رئيس الدولة ورئيس أذربيجان يؤكدان العمل لترسيخ أسس السلام والاستقرار والأمن العالمي
صعود اليمين المتطرف في غرب ألمانيا.. هل يغير موازين القوى السياسية؟
قال خبراء سياسيون فرنسيون إن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة في نورد راين-وستفاليا تكشف عن تحول مهم في الخريطة السياسية الألمانية، إذ لم يعد اليمين المتطرف محصورًا في الولايات الشرقية فحسب، بل بدأ يحقق اختراقات ملموسة في قلب الغرب الصناعي للبلاد.
واعتبروا أن هذه النتائج تشير إلى مخاوف متزايدة لدى الناخبين بشأن الاقتصاد الراكد والهجرة، وأن الحكومة الفيدرالية تحتاج إلى معالجة هذه القضايا بجدية لتقليل الزخم السياسي للأحزاب المتطرفة.
النتائج الأولية للانتخابات البلدية
وفي غرب ألمانيا، واصل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) تقدمه في الانتخابات البلدية، التي جرت يوم الأحد في نورد راين-وستفاليا، أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان، والتي تضم نحو 22% من سكان البلاد.
ووفقًا للنتائج الأولية الصادرة صباح أمس الأول الاثنين، حصل الحزب على حوالي 14.5% من الأصوات، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما حققه في انتخابات عام 2020 حين اقتصر دعمه على 5% فقط في هذه المنطقة الصناعية الرئيسية.
واعتبرت الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، هذه النتائج «نجاحًا هائلًا»، بينما وصف زعيم الحزب في المنطقة، مارتن فينسينتز، الانتخابات بأنها «استفتاء على توجهات بلادنا»، بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية. ويُظهر هذا التقدم الكبير أن الحزب لم يعد محصورًا في ولايات الشرق الألماني فحسب، لكنه أصبح قوة فاعلة في الغرب أيضًا.
ومع ذلك، حافظ الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) على موقعه كأكبر حزب في الولاية، حيث حصل على نحو 33% من الأصوات، مقارنة بـ34.3% في عام 2020، ما يدل على أن التوازن السياسي لا يزال قائمًا، رغم تصاعد التحديات.
وقال وزير الرئاسة في نورد راين-وستفاليا والمنتمي للاتحاد الديمقراطي المسيحي، هيندريك فوست، في تصريح لقناة ARD: «يجب أن تجعلنا هذه النتيجة نتفكر، لا يمكننا النوم مطمئنين.. حتى حزبي، الذي فاز بوضوح بهذه الانتخابات، لا يستطيع تجاهل هذا الواقع».
نوع من «التطبيع»
ويرى محللون فرنسيون أن هذه الانتخابات تشير إلى توجه أوسع في المجتمع الألماني نحو القلق بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وأن استجابة الحكومة الائتلافية لهذه المخاوف ستكون حاسمة في تحديد قدرة الأحزاب التقليدية على مواجهة صعود اليمين المتطرف في المستقبل.
وقال الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية المتخصص في السياسة الداخلية الألمانية، بول موريس، إن تصدر اليمين المتطرف في ألمانيا سيكون بمثابة صدمة، لكنه قد يمثل أيضًا نوعًا من «التطبيع» بالنظر إلى صعود اليمين المتطرف في دول أوروبية أخرى.
وأوضح موريس، في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن «توسع AfD في الغرب مؤشر واضح على تصاعد المخاوف الاجتماعية والاقتصادية لدى شرائح واسعة من السكان، خصوصًا الشباب والعمال الذين يشعرون بتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة الجزئية».
وأضاف أن «هذه الانتخابات تعكس حالة من الغضب الشعبي المتنامي ضد السياسات التقليدية، وعدم القدرة على معالجة القضايا اليومية مثل الإسكان، الوظائف، والهجرة».
بدوره، قال الباحث المتخصص في التاريخ والسياسة الألمانية، جاك-بيير غوجيون، إن «النجاح الأخير لـ AfD ليس مفاجئًا إذا أخذنا بعين الاعتبار الأزمات الاقتصادية المتكررة، وضغوط الهجرة، والشعور بالإقصاء من قبل الطبقة السياسية التقليدية».
وأوضح غوجيون، في تصريح لـ»إرم نيوز»، أنه على الحكومة الألمانية الائتلافية أن تقدم حلولًا عملية وملموسة لتخفيف هذه المخاوف وإعادة الثقة إلى المواطن».
عوامل صعود اليمين المتطرف
وأشار غوجيون إلى أن عدة أسباب رئيسية وراء ارتفاع دعم AfD في الغرب، أهمها الركود الاقتصادي، موضحًا أن الاقتصاد في بعض مناطق الغرب الصناعي يعاني من تباطؤ النمو، ما أدى إلى شعور السكان بعدم استقرار دخلهم وفرص عملهم.
ولفت إلى أن السبب الثاني هو الهجرة والاندماج، موضحًا أن المخاوف من تأثير الهجرة على سوق العمل والخدمات العامة ساهمت في تعزيز الخطاب الشعبوي للحزب. كما اعتبر غوجيون أن الانقسامات داخل الأحزاب التقليدية أعطت الفرصة لـ AfD لتقديم نفسه كبديل قادر على مواجهة المشكلات اليومية للناخب، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام وشبكات التواصل كان لها دور أيضًا في عملية التأثير؛ لأن الاستخدام المكثف للمنصات الرقمية للتواصل مع الناخبين، خصوصًا الشباب، ساعد الحزب على نشر رسائله بشكل مباشر وفعّال.
التحدي أمام الحكومة الألمانية
ورأى غوجيون أن الحكومة الائتلافية تواجه تحديًا مزدوجًا، موضحًا أن معالجة الاقتصاد الراكد وتقديم حلول ملموسة للمشكلات الاجتماعية دون الانزلاق إلى خطاب متشدد قد يعطي دفعة إضافية للمتطرفين.
كما أن تحسين أداء الخدمات العامة، وتعزيز فرص العمل، وإيجاد سياسات اندماج ناجعة للمهاجرين، ستلعب دورًا مهمًّا في كسر زخم AfD، وفق غوجيون.