حتى نقطع مع الحلم الأمريكي...!

حتى نقطع مع الحلم الأمريكي...!

     لأكثر من قرنين من الزمان، استقطب الحلم الأمريكي الناس من جميع أنحاء العالم، وخاصة من أوروبا، حيث وجدوا الحرية السياسية، والجامعات الاستثنائية، وفرصة لا مثيل لها لريادة الأعمال، بينما ارتكب آخرون خطأ الذهاب، سعيا وراء الثروة في الأرجنتين أو البرازيل أو فنزويلا أو بعض الأراضي الجديدة الأخرى، التي فشلت في الوفاء بوعودها.
   واليوم؟ يبدو أن الحلم الأمريكي يتحول إلى كابوس: مستوى عيش معظم مواطني الولايات المتحدة والأجانب الذين يعيشون هناك، لم يرتفع منذ أربعين عامًا، بينما تضاعف مستوى عيش الأغنياء؛ ومعدل مؤمّل الحياة آخذ في الانخفاض بالنسبة للعديد من الفئات الاجتماعية، بما في ذلك البيض. ويطال تعاطي المخدرات، حتى القاسية، أكثر من 30 مليون شخص، عشرة منهم من المستخدمين المنتظمين للمخدرات القوية.
   نظام الحماية الاجتماعية غير موجود عمليا؛ وارتفع عدد الذين يعيشون في فقر مدقع إلى أكثر من 40 مليون شخص، بينما دمرت الحرائق، التي لم يعد بالإمكان السيطرة عليها بشكل متزايد، منازل الأغنياء في مواقع كاليفورنيا الشهيرة، والوضع البيئي للبلاد كارثي، وأكثر من 30 مليون أمريكي تحت طائلة الترحيل لأنهم لا يستطيعون دفع إيجارهم أو قرضهم.
   يعتمد النظام المالي، الذي يبدو مزدهراً، بالكامل على آليات مضاربة هشة. 63 مدينة من بين 75 مدينة كبيرة لا يمكنها تغطية تكاليف الاقتراض؛ وتتجاوز ديون الشركات ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي: تتحمل الأسر ديونًا قياسية تبلغ 15 تريليون دولار، وتصل الديون الحكومية إلى مستويات غير معروفة.
   يحتاج 31 ألف جسر “ثلث المجموع” إلى إصلاح وصيانة، و46 الفا منها معرضة لخطر الانهيار. ويعتبر النظام المدرسي كارثة كبيرة حيث يحتكر الطلاب الأجانب معظم الأماكن في أفضل الجامعات في البلاد؛ و45 مليون من الأمريكيين الذين تمكنوا من دخول هذه الجامعات مدينون الآن. وتصل البطالة إلى 15 بالمائة من السكان، وأكثر من 25 بالمائة من الشباب من أصل آسيوي أو أمريكي أفريقي. أخيرًا، فشل الكونغرس ومجلس الشيوخ في الاتفاق على برنامج الحماية الاجتماعية، الذي سيدفع عشرات الملايين من الناس إلى أقصى درجات الفاقة والهشاشة.
   تم تقويض قيم المجتمع الأمريكي ذاتها: الفئوية، الطائفية، عنصرية من هذا الطرف وذاك، تخلق جوًا من الإقصاء المتبادل بين البيض والسود، بين الرجال والنساء، بين الجمهوريين والديمقراطيين.
  تزدهر هناك نظريات المؤامرة الأكثر تطرفا، طوائف ولدت في أكثر الظواهر الافتراضية تلاعبًا، مثل كيو أنون، وهي في طور التحول إلى حقيقة، وتقدم قراءة للعالم، وأفعالًا غير ديمقراطية تمامًا، تتلخص في ذبح بعض كباش الفداء.
.   أقل من ثلث الأمريكيين المولودين في الثمانينات يعتقدون أنه من الضروري العيش في ظل ديمقراطية. والآخرون مستعدون لمراجعة ذلك من أجل الدفاع عن حقوقهم في حمل السلاح أو عدم الانصياع للحد الأدنى من قواعد الحياة المشتركة.
   وبغض النظر عمن سيكون الرئيس القادم، فمن غير المرجح أن تنصلح الأمور بسرعة: نحن نعلم أن دونالد ترامب سيستمر في تفضيل الأغنياء ويدفع البلاد إلى أزمة هوية كبرى. ويمكننا أن نخمن أن جو بايدن، على الرغم من كونه شريف، لن يكون لديه الطاقة ولا الوسائل السياسية لبدء الإصلاحات الهائلة التي ستكون ضرورية.
   قبل أن يرتفع جيل جديد إلى مستوى التحدي، ويعيد الأمة وفقًا لمبادئ الآباء المؤسسين، والتي نحتاجها جميعًا، ستعيش ديمقراطية أمريكا أياما مظلمة. وكما أننا نرى الآن أشخاصًا إنجليزًا يحصلون على جنسية دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ويتذكر الأرجنتينيون جنسية أجدادهم، فقد نشهد يومًا ما تحركات مماثلة من الولايات المتحدة إلى القارة العجوز... حركات الأفكار والأشخاص ورأس المال.
   من أجل ذلك، سيظل من الضروري أن ينفذ الاتحاد الأوروبي مشروع قارة ديمقراطية وعادلة ومستدامة بيئيًا، ومدافعة عن الحريات في كل مكان من العالم، ومزودة بوسائل القوة... ويمكننا حينها التحدث بجدية عن “الحلم الأوروبي».


 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot