منصور بن زايد: المتحف يعكس رؤية الإمارات نحو تعزيز الثقافة والسلام والتعايش
تعكس القصة شغفاً كبيراً تجاه هذه الرياضة القاسية والعنيفة
"ملاذ آمن"... يسلّط الضوء على رياضة السومو الشعبية
طرحت شبكة نتفليكس مسلسلاً يابانياً مكوناً من ثماني حلقات، بعنوان "ملاذ آمن" (Sanctuary). وهو أول عمل درامي، على ما يبدو، يسلّط الضوء على رياضة السومو الشعبية التي تعتبر واحدة من الفنون القتالية المقدسة في اليابان.
يوضّح المشهد الأول من الحلقة الأولى علامات هذه الشخصية. لقطة مركزة، تظهر لنا تعرُّض البطل لتدريبات قاسية. نراه يرتمي على الأرض بكل قسوة وعنف، ثم يعود للحلبة الدائرية مرة تلو الأخرى. قد يكون في هذا دلالة على عناد الشخصية ومراسها، إلا أنها تعكس لنا غضباً دفيناً ينم عن إنسان محطم وتعيس؛ إذ إن الضغوط النفسية والاجتماعية التي تحيط بحياة كيوشي، هي التي دفعت به للالتحاق بمعهد إنشو لمصارعة السومو. يوفر المعهد مرتبات نقدية بسيطة وطعاماً ومسكناً لمشتركيه. لذا، فضّل البطل البقاء في المعهد والانخراط في هذه اللعبة، ليس محبة بها، بل هرباً من واقعه الأسري التعيس، ومحاولة منه لتحقيق طموحه بجمع مبلغ من المال، ليعيد افتتاح مطعم السوشي الذي كان لوالديه، قبل أن تغرق الأسرة بالديون ويقفل المشروع، وينقلب حال العائلة إلى خصام وتفكك.
تركز القصة في مضمونها على شخصية كيوشي وحياته الاجتماعية من جهة، وعلاقته برياضة السومو من جهة أخرى. وإن كان العمل يفتقر لمحاور تتشابك معها قصص فرعية تؤثر في رفع وتيرة الأحداث، غير أن المفردات الجذابة التي تتسم بها شخصية البطل هي التي ستدفع بالقصة نحو الأمام، وستمسك بخيوطها، ما يسمح بتعزيز حالة الترقب والسؤال حول مصيرها ومستقبلها في هذه الرياضة.
وباعتبار شخصية كيوشي متهورة وطائشة لا ينقصها الفظاظة، ينجح العمل في خلق صلة نفسية معها ومع تصرفاتها الجنونية والعبثية، من دون أن يكون للأزمات المفتعلة التي يواجهها البطل أي تأثيرات مباشرة على مسار الحكاية التي تكاد تدخل في نفق العرض الوثائقي، مبتعدة عن الفعل الدرامي، لولا جاذبية التفاصيل النفسية والسلوكية التي تتمتع بها شخصية كيوشي، خلافاً لباقي الشخصيات التي تمارس دورها في سياقات متذبذبة، غير مؤثرة، ساعية إلى خلق محاور ارتكاز تعمل على توسيع الحكاية، وضخ نوع من الأحداث المساندة لتفاصيل اللعبة وكواليس صناعتها.
لذا، كان في الإمكان رؤية بعض المناكفات والكيديات التي تجري بين أصحاب اليد العليا المؤثرة في هذه الرياضة، وتأثير القرارات الشخصية على المصارعين وحياتهم وسلوكياتهم، أو بعض التفاصيل التي حاولت، بشكل خجول، لفت الانتباه إلى التابوهات المرتبطة بفن السومو وكسرها من خلال إضفاء العنصر النسائي، وزعزعة الأعراف والتقاليد الخاصة بمصارعة السومو التي لا تقبل وجود النساء في اللعبة، وحصرها بعالم الرجال، على اعتبار أنها رياضة قاسية تتطلب أجساداً ذات بنية ضخمة وقوية، وبالتالي حصر دور المرأة بإعداد الطعام للمصارعين والاهتمام بصحتهم الغذائية.
تبدأ الأزمة الدرامية الأولى التي يواجهها كيوشي مع دخول والده إلى المشفى.
تكاليف العناية به باهظة. وعلى البطل تدبر هذه التكاليف. تمهد هذه الأزمة لصراعات وضغوط عديدة سيغرق بها بطل العمل، ما سيساهم في تحسين إيقاع النص، مع الحفاظ على توليف الحالة السلوكية والنفسية لشخصية كيوشي بشكل تدريجي ناجح، ليتحول من شخص نرجسي متعالٍ على رياضة السومو وقوانينها التقليدية والبالية، إلى إنسان ملتزم بالمعايير الأخلاقية والتاريخية للمصارعة، واحترامها، وتقديسها.
نصل، في الحلقة الثامنة، إلى ذروة الأحداث التي يرسمها النص بشكل عاطفي لا تنقصها إضافات ميلودرامية ساذجة، مع التفات كيوشي إلى تحسين مهاراته القتالية، وضخ عنصر التشويق وروح التعاون والمشاركة بين زملائه ومدربيه.
مشاعر التحدي والتصميم على رد الثأر من المصارع شيزوتشي (هيروكي سومي) هي الهالة النفسية الوحيدة التي ساهمت في قيادة العمل وإثارة التشويق فيه، وذلك بعد أن تعرض البطل لخسارة مذلة وقاسية على يد هذا المصارع في منتصف الأحداث، لينتهي الموسم الأول بانتظار العد التنازلي للنزال المنتظر بينهما من جديد، ولكن بعد تحول جذري في شخصية كيوشي التي عرفناها قبل خسارته الأولى مع شيزوتشي، وانهياره المدوي الذي غرق فيه.