رئيس الدولة ونائباه يهنئون ملك مملكة كمبوديا بذكرى يوم الاستقلال
معركة جديدة بين أربيل وبغداد حول قانون انتخابات «الدائرة الواحدة»
يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة، مسعود بارزاني، إلى تعديل قانون الانتخابات العراقي المعمول به حالياً، والعودة إلى نظام الدائرة الواحدة الذي اعتُمد في أول انتخابات بعد عام 2003، في خطوة يراها مراقبون محاولة لإعادة التوازن في التمثيل النيابي بين المحافظات.
وقال بارزاني خلال كلمة في تجمع انتخابي: “يجب تغيير قانون الانتخابات والعودة إلى نظام الدائرة الواحدة على أساس القائمة الحزبية أو القائمة شبه المفتوحة، لأن القانون الحالي غير عادل ويضيع حقوق الجميع عدا بعض الجهات التي صاغته على هواها».
قانون غير مستقر
وأضاف أنه “ليس من المعقول أن يتطلب الحصول على مقعد في أربيل 40 ألف صوت بنسبة مشاركة تتراوح بين 70 إلى 80%، بينما في محافظة أخرى جنوب العراق يتطلب المقعد نفسه ألفي صوت فقط بنسبة مشاركة تبلغ 20% أو أقل».وشهد العراق منذ عام 2003 خمسة انتخابات تشريعية، لتكون انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2025 المقبلة، هي السادسة بعد التغيير السياسي الكبير، إذ رافقت جميعها ظروف سياسية وأمنية معقدة واعتراضات متكررة على النتائج والقوانين المنظمة لها.ومنذ صدور قانون الانتخابات الأول عام 2014، جرى تعديله 4 مرات، ما جعل النظام الانتخابي العراقي في حالة عدم استقرار دائم، وفق مراقبين يرون أن كثرة التعديلات تتنافى مع مبدأ ثبات القوانين في الأنظمة الديمقراطية.وأجريت أول انتخابات في العراق يوم 31 كانون الثاني-يناير 2005، حيث تم اعتماد نظام الدائرة الواحدة نظراً لغياب التعداد السكاني وعدم وجود توافق سياسي على حدود الدوائر الانتخابية.
وآنذاك كان العراق بأكمله دائرة انتخابية واحدة، واعتمد نظام القوائم المغلقة والتمثيل النسبي، كما خُصصت للنساء نسبة 25% من المقاعد.
غير أن هذا النظام لم يحقق تمثيلاً عادلاً لكل المحافظات، إذ أظهرت النتائج زيادة في عدد ممثلي بعض المحافظات على حساب أخرى، كما حُرم الناخب من اختيار المرشح مباشرة بسبب القوائم المغلقة.
تعزيز العدالة
في هذا السياق، أوضح الباحث والأكاديمي، ريبين سلام، أن “قانون الانتخابات يمثل البنية الأساسية لأي نظام سياسي، بل قد يتفوق في أهميته على بعض مواد الدستور لأنه يرسم خريطة السلطة».
وأضاف لـ”إرم نيوز” أن “البيانات التي تعتمدها وزارة التجارة لتوزيع المقاعد مغلوطة وغير محدثة، وهو ما جعل بعض المحافظات تمتلك تمثيلاً برلمانياً أكبر من حجمها الفعلي، فيما تظلم محافظات أخرى ذات كثافة سكانية عالية».
وأضاف سلام أن “نظام الدائرة الواحدة سيحقق عدالة أكبر لأن العراقيين سيصوتون لمرشحين من مختلف المحافظات، ما يعزز الشعور بالوحدة الوطنية ويقلل من النزعة المناطقية التي أنتجها النظام الحالي».
وفي حال تم إقرار نظام العراق دائرة انتخابية واحدة، فإنه سيصب بشكل واضح في مصلحة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يمتلك قاعدة تنظيمية واسعة وجمهوراً منضبطاً في التصويت يمتد داخل الإقليم وخارجه.
والنظام المقترح سيتيح للحزب تجميع أصوات أنصاره من مختلف المحافظات في رصيد واحد، بدلاً من تشتتها بين الدوائر كما هو معمول به حالياً، الأمر الذي قد يرفع عدد مقاعده البرلمانية بصورة ملموسة، ويعزز حضوره في بغداد كقوة سياسية وطنية تتجاوز حدود الإقليم.
غياب الاستقرار
تاريخياً، اعتمدت انتخابات عامي 2005 و2010، نظام الدائرة الواحدة قبل الانتقال إلى نظام الدوائر المتعددة بموجب قانون عام 2009، الذي قسم البلاد إلى 18 دائرة انتخابية تمثل المحافظات.ورغم أن هذا التعديل رفع نسب المشاركة في البداية (بلغت 76%)، إلا أنه مع مرور الوقت قلص فرص الأحزاب الكبيرة ذات الانتشار الوطني، خصوصاً بعد تعديل “سانت ليغو” عام 2014، ثم جاء قانون 2021 ليعتمد الدوائر المتعددة الصغيرة، ما شتّت الخريطة الانتخابية وأفرز برلماناً أكثر تشرذماً.
بدوره، يرى الخبير الانتخابي أحمد العبيدي، أن “تكرار تعديل قانون الانتخابات يؤشر إلى غياب الاستقرار السياسي والمؤسساتي في العراق، إذ يمنح نظام الدائرة الواحدة الأحزاب الوطنية الكبرى فرصة لتقديم برامج شاملة، لكنه في الوقت نفسه يحد من نفوذ القوى المحلية الصغيرة».وأوضح لـ”إرم نيوز” أن “المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف التعداد السكاني الأخير، ما يجعل توزيع المقاعد عملية تقديرية تعتمد على بطاقات التموين التي تحتوي على أرقام غير دقيقة».وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد حصد 25 مقعداً في انتخابات 2014، وارتفع رصيده إلى 31 في 2018، بينما بقي في حدود العدد نفسه في انتخابات 2021، لكنه يعتبر أن القوانين الحالية حالت دون توسيع تمثيله في محافظات مختلطة مثل كركوك ونينوى وديالى.وبينما تتجه الأنظار إلى انتخابات 2025، يبدو أن مقترح الحزب الكردستاني لتعديل القانون سيعيد فتح الجدل مجدداً حول طبيعة النظام الانتخابي الذي لم يحظَ منذ عام 2005 بتوافق وطني شامل بين بغداد وأربيل.