باريس يمكن أن «تضفي الطابع الأوروبيّ» على ترسانتها النووية

هل بإمكان الرئيس الفرنسي ماكرون أن ينهي حرب أوكرانيا؟

هل بإمكان الرئيس الفرنسي ماكرون أن ينهي حرب أوكرانيا؟


يَعْرِض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤيته لـ»أوروبا التي تحظى بالاحترام وتضمن أمنها»، ويؤكد أنَّ أوكرانيا جزء لا يتجزأ من هذه «الأسرة الأوروبية» و»مقدر لها أن تنضم إلى الاتحاد عندما يحين الوقت».
وفي هذا الإطار، قال أندرو داي المنسق الإستراتيجي في مؤسسة Nonzero Foundation وزميل مساهم في مؤسسة أولويات الدفاع الأمريكية، إن هذين الهدفين، وهما «الاستقلالية الإستراتيجية الأوروبية» و»أوكرانيا الأوروبية بالكامل»، قد يكونان أوثق صلةً حتى مما يُخيَّل لماكرون نفسه. فبينما تكافح أوكرانيا في ساحة المعركة للتغلب على تفوق روسيا عدّة وعتاداً، قد تتاح لماكرون الفرصة لتحقيق ثلاثة أهداف، ألا وهي: 1) إنهاء الحرب التي دمَّرَت أوكرانيا، 2) ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبيّ، 3) المساعدة في تحويل القارة إلى «أوروبا القويّة» التي يتصورها.
وأشار الكاتب إلى مقال حديث نُشِرَ في مجلة «فورين أفيرز» أكد أنّ المفاوضين الروس وافقوا، خلال مفاوضات فاشلة في وقتٍ مبكر من الحرب، على أن تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي كجزءٍ من اتفاقية سلام. 
ومن شأن الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبيّ أن يُحقق هدف أوكرانيا الذي طال انتظاره المتمثل في الاندماج بقدرٍ أكبر في أوروبا الحرة والمزدهرة.
كما أنه يُمْكِن أن يمنح كييف الضمانات الأمنية التي ترغب فيها رغبةً مفهومةً إذا شنَّت موسكو عليها هجوماً مرة أخرى مُستقبلاً، إن السياسة الأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي، الأقل شهرةً من سياسة الدفاع الجماعي المشترك لحلف الناتو، تُلزِم الأعضاء بمساعدة الدولة العضو التي تعرضت لـ «اعتداءٍ مُسلح على أراضيها».
وتاريخياً، سمحَ الاتحاد الأوروبيّ للدول الأعضاء المحايدة وغير المنحازة بأن تُستثنَى من اتفاق الأمن المشترك.
 ورغم ذلك، وبينما تُفضِّل موسكو أن تصبح أوكرانيا دولةً عازِلَةً محايدة، فإن التسوية التي ستعقُب الحرب ستكون أكثر استقراراً إذا خفَّفَ الأوروبيون شعور كييف بالضعف والوهن. فضلاً عن ذلك، سيستفيد الاتحاد الأوروبي من الجيش الأوكراني الذي أمسى خبيراً بالقتال.
 أوروبا وتعزيز
 قدراتها العسكرية
وبطبيعة الحال، يقول الباحث في مقاله بمجلة «ناشونال إنترست»: تُفضِّل كييف الحصول على ضمانات أمنية من أمريكا التي تُعدُّ القوة العظمى عسكرياً».
 ولكن، وفقاً لمقالِ مجلة «فورين أفيرز»، فهذا أمر «لا يُجدي نفعاً لواشنطن». لحسن حظ أوكرانيا، تتطلع أوروبا إلى تعزيز قدراتها العسكرية في عصرٍ متعدد الأقطاب ومحفوف بالشكوك والغموض. استعداداً لولاية أخرى لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التي ترفع شعارَ «أمريكا أولاً» ووسط تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا التي دخلت عامها الثالث، ليس ماكرون الزعيم الأوروبيّ الوحيد الذي يروِّج لفكرة الاكتفاء الذاتي عسكرياً، حيث قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبيّ، في مارس (آذار) الماضي:  «حرَّكَت حرب العدوان الروسية بداخلنا شعوراً طاغيّاً مُلِحاً بضرورة تعزيز قدراتنا الدفاعية الصناعية».  وقبل شهر، حثَّت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أوروبا على «تحمُّل مسؤولية أمنها الخاص»، مشيرةً إلى أنه «ليس لدينا سيطرة على الانتخابات أو القرارات التي تُتخَذ في بقاع أخرى من العالم».
وأوردَ تقرير نُشِرَ في مجلة «بوليتيكو» أنّ حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي يصطدمان بالتزامن مع تحوُّل الأخير إلى موقفٍ أكثر حزماً بشأن الدفاع. ويدعو البعض إلى أن تقوم المفوضية الأوروبية التالية بتعيين أول مفوض للدفاع على الإطلاق، على أن تكون مهمته تمويل صناعة الأسلحة الأوروبية تمويلاً كافيّاً.
 أوروبا صادقة 
في الدفاع عن أوكرانيا
لكن هل سيكون التزام الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن أوكرانيا ذا مصداقية؟  يتساءل الكاتب ويقول: الإجابة هي «نعم» أكثر فأكثر، ويرجع الفضل في ذلك إلى حدٍ كبير إلى ماكرون. فقد أثارَ الرئيس الفرنسي في عدة مُناسبات مسألة إمكانية إرسال قوات غربيَّة إلى أوكرانيا، وهو الاقتراح الذي وجدَه زعماء المعارضة صادقاً، ويبدو أنّ موسكو تأخذه على محمل الجد.

غموض استراتيجي
 لقصر الإليزيه
واقترح ماكرون مؤخراً أنّ باريس يمكن أن «تضفي الطابع الأوروبيّ» على ترسانتها النووية، مما يجعل أوروبا كلها تحت المظلة النووية الفرنسية.
وبهذه الخطوات، يحاول قصر الإليزيه خلق «غموض إستراتيجي»، بحيث يعتقد بوتين أنَّ الغرب قد يتدخل إذا ما صَعَّدَ عدوانه على أوكرانيا.
وبالنظر إلى تحسُّن موقف روسيا التفاوضي بشكلٍ متزايد، قد تكون موسكو أقل رغبة مما كانت عليه قبل عامين في الموافقة على انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ولجعلِ مشاركة أوكرانيا في إطار الأمن المشترك للاتحاد الأوروبي أكثر قبولاً لدى بوتين، يؤكد الكاتب ضرورة أن يحشد ماكرون القــــادة الأوروبيين للتعهد بأنهم سيَحُولون في المقابل دون انضمام أوكرانيا إلى الناتو، الذي بدأت واشــــــنطن في ممارسة ضغوط بشـــأنه في قمــــة بوخــــارست عام 2008 رغم المعارضة الروسية الشديدة.

التراجع عن
 الخطأ الاستراتيجي
وأضاف الكاتب: «على الرئيسين الفرنسي والأوكراني أن يَعِدَا بأن تتعاون الدول الأوروبية وحدها - دون أمريكا - عسكريّاً مع أوكرانيا بعد الحرب. إن جهود الولايات المتحدة لضمِ أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، سواءً بِحُكْم الواقع أو بِحُكْم القانون، جعلت غزو بوتين أكثر احتمالاً. والآن، لحل النزاع، ينبغي التراجع عن هذا الخطأ الإستراتيجي المصيريّ».
إنّ الالتزام بالدفاع عن أوكرانيا دون دعمٍ أمريكي من شأنه أن يُحفِّز دول الاتحاد الأوروبي على مواصلة تحمُّل عبء دفاعيّ أكبر وتعزيز التعاون العسكري. 
كما أنه سيُمكِّن الولايات المتحدة من التخلي عن بعض التزاماتها الدفاعية الخاصة بها في ظل تحوُّل تركيزها إلى الصين.
وبما أنَّ أوكرانيا تُمثِّل مصلحة أمنية محيطية للولايات المتحدة، ينبغي على واشنطن أن توضِّح على نحوٍ لا لبس فيه أنها لن تنجرُّ إلى حرب مع موسكو إذا تعرضت دول الناتو الأوروبية، التي قد تدافع عن أوكرانيا مُستقبلاً، لهجوم من روسيا رداً على ذلك.
وينبغي للعواصم الأوروبية أن توضِّح لموسكو وواشنطن وكييف أنَّ التزامات أمريكا تجاه الناتو لن تشمل مثل هذا السيناريو.

كسر التبعية
يقول الكاتب: بالطبع لن تُرحِّب الولايات المتحدة بفكرة أن يَفْرِض تابع أوروبي سيطرته على الأزمة الأوكرانية، غير أنَّ كسر التبعية سيكون بالضبط هو هدف ماكرون.
وإذا اتفقت أوروبا وأوكرانيا وروسيا جميعاً على إنهاء القتال والتزام الوضع المؤقت الموصوف أعلاه، فسيكون هناك ضغط هائل على واشنطن كي تتنحى جانباً وتفسِح المجال للسلام. وستنتهي الحرب الوحشية المدمرة أخيراً، وستصبح أوروبا ذات السيادة التي يحلم بها ماكرون أقرب إلى الواقع بخطواتٍ قليلة.

 

 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot