رئيس الدولة يعين محمد المنصوري وكيلاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل
الدعم الروسي لكوريا الشمالية
سباق غواصات نووية يُعيد رسم أمن شرق آسيا
تثير الأنباء عن احتمال قيام روسيا بتزويد كوريا الشمالية بتكنولوجيا الغواصات النووية قلقاً واسعاً في شرق آسيا، في وقت تربط فيه التقارير هذه الخطوة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، وسط تساؤلات حول مستقبل الردع الأميركي في المحيط الهادي. قال الكاتب غابرييل هونرادا، المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، في مقاله بموقع «آسيا تايمز»، إن أجهزة الاستخبارات في كوريا الجنوبية كشفت أن روسيا قد تكون نقلت سراً إلى كوريا الشمالية ما بين مفاعلين و3 مكونات لغواصات نووية خرجت من الخدمة، تشمل مفاعلات وتوربينات وأنظمة تبريد. وأضاف الكاتب أن هذه الصفقة جاءت بعد طلبات متكررة من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للحصول على تكنولوجيا الدفع النووي ومقاتلات متقدمة، مقابل تزويد روسيا بالذخيرة والجنود والغذاء والنفط، لدعم حربها في أوكرانيا.
غواصة استراتيجية
بقدرات غامضة
وتابع الكاتب أن الإعلام الرسمي في بيونغ يانغ نشر في مارس -آذار الماضي صوراً لكيم وهو يتفقد غواصة وُصفت بأنها «استراتيجية تعمل بالدفع النووي ومجهزة بصواريخ موجهة». غير أن تفاصيل الإزاحة والقدرات ظلت غامضة.
وأشار خبراء إلى أن الغواصة قد تصل إزاحتها إلى 7 آلاف طن وتحمل نحو 10 صواريخ نووية، ما يمثل تحدياً كبيراً للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في مجال الحرب المضادة للغواصات، سواء في شبه الجزيرة الكورية أو مضيق تايوان.
وأوضح الكاتب أن كوريا الشمالية لم تنجح يوماً في إنتاج مفاعلات بحرية مدمجة، مما يجعل أي تقدم في هذا المجال مرهوناً بالدعم الروسي. وأضاف أن نقل هذه التكنولوجيا، إذا تأكد، سيشكل تجاوزاً خطيراً لمعاهدة حظر الانتشار النووي وقد يؤدي إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو وبيونغ يانغ.
طموحات أكبر من الواقع؟
ورغم الضجة الإعلامية، يثير المشروع شكوكاً واسعة. فقد أكد خبراء أن الغواصات الكورية الشمالية ما زالت تعاني من ضوضاء المحركات وضعف المدى والقدرة على البقاء في أعماق البحار لفترات طويلة، وقال الكاتب إن هذه الثغرات تجعل البرنامج أقرب إلى مشروع دعائي منه إلى قوة ردع حقيقية. وأشار إلى أن التعاون الروسي–الكوري الشمالي، الذي بدأ كعلاقة تبادلية عملية، آخذ في التحول إلى شراكة استراتيجية طويلة المدى.
واستشهد بتقرير صادر عن معهد «تشاتام هاوس» البحثي البريطاني يؤكد أن التعاون المتزايد في مجالات القوات، الطاقة، والأسلحة يعكس تقارباً أيديولوجياً بين الجانبين. وأضاف أن معاهدة «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» التي وُقعت في يونيو -حزيران 2024 بين موسكو وبيونغ يانغ تؤكد توجه البلدين نحو تحدي النظام الدولي بقيادة الغرب، والدفع باتجاه نظام عالمي متعدد الأقطاب.
الصين تراقب بحذر
وأوضح الكاتب أن الصين، الحليف التقليدي لكل من روسيا وكوريا الشمالية، تتابع عن كثب تطورات هذا التعاون، خصوصاً مع ازدياد التنسيق بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. وأشار إلى أن بكين لا ترغب في سباق نووي جديد قرب حدودها، خشية أن يهدد ذلك أمنها ونفوذها الإقليمي.
وذكر الكاتب أن تقارير أمريكية تكشف عن توجه الإدارة الجديدة لإعادة تركيز استراتيجيتها الدفاعية على الداخل ونصف الكرة الغربي، بدلاً من مواجهة الخصوم الكبار في الخارج. وأضاف أن هذا التوجه انعكس في تقليص بعض برامج الدعم العسكري، مثل مبادرة الأمن في البلطيق، مما يثير تساؤلات عن التزام واشنطن تجاه حلفائها في آسيا والشرق الأوسط.
وأشار محللون في Global Defense Review إلى أن «الضمانات الأمنية التي تقدمها القوى النووية تبقى مرهونة بمصالحها الوطنية»، وهو ما يدفع دولاً مثل أوكرانيا للبحث عن «ناتو أو نووي»، بحسب تعبيرهم، وقد يشجع دولاً آسيوية أخرى على التفكير بخيارات مشابهة.
سباق تسلح يلوح في الأفق
وقال الكاتب إن هذا الوضع قد يدفع كوريا الجنوبية للتفكير جدياً في خيار السلاح النووي، خاصة إذا شعرت أن مظلة الردع الأميركية تتراجع. وأضاف أن اليابان، رغم «التابو النووي» القوي لديها، تمتلك قدرات هائلة من حيث محطات الطاقة النووية ومخزونات البلوتونيوم، ما يجعلها نظرياً أكثر استعداداً من غيرها إذا قررت كسر المحظور. وأشار إلى أن تايوان، التي رصدتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرتين سابقاً بسبب نشاطات مشبوهة، قد تجد في التهديد الصيني المباشر دافعاً متجدداً نحو إعادة إحياء طموحاتها النووية.
وخلص الكاتب إلى أن مشروع كوريا الشمالية للغواصات النووية، بدعم روسي محتمل، قد يفتح الباب لسباق تسلح نووي جديد في شرق آسيا.
وبينما تبقى القدرات التقنية لبيونغ يانغ محل شك، فإن الطموح السياسي والدعم الخارجي قد يعيدان رسم خريطة الأمن الإقليمي، في ظل ما يُعتبر تراجعاً في انخراط الولايات المتحدة بمناطق التوتر.