محمد بن زايد وسام موستين يؤكدان أهمية استقرار المنطقة وحل النزاعات في العالم بالحوار
تستند المفاوضات إلى واقع جيوسياسي وظروف سياسية
تحليل.. نهاية حرب أوكرانيا تشبه نهاية حرب فيتنام
لفت المحلل السياسي جورج فريدمان، إلى أن الولايات المتحدة لم تكن قد هُزمت عسكرياً عندما دخلت محادثات مع فيتنام الشمالية مع اقتراب نهاية الحرب، لكنها كانت قد فشلت في مهمتها بالقضاء على الفيت كونغ. ولم تنتصر فيتنام الشمالية في الحرب أيضاً، لكن نتيجة النزاع كانت واضحة: لم يستطع أي من الجانبين إخضاع الآخر تماماً. من الناحية الجيوسياسية، كانت فيتنام الجنوبية أكثر أهمية لفيتنام الشمالية منها للولايات المتحدة. لم تستطع فيتنام الشمالية الاستسلام، بينما استطاعت الولايات المتحدة ذلك.
كتب فريدمان في موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" أن حرب فيتنام كانت نتاجاً لضرورات جيوسياسية، بينما نشأت نتيجتها عن الواقع العسكري. انتهت الحرب بمفاوضات استمرت طويلاً، لم تكن محادثات السلام ذات طابع جيوسياسي بل كانت مسألة هندسة تسوية تعترف بواقع جيوسياسي يفرض على كلا الجانبين مراعاة الظروف السياسية الداخلية. لم تستطع الولايات المتحدة الاعتراف ببساطة بالفشل العسكري الكامل، لذا طالبت بـ "سلام مشرف"، كان على فيتنام الشمالية تبرير تكلفة الحرب أمام شعبها بأنها هزيمة بطولية للقوة الإمبريالية.
استند اندلاع الحرب إلى ضرورة جيوسياسية، كان على فيتنام الشمالية توحيد البلاد بأكملها تحت نظام شيوعي. وكان على الولايات المتحدة إيقافها، ليس لأهمية فيتنام الجيوسياسية، بل بسبب خشية واشنطن من أن يؤدي الاستسلام المبكر إلى فقدان حلفائها ثقتهم بأنظمة التحالف المستندة إلى الولايات المتحدة. كانت المخاطر كبيرة لكلا الجانبين، لكن مصالح فيتنام الشمالية كانت أكبر. دار واقع المفاوضات حول شكل النهاية والصورة السياسية التي ولدتها.
ماذا عن أوكرانيا؟
ينطبق الأمر نفسه على حرب أوكرانيا. فكل طرف يريد دفع أدنى ثمن سياسي لأي شيء يتجاوز انتصاره. أرادت روسيا استعادة أوكرانيا بصفتها حاجزاً ضد الغرب، بينما لم ترغب الولايات المتحدة في أن تكون روسيا مجاورة لحلف الناتو. لقد اندلعت الحرب، ويبدو أن روسيا قد كسبت حاجزاً في شرق أوكرانيا، وإن كان أصغر مما أرادت. تريد الولايات المتحدة إنهاء الحرب، وعليها أن ترضى بالنتيجة. أوكرانيا الآن في نفس الوضع خلال المفاوضات مع روسيا الذي كان عليه الفيتناميون الجنوبيون في حرب فيتنام.
نهاية الحرب حتمية، وتظهر الآن مقالات في وسائل الإعلام حول واقع ما بعد الحرب. يتحدث بعض المراقبين عن حرص صناديق التحوط على الاستثمار في روسيا. ويقول آخرون إن روسيا ستدفع ثمناً باهظاً وهي تبتعد عن اقتصاد الحرب. ولا يزال آخرون يتكهنون بالتأثير الجيوسياسي للحرب على أوروبا والصين.
فكرة مذهلة
أضاف الكاتب أن نتيجة الحرب واضحة، ولم تعد المشكلة الآن جيوسياسية. المفاوضات عملية هندسية قد تفشل ثم تستأنف على مدى فترة طويلة، سواء استمر القتال أم لا. تدور المفاوضات جزئياً حول الشروط الدقيقة لنهاية الحرب. لكن هذه أيضاً قضية سياسية داخلية. لا يمكن لروسيا أن تبدو وكأنها خسرت الحرب، وستحاول إقناع شعبها بأنها انتصرت. وستحاول الولايات المتحدة إقناع شعبها بأنها وحدها من أنهت الحرب. المواقف السياسية داخل كلا البلدين على المحك لكلا الرئيسين.
ويجب على كليهما أيضاً التفكير في شكل عالم ما بعد الحرب. أياً كانت النتيجة، فهي ستساعد في إنتاج نظام جيوسياسي سيذهل العالم. لم يكن واضحاً، في نهاية المطاف، أن الحرب الباردة ستنبثق من الحرب العالمية الثانية. إن وجود مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا فكرة مذهلة حقاً. لكن كل هذا قد يفشل، وقد تكون النهاية بعيدة المنال.
أول خطوة صغيرة
تستند المفاوضات إلى واقع جيوسياسي، لكنها تستند أيضاً إلى ظروف سياسية دولية ومحلية. شهد العالم أول خطوة رسمية صغيرة يوم الثلاثاء، إنه مشروع هندسي يسعى فيه الطرفان إلى السلام بشرف. وبينما ستنتهي الحرب بالشكل الذي أوجدته الجيوش، ستكون التسوية مسألة تتعلق بفن الحكم، كما هي الحال في جميع المفاوضات السياسية. الخداع والتهديد هما أدوات المفاوضات، مع أن العوامل البشرية – الكبرياء والعار – ستلعب دوراً أيضاً.
يمكن التنبؤ بالحرب والقوى التي تسببت بها. كما يمكن التكهن بنتائجها، لكن عملية التفاوض مشروع بشري سيصل إلى نتيجة ما، مهما طال الزمن أو قصر، وهو مليء بالخوف والأمل. في النهاية، يجب أن يؤكد هذا المشروع ما هو موجود، ربما ببريق من الرضا المتبادل، كما ختم فريدمان.