توتر ما قبل الانتخابات.. تحذيرات من «مخططات اغتيال» تثير جدلا في العراق

توتر ما قبل الانتخابات.. تحذيرات من «مخططات اغتيال» تثير جدلا في العراق


رأى مراقبون أن التحذيرات من وجود «مخطط إسرائيلي» لاغتيال قادة الإطار التنسيقي، يكشف تصاعد القلق السياسي والأمني مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وسط مناخ إقليمي محتقن وأزمة ثقة متفاقمة بين القوى العراقية.
وجاء ذلك بعد تصريحات أدلى بها إمام وخطيب جمعة النجف، القيادي في حزب الدعوة صدر الدين القبانجي، أشار فيها إلى وجود مؤشرات ومعلومات مسربة عن مخطط خارجي يستهدف قادة الإطار الوطني الشيعي، تمهيدًا لإعلان «حكومة إنقاذ وطني».
وقال القبانجي خلال خطبة الجمعة، إن «إسرائيل تخطط لتصفية قادة الإطار كخطوة أولى، يتبعها إعلان حكومة إنقاذ»، مضيفًا: «هذا الكلام ليس خياليًّا، فالتجربة الإيرانية ماثلة أمامنا، حيث حاولت إسرائيل تغيير النظام من خلال اغتيالات مباشرة».

الانتخابات على الأبواب
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية في نوفمبر- تشرين الثاني 2025، بعد تأجيلها عن موعدها الأصلي في العام 2023، وذلك بناء على اتفاق سياسي داخل مجلس النواب.
وتعد هذه الانتخابات الأوسع منذ عام 2005، حيث تُجرى وفق نظام «سانت ليغو المعدّل»، وتشارك فيها أغلب القوى الكبرى باستثناء التيار الصدري.
ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها اختبار حاسم لتوازنات الحكم في العراق، خصوصًا في ظل تصاعد المطالب الشعبية بإجراء تغييرات جذرية، وتصاعد الأصوات الداعية إلى إنهاء «نظام المحاصصة»، وسط مؤشرات على عزوف جماهيري واسع.

مناخ إقليمي محتقن
وقال الباحث في الشأن السياسي غالب الدعمي، إن «الكلام الذي صدر من خطيب الجمعة لا يمكن فصله عن المناخ الإقليمي المحتقن، خصوصًا بعد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، وما يجري في لبنان وسوريا واليمن».
وأضاف لـ»إرم نيوز» أن «الخطاب يكشف قلقًا حقيقيًّا داخل الطبقة السياسية من فرض سيناريوات مفاجئة، سواء عبر الانتخابات أو عبر طرق غير ديمقراطية، مستفيدين من هشاشة الدولة وانتشار السلاح المنفلت».
وتُظهر تجارب سابقة أن الفترة التي تسبق كل موسم انتخابي في العراق تكون مشحونة بالتوترات، حيث تنتشر تسريبات عن «مشاريع تغيير النظام» أو «مرحلة انتقالية»، وغالبًا ما يتم التلويح بورقة «الاغتيالات» أو «الانقلابات السياسية» كأداة للضغط أو الحشد أو التخويف.
وتزامنت هذه التحذيرات مع تصاعد التوتر في المنطقة بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، وظهور إشارات إلى انخراط بعض الفصائل العراقية في الرد العسكري؛ ما زاد  مخاوف التصعيد المتبادل، وربما نقل المعركة إلى الداخل العراقي.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن بعض الخطابات الدينية أو الإعلامية قد تكون جزءاً من محاولة استباقية لتحصين قوى سياسية معينة من الاستهداف، أو تبرير إجراءات استثنائية في المرحلة المقبلة، بما في ذلك تأجيل الانتخابات أو فرض حالة طوارئ غير معلنة.

لا معلومات رسمية
من جهته، قال مصدر سياسي مطلع إن «معلومات تصل بشكل متكرر إلى دوائر صنع القرار في بغداد، تتحدث عن تحركات مريبة وتهديدات محتملة ضد بعض القادة السياسيين».
وأكد المصدر الذي طلب عدم الكشــــــف عن هويتـــــه لـ»إرم نيوز» أن «الحديث عن اغتيالات بهذا الوضوح يحتــــــاج إلى تحقق وتقدير موقف أمني دقيق، لأن مثل هـذه التصريحات قد تستخدم للتصعيد السياسي، أو لإرسال رسائل غير مباشرة للخصوم».
وأشار إلى أن «الجهات المعنية لم تتلق حتى الآن إشارات رسمية من أي طرف دولي أو إقليمي بشأن مثل هـــــــذه السـيناريوهات، وجميع التعاملات تتم وفق السياقات الدستورية المعتمدة لإجراء الانتخابــــات وتشكيل الحكومات».
وتشير خريطة التحالفات الحالية إلى دخول قوى الإطار التنسيقي متفرقة في أغلب المحافظات، فيما تتراجع حظوظ بعض القوى المدنية والليبرالية بسبب غياب التحالفات العابرة للطوائف، أما التيار الصدري، فيواصل مقاطعته؛ ما يعني غياب أحد أكبر اللاعبين السياسيين.
ويُخشى أن تؤدي الحملات الإعلامية والتحذيرات المتكررة من «مشروع إسقاط النظام» إلى عرقلة مسار الانتخابات أو الطعن في شرعيتها، خصوصاً إذا ما ترافق ذلك مع أعمال عنف، أو تصعيد خطابي من الأطراف المسلحة.