محمد بن راشد: نسعى لتوفير أفضل نوعيات الحياة للمواطن والمقيم والزائر
التوفيق بين جماليات الفنّ، وجاذبية لافتة تخاطب السوق
سيلين سونغ: "حيوات سابقة".. فيلم مليء باللقاءات والوداعات الاستثنائية
مثّلَ ظهور "حيوات سابقة"، للمخرجة الكورية الأميركية سيلين سونغ، إحدى المفاجآت اللطيفة في لائحة ترشيحات "أوسكار" 2024. فيلم رومانسي، يمتدّ إلى 20 عاماً وفي قارتين، حاجزاً لنفسه منذ البداية مكاناً في لائحة أفلام العام الماضي، وتوقّع له كثيرون وصولاً مظفّراً إلى موسم جوائز 2024، الأمر الذي تُرجم فعلياً، وأبرز ذلك ترشيحه لـ"أوسكار" في فئتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو (سونغ نفسها)، في النسخة 96 (10 مارس/آذار 2024).
في باكورتها الإخراجية، لم تسمح سيلين سونغ لممثّلَيها تيو يو وجون ماغارو، وهما نقطتان في مثلث الحبّ الذي يُشكّل هذه القصة، بالالتقاء قبل اليوم الأول من التصوير. هذا النوع من التحضير يُعدّ أحد أشكال صنع القرار الإبداعي، الذي يُشجّعه الاستديو المفضّل لجميع محبّي السينما الأميركية المستقلّة، A24، الموزّع الرئيسي للفيلم في الولايات المتحدّة.
ولدتْ سونغ في كوريا الجنوبية. والداها، كوالدي بطلة فيلمها، فنّانَين ناجحين في وطنهما: والدتها رسّامة كتب أطفال، ووالدها مخرج معروف في صناعة السينما الكورية. بناءً على ملف والدة سونغ، حصلت العائلة كلّها على تأشيرة سفر إلى أونتاريو، في كندا. هناك، في المدرسة الثانوية، طوّرت سونغ حبّ المسرح، وبعد دراسة علم النفس، ذهبت إلى نيويورك للدراسة في جامعة كولومبيا.
في "حيوات سابقة"، المستقى بوضوح من سيرة المخرجة، هاجرت عائلة نورا (غريتا لي، غير المُرشَّحة لـ"أوسكار" أفضل ممثلة، للأسف) من كوريا الجنوبية إلى كندا، عندما كانت طفلة، تاركة وراءها حبيب طفولتها، هاي سونغ (تيو يو). بعد 24 عاماً، أصبحت كاتبة مسرحية تعيش في نيويورك، حيث جاء هاي سونغ لمقابلتها. قبل عقد من الزمن، استمتع الزوجان بلَمّ شمل قصير، عندما بحثت عنه في "فيسبوك"، وبدآ يتراسلان، لكنّ الأمر تلاشى، عندما شعرت نورا أنّ هذه المغازلة عبر الإنترنت تقتصّ من حياتها اليومية، وطموحها الكتابي. بعد ذلك بقليل، في معتكف للكتابة، التقت الرجل الذي ستتزوّجه، آرثر (جون ماغارو)، لكنْ، هل اختارت الرجل المناسب؟
يومان من ظهور "الصديق" الأول كافيان ليبدأ كلّ شيءٍ بالانهيار. تتصاعد شكوك وتناقضات ومودّة، وأشياء أخرى. التوتّر الرومانسي بينهما لا يمكن إنكاره. كيف تتعامل نورا مع ذلك الماضي، وهذا الحاضر؟ كيف تتغلّب على معضلات كثيرة في حياتها البالغة، بعد ظهور ذلك الذي كان في الطفولة براءةً خالصة، وصداقة مشتركة طبيعية؟ أهي مستعدة لغشّ زوجها المتفهّم؟ أهو مستعد لغزو السعادة والوئام البادِيَين في هذين الزوجين؟ معضلات تترجمها سونغ وممثلوها البارزون في هذا الفيلم، الناطق باللغة الكورية أكثر من الإنكليزية، المُصوِّر بكاميرا 35 مم. مع بصمة واضحة لسينما ريتشارد لينكلايتر، والمحتوي على سمات مشتركة، أسلوبياً وسردياً، مع السينما الأميركية المستقلّة، المصمَّمة لمهرجان "ساندانس"، إذ عُرض عالمياً للمرّة¬ الأولى، في دورته 39 (19 ـ 29 يناير/كانون الثاني 2023). لكنّه، في النهاية، يُقنع المتفرّجين ويثير انتباههم ويحرّكهم.
"حيوات سابقة" مكتوب بدقة، ومؤثّر استثنائياً، يحمل أداءً جميلاً لغريتا لي وتيو يو، ويفعل بالضبط ما يدّعي كل شخص في صناعة السينما أنّ معظمهم يريدونه: التوفيق بين جماليات الفنّ، وجاذبية لافتة تخاطب السوق. أحياناً، تستدعي لهجته الرومانسية القدرية (والتراكيب المذهلة للمصوّر السينمائي شابير كيرشنر) تحفة ونغ كار ـ واي، "في مزاج للحبّ" (2000)، في مقارنة لافتة وواجبة، لكنّه، رغم هذا، لا يعانيها قطّ. باكورة سينمائية تعد بمخرجةٍ يُنتظر جديدها.
عن فيلمها هذا، وعن مسائل سينمائية أخرى كان هاذا الحوار مع سيلين سونغ:
• لنبدأ الحوار بالمشهد الافتتاحي الآسر لـ"حيوات سابقة". كيف خطرت لكِ فكرة البدء بمنظورٍ خارجي، وترك الآخرين يتكهّنون بالثلاثي ـ محور قصّتك، الذين لا يزالون مجهولين للجمهور، في تلك اللحظة؟
- أردت أنْ يكون هناك تلميح للغموض في البداية، وأن يشعر الجمهور كأنه محقِّق يسأل نفسه: من هم هؤلاء الأشخاص في ما يخص بعضهم بعضاً؟ هذا ليس لغز جريمة قتل، بالتأكيد، لكنّه لغز حياة: كيف انتهى الأمر بهؤلاء الأشخاص الثلاثة على هذه الطاولة، في الوقت نفسه؟
لم يكن بإمكاني، حقاً، أنْ أكتب فيلمي، ثم أصوّره، لو لم أكن أعرف ما يُفترض بالمشهد الأول أنْ يكون عليه. المشهد واضحٌ لي منذ البداية.
• عندما تنظر نورا مباشرة إلى الكاميرا، في نهاية المشهد، هل تدعونا عملياً إلى كشف الغموض معها؟
- بالضبط. نظرة نورا إلى الكاميرا ترحّب بالجمهور، لكنّها في الوقت نفسه توضح له: (أنا أراك أيضاً).
نشأ المشهد من انطباعي بأنّ متفرّجين عديدين لا يريدون مشاهدة الشخصيات مباشرة فحسب، بل مراقبتهم من كثب أيضاً، لحَلّ اللغز. أملتُ أنْ يراقب الناس، باهتمام أكبر أو بمنظور مختلف بعد المقدّمة، لرغبتهم في اكتشاف السرّ. هدفي من الافتتاحية إثارة اهتمام الجمهور أولاً.
• (حيوات سابقة) فيلمك الأول، يحكي حلقة من حياتك. أكان واضحاً لك منذ البداية أنّك ستُخرجين هذه القصة الشخصية جداً بنفسك؟ أم أنك تشكّكت في تلك الأثناء من أنّه سيتعيّن عليك أن تعهدي بمشروعك إلى شخص آخر لإنجازه؟
- بالتأكيد، تتمنّى دائماً أنْ يُسمح لكَ بإخراجه بنفسك، لكنْ، عليك أولاً، قبل كلّ شيء، أنْ تقتنع بأنّك الشخص الأفضل لهذه المهمّة، ثمّ حظيت بميزة أنّه كان من الأسهل قليلاً إقناع الجميع بأنّي الشخص المناسب لإخراج الفيلم. في الأخير، كان النصّ ـ السيناريو ثنائيّ اللغة بالفعل، ومن ثم استلزم الأمر شخصاً على اتصال باللغتين لإنجاح الفيلم. ولأنّها قصتي الشخصية تحديداً، كان لديّ دائماً شعور بأنّي أستطيع إقناع الجميع بأنّه يجب عليّ أنْ أخرجها بنفسي.
• أنتِ قادمة من المسرح، ولديك خبرة سابقة في العمل مع ممثلين مسرحيين. مهتمّ أنا بكيفية تعاملك مع الموضوع هنا في الفيلم. هناك مشهد بعينه استوقفني: نورا وآرثر في السرير يتحدّثان عن ديناميكيات علاقتهما. مشهد طبيعي جداً، مثل محادثة عفوية، حتى لا يكاد المتفرّج يصدّق أنّه مكتوب أصلاً. كيف تمكّنت من تحقيق ذلك؟ هل استغرق الأمر تدريباً كثيراً، أمْ أنّه الارتجال؟
- لم يكن هناك ارتجال إطلاقاً. تمسّكتُ بالسيناريو، بشدّة، لكنّنا أجرينا تدريبَين مسبقاً، رغم أنّ هذا ربما يكون مصطلحاً مُضلّلاً. لم تكن بروفة كلاسيكية للمشهد، لكنّنا جلسنا معاً، وراجعنا النص، لنكتشف معاً مضمون المشهد، ونناقش كيف يجب أنْ يحدث.
إنّها عملية اشتغلنا عليها بجدّية، وأنا على دراية بها من خلال عملي على المسرح. إنّه المكان الذي أعتقد أنّي استفدت فيه حقاً من خلفيتي باعتباري كاتبة مسرحية.
• هناك قصة مثيرة للاهتمام سمعتها في هذا السياق: بينما كنتِ تعملين مع غريتا لي (نورا) وجون ماغارو (آرثر) على مشاهدهما، قيل إنكِ فصلت بين الرجلين تماماً. قرأت أنه لم يُسمح لجون ماغارو وتيو يو (هاي سونغ) بالتفاعل أحدهما مع الآخر، إطلاقاً. هذا أمر غير عادي، ومحفوف بالمخاطر، وشجاع. ما الفكرة من ورائه، وكيف تظهر في الفيلم؟
- كنت مهتمة بما هو مفيد للممثِّلَين. كلاهما كانا قادرين على التركيز تماماً على الكيمياء الخاصة بهما مع نورا ـ غريتا لي. في النتيجة، يمكنهما التركيز تماماً على علاقتهما الخاصة، وتطوير شخصيّتيهما مستقلَّين، كما أنّ جزءاً مهمّاً من قصتهما أنّ أحدهما لا يعرف الآخر، أساساً. عندما التقيا للمرة الأولى في الفيلم، كان هذا لقاءهما الأول حقّاً. إنّه المكان الذي تتصادم فيه مشاعر مختلفة كهذه، ومفيدٌ أنْ يبدو حرجهما من اللقاء في هذا المشهد. كان لدي نهج مختلف لكلّ زوج من زوجي الفيلم.
تدرّبت غريتا لي وتيو يو معاً على هذا النحو، لكن لم يُسمح لهما بالاقتراب. لم يتصافحا، ولم يتلامسا أبداً. لأنّه، في الفيلم، كلّ لمسة، كالعناق بعد افتراق طويل، لحظة غريبة ومحرجة أيضاً.
بالمناسبة، هذه ليست عملية يجب القيام بها في أفلامٍ أخرى. شعرتُ أنّ هذا، بالنسبة إلى "حيوات سابقة" تحديداً، أسلوبٌ يجب أنْ أجرّبه، لأنّه فيلم مليء باللقاءات والوداعات الاستثنائية. وأي شيء يمكننا القيام به لإعداد تلك اللحظات بطريقة خاصة، كان يستحق المحاولة. • عمل الكاميرا لافت للانتباه وطازج. كيف توصّلت إلى الأسلوب البصري المناسب مع المصوّر السينمائي شابير كيرشنر؟
- الأمر مع شابير كالحبّ من النظرة الأولى. التقيت مُصوّرين سينمائيين مختلفين أثناء العمل، لكنْ كان هناك اتصال فوري معه. تمكّنت من التحدّث إليه عن الفيلم كلّه، لا عن التقنية والعدسة التي يجب استخدامها وكيفية استخدامها، فقط. كان الأمر يتعلَّق بالشخصيات والقصّة والمشاعر التي يجب خلقها كلّ لحظة. هذا الأسلوب خاطبني مباشرة.
استمرّ ذلك طول فترة التصوير. كنّا على اتصال تقريباً كلّ خمس دقائق، ووصل الأمر إلى نقطة وجدتني عندها أقول لنفسي: "يجب أنْ أتحدّث إلى شابير"، إذا لم نتحدث لحظات. عملنا في الفيلم على هذا المستوى الأساسي، وكان الأمر دائماً يدور حول ما المناسب بصرياً للقصّة والمشهد.
بالنسبة إلي، شابير أحد أفضل المُصمّمين البصريين الموجودين حالياً. صُوَره لا تبدو جميلة فحسب، بل تخبر القصّة.
• ما أدركته حقّاً في مشاهدتي الثانية لـ"حيوات سابقة"، الصوت، الذي يؤدّي دوراً مهماً في تعزيز نغمة السرد، بدءاً من أصوات الأماكن، إلى الموسيقى. مع ذلك، إنّه غير موجود بوضوح أبداً. غالباً، تظلّ الموسيقى التصويرية مخفيّة في الخلفية. ما النهج الذي اتّبعته؟
- بالضبط. أردت موسيقى لا غنى عنها. هناك صوت المدن، نيويورك من جهة، وسيول من جهة أخرى. كلتاهما تبدوان مختلفتين، ولكلّ منهما صوت خاص، حتى إنّي أرسلت وحدة ثانية إلى سيول لتسجيل مزيدٍ من الأصوات لكوريا، للتمكّن من نقل أكبر قدر ممكن عن هذه الصوتيات.
في الوقت نفسه، لم أرغب في أنْ يكون الصوت متطفّلاً للغاية. طبعاً، ربما هناك نسخة من الفيلم، تزدهر فيها الموسيقى الأوركسترالية باستمرار، لكنّي أهدف إلى شعورٍ غامر، يسلّط الضوء على لحظات استثنائية في حياة عادية. لهذا، كان ضبط الأداء مطلوباً، وهنا، أنجز أعضاء فرقة الروك المستقلة Grizzly Bear عملاً رائعاً. أردتُ حقاً العمل معهم، لأنّهم يُدركون أيضاً كيفية رواية القصة. يعلمون أنّ الأمر لا يتعلّق بوضع الموسيقى في تسلسل الفيلم فقط، بل جعلها تنقل ـ تحمل شيئاً ما. لديهم أيضاً احترام كبير للصمت، ومستعدّون لإفساح المجال له.
كما أسلفت عند الحديث عن شابير، الأمر نفسه معهم. تحدّثنا أولاً عن القصة والشخصيات، واكتشفنا ما الأفضل لهم. في المحادثة، كان يتبيّن أحياناً أنّ أفضل شيء ألاّ توجد موسيقى يمكن سماعها في لحظة معيّنة. لدينا صوت الريح أو المدينة أو أبواق السيارات فقط. أنْ أكون قادرة على العمل مع مؤلّفين موسيقيين يعرفون متى تكون هناك حاجة إلى الموسيقى، ومتى لا تكون هناك حاجة إليها، ويمنحون الجمهور مساحة ليشعروا بأنفسهم: هذا مفتاح صوت فيلمي.
• وصفتِ بنفسك "حيوات سابقة" أنّه فيلم مستقل صغير، لكنّه، من ناحية أخرى، صُوِّر في بلدين، وفي مواقع مختلفة، ثم كان كورونا، ما أدّى إلى زيادة الجهود والتكاليف أكثر. ما مدى صعوبة تحقيق هذه الرؤية باعتبارك مخرجة للمرة الأولى، خاصة مع ميل شركات الإنتاج إلى تدبير النفقات في الأعمال الأولى؟ لأنّي أستطيع تَخيّل أنّ شخصاً ربما يأتي ويقول: "حسناً. هذا يكلّف كلّ شيء. ألا يمكننا استبعاد المشاهد الكورية؟".
- منذ البداية، كان واضحاً لي أنّه يجب تضمين كلّ شيء. لم أكن أتخيّل الفيلم من دون مشاهد كوريا مثلاً. لحسن الحظّ، لم يخبرني أحد مطلقاً أنّه يتعيّن عليّ قصّ أيّ شيء أو استبعاده. يجب أنْ أبدي امتناني أيضاً لـ A24 (الاستديو الأميركي الذي يقف وراء الفيلم)، الذي لم يطلب أبداً أيّ شيءٍ كهذا، بل على العكس، بذل جهداً دائماً لتلبية المتطلبات الخاصة للفيلم.
بالتأكيد، أثار كورونا خاصة تحدّيات كثيرة، لكنّي لا أعرف إذا كان هذا سبب صعوبة الأمر. باعتباري مخرجة للمرة الأولى، لديّ تجربة واحدة فقط، لكنْ، كما يبدو في المحادثات مع الآخرين، فإنّ لكلّ فيلم تحدّيات خاصة. في النهاية، كنتُ محظوظة، لأنّ أشخاصاً هناك دائماً كانوا إلى جانبي يدعمون، من دون قيد أو شرط، النطاق الواسع للتصوير في بلدين، مع فريقين، على مدى 24 عاماً، لأنّهم آمنوا دائماً بالفيلم، وبرؤيتي.
• هل هناك أي قدوة؟ أفلام أو مخرجون أثّروا فيك للوقوف خلف الكاميرا بنفسك؟ أو لتشكيل "حيوات سابقة" مباشرة؟
- نشأتُ معجبة كبيرة بالأفلام، وتأثّرت بعدد هائل منها. تسمية واحد أو اثنين سيكون خطأً كبيراً. يمكنني تسمية عناوين أفلام جديدة كلّ يوم، لعشرة أعوام، لأنّ الكثير منها أثّر فيّ.
لكنْ، ما يخصّ "حيوات سابقة"، هناك أفلام شاهدتها من كثب. "عشائي مع أندريه" للوي مال مثلاً، لأنّه يُظهر بدقّة كيف يمكن للمحادثة وحدها أنْ تحمل الدراما. كما ألقيت نظرة فاحصة على "الابن سرّ أبيه" لهيروكازو كوريدا، و"يي يي" لإدوارد يانغ. إنّهما، كما تعلم، فيلمان عائليان بامتياز، ويمتدّان في الزمن، وفي بواطن الشخصيات.
• يُعدّ "حيوات سابقة" أحد العناوين العديدة الصادرة أخيراً، التي يتّخذ صانعوها سيرهم الذاتية أساساً لسرديّاتها. لا يقتصر الأمر على ظهور أفلامٍ لأول مرة، كفيلمك هذا، أو "بعد الشمس" لشارلوت ويلز، لكنّ فنانين قدامى عديدين، كستيفن سبيلبرغ مع "آل فابلمان"، استخدموا قصتهم الشخصية نموذجاً. لماذا هذا حال اليوم، أحياناً كثيرة؟
- لا أعرف إذا كان يُمكنني التحدّث عن حالة السينما من موقعي مخرجةً للمرة الأولى، لكنْ، من تجربتي مع "حيوات سابقة"، والعروض التي حضرتها الآن في العالم، تعلّمت أنّ الناس يشعرون بارتباط شديد مع القصص الأصيلة، إنّهم يقدّرون أنّ هناك أشخاصاً حقيقيين وراء هذا الحدث. عندما تواجه ذلك في صالة سينما كبيرة، مليئة بالغرباء، تشعر فوراً بالتواصل والأمان، إلى حدّ ما؛ لذا، ربما تكون هناك رغبة متزايدة في مشاهدة القصص ذات الأهمية الشخصية للّذين يقفون وراءها.
• سؤال صغير في الختام: لاحظتُ أنّك كثيراً تُظهرين أزواجاً يُقبّل بعضهم بعضاً في خلفية المشاهد، في حانة أو في جولة لمشاهدة معالم المدينة، في بروكلين بارك. هل اهتممتِ بذلك خاصة؟
- نعم. أتمنّى أنْ يكون كلّ ما في الفيلم نتيجة الأشياء التي أوليتها اهتماماً خاصاً؛ لهذا، كلّ ما فيه موجودٌ عن قصد. في نهاية المطاف، ما كان يُحفّزني في الكتابة أنّ في استطاعتي استخدام كلّ بوصة من الشاشة لسرد قصص. عندما كنت أملأ خلفيات هذه المشاهد، أردت أزواجاً فحسب؛ لذلك، ترى دائماً أزواجاً حقيقيين أيضاً.