جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
فايننشال تايمز: انفصال الغرب عن الصين غير عملي
رأى المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في آسيا جيمس كرابتري أن زيارتين أخيرتين لقادة عالميين إلى بكين سلطتا الضوء على العديد من المفارقات في عصر مستقبلي من الانفصال الاقتصادي
وكتب في صحيفة “فايننشال تايمز” أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى الصين أثارت الأسبوع الماضي موجات من الجدل في الغرب. وأجرى رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم زيارة إلى الدولة نفسها من دون أن يلاحظها أحد تقريباً، لكنها أثبت من نواح عدة أنها كانت أكثر إيضاحاً لتحديات الانفصال.
سافر ماكرون إلى بكين مع فون دير لاين لتقديم نهج أوروبي موحد تجاه الصين. لكنه أحضر أيضاً كتيبة من قادة الأعمال، وفتح باريس أمام اتهامات بقيادة سياسة خارجية مركنتيلية وترك أوروبا تبدو منقسمة. قبل ذلك بأيام قليلة، ألقت فون دير لاين خطاباً قالت فيه إن على أوروبا “التخلص من المخاطر” بدلاً من فصل علاقاتها عن الصين. وقالت إن الانفصال الكامل أمر غير مرغوب فيه، لذلك يجب على الغرب بدلاً من ذلك تقليل المخاطر في القطاعات الاستراتيجية مثل أشباه الموصلات والبطاريات والمعادن الهامة. كما تحدث وزراء مالية مجموعة السبع الأسبوع الماضي عن الحاجة إلى “تنوع” سلسلة التوريد مع خطط لـ “تمكين” الاقتصادات الناشئة.
كان من الصعب أن تكون زيارة ابراهيم إلى بكين مختلفة. لم يكن هناك من حديث عن الانفصال. بدلاً من ذلك، أشاد زعيم ماليزيا ببراعة الصين الاقتصادية وشجع على استثمار أعظم. واصطحب أيضاً مجموعة من الشركات الماليزية عائداً باتفاقات تكاد قيمتها تبلغ 39 مليار دولار تقريباً، أقله على الورق.
يجب على مشهد قادة من “الجنوب العالمي” يتدفقون إلى بكين أن يثير قلق الغرب. بعد أن ركز في السابق على حل أزمة كوفيد-19 في الصين وتأمين ولايته الثالثة، يقوم شي جينبينغ مجدداً باستعراض عضلاته الدبلوماسية، بدءاً من اتفاقات سلام في أوكرانيا والشرق الأوسط وصولاً إلى اتفاقات استثمار مع الجيران في جنوب شرق آسيا.
بينما يحاول القادة الغربيون فك عقود من العولمة، تقوم دول آسيوية من بنغلاديش وإندونيسيا إلى ماليزيا وتايلاند بالنظر إلى الصين على اعتبارها مركزية لمستقبلها الاقتصادي. وبدلاً من فك الارتباط، هي تسعى إلى المزيد من التجارة مع بكين. ومن المفارقات أن هذه نتيجة قد تحققها بالفعل السياسات الغربية.
تتحدث الشركات العالمية الآن عن نقل الإنتاج إلى دول صديقة جيوسياسياً مثل الهند أو المكسيك أو بولندا. بشكل بديل، قد تنشئ مصانع في جنوب شرق آسيا، حيث معظم الدول محايدة جيوسياسياً بين بكين وواشنطن. غالباً ما يُتوقع أن تكون دول مثل ماليزيا وفيتنام رابحة من فك الارتباط وقادرة على جذب الشركات الغربية على طريق مغادرتها الصين.
مع ذلك، ثمة مشاكل في هذه السردية، أولها أنه إلى الآن بالكاد بدأ فك الارتباط بالحدوث. تعد أشباه الموصلات استثناء بارزاً، بالنظر إلى المحاولات الأمريكية الناجحة لمنع شركات تصنيع الرقائق العالمية من بيعها إلى الصين. ولكن بالرغم من كل الحديث عن المرونة والتخلص من المخاطر في سلسلة التوريد، من الصعب رصد تحركات مماثلة في قطاعات أخرى.
غالباً ما تتحدث شركات غربية متعددة الجنسيات عن استراتيجية “الصين زائد واحد”، حيث تواصل تصنيع المنتجات في الصين، لكنها تختار أيضاً قاعدة تصنيع أخرى مثل ماليزيا، كتحوط. لكن الكاتب يدعو قراءه إلى التخيل للحظة أن الأحداث الجيوسياسية تأخذ منعطفاً إضافياً نحو الأسوأ، وأن الشركات الغربية تشعر بالفزع فيبدأ فك الارتباط بالتطور بشكل أسرع. ماذا يحصل بعد ذلك؟ هنا، يفترض كثر في الغرب أن تحويل الإنتاج سيجعلهم أقل اعتماداً على الصين، في حين أن عملية الانفصال ستجذب على الأرجح دولاً مثل ماليزيا وفيتنام إلى الغرب نفسه. كلا الافتراضين مشكوك فيه، بالحد الأدنى.
يقترح كرابتري شركة سامسونغ كمثل. إن قرارها سنة 2020 بتحويل الإنتاج إلى فيتنام يعني أن العملاق الكوري الجنوبي يجمع الآن ملايين الهواتف في المصانع الفيتنامية كل سنة. ثم يتم تصدير الكثير منها إلى الغرب. مع ذلك، لا تزال مكونات كثيرة داخلة في هذه الهواتف تُصنع في الصين، ولذلك ينبغي على فيتنام استيراد المزيد من هذه المكونات أيضاً.
ارتفعت التجارة الثنائية لفيتنام مع الصين بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مع أنماط مماثلة يمكن تلمسها في سائر ما يسمى أحياناً “مصنع آسيا”. تشير الأبحاث الصادرة عن الخبير الاقتصادي في البنك الدولي أديتيا ماتو إلى أن دول شرق آسيا كانت تصدر مؤخراً المزيد إلى الولايات المتحدة ولكنها تستورد أيضاً المزيد من الصين. والنتيجة هي مفارقة مزدوجة.
أولاً، بدلاً من ربط الاقتصادات الناشئة بشكل أكثر إحكاماً بالغرب، غالباً ما يترك الانفصال بلداناً في مناطق مثل جنوب شرق آسيا أكثر اعتماداً اقتصادياً على الصين، لا أقل. ثانياً، بينما يبدو أن تحويل سلاسل التوريد حول العالم يجعل الغرب أقل اعتماداً على الصين، يبقى أن الحاجة المستمرة للمكونات التي لا تزال تأتي في الغالب من هناك تعني أن الضعف الجوهري لا يزال قائماً.
قبل زيارتها الأخيرة لبكين، قالت فون دير لاين: “ليس قابلاً للحياة – ولا من مصلحة أوروبا – الانفصال عن الصين”. يرى كرابتري أنها على حق. وبالنظر إلى الهيكل المعقد والمتشابك للعولمة الحديثة، من المرجح أن تكون مهمة حتى التقليل الجزئي للاعتماد على الاقتصاد الصيني أصعب بكثير مما تبدو عليه.