بعد عقوبات واشنطن.. «تبعات كارثية» تهدد أوكرانيا بسبب نهج ترامب وبوتين

بعد عقوبات واشنطن.. «تبعات كارثية» تهدد أوكرانيا بسبب نهج ترامب وبوتين


اتخذت الولايات المتحدة خطوة تصعيدية غير مسبوقة تجاه روسيا بعد فرضها عقوبات على أكبر شركتين للنفط في البلاد، ما ينذر بحدوث “تبعات كارثية” على ملف الحرب الأوكرانية، من خلال توسيع الشرخ في العلاقات بين واشنطن وموسكو.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات على روسيا لأول مرة في ولايته الثانية، مؤكدًا استياءه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد فشل خطة للقاء الزعيمين في بودابست، قبيل فرض واحدة من أهم إجراءات واشنطن ضد روسيا.
خطوة كبيرة
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن “هذه العقوبات من أهم الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد قطاع الطاقة الروسي منذ بداية الحرب في أوكرانيا. حيث تجنبت إدارة بايدن فرض عقوبات على الشركات للسماح لحلفاء واشنطن بشراء النفط الروسي بشكل قانوني، إذ قد يُحدث استهداف هذه الشركات تأثيرًا كبيرًا على عائدات النفط الروسية».
وبحسب الصحيفة، يشير المحللون إلى أن تطبيق العقوبات سيكون مهمًا لتحديد مدى فعاليتها، وقال دانيال تانيباوم من شركة “أوليفر وايمان” الاستشارية: “هذه العقوبات خطوة كبيرة، لكن يتعين عليهم إما استخدام، أو التهديد باستخدام، عقوبات ثانوية هنا على دول ثالثة».
وتم الإعلان عن العقوبات الجديدة في الوقت الذي جلس فيه الرئيس في المكتب البيضاوي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الذي سافر إلى واشنطن نيابة عن تحالف من الزعماء الأوروبيين اليائسين لإبقاء ترامب إلى جانب أوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن ترامب أعلن أنه لم يعد يخطط للقاء الرئيس الروسي بوتين في وقت قريب، بعد أن أوضح المسؤولون الروس عدم نيتهم إبرام صفقة لإنهاء الحرب، ما اعتبرته إدارة ترامب تقويضاً لجهود سياسية ودبلوماسية طويلة وإصراراً على الحرب.
إلغاء قمة المجر
وتزيد العقوبات التي طالت شركتي نفط روسيتين، من قتامة الموقف الراهن، كونها تأتي عقب إلغاء الرئيس الأمريكي قمته المرتقبة مع نظيره الروسي، ما ينذر بتصعيد تلوح بوادره في الأفق على كافة الصعد، سينعكس بالسلب على أوكرانيا.
واستهدفت عقوبات واشنطن المفاجئة شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”، الروسية، وهي العقوبات التي تأتي في سياق “إجراءات تزيد الضغوط على قطاع الطاقة الروسي وتقوض قدرته على جمع الإيرادات لآلته الحربية ودعم اقتصاده الضعيف».
وقال موقع “أكسيوس” الأمريكي إنه “على مدى عدة شهور، صرّح ترامب بأن فرض عقوبات على روسيا سيقوض جهوده الدبلوماسية لإنهاء الحرب. ويشير هذا التحول إلى اعتقاده بأن هذا النهج قد فشل».
ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي قوله، إن “إحباط ترامب تجاه روسيا وصل إلى مستويات جديدة بعد المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الاثنين».
وأضاف أن “المكالمة انتهت دون تحقيق أي تقدم، ما أدى إلى استنتاج أن الروس ليسوا في وضع يسمح لهم بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، وبالتالي لم يكن هناك جدوى من عقد اجتماع بين ترامب وبوتين. وأدى هذا الاستنتاج إلى قرار ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا». 
عقوبات أوروبية
ورأت أوساط سياسية أن هذه العقوبات تعكس نهجاً غير مسبوق وتغيراً شديد السلبية، ظاهرياً على الأقل، في علاقة ترامب وبوتين، وسط حالة الشد والجذب السياسي والخلافات العميقة المرتبطة بملف الحرب الروسية الأوكرانية شديد التعقيد.وتمثل العقوبات تحولا كبيرا في سياسة ترامب، الذي لم يسبق أن فرض عقوبات على روسيا بسبب الحرب، بعدما كان يعتمد في السابق على اتخاذ تدابير تجارية كفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع الواردة من الهند ردا على شرائها النفط الروسي بأسعار مخفضة.
وزاد إعلان العقوبات الأمريكية على روسيا من توتر المواقف خاصة وأنه جاء بعد إعلان الرئيس ترامب إلغاء اجتماعه المخطط له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مبرراً ذلك بقوله: “لم أشعر أن الوقت مناسب وأننا سنصل إلى النتيجة التي نريدها، لكننا سنعقده في المستقبل».
ولعل ما زاد من تعقيدات الوضع الحالي، بين واشنطن وموسكو، إعلان دول الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، الاتفاق على فرض الحزمة الـ19 من العقوبات الغربية ضد روسيا، التي تشمل حظراً على واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا اعتباراً من 2027.
ويهدف هذا الحظر إلى خفض عائدات روسيا من مبيعات الوقود الأحفوري، التي تستخدم في تمويل الحرب في أوكرانيا. كما تتضمن الحزمة الجديدة إجراءات عقابية إضافية في القطاعات المالية والتجارية، إلى جانب فرض قيود على حرية تنقل الدبلوماسيين الروس داخل دول الاتحاد الأوروبي.
انعكاسات سوداوية
وتثور مخاوف في الأوساط السياسية والعسكرية في أوكرانيا من تأثير المواقف التصعيدية الغربية والأمريكية المتزامنة ضد روسيا، على مجمل ملف الحرب الأوكرانية بكل أبعادها، وما ستعكسه من تطورات يراها مراقبون تتسم بالسوداوية، جراء ما يمكن اعتباره انتقاماً روسياً متوقعاً.
من جهتها، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أمريكيين توقعات حول شنّ أوكرانيا هجمات ضد روسيا بصواريخ “ستورم شادو”، وأن إدارة ترامب تسمح لأوكرانيا باستخدام بعض الصواريخ بعيدة المدى، وهو ما نفاه الرئيس الأمريكي ووصفه بأنه “تقرير مزيف».
وأكد ترامب في تصريح له رداً على التقرير، قائلاً إنه “لا علاقة لنا باستخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى ولا من أي جهة جاءت”، مشدداً على أن “تقرير وول ستريت عن منح أوكرانيا إذنا باستخدام صواريخ بعيدة المدى هو مزيف”، على حد تعبيره.
وبحسب “أكسيوس”، فإن “أحد الأسباب التي جعلت ترامب يقرر عدم توريد صواريخ (توماهوك) بعيدة المدى إلى أوكرانيا هو أن التدريب على تشغيلها يستغرق ما بين 6 إلى 12 شهراً».