نيويورك تايمز: لاخيار للطرفين سوى الاستمرار في العلاقات

قيود الاستثمار الأمريكية تنذر بتقويض التواصل مع الصين

قيود الاستثمار الأمريكية تنذر بتقويض التواصل مع الصين

يمكن للجهود المبذولة لتهدئة التوترات بين الولايات المتحدة والصين عبر سلسلة من الزيارات الدبلوماسية لبكين، أن تقوض العلاقات، في وقت يمضي البيت الأبيض في خطط لفرض قيود جديدة على الاستثمارات الأمريكية في الشركات الصينية، مثل أجهزة الكومبيوتر السريعة والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
وكتب آلان رابيبورت وآنا سوانسون في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن القيود المحتملة كانت موضوعاً رئيسياً في النقاش بين وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين والمسؤولين الصينيين الكبار خلال زيارتها التي استغرقت أربعة أيام للصين، وانتهت الأحد.
وسعت وزارة الخزانة إلى تضييق نطاق القيود، التي تستهدف الأسهم الخاصة والاستثمارات الرأسمالية في عدد محدود من القطاعات، لكنها من النوع الذي يتمتع بأهمية استراتيجية عالية.
وحاولت الوزارة أيضاً تخفيف القلق داخل الصين، من أن تلك الإجراءات ترقى إلى فرض حصار تكنولوجي الغاية منه تدمير الاقتصاد الصيني.
 
إغضاب الصين
ومع ذلك، يبقى أن مثل هذه الأفعال من شأنها إغضاب الصين، وستشكل الاختبار الأول لقنوات الإتصال الجديدة، التي يحاول أكبر اقتصادين في العالم، استعادتها.
وبحسب مارك سوبل المسؤول السابق الذي أمضى وقتاً طويلاً في وزارة الخزانة ويترأس الآن منتدى المؤسسات المالية والنقدية الرسمي: “سيتولد لديهم (الصينيين) هواجس تتعلق بسياساتنا الاستثمارية حيال الصين.. إن الصينيين لديهم مشاكلهم معنا، وكلا الجانبين يدرك جيداً أن هناك توتراَ».
 
المنطاد الصيني
وتراجعت العلاقات الأمريكية - الصينية مؤخراً إلى أدنى مستوى منذ سنوات، ونشأ التوتر من جراء منطاد المراقبة الصيني فوق الولايات المتحدة، وفرض قيود أكثر صرامة على التكنولوجيا من جانب واشنطن، وشراكة بكين مع موسكو خلال الحرب في أوكرانيا، واستمرار الصين في تهديد تايوان.
وفي الأشهر الأخيرة، عملت إدارة الرئيس جو بايدن على الحيلولة دون مزيد من التدهور في العلاقات، التي ينظر إليها كعامل تهديد محتمل للسلام العالمي والاستقرار.
وعلاوة على يلين، زار وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن بكين الشهر الماضي، بينما يستعد المبعوث الخاص لبايدن لشؤون المناخ جون كيري للتوجه إلى هناك الأحد.
لكن القيود الجديدة على الاستثمارات من جانب الولايات المتحدة قد تصعّد الإجراءات الانتقامية، التي يتخذها البلدان في الوقت الذي يسعيان إلى إرساء “أرضية” لعلاقاتهما.
ويبدو أن الإجراءات الجديدة قد تم الإتفاق عليها إلى حد كبير منذ أشهر عدة. لكن يظهر أن إدارة بايدن قد عملت على تأخير الإعلان عنها نظراً إلى العلاقة المضطربة مع الصين.
ولا تزال بعض الإجراءات محل نقاش بين الوكالات الأمريكية.. وعندما يتم اقتراح القيود، فإن القطاع الخاص سيكون لديه الوقت للتعليق على حدودها، ما سيشكل الطريقة التي ستطبق فيها.
وحتى لو قررت إدارة بايدن إرجاء الإعلان عن الإجراءات، فإنها ستواجه ضغوطاً متصاعدة من النواب، الذين يدرسون بدورهم وضع قيود أوسع على الاستثمارات التي توظف في الصين.
واشتكى نواب ومؤيدون آخرون للإجراءات، من النظام الحالي، الذي يتيح تدفق الرأسمال الأمريكي إلى الصين وتمويل تكنولوجيا من الممكن أن تشكل في نهاية المطاف تهديداً للامن القومي الأمريكي.
 
منع بيع تكنولوجيا متقدمة
وسبق للولايات المتحدة أن منعت الشركات الأمريكية من أن تبيع مباشرة بعض التكنولوجيا المتقدمة للصين، و هي تراقب كذلك استثمارات الشركات الصينية في أمريكا على خلفية مخاطر أمنية، لكن الحكومة الأمريكية ليس لديها إلا القليل من البصيرة ولا تملك سيطرة على الأموال التي تنتقل من الولايات المتحدة إلى الصين.
وأمضى أعضاء في إدارة بايدن معظم العام الماضي، وهم يقيمون المدى الذي سيطبقون فيه القيود على الاستثمار، مع تواصل المسؤولين مع المدراء التنفيذيين للشركات للوقوف على آرائهم في ما يتعلق بالتأثيرات التي قد تتركها مثل هذه الخطوات، ومارست المجموعات الصناعية وأصحاب الرأسمال الاستثماري ضغوطاً ضد فرض قيود واسعة على الاستثمار في الصين، قائلين إن من شأن ذلك عرقلة العلاقات التجارية المهمة وإلحاق الضرر في نهاية المطاف بالاقتصاد الأمريكي.
وفي شهادة أمام لجنة المصارف في مجلس الشيوخ في مايو (أيار)، قال مساعد وزيرة الخزانة لشؤون الأمان الاستثماري بول روزين إن الإدارة “تعمل على صياغة برنامج ضيق ومركز” من أجل تقييد الاستثمار في تكنولوجيات حساسة معينة لها مضاعفات على الأمن القومي.
 
على مركب واحد
ووفق الزميل غير المقيم في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية نيكولاس ر. لاردي، فإن الولايات المتحدة كانت المصدر لأقل من 5 في المئة من الإستثمار المباشر في الصين في عامي 2021 و2022، وفي الربع الأول من هذه السنة، تقلصت الاستثمارات الأمريكية في الصين من شركات القطاع الخاص إلى نحو 400 مليون دولار، انخفاضاً من 35 مليار دولار في عام 2021، بحسب لاردي، الذي أضاف أن إجمالي الاستثمار المحلي في الصين في الربع الأول من العام الجاري، بلغ 1.5 تريليون دولار.
وعلى الرغم من الخلافات الواسعة، يقول سوبل المسؤول السابق في وزارة الخزانة، إن الولايات المتحدة والصين، ليس لديهما خيار إلا الإستمرار في التواصل أحدهما إلى الآخر، و”نحن على المركب نفسه، وهذا يعني أن عليهما التواصل والمضي إلى الأمام، سواء أكانوا سعداء بذلك، أم لا».