رئيس الدولة يعين محمد المنصوري وكيلاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل
كيف يواجه الناتو أزمة نقص القوى البشرية؟
قال الباحثان في المجلس الأطلسي أليكس فاغنر وكريستين تايلور، إن زيادة الإنفاق الدفاعي داخل حلف الناتو لا تكفي لضمان الأمن الجماعي، مؤكدَين أن التحدي الأكبر يكمن في سد فجوة القوى البشرية. وأوضح الكاتبان في مقال مشترك بموقع مجلة «ناشونال إنترست» أن حادثة إسقاط الدفاعات الجوية البولندية لثلاث طائرات مسيّرة روسية، لأول مرة في تاريخ الحلف، كشفت عن هشاشة العنصر البشري في مواجهة التهديدات الروسية، رغم التوسع في الإنفاق العسكري.
اختبار صعب
وقال الكاتبان إن إسقاط المسيّرات الروسية فوق الأجواء البولندية اختبار لمدى استعداد الحلف في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية، وأظهر في الوقت نفسه إصرار موسكو على جس نبض الدفاعات الأطلسية. وأضاف الباحثان أن الحادثة، رغم أهميتها العسكرية، كشفت عن نقطة ضعف أعمق، وهي النقص المتزايد في أعداد الجنود القادرين على تلبية خطط الدفاع الإقليمي وتنفيذ التعهدات الطموحة التي أقرها قادة الناتو في قمة يونيو -حزيران الماضي.
أزمة التجنيد
وأوضح الكاتبان أن معظم دول الحلف تكافح في تجنيد واستبقاء العناصر البشرية الكافية، على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا في أوكرانيا. وعزا الباحثان هذه الأزمة إلى عوامل ديموغرافية وثقافية، حيث تراجعت معدلات المواليد في أوروبا إلى أدنى مستوياتها منذ ستينيات القرن الماضي، بينما أصبحت الخدمة العسكرية خياراً هامشياً في أذهان الأجيال الجديدة.
ألمانيا: بيّن الكاتبان أن برلين تطمح لتوسيع جيشها بزيادة 30 ألف جندي خلال 6 سنوات، لكن الثقافة العامة ما زالت تعارض الخدمة العسكرية. كما أن التزامات ألمانيا الكبيرة تجاه أوكرانيا تفرض ضغوطاً إضافية على قدرتها في توفير قوات لعمليات حفظ السلام. النرويج: رغم برنامج التجنيد الإجباري الشامل، أوضح الكاتبان أن أوسلو تواجه صعوبة في تحويل المجندين إلى عسكريين مهنيين، مما يهدد خطتها الطموحة لزيادة القوات بنسبة 50% بحلول 2036. إيطاليا: لفت الكاتبان النظر إلى أن روما تعاني من نقص واضح في القوات، حيث لا يتجاوز قوام الجيش 165 ألف عنصر، وهو أقل من الحد الأدنى المطلوب. المشكلة الأساسية، بحسب المقالة، تكمن في تدني الرواتب مقارنة بالقطاعين العام والخاص، إضافة إلى ضعف الحافز الشعبي للدفاع عن البلاد.
الولايات المتحدة
وأشار الكاتبان إلى أن الولايات المتحدة نفسها تواجه تحديات مشابهة مع توقع تراجع عدد خريجي المدارس الثانوية بنسبة 13% بحلول 2041. غير أنّ الجيش الأمريكي نجح في تجاوز هذه الأزمة عبر سياسات مبتكرة مثل إعداد دورات تدريبية تمهيدية، وتخفيف بعض القيود المتعلقة بالوشوم أو إعادة اختبار بعض المواد، إلى جانب تحديث معايير اللياقة البدنية. وأضاف الكاتبان أن هذه التجربة قد تشكل نموذجاً يمكن أن تستفيد منه دول الناتو الأوروبية، مع مراعاة خصوصية كل بلد.
الإنفاق العسكري
وأوضح الكاتبان أن الالتزام التاريخي للحلف بإنفاق 5% من الناتج المحلي على الدفاع أمر ضروري، لكنه غير كافٍ لتحقيق الردع المطلوب. فالقدرات العسكرية المتقدمة تحتاج إلى عنصر بشري مدرَّب وفعّال. وأضافا أن النقص في الأفراد قد يفرغ هذه الاستثمارات من مضمونها، ويحول دون ترجمة الموارد المالية إلى قوة ردع حقيقية. وخلص الكاتبان إلى أن مواجهة التحديات الجديدة تتطلب من الناتو اعتماد استراتيجيات جريئة ومنسقة لتوسيع قاعدة التجنيد، وتحديث السياسات العسكرية، وتعزيز ثقافة الخدمة الوطنية. وأكدا أن الحلف إذا نجح في مطابقة استثماراته المالية مع توفير الكمية والنوعية الكافيتين من القوى البشرية، فسيمتلك قدرة ردع أشد فاعلية، ويضمن لنفسه مكانة أكثر قوة في مواجهة التهديدات الروسية.