جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
ما هي مصلحة أمريكا في إقامة علاقات مع طالبان؟
أكد باحث زائر في معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لجامعة يونغنام الكورية الجنوبية أن إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع طالبان من شأنه أن يعزز المصالح الأمريكية، مشيراً إلى أهمية تبادل السفارات ودوره في تعزيز التجارة والاستثمار في أفغانستان.
بسطت طالبان نفوذها على أفغانستان منذ عامين، وتحديداً في أغسطس (آب) 2021. وعلى النقيض من الآمال التي ربما راودت بعض الناس، ما زالت المقاومة التي يلمسها نظام طالبان متفرقة في أحسن الأحوال، وأقوى جماعة معارضة لها على الأرجح هي تنظيم داعش الإرهابي.
وقال الباحث ديلان موتين في مقال بموقع مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية: “أثبتت طالبان قدرتها على الحفاظ على استقرار الحُكم وبسط سيطرتها على أفغانستان. وبما أنه لا بديل لحكم طالبان، وما من رغبة لدى الولايات المتحدة في تدخل عسكري جديد، يبدو أن التعامل مع النظام الجديد لتعزيز المصالح الأمريكية هو الخيار الأقل ضرراً».
أفغانستان والصين
وأضاف موتين أن أفغانستان متعاطفة مع أمريكا ستشجع الصين على تعزيز دفاعاتها في مناطقها الحدودية مع أفغانستان. وعلى النقيض من ذلك، إذا سمحت واشنطن لنفوذ بكين بالامتداد إلى أفغانستان، فستساعد الصين على تأمين حدودها الغربية. وأفغانستان موالية للصين ستسمح لمسؤولي التخطيط الصينيين بالتركيز على استعراض القوة في الخارج، بدلاً من التركيز على تأمين الحدود الصينية.
وعلى الرغم من أن باكستان سلّحت وموّلت حركة طالبان الأفغانية منذ إنشائها عام 1994، فقد وقَعَت خلافات بين البلدين منذ الاستيلاء على كابول. وسمّمت النزاعات الحدودية على طول خط دوراند العلاقات الثنائية، مما أدى إلى مناوشات مميتة. علاوة على ذلك، تشعر إسلام أباد بالاستياء من قصور مساعدة النظام الجديد لها في محاربة حركة طالبان الباكستانية.
وإذا تمكنت واشنطن من المساعدة على بناء أفغانستان قوية ومستقرة، فسيتعين على باكستان الاحتفاظ بقوات كبيرة للدفاع عن حدودها الغربية.
العلاقات الأفغانية-الإيرانية
ويرى الباحث أن الانخراط مع أفغانستان يمكن أن يساعد واشنطن على تعزيز أهدافها فيما يتعلق بإيران، سواء لأغراض التفاوض أو الاحتواء. وإذا أرادت الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق مع إيران لتجميد برامجها النووية والصاروخية وتقويض طموحاتها الإقليمية، فإن أفغانستان الصديقة ستصبح ورقة مساومة إضافية للضغط على طهران.
تحتل تركيا الآن أجزاء من شمال العراق وسوريا، والإيرانيون يناصبون أذربيجان عداء متزايداً. فهم لا يريدون أفغانستان قوية ومعادية تنهض على حدودهم الشرقية.
وتعلم طالبان أن واضعي الخطط الأمريكيين يركزون تركيزاً كبيراً على منافسيها من القوى العظمى كالصين وروسيا، وليس لديها مجال للهجوم على نظامهم. وبالتالي فإن أمريكا النائية هي الشريك المفضل لهذه الدولة الضعيفة المحاطة بتهديدات فعلية أو محتملة.
محاربة الإرهاب في أفغانستان
ورأى الكاتب أنه من بين المنافع الأخرى للتعاون مع طالبان أن هذه هي الطريقة الأكثر مباشرة وفعالية لمحاربة الإرهاب في أفغانستان. وهي الآن القوة الكبيرة الوحيدة الموجودة على الأرض والتي أثبتت قدرتها على احتواء الإرهاب.
وأشار الباحث إلى أنه منذ استيلاء طالبان على السلطة، لم يتمكن تنظيم القاعدة وتنظيم داعش وشركاؤهما من إعادة تأسيس ملاذات لهم. وفي يونيو (حزيران) 2023 ، قدرت الأمم المتحدة أن “القاعدة” لديها أقل من 400 مقاتل و60 من كبار المسؤولين في أفغانستان، ويعتقد مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن هذا الرقم مبالغ فيه.
وذكر صحافي لمجلة “فورين بوليسي” أن “مصادر أمنية ودبلوماسية أمريكية وأفغانية تقول إن الولايات المتحدة تعتمد على المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها طالبان».
وفي حين أن طالبان قادرة على الصمود ضد الجماعات الإرهابية، توجد مكامن أخرى أكثر إثارة للقلق من الإرهاب في الدول الفاشلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.
وفيما يتعلق بتجارة المخدرات، يشعر الغرب بالقلق منذ فترة طويلة بشأن دور أفغانستان بوصفها منتجاً رئيساً للمواد الأفيونية التي تصبُّ في استخدام المخدرات غير المشروعة.
وأصدرت طالبان أمراً بحظر زراعة النباتات المخدرة. وبما أن الحظر من المرجح أن يزعزع استقرار الاقتصاد الأفغاني المضطرب بالفعل، فإن إقامة علاقات اقتصادية طبيعية مع كابول سيشجع طالبان على البقاء على المسار الصحيح.
ومن خلال التعامل مع حكومة طالبان، يمكن للولايات المتحدة أن تكتسب نفوذاً اقتصاديّاً ودبلوماسيّاً لمحاسبتها في حالة وقوع أي أضرار، وممارسة ضغوط من أجل تنفيذ إصلاحات ذات مغزى، حسب الكاتب.
إعادة مليارات الدولارات لأفغانستان
وذكر موتين أنه من السياسات التي لا تكلف أمريكا شيئاً أن تعيد إلى أفغانستان مليارات الدولارات من الأصول المالية التي تحتفظ بها كابول في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. فضلاً عن ذلك، فإنهاء العقوبات أمر بالغ الأهمية، إذ إنها لم تفعل شيئاً يُذكر لزعزعة حُكم طالبان ولم تُلحق ضرراً سوى بالشعب الأفغاني.
وحتى المساعدات العسكرية المحدودة من شأنها أن تعزز أفغانستان بشكل كبير. ويحتفظ جيش طالبان بكميات كبيرة من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة، وأحياناً يستخدمها في مناوشات ضد إيران. إن تشجيع الأفغان على استخدام المعدات العسكرية الأمريكية سيجبر طالبان على أن تصبح تابعة لواشنطن، ويضمن للأخيرة نفوذاً إضافياً، ويُبقي طالبان بعيداً عن الصناعات الدفاعية الصينية والروسية.
وأكد الباحث في ختام مقاله أن “إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع نظام طالبان من شأنه أن يعزز المصالح الأمريكية. ومن شأن تبادل السفارات أن يعزز التجارة والاستثمار في أفغانستان ويقنع الشركاء الدوليين بتعزيز التجارة والاستثمارات أيضاً».
ومن خلال المشاركة الفعّالة فقط تستطيع الولايات المتحدة أن تساهم في إقامة أفغانستان أكثر ازدهاراً وأماناً وتحمي في الوقت عينه مصالحها، بحسب الكاتب.