نيوزويك: إيران تختبر أمريكا والأخيرة تفشل

نيوزويك: إيران تختبر أمريكا والأخيرة تفشل


لفتت نائبة رئيس مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات لشؤون العلاقات الحكومية توبي ديرشوفيتز إلى أن طائرة حملت وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي حطت في قاعدة نور خان الباكستانية في فبراير (شباط) الماضي.
كان يجب اعتقال وحيدي لكن ذلك لم يحصل. كتبت ديرشوفيتز في مجلة “نيوزويك” أن وحيدي وأربعة مسؤولين إيرانيين بارزين مطلوبون للإنتربول بتهم “القتل المشدد و(التسبب بـ)الأضرار” لدورهم في تفجير مركز الرابطة الأرجنتينية-الإسرائيلية المتبادلة (آميا) في بوينس آيريس يوم 18 يوليو (تموز) 1994.
في ذلك اليوم، اقتحمت سيارة محملة بـ600 رطل من نيترات الأمونيوم مبنى آميا فأسقطت 85 قتيلاً من اليهود وغير اليهود. حينها، كان وحيدي رئيس قوة القدس المصنفة أمريكياً على لائحة الإرهاب وتعد مسؤولة عن موت مئات الأمريكيين منذ حرب الخليج الثانية. ويخضع وحيدي للعقوبات الأمريكية بصفته ناشراً لأسلحة الدمار الشامل. أصدر الإنتربول نشرة حمراء (مذكرة توقيف مؤقتة) بسبب تفجير 1994. تظهر أبحاث ديرشوفيتز أن هؤلاء الإيرانيين الخمسة سافروا إلى عشرين بلداً على الأقل من دون أن يتم إلقاء القبض عليهم منذ صدور النشرات الحمراء سنة 2007.
وصف المدعي العام الأرجنتيني في قضية آميا ألبيرتو نيسمان الذي اغتيل خلال رئاسة كريستينا كيرشنر على الأرجح بسبب تحقيقاته في التفجير كيف استخدمت إيران السفارات في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وأوروغواي وألمانيا في التخطيط لاعتداء 1994. وغادر السفراء الإيرانيون في العديد من هذه الدول ومن بينهم السفير في بوينس آيريس مناصبهم قبل أيام من التفجير. اليوم، ثمة أزمة أخرى تختمر في الأرجنتين وتشير إلى نشاطات إيران الخبيثة في المنطقة. لقد لفتت اهتمام مشرعين أرجنتينيين مصممين على منع هجوم آخر مدعوم من إيران على أراضيهم.
طاقم مريب
تم إيقاف طائرة شحن من طراز بوينغ 747 في مطار إيزيزا ببوينس آيريس يوم الثامن من يونيو (حزيران). تقوم الشبهات على أن طاقم الطائرة الفنزويلية المملوكة مؤخراً من خطوط ماهان إير الإيرانية المعاقبة والمباعة إلى خطوط إمتراسور ضم أربعة عشر فنزويلياً وخمسة إيرانيين.
على رأس هذا الطاقم الضخم المريب، وعادة ما من حاجة لأكثر من خمسة أشخاص لإنجاز هكذا مهمة، غلام رضا قاسمي المسؤول في الحرس الثوري وهو أيضاً عضو مجلس إدارة ومساهم ومدير خطوط فارس إير كشم وهي خطوط إيرانية خاضعة للعقوبات الأمريكية بسبب نقلها أسلحة وأفراد إيرانيين إلى سوريا.
يطالب نواب أرجنتينيون أجهزتهم الاستخبارية بمعرفة سبب قيام مسؤول إيراني بقيادة رحلة شحن إلى الأرجنتين. وطالب قادة المعارضة الأرجنتينية تحقيقاً شفافاً في ما يحدث وقدموا سلسلة من الشكاوى القانونية.

أسئلة وشبهات
من الأسئلة التي أرادوا معرفة أجوبة عنها ما إذا كان مساعد الطيار متعاوناً مع الاستخبارات الإيرانية وحلقة الوصل الأساسية بين فنزويلا ونشاطات خبيثة في الأرجنتين.
وسألوا عما إذا كان قد عمل عن كثب مع القائد السابق لقوة القدس قاسم سليماني.
 وهم يصرون على معرفة ما إذا كانت الوكالات الاستخبارية مطلعة على تحذيرات مبكرة بشأن الطائرة وما إذا كانت قد تجاهلتها. وأشارت الكاتبة بشكل خاص إلى الشكاوى القانونية التي تقدم بها النائبان جيراردو ميلمان وريكاردو لوبيز مورفي حيث ثمة سؤال عما إذا كان واحد من أفراد الطاقم مرتبطاً بمهواش منصف غلام رضا الذي كان مقيماً في السفارة الإيرانية ببوينس آيريس في وقت التفجير.
أحبطت في الوقت المناسب؟
أمرت الأرجنتين بتوقيف غلام رضا كمشتبه في الاعتداء. ولم يسمع عنه الكثير خلال السنوات الأخيرة حتى ظهر اسمه في الشكاوى القانونية خلال الأسابيع الأخيرة، لكن المحققين مصممون على معرفة ما إذا كانت أزمة طائرة الشحن هي مهمة قيد الإعداد وقد تم إحباطها في الوقت المناسب. لديهم أدلة كي يعتقدوا أن هذا هو الواقع، وفقاً لما تنقله ديرشوفيتز عن مصادرها.
وسرب مصدر مذكرة استخبارية أشارت إلى أن فنزويلا تقدمت بطلب لافت من خلال مقرب قديم من كيرشنر: ألا يتدخل جهاز الأمن القومي الأرجنتيني بالطائرة وطاقمها قائلة إن الطائرة كانت تحت المراقبة وكانت بحاجة إلى إجراء عملية صيانة في الأرجنتين.

جهد إيراني
بينما تبقى أسئلة حول المهمة الحقيقية لطائرة الشحن الموجودة في مطار بوينس آيريس، من الواضح أن إيران تسعى لبناء عضلاتها العسكرية في النصف الغربي من كوكب الأرض.
في أغسطس (آب) المقبل، تستضيف فنزويلاً ألعاباً حربية على شاكلة منافسة قنص مع مشاركة إيران والصين وروسيا.
 يبدو أن الهدف إيصال رسالة مفادها أن هذه الجيوش قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة.
إن الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية بالأرجنتين وقت تفجير آميا محسن رباني واصل تجنيد أتباع وزرع التطرف فيهم.
 بالرغم من عدم توجيه اتهام إليه في القضية، تشير سجلات المحاكم الأمريكية إلى أن رباني حافظ على اتصال بمجنده السياسي من غويانا عبد القادر الذي حكم عليه بالسجن سنة 2010 لمدى الحياة بسبب التخطيط لتفجير خطوط الوقود في مطار جون كينيدي. ولو لم يتم إحباطه لأسقط المخطط عدداً من الضحايا أكبر من الذين أسقطهم اعتداء 11 سبتمبر الإرهابي.
إهانة للعالم
بعد توليه منصبه السنة الماضية، أكد الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي أن وجود إشعار أحمر مرتبط بتفجير آميا هو أمر إيجابي من الناحية المهنية. عين رئيسي رضائي ووحيدي ليخدما في حكومته كإهانة للعالم. أربعون في المئة من حكومة رئيسي خاضعون للعقوبات الأمريكية أو الأممية. تختبر إيران العالم لترى ما إذا كان مرور الزمن قد أدى إلى تآكل التزامه بمحاسبتها.
ما الذي تحتاج أمريكا لفعله؟
تحتاج الإدارة إلى التحرك مع البدء بالدفع نحو تنفيذ النشرات الحمراء للإنتربول التي تهدف إلى تقديم المشتبه بارتكابهم تفجير آميا إلى العدالة. ويجب أن تضمن الإدارة تمديد النشرات الحمراء عند عرضها على المراجعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. في حين أنجزت الأرجنتين أوراق التمديد، بإمكان ممارسات إيران الابتزازية أن تعرقل ذلك إذا لم يتم الحفاظ على المسار الصحيح.

خطورة
كذلك، يجب على إدارة بايدن الحفاظ على العقوبات وإنفاذها بالكامل في وقت تفكر برفعها من ضمن المحادثات النووية. وثمة خطر إضعاف الإدارة تلك العقوبات من دون رفعها بشكل فعلي. لقد أشارت الإدارة إلى أنها تنوي رفع العقوبات عن البنوك والشركات المرتبطة بالإرهاب حتى ولو لم تكن مصممة للنشاطات النووية. لقد حضت إدارات متعاقبة أكثر من عشرين دولة على معاقبة حزب الله كمنظمة إرهابية. يحسب للأرجنتين أنها اتخذت هذه الخطوة بمناسبة مرور 25 عاماً على هجوم آميا وأضافت تلك التي تحمل إشعارات الإنتربول الحمراء المتعلقة بآميا إلى لائحة الإرهاب الخاصة بها.

خط أحمر
وطالبت ديرشوفيتز بضمان وجود عواقب سياسية وديبلوماسية حين تعين إيران إرهابييها في مواقع حكومية بارزة. إيران تتحدى الولايات المتحدة لترى أين تكمن حدودها. يجب أن يكون الإرهاب خطاً أحمر وينبغي ألا يخضع للتقادم. إن الإفلات من العقاب الذي يراه العالم اليوم سيولد المزيد من الإرهاب. عائلات آميا وجميع الأرجنتينيين وأولئك الملتزمون بالعدالة والأمن القومي الأمريكي يستحقون الأفضل وفقاً لديرشوفيتز.