رئيس الدولة يتلقى رسالة خطية من الرئيس الموريتاني تسلمها منصور بن زايد
بعيدًا عن النووي.. كيم يريد بناء تسلح جديد بمساعدة روسيا
•• عواصم-وكالات:
يواجه زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، الذي استفاد من الدروس التي اكتسبها من قتال قواته في حرب أوكرانيا، مهمة صعبة تتمثل في تحديث الأسلحة التقليدية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية في بلاده. وفي مسعى لاستغلال علاقاته الوثيقة مع روسيا، بدأ كيم مؤخراً في الإشارة إلى تحول كبير في سياسته: تعزيز الأسلحة التقليدية القديمة لكوريا الشمالية إلى جانب ترسانتها النووية، وفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال». ويواجه هذا التحول الاستراتيجي تحديات كبيرة بالنسبة لهذا البلد الفقير، الذي يعتمد جيشه التقليدي الضخم بشكل كبير على معدات من الحقبة السوفيتية، لكن كيم يرى فرصة نادرة، بل وحاجة، لتحديث دباباته القتالية وبنادقه وأنظمة دفاعه الجوي وبوارجه الحربية وغيرها بمساعدة روسية. وأُعلن عن سياسة كيم الجديدة خلال زيارة تفقدية حديثة لمعهد كوري شمالي متخصص في المركبات المدرعة، إذ كشف عن نيته اعتماد سياسة «الدفع قدماً ببناء القوات النووية والقوات المسلحة التقليدية في آن واحد» خلال الاجتماع الرئيسي القادم لحزب العمال، والمتوقع عقده مطلع العام المقبل. وفي خطاب سياسي مطول ألقاه يوم الأحد، أكد كيم على ضرورة تحسين الأداء القتالي للمعدات العسكرية التقليدية لكوريا الشمالية وتعزيز القوات البحرية للبلاد. واعتبر مسؤولون كوريون جنوبيون الأسبوع الماضي، أن هذا التحول في الأولويات قد يكون متأثراً بالدروس المستفادة من إرسال كيم نحو 15 ألف جندي كوري شمالي إلى منطقة كورسك الروسية لمحاربة أوكرانيا، إذ احتاج الجنود هناك إلى نوع المعدات العسكرية التي أهملتها كوريا الشمالية إلى حد كبير على مر العقود، حيث اتجهت كلياً نحو التكنولوجيا النووية.
من جهة، تُظهر هذه الخطوة ثقة كوريا الشمالية في استحالة تراجع التقدم النووي للبلاد، وأن الدولة التي تعاني من ضائقة مالية تستطيع التركيز على أمور أخرى. من جهة أخرى، نجح برنامج كيم النووي في ردع أي هجوم أجنبي، مع أنه في حال نشوب صراع، ستكون قوات بلاده التقليدية أقل تكافؤاً بكثير مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقال هونغ مين، وهو باحث كبير في شؤون كوريا الشمالية في معهد كوريا للتوحيد الوطني، وهو مركز أبحاث تابع للدولة في سيول، «لقد توصلت كوريا الشمالية إلى حكم مفاده أن القوات النووية وحدها لها حدود كرادع».
لن يكون سد الفجوة سهلاً على بيونغ يانغ، إذ تحتل القوات الأمريكية والكورية الجنوبية المركزين الأول والخامس على التوالي في القوة العسكرية التقليدية، وفقاً لموقع غلوبال فاير باور، وهو موقع ينشر تصنيفات سنوية للقوة العسكرية عبر عشرات العوامل، فيما تحتل كوريا الشمالية المرتبة 34.
تحول دراماتيكي
حتى الآن، كان كيم يعتقد أن قواته النووية، التي يصفها بـ»السيف الثمين» الذي يحمي البلاد، توفر الحماية القصوى، لكن الحروب التي شاركت فيها قوى نووية، مثل روسيا، أظهرت له على الأرجح أن خط الهجوم الأول سيكون القوات التقليدية.
وقال جون كيونج جو، الباحث الأمني في معهد كوريا لتحليلات الدفاع، وهو مركز أبحاث ممول من الدولة، إن القيود التي تواجهها كوريا الشمالية في تمويل جيشها في الحرب وقدراتها البحرية والجوية «الضعيفة للغاية» كانت بمثابة نقطة ضعف لم يتمكن كيم من معالجتها.
لكن هنا يكمن دور تعزيز علاقات كيم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فدون موسكو، لكانت كوريا الشمالية معزولة، وستواجه صعوبة في العثور على مواد أو قطع غيار أساسية، ولكانت مصانع الأسلحة في البلاد أقل دافعاً للعمل على مدار الساعة.
في أبريل-نيسان، قدّرت مؤسسة التنمية الاقتصادية الكورية الجنوبية أن نظام كيم حقق فوائد اقتصادية من إرسال القوات وتصدير الأسلحة إلى روسيا تعادل نحو 20 مليار دولار منذ بدء حرب أوكرانيا، وهو مبلغ ينافس الناتج المحلي الإجمالي السنوي لكوريا الشمالية. ويقول مسؤولون في سيول إن تعاون بيونغ يانغ مع موسكو أدى إلى نمو ملحوظ في قطاعات التصنيع والبناء والتعدين.
قال جون: «قد تشهد القدرات التقليدية لكوريا الشمالية تحولاً جذرياً اعتماداً على المساعدة الروسية». وأضاف: «قد تواجه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية حرباً طويلة ومعقدة على نحو متزايد».
ويتمتع نظام كيم بأحد أكثر الاقتصادات عسكرة في العالم، إذ ينفق نحو ثلث دخله الوطني الإجمالي على الدفاع، وفقا لتقديرات كوريا الجنوبية.
منذ خريف العام الماضي، ساعدت القوات الكورية الشمالية روسيا في دحر القوات الأوكرانية في منطقة كورسك، حيث ناشد كيم جيشه مراراً الاستعداد لـ»حرب حقيقية» خلال العام الماضي. إضافة إلى ذلك، تُزوّد بيونغ يانغ روسيا بنحو نصف ذخائر المدفعية التي تستخدمها ضد أوكرانيا، وفقاً لمسؤولي استخبارات كييف في وقت سابق من هذا العام. في المقابل، تلقت كوريا الشمالية أموالاً، ونقلاً للتكنولوجيا، وغذاء، ونفطاً.
وقال نيكولاس إيبرستادت ، الخبير الاقتصادي السياسي في معهد أميركان إنتربرايز في واشنطن العاصمة، والذي يبحث في شؤون كوريا الشمالية، إن حاجة روسيا إلى الذخائر والقوات في حربها ضد أوكرانيا فتحت الباب أمام كوريا الشمالية للحصول على القدرات التقنية والمساعدات المالية التي من شأنها تنشيط صناعة الدفاع في بيونج يانج.