رئيس الدولة يهنيء ساناي تاكايشي بتوليها رئاسة الحكومة اليابانية
تهوى المزج بين الواقع والخيال
فاطمــة ناصـــر: «برزخ» تجـــربة سينمـــائية غـــير مألوفــــة في المشهـــــد المحلـــــي
نجحت الفنانة التونسية فاطمة ناصر في إبراز نفسها بين النجوم العرب، من خلال مشاركتها في أعمال لاقت صدى لافتًا بين الجمهور، إذ بدأت مسيرتها الفنية من القاهرة، لتحقق انتشارًا عربيًا وتُصنع حضورًا بارزًا في أعمال مصرية وعربية، قبل أن تعود إلى مسقط رأسها في تونس لتخوض مغامرة فنية جديدة في فيلم "برزخ".
لم تكتفِ فاطمة ناصر ببطولة العمل فحسب، بل خاضت لأول مرة تجربة الإنتاج المنفذ في مشروع يُعد من أكثر الأفلام التونسية طموحًا في السنوات الأخيرة.
الفيلم الذي أخرجه قيس الماجري يمزج بين الخيال العلمي والدراما النفسية في طرح نادر ضمن المشهد السينمائي التونسي المعروف بانحيازه إما لما يعرف بـ"سينما المؤلف" أو للإنتاجات التجارية التقليدية.
تؤكد فاطمة ناصر، في حوارها مع موقع "القاهرة الإخبارية"، أن ما حمسها لخوض تجربة التمثيل والإنتاج من خلال فيلم "برزخ" يعود إلى حبها للسينما المستقلة، مضيفة: "طوال عمري أحب السينما المستقلة، وكنت أتمنى أن أكون جزءًا منها، انطلاقًا من إيماني بأنها تستحق الدعم، لأنها تطرح رؤى بصرية وفكرية مختلفة، وغالبًا ما تواجه صعوبات في إيجاد من يؤمن بها أو يغامر معها، ومن هنا جاء اختياري لمشروع برزخ".
وتضيف: "عندما قرأت أعمال قيس الماجري وشاهدت أفلامه القصيرة، شعرت بأنه يمتلك عالمًا سينمائيًا خاصًا، ولغة بصرية مميزة. ربما لا أملك خبرة طويلة في الإنتاج، لكنني أحببت هذا العالم وقررت أن أراهن على صوت سينمائي جديد ومختلف، يحمل أحلامه الخاصة، ويقدم عملاً يخاطب العقل والروح معًا".
وتابعت: "لم أكن أرغب في خوض تجربة تقليدية، بل أردت أن أقدم شيئًا جديدًا ومختلفًا، لا سيما أنني من النوع الذي يهوى المزج بين الواقع والخيال، وفيلم برزخ يعبر عن ذلك تمامًا، خصوصًا أنه يجمع بين دراما عائلية بسيطة في ظاهرها، وعناصر من الخيال العلمي والروحانيات، ليخلق تجربة سينمائية غير مألوفة في المشهد المحلي".
التحدي الأكبر
واجهت فاطمة بالطبع تحديات في تجربتها الإنتاجية الأولى التي واجهتها أثناء تنفيذ فيلم "برزخ"، وتقول حول ذلك: "بلا شك، كان التحدي على صعيد الإنتاج كبيرًا. أن تنجز فيلمًا كاملًا دون أي دعم أو تمويل مؤسسي، فالأمر ليس بالسهل، لكننا كنا مؤمنين بالمشروع، ومتحمسين للتجربة، إذ بذلنا كل ما بوسعنا من جهد وطاقة من أجل إنجاز هذا الفيلم.. صحيح أنني توقعت مواجهة صعوبات، لكن في المقابل، كنت واثقة أننا قادرون على تجاوزها معًا وتحقيق هذا الحلم".
شخصية فرح
بجانب الجهد الإنتاجي، بذلت الفنانة التونسية مجهودًا كبيرًا في فهم شخصية "فرح" التي تجسدها ضمن أحداث العمل، وهذا ما أكدته قائلة: "شخصية فرح معقدة نفسيًا، وتحضيرها تطلب مني جهدًا خاصًا، بدءًا من قراءة متعمقة للسيناريو. حيث كنت أتابع عملية الكتابة منذ البداية مع المخرج قيس الماجري، ونتبادل النقاشات حول رؤيته للشخصية، حتى أتمكن من فهم دوافعها وانكساراتها وماضيها النفسي".
وتضيف: "تعيش فرح طوال الفيلم حالة داخلية ثقيلة، فهي حاملة لهموم سنين طويلة، وهموم والدتها أيضًا. تخيلوا شخصًا، منذ ولادته، يحلم برؤى وكوابيس لا يستطيع تفسيرها، ويعاني من قلة النوم، دون أن يفهم لماذا يحدث له كل هذا. إنها تجربة مُرهقة نفسيًا، خصوصًا في فترة المراهقة، وقد حاولت أن أترجم هذا التوتر الداخلي من خلال الأداء والتعبير الصامت".
نقاط التقاء
ترى فاطمة ناصر أن شخصية "فرح" تشبهها في كثير من الصفات، وحول ذلك توضح: "عند بناء الشخصية، أحاول دائمًا إيجاد نقاط التقاء بيني والدور. كل شخصية أجسدها، أبحث فيها عن شيء يشبهني، حتى أتمكن من الوصول إليها بصدق. ورغم أن شخصية فرح لا تتحدث كثيرًا، فإن عقلها لا يتوقف عن التفكير. هي هادئة، مشغولة الذهن، قلقة طوال الوقت، وهذا يشبهني كثيرًا".
وتضيف: "أنا أيضًا أفكر كثيرًا، أسرح، وأضيع في زحام الأفكار. قد لا أكون مثل فرح تمامًا، لكن بيننا مساحات مشتركة، خصوصًا في العلاقة مع الذاكرة، والقلق، والتفكير المستمر في الماضي والحاضر. كل هذه الأبعاد أثرت فيّ، وساعدتني على الدخول إلى عالم الشخصية بعمق وصدق".
تجربة غير مُرضية
وحول مشاركة الفيلم في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، تقول: "بالنسبة لمشاركة 'برزخ' في أيام قرطاج السينمائية، أستطيع أن أقول إنها لم تكن تجربة مرضية. الفيلم عُرض ضمن قسم لم أكن راضية عنه، وشعرت أن برمجة المهرجان ظلمت كل الأعمال التي قُدمت في هذا القسم، وظروف العرض لم تُنصفه لا تقنيًا ولا تنظيميًا".
وتضيف: "حين طُرح الفيلم تجاريًا في قاعات السينما، كانت المفاجأة السعيدة وهي التفاعل مع العمل الذي فاق توقعاتي، خصوصًا من فئة الشباب. ووجدت اهتمامًا حقيقيًا، وأسئلة، ونقاشات، وانفتاحًا على نوع سينمائي مختلف عن السائد، وهذا ما أسعدني كثيرًا. فالجمهور أظهر رغبة في مشاهدة شيء جديد، خارج القوالب المعتادة، وكان فضوله تجاه التجربة واضحًا".
وتابعت: "هذا التفاعل منحني طاقة إيجابية، وأكد لي أن هناك جمهورًا حقيقيًا للسينما المستقلة. فقط علينا أن نمنحه الفرصة".
من تونس إلى مصر
رغم انشغالها أخيرًا بتجربتها السينمائية الجديدة في تونس من خلال فيلم "برزخ"، فإنها ما زالت تحتفظ بعلاقة قوية مع الساحة الفنية المصرية التي انطلقت منها في بداياتها. ومن خلال تنقلها المستمر بين البلدين، تحاول فاطمة الحفاظ على توازن فني يمكّنها من تقديم أعمال تُشبهها وتعبّر عنها،
سواء في السينما المستقلة أو في الدراما التلفزيونية، وتؤكد أنها تستعد لعمل فني جديد في مصر مقرر عرضه في رمضان 2026.