بعد حرب أوكرانيا.. هل أصبح توسع الاتحاد الأوروبي ضرورة جيوسياسية؟
اعتبر باحثون سياسيون فرنسيون أن التوسع في الاتحاد الأوروبي، لم يعد خيارًا سياسيًا عاديًا، بل ضرورة جيوسياسية ضاغطة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.
وأكد الباحث الفرنسي المتخصص في الشأن الأوروبي سيريل بريت لـ”إرم نيوز” أن حرب روسيا على أوكرانيا أعادت خلط الأوراق داخل الاتحاد، ودفعت الأوروبيين لرؤية التوسع كدرع استراتيجي، لا مجرد عملية بيروقراطية.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي بات يعتبر انضمام دول غرب البلقان خطوة لتعزيز الأمن الجماعي، خصوصًا مع تصاعد الصراع الجيوسياسي في محيط أوروبا.
وأشار بريت إلى أن التحولات الجارية أجبرت العواصم الأوروبية على التخلي عن النظرة التقليدية التي كانت تربط التوسّع بالإصلاحات البطيئة، موضحًا: “الأمن أصبح العامل الحاسم. الاتحاد لم يعد يستطيع ترك فراغ جيوسياسي في منطقة حساسة كغرب البلقان، لأن ذلك يمنح روسيا وتركيا والصين هامشًا أكبر للنفوذ والتغلغل».
وعاد ملف توسيع الاتحاد الأوروبي ليستحوذ على واجهة النقاش في بروكسل، خصوصًا بعد إشادة المفوضية الأوروبية مؤخرًا بالتقدم الكبير الذي أحرزه كل من مونتينيغرو وألبانيا في مسار الانضمام. ولأول مرة منذ أكثر من 15 عامًا، تشير المفوضية إلى أن التوسّع بات “احتمالًا واقعيًا».
بدوره، قال المستشار في معهد جاك دولور، سيباستيان مايار، لـ”إرم نيوز “ إن “الاتحاد لا يستطيع اليوم البقاء في صيغة الأبيض أو الأسود، إما داخل أو خارج، يجب خلق درجات في الطريق إلى العضوية لطمأنة الأعضاء الحاليين وتحفيز المرشحين».
وأضاف أن الشأن الأوروبي يكمن في أن هذه الدينامية الجديدة تعكس رغبة أوروبية في إعادة بناء مركز نفوذها العالمي بعد تراجع الثقة بالنظام الدولي، مؤكدًا أن إدماج دول جديدة، ولو بشكل تدريجي أو عبر عضوية مشروطة، بمنزلة رسالة سياسية موجهة لخصوم الاتحاد بأن أوروبا قادرة على توسيع حدودها الاستراتيجية عند الضرورة.
وشدد الباحث في العلوم السياسية أن الاتحاد “لن يستطيع ترسيخ نفوذه العالمي دون فتح الباب أمام أعضاء جدد، لكن على مراحل تضمن الاستقرار الداخلي».
خطوة أقرب
ورغم التقدم المحرز، ما تزال الطريق مليئة بالعقبات، فالنظام المؤسسي للاتحاد، بصيغته الحالية، غير جاهز لاستقبال أعضاء جدد بهذا الحجم قبل عام 2030، خصوصًا فيما يتعلق بآليات اتخاذ القرار وحق الفيتو لكل دولة.
وتظهر المخاوف بشكل واضح في دول كفرنسا وألمانيا، حيث لا يؤيد التوسع سوى 43% من الفرنسيين و49% من الألمان وفق آخر استطلاع “يورو بارومتر».
ووسط هذا التردد، برزت فكرة مثيرة للجدل: الاندماج التدريجي أو “العضوية على مراحل».
وتقوم الفكرة على منح الدول المرشحة فرصة دخول الاتحاد ولكن دون كامل الحقوق مباشرة، على أن تحصل عليها لاحقًا بعد استكمال الإصلاحات الداخلية للاتحاد.
عضوية مخفضة
معلومات سَربتها مجلة “بوليتيكو” كشفت أن بعض دوائر الاتحاد تدرس فعلًا هذا السيناريو: دخول دول جديدة، لكن مع حجب جزء من حقوق العضوية عنها، مثل حق النقض في السياسية الخارجية، فيما قال رئيس وزراء ألبانيا، إدي راما، إنه ليس ضد الفكرة.
لكن المفوضية الأوروبية رفضتها بوضوح، وصرحت المفوضة الأوروبية لشؤون التوسيع مارتا كوس: “لا ينبغي أن نخلق فئتين من الأعضاء. دول من الدرجة الأولى وأخرى من الدرجة الثانية، هذا غير مقبول».