عهد بايدن.. فرصة يتيمة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي

عهد بايدن.. فرصة يتيمة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي


تعقدت عملية إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي خلال السنوات الأربع الماضية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يغادر البيت الأبيض في 20 يناير “كانون الثاني” المقبل بعد خسارته الانتخابات أمام الديمقراطي جو بايدن.
وفي السنوات الأربع الماضية أصبحت الحلول شبه معدومة بعد اعتراف ترامب المدوي بالقدس عاصمة لإسرائيل بشقيها الشرقي والغربي، إضافة لاعتراف إدارته بقانونية المستوطنات المقامة على أراض الضفة الغربية، منهية بذلك سنوات طويلة من محاولات رأب الصدع وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.

حل الدولتين
يقول الكاتب الإسرائيلي ألون بن مئير في مقال له بصحيفة “جيروزالم بوست” الإسرائيلية، من المتوقع أن يدعم جو بايدن خلال رئاسته للولايات المتحدة حل الدولتين نظراً لموقفه السابق من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والذي يتماشى أيضاً مع حقيقة الوضع.
ويؤكد بن مئير، أن الفلسطينيين لن يتنازلوا أبداً عن حقهم في إقامة دولة مستقلة خاصة بهم، كما لن يقبل الإسرائيليون أبداً بحل “الدولة الواحدة”، الذي يتم طرحه كبديل، كونه يضر بمشروع يهودية الدولة ويقوض طبيعتها الديمقراطية.
تعاون كامل
وبسبب الطبيعة المعقدة لانتشار الفلسطينيين والإسرائيليين في الأراضي المتنازع عليها سيتعين على الطرفين، التعاون بشكل كامل في العديد من المجالات، لا سيما في المجالات الأمنية والاقتصادية. وسيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تأسيس إطار عمل كونفدرالي، بعد عدة سنوات من مفاوضات السلام.

استعادة الثقة
ويؤكد الصحافي الإسرائيلي “لكي ينجح بايدن حيث فشل أسلافه، يجب عليه إصلاح الضرر الجسيم الذي ألحقه الرئيس دونالد ترامب بعملية السلام برمتها واستعادة ثقة الفلسطينيين في مفاوضات جديدة قد تؤدي إلى حل دائم.
 وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن يتخذ تدابير محددة قبل بدء المحادثات وأن يبرز الخطوط العريضة التي يجب أن يوافق عليها الطرفان بالكامل».
ولإنجاح أي مسعى لإنهــــــاء الصراع من قبل بايدن، يتعين عليه أن يســـمح بإعادة فتــــــح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والذي أغلـــــــق من قبل إدارة ترامب سابقاً، ومن شــــأن ذلك القرار أن يعيـــــد فتح قنــــــــوات التواصل بين الطرفين، وهو أمر أساسي لتطوير الحوار بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإزالة بعض العقبات الأولية قبل استئناف المفاوضات.
ويضيف بن مئير “من الضروري أن يعيد بايدن المساعدة المالية الممنوحة للسلطة الفلسطينية والتي أوقفت أيضاً بعهد ترامب، خاصة وأن الأخيرة تعاني من ضائقة مالية وهي في حاجة ماسة إلى المساعدة بسبب تردي الوضع الاقتصادي إثر تفشي جائحة كورونا، وتوقف تلقي أموال المقاصة لفترة طويلة، قبل أن تستأنف العملية مؤخراً بعد عودة الاتصالات بين السلطة وإسرائيل».
وقف خطة الضم
أمر آخر يتوجب على إدارة بايدن فعله لإعادة الحياة إلى حل الدولتين، هو إبلاغ تل أبيب بمعارضتها لخطة ضم الأراضي الفلسطينية. لكن ومع ذلك ستبقي إدارة بايدن على السفارة الأمريكية في القدس وستواصل الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، مؤجلة البت في وضعها النهائي إلى المفاوضات النهائية. وبالنظر إلى الجدل الشديد حول المستوطنات وتأثيرها السلبي على الفلسطينيين، يجب على بايدن حث إسرائيل على تجميد مؤقت لعمليات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. كما يجب أن تتصدر هذه القضية جدول أعمال المفاوضات للسماح بالتوسع اللاحق لمستوطنات محددة في سياق عملية تبادل الأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويقول بن مئير، يتوجب على إدارة بايدن دعوة حماس للمشاركة في المفاوضات بشكل مشترك مع السلطة الفلسطينية أو بشكل منفصل، بشرط نبذ العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. وإذا رفضوا، يجب أن يتركوا لوحدهم في تحمل عبء الحصار. ويضيف أيضاً، أنه على عكس مبعوثي ترامب الذين دعموا وجود المستوطنات علناً ولم يولوا اهتماماً كبيراً لتطلعات الفلسطينيين، يجب أن يكون مبعوثو بايدن غير منحازين ومعروفين بنزاهتهم واحترافهم وفهمهم لتعقيدات الصراع، وأن يكونوا ملتزمين بحل الدولتين.

دور عربي
ويؤكد، أن الدول العربية والاتحاد الأوروبي مكلفة بالدرجة الأولى في عملية حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويجب على سبيل المثال تكليف المسؤولين السعوديين والألمان بمراقبة تطبيق الحلول، خاصة وأن الجانبين قادرين على تقديم مساعدة كبيرة بصفتهم الفريدة كقوى عربية وأوروبية رائدة. ويقول الصحافي الإسرائيلي، لن تنجح أي مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما لم تتفق الأطراف المعنية على نهاية الصراع الذي سيولد دولة فلسطينية مستقلة، وسيحافظ على أمن إسرائيل ومشروعها الذي ينص على يهودية الدولة. وقبل الشروع في أي مفاوضات جديدة، يجب على إدارة بايدن الإصرار على أن كلا الجانبين يلتزمان بشكل لا لبس فيه بنتيجة الدولتين.

تغيير جوهري
ويؤكد بن مئير، أن القادة الحاليين في إسرائيل وفلسطين ليسوا في وضع يسمح لهم بالدخول في مفاوضات جادة، وعليهم مغادرة المشهد السياسي قبل استئناف أي محادثات جديدة. فرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يعارض بشكل تام إقامة دولة فلسطينية. كما أنه يواجه ثلاث تهم جنائية بالفساد. أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فقد اتخذ موقفاً متشدداً فيما يتعلق بالمستوطنات والقدس واللاجئين، وسيكون من المستحيل عليه تقريباً تقديم أي تنازل كبير. خاصة وأنه “مرتاح للغاية” في منصبه ولا يريد أن يترك المشهد السياسي وسط اتهامات له ببيع القضية الفلسطينية. في غضون ذلك، يجب على بايدن أن يؤكد التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل القومي ودعمه لإقامة دولة فلسطينية، مما يعطي إشارة واضحة بأن الاعتدال وحده هو الذي سيفوز في النهاية.