لم يُنظر أبدًا إلى دونالد ترامب على أنه قارئ متعطش، وقد ساعد نفوره من التقارير الطويلة خلال فترة رئاسته على إذكاء الشائعات حول كرهه لأي شكل من أشكال الأدب.
   وسواء كان الرئيس الخامس والأربعين يحب القراءة أم لا، فإن ذلك لم يؤثر على شعبيته لدى دور النشر أو المكتبات. إن مجرد ذكر اسم الرئيس السابق يضمن للمؤلف الحد الأدنى من الظهور والاهتمام الإعلامي، وفي كثير من الأحيان، مردودية النشر.
   مثلما استفادت الشبكات الاجتماعية من الشخصية، يستفيد العديد من المحررين والمؤلفين من هذا الربح المفاجئ. على مدى السنوات الأربع الماضية، استغل الكثيرون هذا الخيط، سواء كان جادًا، بوب وودوارد، أو النجمة الإباحية ستورمي دانيلز، أو مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، أو ماري ترامب ابنة أخ دونالد.

   لا يقتصر الأمر على ظهور الكتب بشكل بارز في نوافذ المكتبات أو الصفحات الرئيسية للبائعين عبر الإنترنت، ولكن يمكن للمؤلفين الحصول على جولة في البرامج السياسية التي يحبها الأمريكيون جدًا. ان ترامب يصدم أو يذهل أو يغوي أو يسحر، لكنه لا يترك أحداً غير مبال.
    منذ مغادرته البيت الأبيض، كان دونالد ترامب أكثر تحفظًا. محرومًا من فيسبوك وتويتر، لا يزال رغم ذلك يحظى بالاهتمام لأن شركاء، مثل شون هانيتي من فوكس نيوز، يستمرون في منحه وقتًا على الهواء، ومؤخراً، لأنه بدأ في تنظيم التجمعات الكبرى مجددا.
   التغطية الإعلامية التي يتلقاها على وشك أن تزداد بشكل كبير. وبالتأكيد، سوف يستعيد وتيرة ظهوره بحلول انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، لكن عددًا كبيرًا من الكتب الجديدة عنه على وشك جذب الانتباه. لقد اقام الرئيس 45 بشكل مريح في مار الاغو في وقت سابق من هذا العام، وأجرى 22 مقابلة مع المؤلفين الذين سينتجون ما مجموعه 17 كتابًا جديدًا.

   ما الذي يمكن أن نكتشفه الآن ولم نعرفه من قبل؟ في النهاية، لقد كُتب عن حياته الشخصية، وأعماله، وحياته العائلية، وما إلى ذلك. حريصًا على جذب انتباهنا، وضمان ربحية الكتب الجديدة، يطرح المؤلفون بأننا لم نر شيئًا بعد! أعضاء سابقون في حكومته يعدون بأسرار وغرائب تخطف الأنفاس!
   وإذا كان يجب الوثوق في أسماء المؤلفين، فسنجد القليل من كل شيء في الأعمال الجديدة. تم الكشف عن بعض العناوين على موقع أكسيوس الثلاثاء، وستكون، في عدة حالات، أعمالاً موثقة من قبل صحفيين معروفين. ولئن تضررت سمعة مايكل وولف قليلاً في السنوات الأخيرة، فنحن ننتظر بفارغ الصبر إنتاجات ماجي هابرمان (نيويورك تايمز) وجوناثان كارل (إيه بي سي نيوز).
   وإذا كنا نتوقع كتباً ليست بشكل عام في صالح دونالد ترامب، فإن البعض منها سيتطوع للدفاع عنه. نحن نعلم أن مستشارته السابقة كيليان كونواي ستنشر، وأن كتابًا واحدًا على الأقل بعنوان “كمبيوتر محمول من الجحيم” سينقل بوح الرئيس حول الفضيحة المزعومة المتعلقة بهنتر بايدن، نجل الرئيس الحالي.
   لا تزال قائمة الإصدارات الجديدة طويلة، لكن لعلكم فهمتم أننا سنسمع عن ترامب لفترة طويلة قادمة. حصل الرئيس السابق على مكانة بارزة في وسائل الإعلام من خلال موافقته على لقاء فردي مع جميع المؤلفين. سواء تحدثوا عنه خيرا أو شرا، المهم أنه لا يختفي من الرادار. لا نغيّر وصفة قديمة تخدمه جيدًا منذ فترة طويلة.
   اسمحوا لي أن أقول في الختام إن صحفيًا واحدًا معروفًا فقط لم يتمكن من الحصول على مقابلة مع ترامب: وهو بوب وودوارد. ولعلكم تتذكرون أنه كان قاسياً في حكمه عندما ظهر الخوف والغضب لأول مرة. وكان يملك شرائط من مقابلاته تدعم وجهة نظره وتتناقض مع نفي الرئيس.
   هل سترغبون في تصفح هذه الكتب الجديدة التي ستصدر على مدار العام؟ من ناحيتي، سأفعل ما فعلته مع ما تم نشره حتى الآن. لقد قرأت الكتب الأكثر مبيعًا (من اجل ظهوري الإعلامي على الاقل) والأهم من ذلك، الكتب التي كان لكتّابها مصداقية أكثر.
   أترك لكم قائمة قصيرة لكتبي المفضلة. من الصعب تجاهل فن الصفقة؛ إذا كنت تريد انتقاد أفعال ترامب وأقواله أو التعليق عليها، فهذا أمر لا بد منه. لقد استمتعت حقًا بكتاب ماري ترامب “أكثر من اللازم ولا يكفي أبدًا”، والذي يغرقنا في قلب نزاع عائلة مختلة وظيفيًا من منظور عالم النفس. وأود أن أضيف الخوف أو الغضب لوودوارد، فقط من أجل صرامة المقاربة والخبرة التي يتمتع بها عملاق الصحافة الأمريكية.
   سأنتهي مع أولئك الموجودين في قائمتي الذين لم أبدأ أو أنتهي من قراءتهم بعد. المذبحة الأمريكية، بقلم تيم ألبرتا (بوليتيكو)، والتي أريد أن أقرأه لأنه يوسع زاوية النظر من خلال التعليق على تطور الحزب الجمهوري وليس فقط شخصية ترامب. نعم، هذا الأخير مزعج، لكنه التمظهر الأكثر إثارة لظاهرة كامنة. أخيرًا، سأنتهي من قراءة “الغرفة التي حدث فيها ذلك” بقلم جون بولتون.