رؤية نقدية

كتاب « وئام » للشيخ الدكتور عبد العزيز بن علي النعيمي بين النظرية والتطبيق

كتاب « وئام » للشيخ الدكتور عبد العزيز بن علي النعيمي بين النظرية والتطبيق


استند الشيخ الدكتور عبد العزيز بن علي بن راشد النعيمي في كتابة الذي يحمل عنوان “وئام” الذي صدر عن دار مداد للنشر والتوزيع في 121 صفحة من القطع المتوسطة، على عدة محاور خاطب فيها النفس وتحاور مع الذات ليبين أهمية التصالح النفسي مع الطبيعة، وكأنها المكون الرئيسي للتوازن على الأرض، بل وصنع بمرادفاته السلسة تناغم شفاف يصل بالفكر إلى الاقناع والموافقة على كل يا يخطه بيمنه من كلمات وجمل معبرة عن فلسفته الخاصة، فاختياره للعنوان أسهم في تحقيق الهدف المراد توصيله للقارئ من البداية، وهو الدفاع عن الطبيعية وخلق لغة تفاهم بينها وبين الإنسان ليحدث خليط وامتزاج بينهما في صورة وئام وتوافق.بدأ الشيخ الدكتور عبد العزيز بن علي النعيمي بتفسير كلمة الوئام من حيث اللغة، تمهيداً لتسلسل الأفكار وحث القارئ على الاستيقاظ وما يهدف إليه من معرفة مفهومه الشخصي عن البيئة، فعرفها بقولة “ بيئتي ليست محصورة بحدود بيتي، فالبيئة هي البيت والحي والمجتمع والوطن والعالم المحيط بنا بل هى الكون الذي نعيش فيه” مستنداً في تفسيراته على ما ورد من أيات محكمات من القرآن الكريم، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التى تضيء الطريق وتبين أهمية الأرض والحفاظ على الطبيعة.

جاء تبويب الكتاب ملائم لأطروحته الأدبية والفكرية، وإيمانه بدور الإنسان الكبير في تعظيم الطبيعة والحفاظ عليها وندائه المستمر حول بناء مناخ صالح يخلو من التلوث والاحتباس الحراري، وهذا ما جعل الشيخ الدكتور عبد العزيز النعيمي يلقب “بالشيخ الاخضر” لجهوده في نشر ثقافة الحفاظ على الطبيعة والحوار المستمر عن الأرض، فحديثه عن الإثراء والإحسان والواحة والتجارة واهتمامه بوضع معايير للإهدار والحماية والوفاء والقانون، جعل كتاب “وئام” رسالة ومنهج ووصية لكل من يحيا على هذه الأرض، لأن الطبيعة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدور الإنسان في بناء مستقبله والحفاظ عليه بالحفاظ على البيئة والطبيعة، واسس الكاتب حوار اً ولغة مشتركة بين الأطراف لتحقيق المعادلة التى التفت إليها العالم في الوقت الراهن وهى التغيير المناخي الذي بات يؤثر على مقدرات الحياة ويهددها بالفناء.

يقول الشيخ الدكتور عبد العزيز بن على النعيمي في عنوان “المهنة “ نحن الآن بحاجة ماسة لتطوير الإحساس والسلوك والإدراك الإيجابي عند اطفالنا تجاه البيئة، ومستقبلها ومسؤوليتها في الحفاظ عليها، ومن أهم القيم البيئية التى قد نركز عليها احترام وتقدير الطبيعة، والمسؤولية تجاه الانتماء إليها والمحبة والولاء لها” وأعتبر هذه الكلمة بمثابة وصية وخلاصة تجارب امتدت لسنوات، وأن الحفاظ على البيئة يأتي بغرس القيم والمحبة في نفوس النشء وتربيتهم على عشق الطبيعة وجعلها جزء من حياتهم وسلوكياتهم اليومية، ضم كتاب “وئام “ أراء زوار عزبة الوئام الذي ابتكرها الشيخ الأخضر ، لتكون استجماماً في الصحراء من شهر أكتوبر إلى مارس، واختياره للمكان والمخيم قد يعبر عن معنى الطبيعة ودورها في بناء وجدان البشر كما ورد في متن الكتاب وما يحتويه من وصف للمكان وفوائده، وقد أهتم الكاتب باختيار اللغة البسيطة في تناول الموضوع وبساطته، والقارئ سيكتشف أن الكتاب عبارة عن عدة محاضرات كتبت في صورة نصوص،

ويشعر القارئ أن الكلمات وجهه له وحده، مما يضفي على الأسلوب شئ من الاهتمام والتقدير والعمل بما فيه من معلومات وإرشادات حقيقية نشاهدها على أرض الواقع.تمكن الشيخ الدكتور عبد العزيز بن علي النعيمي، بمد المكتبة العربية بسلسلة من الكتب المهتمة بالبيئة والطبيعة وعلوم الأرض، وكأنه حمل نفسه مسؤولية عناء القشرة الأرضية من عبث البشر بها، ووهب نفسه لهذا الكون من خلال علمه وافكاره بتجنب كل ما يحول بين الإنسان والطبيعة والتدخل الخطأ في تدميرها، فكتاب “وئام” خير دليل على إيمان الكاتب برسالته تجاه وطنه والخروج عن جغرافية المكان بمناشدة العالم بالحفاظ على البيئة والطبيعة.