لمواجهة توغلات روسيا في مجاله الجوي.. الناتو يلوح بـ«الخيار الصعب»

لمواجهة توغلات روسيا في مجاله الجوي.. الناتو يلوح بـ«الخيار الصعب»


أيَّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، يوم الخميس، دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدول الأعضاء في الحلف لإسقاط الطائرات الروسية التي تنتهك مجالها الجوي، لكنه شدد على أن هذه الخطوة يجب أن تكون خيارًا أخيرًا بعد استنفاد كل البدائل الأخرى. وفي مقابلة مع برنامج «فوكس آند فريندز» على قناة «فوكس نيوز»، سُئل روته عن موقفه من تصريحات ترامب، فأكد: «إذا لزم الأمر، فأنا أتفق تمامًا مع الرئيس ترامب؛ لكن جيشنا، يا برايان، مدرب ومستعد لهذا الموقف؛ ونحن نعرف كيف نتعامل معه».  وأضاف أن الدول الأعضاء في الحلف تعرف كيفية تقييم التهديدات بدقة، وتحديد الاستجابة المناسبة لحماية شعوبها. وأشار روته إلى أن التوغلات الروسية في المجال الجوي لأعضاء الناتو ليست جديدة، فهي مستمرة منذ أكثر من 40 أو 50 عامًا، منذ الحقبة السوفيتية وحتى اليوم. 
وقال: «الطيارون المقاتلون وجيوشنا يقيّمون التهديدات باستمرار، ويقرّرون ما إذا كان من الضروري مرافقة الطائرات الروسية إلى خارج أراضي الحلفاء على الأقل؛ لكن إذا اقتضت الضرورة، والرئيس محق تمامًا، فإننا سنبذل أقصى الجهود لحماية شعبنا».

توغلات روسية مستمرة تستفز دفاعات الناتو
وجاءت تصريحات روته بعد تسجيل توغلات روسية حديثة في المجال الجوي لدول الحلف؛ حيث دخلت 3 طائرات مقاتلة روسية المجال الجوي الإستوني يوم الجمعة لمدة 12 دقيقة، فيما وصفته رئيسة وزراء إستونيا، كريستين ميشال، بأنه «تدخل غير مسبوق ووقح». 
وطلبت ميشال عقد مشاورات وفق المادة الرابعة من ميثاق الناتو، التي تتيح لأي عضو طرح قضية تهدد سلامة أراضيه أو استقلاله السياسي على باقي الدول الأعضاء. وجاء هذا التوغل بعد انتهاك صارخ للمجال الجوي البولندي في الأسبوع السابق، حيث تدخلت دفاعات الناتو الجوية، وعقدت بولندا اجتماعًا بموجب المادة الرابعة لبحث التهديدات التي تتعرض لها. وفي التاسع من سبتمبر/أيلول، دخلت ما لا يقل عن 19 طائرة روسية بدون طيار المجال الجوي البولندي، في ظل هجوم جوي روسي كبير ضد أوكرانيا.
 موقف ترامب وتحول 
في السياسة تجاه روسيا
وفي السياق ذاته، أكد روته أن تصريحات ترامب الأخيرة تعكس تحولًا استراتيجيًا في موقفه تجاه روسيا وأوكرانيا؛ فقد أشار ترامب، للمرة الأولى، إلى أن أوكرانيا يمكن أن تحقق النصر في الحرب وتستعيد أراضيها، وربما «تذهب إلى أبعد من ذلك». 
ورغم ذلك، رفض روته وصف موقف ترامب بأنه غير متسق، موضحًا: «لست متأكدًا من أن الرئيس غيّر رأيه؛ فمنذ فبراير، كان ثابتًا جدًا على موقفه، عندما بدأ المحادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن من الواضح أن بوتين غير مستعد للتفاهم».  وأضاف أن التعليقات الأخيرة تمثل ضغطًا واضحًا على الكرملين لإجباره على العودة إلى طاولة المفاوضات. وأشار روته إلى الطبيعة الدفاعية لرد الكرملين على تصريحات ترامب، موضحًا أن الروس ليسوا بكفاءة عالية كما يظن البعض، وفي الوقت نفسه مستعدون للتضحية بمئات الآلاف من القتلى والجرحى فقط من أجل بضعة كيلومترات مربعة في أوكرانيا.  وقال: «ما يفعله الرئيس هنا هو ممارسة ضغط كبير على الروس ليكونوا جادين في المفاوضات، وهو مستعد لمواصلة تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية التي يدفع ثمنها حلفاؤهم؛ وهذه أخبار رائعة».
 تحذير من مواجهة محتملة
ويأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات على حدود الدول الأعضاء، مع استمرار روسيا في اختراق المجال الجوي لأعضاء الناتو بشكل متكرر. 
ويبدو أن الحلف يسعى إلى الموازنة بين رد حازم على هذه التوغلات وبين تجنب التصعيد المباشر الذي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية أوسع.
وأكد روته أن التدريب العسكري والجاهزية للدفاع الجوي مستمران على أعلى مستوى، وأن الحلفاء قادرون على التعامل مع أي طارئ؛ وقال: «هذه ليست تهديدات جديدة، لكن الطريقة التي نتعامل بها معها، اليوم، أكثر فاعلية، ونحن مستعدون لجميع الاحتمالات».
وتُظهر هذه الأحداث أن حلف الناتو، بقيادة روته، أمام اختبار حقيقي لقدرة أعضائه على الدفاع عن سيادتهم وحماية حدودهم في مواجهة عدوان روسي مستمر. 
ومع استمرار الطائرات الروسية في انتهاك المجال الجوي لأعضاء الحلف، يبدو أن التصعيد المحتمل سيبقى على رأس جدول الأعمال في الأشهر المقبلة، بينما يظل ترامب كحليف استراتيجي داعم لإظهار القوة والردع على موسكو.