركاتها في هذا التوقيت مرتبط بسياقين متوازيين؛ الأول هو المفاوضات الجارية بشأن الملف النووي الإيراني، والثاني إعادة هيكلة المشهد الأمني في العراق قبيل الانتخابات المقبلة، في ظل مخاوف من توظيف الميليشيات المسلحة كأدوات ضغط سياسي داخل العملية الانتخابية. وفد برلماني
بدوره، يرى الباحث في الشأن الأمني كمال الطائي، أن «إنهاء وجود الميليشيات المسلحة في العراق لم يعد مجرد خيار مطروح للنقاش، بل تحوّل إلى شرط سياسي وأمني تضعه واشنطن بوضوح على طاولة أي ترتيبات إقليمية جديدة»، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتجه فعليًا نحو شرق أوسط منزوع من سلاح الميليشيات، بدءًا من العراق وسوريا ولبنان، ومرورًا بمناطق النفوذ الإيراني».
وأوضح لـ»إرم نيوز»، أن «الولايات المتحدة ترى في الميليشيات العراقية نموذجًا قابلًا للتكرار في دول أخرى، وهو ما يجعل من تفكيكها خطوة استباقية لتحصين النظام الإقليمي».
وأشار إلى أن «زيارة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري إلى واشنطن، ولقاء مسرور بارزاني بمسؤولي مجلس الأمن القومي الأمريكي، ليست بروتوكولية، بل تأتي ضمن عملية تنسيق كبيرة لإعادة رسم المشهد الأمني الداخلي في العراق، على أن يصل وفد برلماني كبير خلال الأيام المقبلة للمهمة نفسها «.