سهيل المزروعي: الإمارات من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة الأمريكي
دول قليلة حازت مثل هذا الامتياز
ما الذي ينقص الصين لتصبح القوة المهيمنة...؟
-- لقد قطعت الصين ثلاثة أرباع الطريق التي يمكن أن تقودها إلى قمة العالم
-- شرعت الصين في محاولة لإعادة تنظيم شبكات التجارة العالمية
-- التحدي الحقيقي للولايات المتحدة هو أنه، لأول مرة، سيحل نظام غير غربي على رأس العالم
-- في مجال المعلومات والذكاء الاصطناعي والفضاء، الولايات المتحدة في موقف دفاعي ضد الصين
-- قامت الصين، التي تمتلك الآن ثاني أكبر ميزانية في العالم، ببناء جيش حديث لا علاقة له بجنود ماو الفلاحين
الصين هي القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة. لقد صعدت إلى هذه المرتبة فيما يزيد قليلاً عن 30 عامًا. فهل ستستطيع الآن قطع الخطوة الأخيرة وتعوّض الولايات المتحدة كقائدة للاقتصاد العالمي؟ كان جون ماينارد كينز يحب أن يقول إننا لا نتوقع جيدا إلا الماضي. وهكذا، في أواخر الثمانينات، خاطر الأستاذ الشهير في جامعة هارفارد، عزرا فوغل، بالتنبؤ بأن اليابان ستصبح رقم 1 عالميًا وتحل محل الولايات المتحدة. وكتب أحد أفضل الكتب مبيعًا بعنوان اليابان في المرتبة الأولى، لكن اليابان لم تتقدم أبدًا على الولايات المتحدة. لذلك يلزم توخي الحذر الشديد عند إجراء مثل هذه التنبؤات.
في البدء، تجدر الإشارة إلى أن عددا صغيرا جدا من الدول حازت مثل هذا الامتياز في التاريخ. في العصور القديمة كانت روما بالطبع. وفي العصر الحديث، سنذكر إسبانيا شارل الخامس وفيليب الثاني. وأظهرت الإمبراطورية البيزنطية عمراً استثنائياً “ألف سنة” لكنها لم تكن قط قلب العالم. واقتربت فرنسا مرتين من تحقيق ذلك، لكنها فشلت. كانت المرة الأولى في عهد لويس الرابع عشر والثانية في عهد الإمبراطور نابليون الأول. وحاولت ألمانيا هذا مرتين عام 1914 ومرة أخرى عام 1939، لكنها لم تنجح أبدًا.
وسيحاول الاتحاد السوفياتي، بعد عام 1945، حظه حتى انهياره عام 1990.
الدولتان الوحيدتان اللتان نجحتا في افتكاك صولجان العالم هما بريطانيا العظمى والولايات المتحدة على التوالي. ما الذي جعل هذين البلدين قويين؟ وما الذي ساعد في منحهما هذا الامتياز الهائل؟
استندت هيمنتهما على العالم إلى ثلاث ركائز. الأولى كانت بلا شك التفوق البحري خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين من قبل البحرية الملكية لبريطانيا العظمى، ثم البحرية الأمريكية للولايات المتحدة بعد عام 1945. وبفضل سيطرتها على البحار، انتصرت القوى الأنجلو ساكسونية في الحربين العالميتين ضد ألمانيا واليابان، ثم الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي.
الركيزة الثانية كانت سيطرتهما على التجارة والمالية على المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن قوتهما لم تعتمد فقط على السيطرة التي يمارسانها على تدفق السلع ورأس المال، ولكن أيضًا القدرة على إملاء معاييرهما على بقية العالم. وسمحت لهما هذه السلطة المعيارية برسم معالم النظام النقدي الدولي وقواعد التشغيل للتجارة الحرة والتمويل.
الركن الثالث هو المرتبط باللغة والثقافة. بعد عام 1945، أصبحت اللغة الإنجليزية هي لغة العالم، وتغلغلت الثقافة الأنجلو سكسونية في أذهان الناس حتى يومنا هذا.
فهل تستطيع الصين غدا، بحلول عام 2030، أو بعد ذلك، أن تفتك المركز الأول في العالم من الولايات المتحدة؟ ربما، إذا نجحت الصين في إتقان العناصر الرئيسية الثلاثة للهيمنة العالمية، وهي: إعادة تشكيل شبكات التجارة العالمية التي هيمنت عليها القوى الأنجلو ساكسونية منذ بداية القرن العشرين، وسن المعايير الاقتصادية والتكنولوجية لـ “عالم ما بعد الغرب’‘، وامتلاك “القوة الناعمة” التي لا تزال حتى الآن من اختصاص الدول الأنجلوسكسونية.
الطريق الذي قطعته الصين لاختطاف صولجان العالم
قطعت الصين ثلاثة أرباع الطريق التي يمكن أن تقودها إلى قمة العالم. فقد أصبحت القوة التجارية الأولى في العالم قبل الولايات المتحدة وألمانيا. اقتصادها هو الثاني في العالم بعد اقتصاد الولايات المتحدة عندما نأخذ كمعيار إجمالي الناتج المحلي محسوبًا بالدولار. وإنها الأولى بالفعل إذا فضلنا، على العكس من ذلك، الناتج المحلي الإجمالي المحسوب على أساس تناصف القوة الشرائية، والذي يميل إلى تحييد الآثار النقدية ويفضل إمكانات الإنتاج للبلدان قيد النظر.
من الناحية التكنولوجية، حققت الصين تقدمًا كبيرًا في المعلومات والذكاء الاصطناعي والروبوتات والفضاء. وفي كل هذه المجالات، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف دفاعي ضد الصين. وعسكريا، قامت الصين، التي تمتلك الآن ثاني أكبر ميزانية في العالم، ببناء جيش حديث لا علاقة له بجنود ماو الفلاحين.
أخيرًا، في السباق على النفوذ العالمي، يظهر وجود الصين في جميع القارات وكذلك في المنظمات الدولية. إنها ما انفكت تزحف بصبر وعناد. وقد حدد زعيمها، شي جين بينغ، المسار عند انعقاد المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني: لتصبح القوة الاولى في العالم قبل عام 2049، وهو التاريخ الذي يوافق الذكرى المئوية لتولي الشيوعيين الصينيين السلطة.
طريق طويل وشاق
لكن دعونا لا ندفن الولايات المتحدة بسرعة كبيرة. لم تعد نهاية الطريق أمام الصين طويلة للغاية، لكنها ستكون صعبة للغاية. ولوصفها، سنتناول العناصر الرئيسية الثلاثة المذكورة أعلاه والتي يجب أن تتقنها تمامًا لكي تصبح في الصدارة عالميًا.
قوة ارضية وليست بحرية، شرعت الصين في مشروع “طرق الحرير” في محاولة لإعادة تنظيم شبكات التجارة العالمية. أول طريق بري يمتد من المدن الصينية الكبرى عبر آسيا الوسطى، والسهل الروسي، إلى أوروبا الغربية.
طريق بحري ثان ينطلق من الموانئ الصينية في شنغهاي وكانتون، وينعرج على طول سواحل الهند الصينية وماليزيا وبورما وسريلانكا وباكستان وإيران حتى قناة السويس. ثم ينتهي به المطاف في البحر الأبيض المتوسط حيث أنشأت الصين العديد من الموانئ المحلية مثل بيرايوس وجنوة وتريست وفالنسيا وبلباو. الطريق الثالث، البحري أيضًا، هو المحيط المتجمد الشمالي. يتبع سواحل سيبيريا ويصل إلى شمال الدول الاسكندنافية وأيسلندا وغرينلاند حتى إلى خليج هدسون في شمال كندا.
ويميل هذا المسار الثالث إلى إظهار أن الاحتباس الحراري لا يصنع خاسرين فقط، وأن بعض البلدان تفرك أيديها من الان أمام آفاق التنمية التي يفتحها هذا الطريق الجديد. هذا هو الحال خاصة بالنسبة لبلدان مختلفة مثل روسيا والسويد والنرويج والدنمارك وأيسلندا وكندا. على الجبهة العسكرية، ستركز الصين على حماية طرقها التجارية الجديدة من خلال إقامة قواعد بحرية على طول هذه الطريق.
إن هذه المهمة معقدة للغاية وطويلة الإعداد، وهي ليست أقل من إعادة بناء نظام عالمي قائم على معايير جديدة وضعتها الصين. سيمر هذا التحول من خلال قنوات متعددة مثل، على سبيل المثال، توقيع المعاهدات التجارية، والتدويل التدريجي للعملة الصينية، وتحديد المعايير التكنولوجية التي ستوجه انتقال الطاقة في عالم ما بعد الكربون، وزيادة قوة المراكز المالية في هونغ كونغ وشنغهاي مقابل تلك الموجودة في لندن ونيويورك.
والمعركة التكنولوجية حول الجيل الخامس ليست سوى واحدة من الخطوات الأولى في هذا الاتجاه. وستتوقف نتيجة هذه المعارك على معرفة ما إذا كانت الصين ستصبح القوة العالمية أم لا. هذه المعارك في مجال التكنولوجيا للاستخدام المدني سيكون لها أيضًا نظيرتها في المجال العسكري.
حتى الآن، هذا هو الميدان الذي تظل فيه الأسبقية للولايات المتحدة هي الأكبر. كما تبدو اللغة الإنجليزية لا تقبل المنافسة، والأبطال الخارقين الذين يثيرون إعجاب الشباب حول العالم هم أمريكيون وليسوا صينيين. ويبدو من غير المحتمل أن تنجح الصين بحلول عام 2049 في اللحاق بالولايات المتحدة. لكن هنا مرة أخرى، يجب أن نظل يقظين... سيراهن الصينيون على جامعاتهم أولاً قبل طرح أبطالهم الخارقين لتحدي هوليوود.
يمكن أن تواجه الولايات المتحدة انتكاسات على مدى العقد المقبل وتشهد تراجع تفوقها الجامعي. ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي للولايات المتحدة هو أنه للمرة الأولى سيحل نظام سلطوي غير غربي محل ديمقراطية غربية على رأس العالم. وهذا التطور، إذا تحقق، ستكون له عواقب اقتصادية ثقيلة، ولكن أيضًا سياسية واستراتيجية.
أستاذ مميّز وعميد سابق لكلية الحقوق في الجامعة الكاثوليكية الغربية في أنجيه، ومؤلف كتاب “فضائل الحمائية” “ يناير 2020».
-- شرعت الصين في محاولة لإعادة تنظيم شبكات التجارة العالمية
-- التحدي الحقيقي للولايات المتحدة هو أنه، لأول مرة، سيحل نظام غير غربي على رأس العالم
-- في مجال المعلومات والذكاء الاصطناعي والفضاء، الولايات المتحدة في موقف دفاعي ضد الصين
-- قامت الصين، التي تمتلك الآن ثاني أكبر ميزانية في العالم، ببناء جيش حديث لا علاقة له بجنود ماو الفلاحين
الصين هي القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة. لقد صعدت إلى هذه المرتبة فيما يزيد قليلاً عن 30 عامًا. فهل ستستطيع الآن قطع الخطوة الأخيرة وتعوّض الولايات المتحدة كقائدة للاقتصاد العالمي؟ كان جون ماينارد كينز يحب أن يقول إننا لا نتوقع جيدا إلا الماضي. وهكذا، في أواخر الثمانينات، خاطر الأستاذ الشهير في جامعة هارفارد، عزرا فوغل، بالتنبؤ بأن اليابان ستصبح رقم 1 عالميًا وتحل محل الولايات المتحدة. وكتب أحد أفضل الكتب مبيعًا بعنوان اليابان في المرتبة الأولى، لكن اليابان لم تتقدم أبدًا على الولايات المتحدة. لذلك يلزم توخي الحذر الشديد عند إجراء مثل هذه التنبؤات.
في البدء، تجدر الإشارة إلى أن عددا صغيرا جدا من الدول حازت مثل هذا الامتياز في التاريخ. في العصور القديمة كانت روما بالطبع. وفي العصر الحديث، سنذكر إسبانيا شارل الخامس وفيليب الثاني. وأظهرت الإمبراطورية البيزنطية عمراً استثنائياً “ألف سنة” لكنها لم تكن قط قلب العالم. واقتربت فرنسا مرتين من تحقيق ذلك، لكنها فشلت. كانت المرة الأولى في عهد لويس الرابع عشر والثانية في عهد الإمبراطور نابليون الأول. وحاولت ألمانيا هذا مرتين عام 1914 ومرة أخرى عام 1939، لكنها لم تنجح أبدًا.
وسيحاول الاتحاد السوفياتي، بعد عام 1945، حظه حتى انهياره عام 1990.
الدولتان الوحيدتان اللتان نجحتا في افتكاك صولجان العالم هما بريطانيا العظمى والولايات المتحدة على التوالي. ما الذي جعل هذين البلدين قويين؟ وما الذي ساعد في منحهما هذا الامتياز الهائل؟
استندت هيمنتهما على العالم إلى ثلاث ركائز. الأولى كانت بلا شك التفوق البحري خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين من قبل البحرية الملكية لبريطانيا العظمى، ثم البحرية الأمريكية للولايات المتحدة بعد عام 1945. وبفضل سيطرتها على البحار، انتصرت القوى الأنجلو ساكسونية في الحربين العالميتين ضد ألمانيا واليابان، ثم الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي.
الركيزة الثانية كانت سيطرتهما على التجارة والمالية على المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن قوتهما لم تعتمد فقط على السيطرة التي يمارسانها على تدفق السلع ورأس المال، ولكن أيضًا القدرة على إملاء معاييرهما على بقية العالم. وسمحت لهما هذه السلطة المعيارية برسم معالم النظام النقدي الدولي وقواعد التشغيل للتجارة الحرة والتمويل.
الركن الثالث هو المرتبط باللغة والثقافة. بعد عام 1945، أصبحت اللغة الإنجليزية هي لغة العالم، وتغلغلت الثقافة الأنجلو سكسونية في أذهان الناس حتى يومنا هذا.
فهل تستطيع الصين غدا، بحلول عام 2030، أو بعد ذلك، أن تفتك المركز الأول في العالم من الولايات المتحدة؟ ربما، إذا نجحت الصين في إتقان العناصر الرئيسية الثلاثة للهيمنة العالمية، وهي: إعادة تشكيل شبكات التجارة العالمية التي هيمنت عليها القوى الأنجلو ساكسونية منذ بداية القرن العشرين، وسن المعايير الاقتصادية والتكنولوجية لـ “عالم ما بعد الغرب’‘، وامتلاك “القوة الناعمة” التي لا تزال حتى الآن من اختصاص الدول الأنجلوسكسونية.
الطريق الذي قطعته الصين لاختطاف صولجان العالم
قطعت الصين ثلاثة أرباع الطريق التي يمكن أن تقودها إلى قمة العالم. فقد أصبحت القوة التجارية الأولى في العالم قبل الولايات المتحدة وألمانيا. اقتصادها هو الثاني في العالم بعد اقتصاد الولايات المتحدة عندما نأخذ كمعيار إجمالي الناتج المحلي محسوبًا بالدولار. وإنها الأولى بالفعل إذا فضلنا، على العكس من ذلك، الناتج المحلي الإجمالي المحسوب على أساس تناصف القوة الشرائية، والذي يميل إلى تحييد الآثار النقدية ويفضل إمكانات الإنتاج للبلدان قيد النظر.
من الناحية التكنولوجية، حققت الصين تقدمًا كبيرًا في المعلومات والذكاء الاصطناعي والروبوتات والفضاء. وفي كل هذه المجالات، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف دفاعي ضد الصين. وعسكريا، قامت الصين، التي تمتلك الآن ثاني أكبر ميزانية في العالم، ببناء جيش حديث لا علاقة له بجنود ماو الفلاحين.
أخيرًا، في السباق على النفوذ العالمي، يظهر وجود الصين في جميع القارات وكذلك في المنظمات الدولية. إنها ما انفكت تزحف بصبر وعناد. وقد حدد زعيمها، شي جين بينغ، المسار عند انعقاد المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني: لتصبح القوة الاولى في العالم قبل عام 2049، وهو التاريخ الذي يوافق الذكرى المئوية لتولي الشيوعيين الصينيين السلطة.
طريق طويل وشاق
لكن دعونا لا ندفن الولايات المتحدة بسرعة كبيرة. لم تعد نهاية الطريق أمام الصين طويلة للغاية، لكنها ستكون صعبة للغاية. ولوصفها، سنتناول العناصر الرئيسية الثلاثة المذكورة أعلاه والتي يجب أن تتقنها تمامًا لكي تصبح في الصدارة عالميًا.
قوة ارضية وليست بحرية، شرعت الصين في مشروع “طرق الحرير” في محاولة لإعادة تنظيم شبكات التجارة العالمية. أول طريق بري يمتد من المدن الصينية الكبرى عبر آسيا الوسطى، والسهل الروسي، إلى أوروبا الغربية.
طريق بحري ثان ينطلق من الموانئ الصينية في شنغهاي وكانتون، وينعرج على طول سواحل الهند الصينية وماليزيا وبورما وسريلانكا وباكستان وإيران حتى قناة السويس. ثم ينتهي به المطاف في البحر الأبيض المتوسط حيث أنشأت الصين العديد من الموانئ المحلية مثل بيرايوس وجنوة وتريست وفالنسيا وبلباو. الطريق الثالث، البحري أيضًا، هو المحيط المتجمد الشمالي. يتبع سواحل سيبيريا ويصل إلى شمال الدول الاسكندنافية وأيسلندا وغرينلاند حتى إلى خليج هدسون في شمال كندا.
ويميل هذا المسار الثالث إلى إظهار أن الاحتباس الحراري لا يصنع خاسرين فقط، وأن بعض البلدان تفرك أيديها من الان أمام آفاق التنمية التي يفتحها هذا الطريق الجديد. هذا هو الحال خاصة بالنسبة لبلدان مختلفة مثل روسيا والسويد والنرويج والدنمارك وأيسلندا وكندا. على الجبهة العسكرية، ستركز الصين على حماية طرقها التجارية الجديدة من خلال إقامة قواعد بحرية على طول هذه الطريق.
إن هذه المهمة معقدة للغاية وطويلة الإعداد، وهي ليست أقل من إعادة بناء نظام عالمي قائم على معايير جديدة وضعتها الصين. سيمر هذا التحول من خلال قنوات متعددة مثل، على سبيل المثال، توقيع المعاهدات التجارية، والتدويل التدريجي للعملة الصينية، وتحديد المعايير التكنولوجية التي ستوجه انتقال الطاقة في عالم ما بعد الكربون، وزيادة قوة المراكز المالية في هونغ كونغ وشنغهاي مقابل تلك الموجودة في لندن ونيويورك.
والمعركة التكنولوجية حول الجيل الخامس ليست سوى واحدة من الخطوات الأولى في هذا الاتجاه. وستتوقف نتيجة هذه المعارك على معرفة ما إذا كانت الصين ستصبح القوة العالمية أم لا. هذه المعارك في مجال التكنولوجيا للاستخدام المدني سيكون لها أيضًا نظيرتها في المجال العسكري.
حتى الآن، هذا هو الميدان الذي تظل فيه الأسبقية للولايات المتحدة هي الأكبر. كما تبدو اللغة الإنجليزية لا تقبل المنافسة، والأبطال الخارقين الذين يثيرون إعجاب الشباب حول العالم هم أمريكيون وليسوا صينيين. ويبدو من غير المحتمل أن تنجح الصين بحلول عام 2049 في اللحاق بالولايات المتحدة. لكن هنا مرة أخرى، يجب أن نظل يقظين... سيراهن الصينيون على جامعاتهم أولاً قبل طرح أبطالهم الخارقين لتحدي هوليوود.
يمكن أن تواجه الولايات المتحدة انتكاسات على مدى العقد المقبل وتشهد تراجع تفوقها الجامعي. ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي للولايات المتحدة هو أنه للمرة الأولى سيحل نظام سلطوي غير غربي محل ديمقراطية غربية على رأس العالم. وهذا التطور، إذا تحقق، ستكون له عواقب اقتصادية ثقيلة، ولكن أيضًا سياسية واستراتيجية.
أستاذ مميّز وعميد سابق لكلية الحقوق في الجامعة الكاثوليكية الغربية في أنجيه، ومؤلف كتاب “فضائل الحمائية” “ يناير 2020».