مساعدات دولية تتدفق على لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت

لحظة الفاجعة وما بعدها.. تفاصيل يوم لن ينساه اللبنانيون

لحظة الفاجعة وما بعدها.. تفاصيل يوم لن ينساه اللبنانيون

-- عرب وأجانب بين الضحايا.. وماكرون إلى بيروت اليوم
-- الانفجار بلغ «باخرة الأمم المتحدة».. وضحايا فوق الأمواج


لم يكن يوما عاديا على سكان العاصمة بيروت الذين عاشوا أهوالا كثيرة لكنهم لن ينسوا ما جرى مساء يوم أمس الأول الثلاثاء، الرابع من أغسطس 2020. انفجار ضخم يهز منطقة مرفأ بيروت، يصم الأذان من شدته، ويوقع قتلى بالعشرات وإصابات بالآلاف.
انفجار سمع في أنحاء بيروت وخارجها، بل وتعدى الحدود، وأحدث ما يشبه الزلزال الذي شعر به سكان قبرص، بينما كانت كرة من اللهب مصحوبة بدخان أبيض تغطي سماء العاصمة اللبنانية، محدثة كارثة ودمار كبير، طال مواقع تبعد كيلومترات عن مركز الانفجار.كما ألحق الانفجار دمارا بسفينة تابعة لقوات اليونيفيل لحفظ السلام، وأدى إلى بعض أفراد طاقمها بجراح خطيرة.

من يشاهد حجم الكارثة التي حلت بالمنطقة، يتوقع أن زلزالا وقع هنا، حتى أن محافظ بيروت شبه الحادثة، بتفجيري هيروشيما ونغازاكي.السلطات اللبنانية لم تستبق نتيجة التحقيقات بشأن الانفجار، ولكن مصدرا أمنيا لبنانيا رفيع المستوى قال إنها ناجمة عن آلاف الأطنان من مادة نيترات الأمونيوم شديدة الانفجار، كانت مخزنة في أحد مستودعات المرفأ.

وأعلن رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب أن 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، كانت موجودة في مستودع في مرفأ بيروت، تسببت بالانفجار الضخم الذي أسفر عن سقوط أكثر من 73 قتيلاً، و3700 جريح على الأقل.
بينما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الانفجار الهائل بوصفه هجوما محتملا وعرض تقديم العون.
وردا على سؤال عن تصوره للانفجار، قال ترامب إنه تحدث مع مسؤولين عسكريين أميركيين وإنهم يعتقدون أن الانفجار ربما كان هجوما و”قنبلة من نوع ما».

ويتوقع المسؤولون ارتفاع حصيلة القتلى مع بحث فرق الإنقاذ بين الأنقاض في مساحة كبيرة من المدينة لإخراج العالقين وانتشال الجثث.
وهذا أعنف انفجار منذ سنوات في بيروت التي تعاني من أزمة اقتصادية، وتواجه زيادة في إصابات فيروس كورونا.
ودعا الرئيس ميشال عون إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء اليوم الأربعاء، فيما أعلن مجلس الدفاع اللبناني بيروت مدينة منكوبة وفرض حالة الطوارئ لمدة أسبوعين.

ما بعد الكارثة
وبعد ساعات من الانفجار الذي وقع في السادسة مساء بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت غرينتش)، كانت النيران لا تزال مشتعلة في منطقة الميناء ينبعث منها وهج برتقالي في السماء المظلمة، بينما تحلق طائرات الهليكوبتر وتدوي أصوات سيارات الإسعاف بأنحاء العاصمة.
ونقلت “رويترز” عن مصدر أمني أن الضحايا نُقلوا إلى خارج بيروت للعلاج لأن مستشفيات المدينة مكتظة بالجرحى. واستُدعيت سيارات الإسعاف من شمال وجنوب لبنان وسهل البقاع الذي يقع ناحية الشرق لتقديم المساعدة. وكان الانفجار قويا لدرجة أن بعض سكان المدينة، الذين لا تزال ذكريات القصف العنيف خلال الحرب الأهلية من عام 1975 إلى عام 1990 عالقة في أذهانهم، حسبوا أنه زلزال. وهام أناس مذهولون ومصابون وآخرون ينتحبون في الشوارع بحثا عن أقاربهم.

وبحث آخرون عن أحبائهم في المستشفيات المكدسة. وقالت مسعفة إنما يتراوح بين 200 و300 شخص نُقلوا إلى قسم واحد للطوارئ. وأضافت المسعفة التي قالت إن اسمها ربى “لم أشهد شيئا كهذا قط. كان مروعا».
وقال حسان دياب إن هذه الكارثة لن تمر دون حساب مضيفا أنه سيتم كشف الحقائق بخصوص هذا “المستودع الخطير».
وقال دياب في كلمة وجهها للشعب اللبناني نقلها التلفزيون “سيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن”. وأضاف “ستكون هناك حقائق تعلن عن هذا المستودع الخطير الموجود منذ عام 2014».

وأعلنت الحكومة الأربعاء يوم حداد على ضحايا الانفجار.
ووجهت السفارة الأميركية في بيروت تحذيرا لسكان المدينة بخصوص تقارير عن غازات سامة ناجمة عن الانفجار وحثت الناس على البقاء في المنازل ووضع الكمامات في حالة توفرها.
وأظهرت لقطات مصورة للانفجار تداولها السكان عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمود دخان يتصاعد من منطقة الميناء أعقبه انفجار هائل نجم عنه دخان أبيض وكتلة نار في السماء. ومن شدة الانفجار سقط أرضا من كانوا يصورونه من مبان عالية بمناطق أخرى من المدينة.

ولم يتحدث المسؤولون عن سبب الحريق الذي أدى للانفجار. وقال مصدر أمني ووسائل إعلام محلية إنه شب بسبب أعمال لحام في ثقب بالمستودع.
وذكرت الحكومة أنها لا تزال تسعى جاهدة للإلمام بحجم الكارثة.
ووقع الانفجار قبل ثلاثة أيام من إصدار محكمة مدعومة من الأمم المتحدة قرارها في محاكمة أربعة أشخاص مشتبه فيهم من حزب الله في تفجير وقع عام 2005 وأدى لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و21 شخصا.

واغتيل الحريري في انفجار كبير بسيارة ملغومة على بعد نحو كيلومترين عن ميناء بيروت.وقال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل، التي خاضت أكثر من حرب ضد لبنان، ليس لها علاقة بالانفجار.

 مساعدات
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون يتوجه لبيروت اليوم الخميس وسيجتمع مع شخصيات سياسية هناك بعد الانفجار الضخم الذي هز العاصمة اللبنانية.
وأمر ماكرون، الذي تحدث هاتفيا مع الرئيس اللبناني ميشال عون بعد قليل من وقوع الانفجار، بإرسال مساعدات طارئة إلى لبنان.

وبدأت المساعدات الدولية تتدفق على لبنان للتخفيف من آثار الانفجار الذي وقع الثلاثاء في مرفأ بيروت، وأدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة 4 آلاف آخرين، وتسبب بأضرار مادية جسيمة.
وقالت فرنسا إنها سترسل طائرتين على متنهما العشرات من رجال الطوارئ، ووحدة طبية متنقلة، و15 طنا من المساعدات، للسماح بمعالجة نحو 500 ضحية، وفق ما ذكر مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بتجهيز مستشفى عسكري ميداني لإرساله إلى لبنان، وسيضم جميع الاختصاصات والطواقم الطبية، للمساهمة في تقديم الخدمة الطبية والعلاجية.
وفتحت مصر أيضا مستشفى ميدانيا في العاصمة اللبنانية بيروت لاستقبال الجرحى، في وقت عبرت القاهرة عن “قلقها البالغ” إزاء الدمار الناجم عن الانفجار. كما قال وزير الدولة للتعليم في بريطانيا نيك جيب، إن الحكومة “تعمل على نحو عاجل هذا الصباح على تحديد ما يمكننا فعله لمساعدة الحكومة اللبنانية بالدعم الفني، وبالطبع نعمل مع حلفائنا لتوفير مساعدة مالية».

وأضاف: “ستصدر المزيد من الإعلانات هذا الصباح وفي وقت لاحق من الأربعاء بشأن الدعم الذي سنقدمه إلى لبنان».
وقال وزير الداخلية التشيكي يان هاماسك إن لبنان قبل عرضا بإرسال فريق من 37 رجل إنقاذ وكلاب بوليسية إلى العاصمة بيروت.
وأعلنت الدنمارك أنها مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية للبنان، في حين أكدت اليونان أنها مستعدة لمساعدة السلطات اللبنانية “بكل الوسائل المتاحة لها».

وعرض الرئيس الإيراني حسن روحاني إرسال مساعدات طبية إلى لبنان وعلاج المصابين في انفجار بيروت.
وأكدت قبرص أنها على استعداد لتقديم المساعدة الطبية للبنان، وقال وزير خارجيتها نيكوس كريستودوليدس: “قبرص مستعدة لاستقبال المصابين لتلقي العلاج وإرسال فرق طبية إذا اقتضى الأمر».

وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية عن إرسال 5 طائرات إلى لبنان للمساعدة في إزالة أنقاض الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت.وتعتزم التشيك إرسال فريق إغاثة إلى لبنان، بعد الانفجار المدمر في مرفأ بيروت،وقال وزير الداخلية التشيكي جان هاماسيك على موقع التواصل الاجتماعي تويتر إن وحدة خاصة من قوات الإطفاء ستتوجه إلى لبنان بعد ظهر اليوم، مضيفاً أن الفريق متخصص في انتشال العالقين تحت الأنقاض.

وذكر هاماسيك أن الفريق يضم 5 متخصصين في مرافقة كلاب البحث عن الضحايا، وأكثر من 30 متخصصا في الإنقاذ.وقال متحدث باسم الرئيس التشيكي ميلوس زيمان: “نصلي من أجل المصابين وأسر الضحايا».

عرب بين الضحايا
قتل وجرح عدد من العرب والأجانب من جراء الانفجار الضخم الذي هز بيروت، مساء أمس الأول الثلاثاء، وأدى إلى دمار هائل امتد لمسافة أكثر من 20 كيلومترا، بسبب انفجار مستودع يحتوي على نترات الأمونيوم في مرفأ المدينة.
فقد أعلنت السفارة المصرية في بيروت، في بيان عبر صفحتها في فيسبوك، إن أحد مواطنيها قُتل في انفجار بيروت، في حين أبلغ مواطنون مصريون السفارة باختفاء آخر كان في مكان قريب من الانفجار.

وقالت السفارة اليمنية في لبنان إن يمنيين اثنين أصيبا بجروح طفيفة، من جراء انفجار مرفأ بيروت، الذي راح ضحيته أكثر من 100 قتيل، وأصيب نحو 4 آلاف.
كما أكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن إصابة مواطنين أردنيين اثنين إثر انفجار بيروت، وقالت إنها “تتابع بشكل حثيث” أوضاع الجالية الأردنية في لبنان.

وأفادت السفارة المغربية في بيروت بأن مواطنة مغربية تعمل بمنظمة تابعة للأمم المتحدة أصيبت بكسور في قدمها من جراء الانفجار، مشيرة إلى أنها تتلقى العلاج بإحدى المستشفيات اللبنانية.

كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقي عن إصابة 10 عراقيين خلال الانفجار، وأضافت أنهم في حالة مستقرة ويتلقون العلاج حاليا، وفقا لمراسل “سكاي نيوز عربية».

ومن جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إن مواطنا أستراليا قتل في “الانفجار المروع”، مشيرا إلى تضرر مبنى السفارة في بيروت “بشكل كبير” من جراء الانفجار، موضحا أن “الموظفين فروا من دون إصابات خطيرة».
وأفادت سفارة كازاخستان في بيروت، بإصابة السفير بجروح، لكنهــــــا لـــــم تذكر مـــــدى خطورتها، في حين تضررت أجزاء من مبنى السفارة من جراء الانفجار.

وأعلنت سفارة هولندا في بيروت من خلال بيان، إصابة 5 من موظفيها بسبب الانفجار، كما ذكرت السفارة الروسية في بيروت أن مبنى السفارة تعرض لأضرار فيما أصيبت موظفة بجروح طفيفة بشظايا الزجاج المتطاير.
كما أعلنت الأمم المتحدة عن إصابة 48 شخصا من موظفيها و27 من أفراد أسرهم و3 من زوارهم نتيجة الانفجار، من دون ذكر تفاصيل أخرى بشأن جنسيات الضحايا.

وتعرضت سفارة قبرص ومقر السفير في بيروت لأضرار جراء التفجيرين اللذين هزا العاصمة اللبنانية الثلاثاء، كما أصيبت دبلوماسية بجروح طفيفة، حسب وكالة الأنباء القبرصية.
ونقلت الوكالة عن الضابط المناوب في السفارة أن الانفجارين تسببا في أضرار بمبنى السفارة ومقر السفير، وأن القائمة بالأعمال في السفارة، تعرضت لإصابة غير خطيرة، ونقلت للعلاج في أحد مستشفيات المدينة.

ترامب: “قنبلة ما»
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ الانفجارين القويّين اللذين هزّا العاصمة اللبنانيّة بيروت يبدو كأنّهما “اعتداء رهيب”، مشيراً إلى أنّ خبراء عسكريّين أميركيّين أبلغوه بأنّ الأمر يتعلّق بقنبلة.

وفي بداية مؤتمره الصحافي اليومي حول فيروس كورونا المستجدّ في البيت الأبيض، أكّد ترامب تعاطف الولايات المتحدة مع لبنان، مكرّراً “استعداد” بلاده لمساعدته. وقال للصحافيّين “لدينا علاقة جيّدة جدّاً مع شعب لبنان، وسنكون هناك للمساعدة. يبدو كأنّه اعتداء رهيب».
وأضاف “قابلتُ جنرالاتنا، ويبدو أنّه لم يكن حادثاً صناعيّاً. يبدو، وفقاً لهم، أنّه كان اعتداء. كان قنبلة ما، نعم».

وعرض ترامب تقديم مساعدة للبنان، قائلاً “صلواتنا موجّهة لجميع الضحايا وعائلاتهم. إنّ الولايات المتحدة مستعدّة لمساعدة لبنان».
من جهته، علّق المرشّح الديموقراطي للرئاسة الأميركيّة جو بايدن على انفجار بيروت،  دون أن يصف ما حدث بأنّه اعتداء. وكتب في تغريدة “قلوبنا وصلواتنا مع شعب لبنان وضحايا الانفجار المروّع في بيروت».

وقال “أحضّ كلّاً من إدارة ترامب والمجتمع الدولي على حشد المساعدة فوراً لآلاف الذين أصيبوا في الانفجار».
وفي وقت سابق، عرض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تقديم مساعدة أميركية للبنان،
وكتب بومبيو على تويتر “نحن نراقب الوضع ومستعدّون لتقديم مساعدتنا لشعب لبنان للتعافي من هذه المأساة المروّعة».
وقال إنّ الولايات المتّحدة تنتظر النتائج التي ستتوصّل إليها السلطات اللبنانية حول سبب الانفجارين.
وأضاف بومبيو “أبلغني فريقنا في بيروت بالأضرار الجسيمة التي لحقت بمدينةٍ وشعب أعتزّ بهما، وهو تحدّ إضافي في وقت من الأزمات العميقة بالفعل».