جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
لديها القدرة على تغيير الرفض الروسي الشعبي للتعبئة العسكرية
بلومبرغ: هجمات أوكرانيا داخل روسيا تهدد بإطلاق «تأثير الشيشان»
رأى الكاتب السياسي في شبكة “بلومبرغ” ليونيد بيرشيدسكي أن هجوم المسيّرات على موسكو في 30 مايو (أيار)، والذي أصابت خلاله 3 طائرات بلا طيار على الأقل مباني سكنية، هو الدليل الأكثر درامية حتى الآن على تحول كبير في الحرب الروسية الأوكرانية، فقد بات القتال يدور على الأراضي الروسية، كما على الأراضي الأوكرانية. وتحتفظ الحكومة الأوكرانية بورقة الإنكار، حسب وصف “بلومبرغ”، إذ يتجهم حلفاء أوكرانيا الغربيون من الهجوم على روسيا نفسها بعكس الهجوم على المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا. لذلك لم تعلن كييف مسؤوليتها عن هجوم موسكو، أو عن محاولة سابقة لاستهداف الكرملين ومنطقة كراسنودار الروسية، أو عن توغل مجموعة صغيرة من مقاتلين يستخدمون عتاداً غربياً في بيلغورود، أو إخراج قطارات روسية عن سككها على الجانب الآخر من الحدود. لقد وقعت الكثير من هذه الحوادث كي تعتبر أي شيء باستثناء تكتيك أوكراني لنقل الحرب إلى الروس، هذا التكتيك مقامرة ذات اتجاه عسكري مناسب قصير الأجل بالنسبة لأوكرانيا، وجانب نفسي طويل الأمد ذي أثر سلبي محتمل نجحت أوكرانيا حتى الآن في تجنبه.
بعدان عسكريان
لهذه الهجمات
من ناحية أولى، أوضح الكاتب، تجبر مثل هذه الخدع القيادة الروسية على الأخذ بالاعتبار نقاط الضعف العديدة في الأراضي الروسية الشاسعة، في منطقة بيلغورود، سيطر المقاتلون على ثلاث قرى ورفعوا العلم الأوكراني فوق نادٍ اجتماعي قبل دحرهم. تمكنت الطائرات بدون طيار التي وصلت إلى موسكو من اختراق أشد الدفاعات الجوية في روسيا كلها لمجرد أنها كانت تحلق على ارتفاع منخفض، ويبدو أنها لم تستخدم الملاحة عبر الأقمار الصناعية خلال الاقتراب؛ حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدرك أن الدفاعات الجوية لموسكو بحاجة إلى التطوير.
النتيجة هي أن القيادة العسكرية الروسية يجب أن تصرف القوات والانتباه عن خط المواجهة في أوكرانيا، وهذا يساعد القيادة الأوكرانية التي تسعى إلى إرباك العدو بشأن اتجاه أو اتجاهات الهجوم المضاد المنتظر.
زيلينسكي ينجح
من ناحية ثانية، الهجمات مفيدة في حرب المعلومات المعقدة لأوكرانيا. لقد محت أي دعاية سلبية كان من الممكن أن تنجم عن خسارة باخموت، وهي بلدة أنفقت أوكرانيا موارد كبيرة للدفاع عنها. كما أنها اختبرت بنجاح مواقف حلفاء أوكرانيا الغربيين تجاه عمل أوكراني أكثر جرأة. كانت ردود الفعل الرسمية للولايات المتحدة والمملكة المتحدة هادئة. كذلك، لم يتزعزع تصميم الدول الغربية على تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، مثل صواريخ ستورم شادو البريطانية والطائرات الحربية مثل إف-16 بشكل ملحوظ.
ونجح الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي مرة أخرى في توسيع حدود الممكن، ليس أقله من خلال تقديم أدلة جديدة محيرة على أن روسيا، عند اختبارها، كانت ضعيفة وغير قادرة على وضع خطوط حمراء. هاتان الميزتان مهمتان بشكل خاص، إذا كانت أوكرانيا واثقة من خططها للهجوم المضاد.
أكبر مشكلة أمام بوتين
أضاف الكاتب أن أكبر مشكلة يواجهها بوتين مع طول مدة الغزو ليست الحالة السيئة نسبياً للجيش المحترف الذي يقوّضه الفساد، وعدم كفاءة الجنرالات الروس. إنها بالأحرى عدم وجود إجماع قوي مؤيد للحرب. على سبيل المثال، لم يرغب معظم الروس في المساهمة حتى بمبالغ صغيرة من المال في المجهود الحربي. كانت الروح المعنوية للقوات المتمركزة في أوكرانيا منخفضة أيضاً، وهي أكبر نقاط ضعف الجيش الغازي. وتسببت محاولة بوتين الأولى للتعبئة الخريف الماضي بهروب جماعي لرجال في سن القتال ينافس عدد القوات الجديدة التي تم استدعاؤها.
هل تحل أوكرانيا مشكلته؟
يرى بيرشيدسكي أن الهجمات على الأراضي الروسية لديها القدرة على تغيير ذلك. لقد أطلقت هذه النتيجة بالفعل خلال النزاع الشيشاني في التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي. في سنة 1994، ومع إعلان حكومة شيشانية نيتها الانفصال عن البلاد وتدخل روسيا عسكرياً، أيدت غالبية عظمى من الروس الحل السلمي أو حتى الانسحاب غير المشروط للقوات. وفي 1997، قال 51 في المئة ممن شملهم الاستطلاع إنهم يؤيدون منح الاستقلال للشيشان.
لكن بحلول نهاية 1999، أيدت غالبية الثلثين استمرار الدفع العسكري، وهو مزاج عام عززته غارة شيشانية على منطقة داغستان المجاورة وسلسلة من الهجمات الإرهابية الدموية على طائرات ومترو الأنفاق في العاصمة، وأخيراً، على مبان سكنية في موسكو وأماكن أخرى. ألقى بعض أعداء بوتين القدامى باللوم عليه في إعداد تفجيرات المباني كعملية راية زائفة تهدف بالضبط إلى هذا التأثير؛ مهما كان الأمر فإن قضية استقلال الشيشان أصبحت غير شعبية على نطاق واسع، وحظيت حملة بوتين الناجحة لإلحاق الهزيمة بالانفصاليين أو حضهم على البقاء في الجانب الروسي بقبول واسع.
هذا ما يحتاجه بوتين
الأوكرانيون ليسوا خائفين من إثارة غضب الروس، إذ يعتقد الكثير منهم أن روسيا قد ألقت عليهم كل ما بوسعها، ومع ذلك لا يزالوا صامدين. بالرغم من هذا، لا يزال بإمكان تحول في المزاج العام داخل روسيا أن يغير مسار حملة مطولة. يحتاج بوتين إلى أن ينسى الروس من بدأ هذه الحرب فعلياً، ويحتاج منهم أن يغضبوا حتى يتمكن من إعلان تعبئة احتياطي مكون من مليوني شخص بالحد الأدنى. بكلمات أخرى، هو يحتاج إلى تأثير الشيشان. الشرط الضروري هو حصيلة خسائر مدنية من الهجمات الأوكرانية. أسفرت أعمال الإرهاب الانفصالية الشيشانية عن مقتل مئات المدنيين وتضحية بالأبرياء التي كان من الصعب على المجتمع الروسي استيعابها كما هي الحال مع الفظائع الروسية بالنسبة إلى الأوكرانيين. حتى الآن، كانت العمليات الأوكرانية أكثر بروزاً بسبب أسلوبها الساخر والمفتقر للاحترام أكثر من كونها عمليات مميتة.