لقد تعايش الوباء والدولة على الدوام

وباء كوفيد-19، عودة الدولة في إفريقيا...؟

وباء كوفيد-19، عودة الدولة في إفريقيا...؟

-- قررت الدول الأفريقية القيام بعمل سيادي وكانت بعيدة عن اتباع التعليمات العالمية بشكل أعمى
-- ها أن، الحكومات الأكثر ليبرالية أصبحت تفضل الحدود والوطنية الصناعية
-- إعادة اكتشاف مزايا الدولة الأبوية لمجتمعــات أصبحـت فجــأة طفوليــة
-- وباء كوفيد-19 هو آخر تمظهر لهذه العـــودة إلى الحــدود وإلى الدولــة
-- على مدى الشهرين الماضيين، شهدنا شكلاً من أشكال استعادة الشعوب من قبل الدولة
-- الدولة البيروقراطية الأوروبية، ولدت بسبب الحاجة إلى تنظيم وإدارة أوبئة الطاعون


   لقد ولّد وباء كوفيد 19 قيودًا ونال من الحرية. واستسلم العديد من الخبراء والمثقفين (المشهورين إعلاميا) للخوف إلى جانب الشك والريبة: الخوف من الفيروس، الذي كانت معرفته تتطور يومًا بعد يوم (وهو أمر طبيعي، ولكنه مقلق)، وانعدام الثقة في الحكومات التي غيرت في لحظات مختلفة من الأزمة رأيها لإخفاء عدم قدرة معينة على التوقّع    وبالتالي ... على الحكم! والتناقض مثير مع النظام الصيني، الذي يقوم على رأسمالية الدولة إلى جانب السيطرة السياسية على المجتمع، والذي تمكّن من حماية سكانه: 1.4 مليار نسمة، و4638 حالة وفاة فقط (وفقًا للأرقام “الرسمية” في 26 مايو 2020).   بالتأكيد، ندرك أنه من المستحيل مقارنة الأرقام التي تم إنتاجها في هذا البلد او ذاك: الأشخاص الذين تم فحصهم، وعدد الاختبارات التي تم إجراؤها، وتجميع الوفيات، وغيرها. ومع ذلك، وجدت حكومات الديمقراطيات الغربية في النظام الصيني، تجربة حية، ومصدر إلهام لتبرير خطابها الخاص فيما يتعلق بالرقابة الصحية باسم سياسة وقائية؛ وفي هذا، قدم لها الكوفيد-19 إعادة اعتبار اجتماعي معين. وكان الأمر في نهاية المطاف سهلاً لأن السكان خائفون، ولأن أرقام المصيبة تنتجها الدول نفسها.

إدارة ديناميكية
 ومنظمة للأزمة
  إنها حقيقة: على مدى الشهرين الماضيين، شهدنا شكلاً من أشكال استعادة الشعوب من قبل الدولة، التي ركزت أولاً على مقاربة عالمية للوباء: ديناميكيته (التنقل العالمي للناس، وباختزال مذهل، العولمة كتهديد) وعلى التنسيق الصحي (تجسده منظمة الصحة العالمية، التي تم تبني توجيهاتها أو انتقادها، بحسن نية أم لا).
   تزامنت هذه الإشارة إلى العالمية مع محو الأخطاء المحلية: ليس خطئي، بل خطأ الصين، كما يقول الغرب... انه خطأ أوروبا تقول فرنسا، إنه خطأ أوروبا تقول أفريقيا. والآن تم تقويض البعد الدولي برمته -محاكمة عدم كفاءة وانحياز منظمة الصحة العالمية.

 وها ان، الحكومات الأكثر ليبرالية أصبحت تفضل الحدود والدوائر القصيرة والوطنية الصناعية.  وهنا نعيد اكتشاف ضرورة ومزايا الدولة / المخطط الاستراتيجي، وتتولى التحكيم في المعارف، وصاحبة السلطة من أجل الصالح العام: الدولة الأبوية للمجتمعات التي أصبحت فجأة طفولية.
  إن وباء كوفيد 19 هو آخر تمظهر لهذه العودة إلى الحدود وإلى الدولة. الأخير، ولكنه في كل الحالات ليس جديدًا: لقد تعايش الوباء والدولة على الدوام.  ويطرح بعض المؤرخين (انظر على وجه الخصوص ويليام نافي وأندرو سبايسر، 2003، الطاعون الأسود مخاوف كبيرة وأوبئة، 1345-1730) يطرحون أن الدولة البيروقراطية الأوروبية، نموذج الدولة المعاصرة، ولدت بسبب الحاجة الى تنظيم وإدارة التطورات الاجتماعية والاقتصادية لأوبئة الطاعون التي ضربت أوروبا منذ عام 1345 (قادمة من الصين ... أصلا!) حتى عام 1730.

عودة الدولة- الاستراتيجي؟
   إلا أن، وهذه حقيقة أخرى، عودة الدولة هذه ليست حكرا على الديمقراطيات الغربية المفتونة بكفاءة الدولة الصينية، ولكن أيضا بالنسبة للأنظمة الإفريقية، بطريقة حساسة وخيالية وأصيلة وغير متوقعة. الدول في أفريقيا، التي تخضع عادة لتمثيلية مرتفعة، وإلا لما بعد الاستعمار، وبنفس القدر الى خطابات الشفقة المشبوهة، تنتقل من الإفلاس والفساد والأورام الحديثة، إلى الابتكار والتبصر والخبيرة بمجتمعها. ولئن يمكننا مناقشة كل من هذه المفردات، وتنسيبها حسب البلد، والبقاء حذرين بشأن نتائج الوباء، فان هناك ملاحظة تفرض نفسها: الدول في أفريقيا لم تكن “ضعيفة” في أي مكان بما أنها أصبحت ثانية واضعة وصفة المعايير والتوجيهات وإغلاق الحدود ونشر الأرقام.

  كما كانت خياراتها للتعامل مع الوباء فريدة وفي غاية الخصوصية، مما جعل من الصعب مسك صورة “الرد الأفريقي” على الوباء، وبما يوحي بأن هناك بلد يسمى “أفريقيا”، أو أن للدول الأفريقية استراتيجية فريدة من نوعها، تماما كما أن خطاب “الكارثة المعلنة” غير مقبول.
  لقد ردت الدول الأفريقية باللعب على سجلين: الأول، هو البحث في صندوق أدوات التدابير التي اقترحتها منظمة الصحة العالمية: إغلاق الحدود البرية والجوية والمدارس والجامعات؛ وحظر التجمعات؛ الحجر الصحي؛ اغلاق المدن؛ حظر التجول؛ ارتداء الكمامات؛ الفحص الانتقائي؛ مع إدخال المرضى إلى المستشفى؛ والحجر الصحي للحالات المشتبه فيها.

  لم تختر كل دولة من هذا العرض ما بدا مناسبًا وواقعيًا فحسب، بل أعادت تعريف المصطلحات بشكل عام: حجم التجمعات، نسبية الحجر الصحي (جزئي)، والاستشفاء (في بعض الأحيان حالات بدون أعراض تستحق العزل). باختصار، قررت الدول أن تقوم بعمل سيادي، وكانت بعيدة عن اتباع التعليمات العالمية بشكل أعمى.
  السمة الثانية لرد فعل الدول في أفريقيا: التكيف في الوقت الحقيقي مع تطور الوضع، ليس بقدر ما هو طبي أو وبائي فقط بل بقدر ما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي ايضا. والأهم من ذلك، أن التحكيم غالبًا ما كان في نفس الوقت صحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وليس على التوالي، كما كان الحال في العديد من البلدان الأوروبية. أليست هذه علامة على عودة الدولة في إفريقيا، وأكثر من ذلك، عودة دولة تختار، دولة بارعة في التخطيط؟

  بالطبع، لا يمكن ضمان فعالية مواقف الدول هذه في السيطرة على الوباء حتى الآن: ولا أيضا ضمان المسار الصحي للوباء من خلال نمذجة بسيطة لا تأخذ في الاعتبار التدابير التي تتخذها الدول، وطريقة تطبيقها، وردود الفعل، والنتائج التي أثارتها.
  لذلك لا نية في إعطاء شيك على بياض، أو “نقطة ايجابية” للدول الأفريقية. وإذا أخذنا الأمور من وجهة نظر المجتمع، فليس من المؤكد أن الدولة “تعود” في كل مكان؛ وعلى الأكثر قد تكون أثارت استياء هنا، وانتقادات هناك، وتمردات ضد القانون هنا. في المقابل، من الضروري إعادة وضع إجابات هذه الدول الأفريقية، المتنوعة، وغير المنسقة بالضرورة، في السياق الشامل لجميع الدول حول العالم: إذا كنا على استعداد لتحمل مشقة تجاوز خصوصية “الاجابة الأفريقية” الوهمية، فإننا سنرى أن الدول في أفريقيا قد طبعت تفردها -وبإيجاز، سجّلت عودتها.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot