جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
مخاطر الإصرار الاستراتيجي لماكرون مع الصين
يرى الكاتب والمحلل آلان بيتي أن محاولات فرنسا للمضي قدماً في صفقة استثمار صينية مثيرة للجدل، جعلت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى حذرة بشكل كبير من مبدأ “الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي عن الولايات المتحدة».
يشير بيتي في مقال بصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إلى أن تركيز ماكرون على الابتعاد عن كل من واشنطن وبكين في السعي لتحقيق “الحكم الذاتي الاستراتيجي” المراوغ للاتحاد الأوروبي لا يكاد يكون “فكرة” بين صانعي السياسة الأوروبيين.
وإلى جانب ماكرون، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي رافقته في رحلته الأخيرة إلى بكين، قالت أفكار مماثلة أيضاً، على الرغم من أنها كانت مغطاة بنبرة أكثر تشككاً في الصين.
ويرى بيتي أن القادة المتحمسين لأوروبا الجيوسياسية بحاجة إلى الاعتراف بأن النقص في الوحدة والثقة داخل الاتحاد الأوروبي في وجه التلاعب الأمريكي الصيني، هو العقبة الرئيسية أمامهم.
ويضيف: “رأينا بالفعل هذا الأمر في السياسة التجارية، وهو أحد المجالات التي يتمتع فيها الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة بسلطة التصرف بشكل جماعي. وبنفس الطريقة التي لا يوجد بها ما يمنع الحكومات الأوروبية من زيادة الإنفاق العسكري ولعب دور جيوسياسي أكبر، يمكن للاتحاد الأوروبي بالتأكيد زيادة قدرته على استخدام التجارة لإظهار النفوذ الاستراتيجي».
لكن بيتي يوضح أنه “في حين حرصت فرنسا على إيجاد أدوات جديدة للتدخل في التجارة والاستثمار، تدرك الدول الأعضاء الأخرى أن وجهات نظر باريس ومصالحها ليست بالضرورة آراء ومصالح الكتلة ككل».
في السنوات الأخيرة، يقول الكاتب: “صممت المفوضية الأوروبية بشق الأنفس مجموعة من الأدوات التجارية لتأكيد الثقل الجغرافي الاقتصادي للكتلة، وأبرزها سياسياً هو أداة مكافحة الإكراه، التي ستسمح للاتحاد الأوروبي باستخدام مجموعة واسعة من التدابير التجارية والاستثمارية للانتقام من بلطجة الشركاء التجاريين، وهو ما دعمته فرنسا بقوة، ودعت أيضاً إلى أموال مركزية جديدة للاتحاد الأوروبي لمتابعة السياسة الصناعية».
لكن اللجنة ستكافح من أجل استخدام هذه المجموعة من الأدوات إذا كانت هناك معارضة من الدول الأعضاء الأخرى التي تدرك مصالحها التصديرية أو عدم الثقة في استخدام الأدوات التجارية لإدارة سياسة استراتيجية مركزية، حسب الكاتب.
وقبل أيام فقط من زيارة ماكرون وأورسولا لبكين، استسلمت المفوضية لضغوط من بعض حكومات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، وحتى مع وجود الخضر المشككين في الصين في الائتلاف الحاكم الحالي لألمانيا، فإن برلين تبتعد غريزياً عن المواجهة التي قد تلحق الضرر بالصادرات والاستثمارات الألمانية في الخارج.
كما كان هناك أيضاً المزيد من الاعتراضات المبدئية من الدول الأعضاء الليبرالية بما في ذلك السويد والتشيك، بسبب مخاوف من محاولات تسييس السياسة التجارية واحتمال أن تتأثر بشكل مفرط بحكومات معينة.
ويشير الكاتب إلى أن ماكرون “ساعد عن غير قصد في تأجيج هذه المخاوف، حيث أثار قلق بعض حكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى قبل عامين من خلال مواجهة واضحة بشأن صفقة استثمار رئيسية مع الصين، تتمثل بتوقيع الاتفاق الشامل بشأن الاستثمار، الذي بدأت المفاوضات بشأنه في عام 2014، وكان مدفوعاً من قبل إدارة المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل في الساعات الأخيرة من عام 2020 مع انتهاء رئاسة ألمانيا للمجلس الأوروبي للدول الأعضاء لمدة 6 أشهر».
لكن حكومات أخرى عدة في الاتحاد الأوروبي أشارت إلى أنها لا تشارك فرنسا الثقة المفاجئة بشأن حقوق الإنسان في الصفقة، وشعرت بالقلق من التهديد الذي تشكله على العلاقات الدبلوماسية مع إدارة واشنطن القادمة، حيث انتقدت إيطاليا صراحة الترويج الذاتي لماكرون خلال زيارته لبكين. ويرى الكاتب أن هذه الحادثة “تركت السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي تجاه الصين تنجرف وتسرب المصداقية والشك الدائم بين الدول الأعضاء الأخرى حول المحاولة الفرنسية الألمانية للقيادة والدوافع التجارية المحتملة المعنية، حيث اعترفت فون دير لاين بنفسها مؤخراً بأن الصفقة لا يمكن تمريرها في الوقت الحالي بشكلها الحالي».
واختتم بيتي مقاله بالقول إنه “إذا لم تكن المبادرات الاستراتيجية أو الجيوسياسية الأخرى للاتحاد الأوروبي تعاني من نفس مصير صفقة ماكرون، فإن الذين يقودونها بحاجة إلى بذل المزيد من العمل الأساسي لبناء الوحدة الأوروبية”، لافتاً إلى أن “تدخل ماكرون الأسبوع الماضي كان له تأثير معاكس».