حلم أردوغان بإحياء «الخلافة» محكوم بالفشل
سلط المحلل السياسي مانيش راي، في تقرير بصحيفة “ذي نورث لاين”، الضوء على سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخارجية، مشيراً إلى أنه يعتبر نفسه الوريث الشرعي للخلافة العثمانية التي ألغاها في 1924 مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
ويلفت راي إلى أن “حلم أردوغان في الخلافة ينبع من نظرة مثالية إلى روعة الإمبراطورية العثمانية وقدرتها الواسعة على التأثير على الديناميكيات السياسية في أوروبا وآسيا. لذلك، يريد استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية السابقة، لتحقيق نفوذ سياسي أكبر ليس فقط في الدولة التركية اليوم، ولكن أيضاً في البلدان والأقاليم التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط وأوروبا».
في الواقع، يضيف “تشمل الخرائط الجديدة لتركيا المنشورة في عام 2016 شمال سوريا حتى اللاذقية، ومنطقة الموصل في العراق، وتمتد إلى ما وراء حدود الجزء الأوروبي من تركيا عبر مضيق البوسفور، إلى أجزاء من بلغاريا». ويتابع “الرئيس التركي لا ينشر فقط رغبته الكبرى في إقامة الخلافة من خلال خطاباته أو بنشر خرائط جديدة. بل إنه يعمل بقوة من أجل ذلك على الأرض. كان نهج أنقرة العثماني الجديد في المنطقة واضحاً من خلال ارتباطاتها المختلفة على جبهات متعددة. حيث تتمتع تركيا اليوم بوجود عسكري قوي في شمال سوريا، حيث نشرت قواتها جنباً إلى جنب مع الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها. وهي تستخدم ميليشياتها الإرهابية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بينما تقاتل أيضاً الأكراد المشتبه في أنهم يساعدون حركة حزب العمال الكردستاني التركية التي تسعى إلى الحكم الذاتي».
ويلفت الكاتب إلى أن “القوات التركية غزت شمال العراق باسم محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني الكردستاني بينما تقوم أيضاً بتدريب تركمان عراقيين وهم أقلية من أصل تركي، لتجنيدهم كوكلاء لهما في المستقبل. ودخلت أنقرة في اتفاقية تعاون أمني مع قطر في عام 2010. وأنشأت قاعدة عسكرية في قطر في عام 2015 وأرسلت 3000 جندي إضافي في عام 2017». وعلى طول البحر الأحمر، يضيف راي “تم إنشاء قاعدة عسكرية تسمى معسكر تركسوم في الصومال، يُزعم أنها لتدريب القوات المحلية، لكنها تهدف بشكل أكبر إلى مراقبة الممرات الملاحية الهامة في البحر الأحمر».
إلى جانب ذلك، “تدخلت تركيا بشكل صارخ في الحرب الأهلية الليبية إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. حيث تساعد حكومة الوفاق الإخوانية من خلال توفير الأسلحة والذخيرة في انتهاك للحظر الذي فرضه مجلس الأمن الدولي. وحتى أن الأتراك يرسلون ميليشياتهم السورية للقتال في ليبيا».
وبالإضافة إلى التدخل العسكري المباشر، “يدعم الرئيس التركي أيضاً الجماعات الإرهابية والمتطرفة في جميع أنحاء المنطقة. فصلات أردوغان المشبوهة والغامضة مع العديد من المنظمات الإرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وحزب الله والشباب وبوكو حرام وهيئة تحرير الشام (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم داعش، برزت من قبل جهات مختلفة، ووكالات الاستخبارات العالمية مرارا».
انحياز إخواني
وتتماشى السياسات الإقليمية التي يقودها الرئيس أردوغان مع السلطة الموجهة نحو الإسلاميين من تنظيم الإخوان وغيرهم مع مقاربته على الجبهة الداخلية أيضاً. فعندما تولى السلطة في عام 2003، كانت تركيا دولة علمانية وحديثة إلى حد كبير، لكن لم يعد هذا هو الحال بعد سبعة عشر عاماً من حكمه. من المعتقد الآن على نطاق واسع أن الأفكار الإسلامية المتطرفة تنتصر في تركيا، وهو الأمر الذي تجلى أكثر من خلال تحويل العديد من المتاحف والكنائس إلى مساجد.
لكن يختم الكاتب مقاله قائلاً: “طموح حلم أردوغان بإحياء الخلافة العثمانية محكوم عليه بالفشل، مع تراجع شعبيته على الصعيدين الوطني والدولي. بعد أن انزلقت تركيا نحو الاستبداد والديكتاتورية التي تعيد البلاد إلى الوراء من حيث الديمقراطية والحقوق المدنية والإعلام الحر والتنمية الاقتصادية».