حمدان بن محمد يلتقي أكثر من 100 من منتسبي الخدمة الوطنية والاحتياطية المتميزين في برنامج النخبة
عندما تتنحى إدارة بايدن عن منبر الوعظ يظل ممكناً حدوث أشياء جيدة
وول ستريت جورنال: الوعظ التأديبي ليس سياسة خارجية
على الصعيد الدولي، كان الأسبوع الماضي أسبوعاً قاتماً آخر بالنسبة إلى إدارة بايدن والولايات المتحدة الأمريكية والسلام العالمي، كما كتب والتر راسل ميد في صحيفة “وول ستريت جورنال».
عززت البرازيل، وهي الدولة الكبرى من حيث حجم السكان والاقتصاد والمساحة في أمريكا اللاتينية، تحالفها مع الصين. فقد تعهد رئيسها لويس إيناسيو “لولا” دا سيلفا بالعمل مع الرئيس الصيني شي جين بينغ لبناء نظام عالمي جديد كما دعا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى وقف شحن الأسلحة إلى أوكرانيا.
وأفاد مسؤولون في الهند أن الصين تدعم تطوير مركز تنصت عسكري في جزيرة كوكو الاستراتيجية الكبرى في ميانمار في خليج البنغال. والسعودية التي كانت مهتمة قبل أسابيع قليلة بفتح علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل تكثف تعاونها النفطي مع روسيا وتفكر الآن في عقد لقاء مع حركة حماس. وفي أقصى الجنوب، يقاتل فصيل عسكري سوداني تدعمه مجموعة فاغنر الروسية من أجل السيطرة على ثالث أكبر دولة في أفريقيا.
الوصفة الأساسية لخبراء التجميل
يبذل خبراء التجميل المعتادون قصارى جهدهم من أجل جعل الانهيار غير المنظم للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة يبدو وكأنه انتصار رؤيوي للسياسة الخارجية المستنيرة، لكن وزير الخزانة السابق لاري سامرز أعرب عن وجهة نظر أكثر إقناعاً. في وصف للوحدة الأمريكية المتزايدة على الساحة العالمية أعلن سامرز أن “شخصاً من دولة نامية قال لي، ‘ما نحصل عليه من الصين هو مطار. ما نحصل عليه من الولايات المتحدة هو محاضرة‘«.
عندما تتنحى إدارة بايدن عن منبر الوعظ، يظل ممكناً حدوث أشياء جيدة. قبل عام، وصل فرديناند ماركوس جونيور، وهو نجل حليف الولايات المتحدة في الحرب الباردة ورجل الفلبين القوي الذي أشاد نشطاء الديمقراطية بإطاحته سنة 1986 باعتبارها علامة فارقة في تاريخ العالم، إلى منصب والده السابق بعد انتصار حاسم في انتخابات أقل من مثالية. أصيب لوبي الديموقراطية بالجزع. كتب ستة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، من بينهم ثلاثة أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن ينبهونه فيها إلى ضرورة إعطاء الأولوية لقضايا الديموقراطية وسيادة القانون. كانت الوصفة الأساسية للتعامل مع الزعيم الفلبيني هي نفسها التي يصفونها لكل علاقة أمريكية ثنائية تقريباً: ألقوا محاضرات أكثر، وعندما يفشل ذلك، استخدموا العقوبات.
كانت أذكى
لحسن الحظ، تابع ميد، كانت الإدارة أذكى من هذا. في حين أن الفلبين تحتل مرتبة متدنية في مؤشر الحرية العالمي لفريدوم هاوس ومرتبة عالية في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، يجعل موقعها من تعاون الدولة أمراً حيوياً بالنسبة إلى أي محاولة جادة من أجل ردع الصين عن غزو تايوان.
قام فريق بايدن بالتودد للوبي الديموقراطية بينما عزل العلاقة عن تدخله السيئ، فأقنع ماركوس بالسماح للولايات المتحدة بالوصول إلى أربع قواعد استراتيجية جديدة مهمة على أراضيه، حيث أطلق البلدان أكبر تدريب عسكري مشترك بينهما منذ ثلاثة عقود. هذه بالتأكيد نتيجة أفضل من أي شيء أنجزته إدارة بايدن من خلال التدفق الحماسي للمحاضرات الأخلاقية التي أطلقتها ضد ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان.
الأخلاق لا الأخلاقوية
في زيارته الأخيرة لفيتنام، اختار بلينكن مرة أخرى الأخلاق على الأخلاقوية، فامتنع عن انتقاد الحزب الشيوعي الفيتنامي بسبب سياساته الكثيرة التي تثير استياء لوبي الديمقراطية، وذلك لمصلحة دعم تحالف الدول الذي يهدف إلى منع الهيمنة الصينية في المحيطين الهندي والهادئ. وأشار ميد إلى وزير خارجية الرئيس الأسبق هاري ترومان دين أتشيسون الذي فكر بعمق في مكانة الأخلاق ضمن السياسة الخارجية. وقال سنة 1964: “إن النزهاء الذين يسعون إلى استخلاص السياسة الخارجية من المبادئ الأخلاقية أو الأدبية هم مضلِلون ومضلَلون تماماً كالمكيافيليين المعاصرين الذين سيديرون علاقاتنا الخارجية من دون اعتبار لها».
كانت سياسة الحرب الباردة الأمريكية الهادفة إلى وقف انتشار الاستبداد السوفياتي، كما اعتقد أتشيسون عن حق، أخلاقية بشدة. اليوم، تابع ميد، أصبح الحزب الشيوعي الصيني قوة توسعية واستبدادية يهدد طموحها المفرط الحرية في جميع أنحاء العالم. تقود المصالح والقيم الأمريكية واشنطن إلى معارضة هذا الطموح، حتى في وقت تسعى خلاله إلى تجنب كارثة حرب أخرى بين القوى العظمى.
مشكلة الأخلاقويين
يريد عدد كبير جداً ممن يصفون أنفسهم بأنهم نشطاء الديمقراطية أن تبدد الولايات المتحدة طاقتها الديبلوماسية على المواقف الأخلاقوية. إنهم يفضلون إعطاء الخطب والعقوبات الأولوية على بناء تحالف متعدد الأطراف لكبح التوسع الصيني. مشكلتهم ليست أنهم يحبون الاستقامة كثيراً. مشكلتهم هي أنهم لم يفكروا إلا قليلاً جداً وبشكل سطحي جداً حول ما تتطلبه الاستقامة فعلاً.
غالباً ما تتطلب السياسة الخارجية الأخلاقية براغماتية. تطلب إلحاق الهزيمة بألمانيا النازية تحالفاً مع الاتحاد السوفياتي الذي يماثلها شراً. وكان تقارب الرئيس نيكسون مع صين ماو التي كانت آنذاك في ذروة الثورة الثقافية المرعبة، مدفوعاً بالمثل بالحاجة إلى مواجهة التهديد الأكبر الذي كان يمثله الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت.
لا يمكن استدامة الوهم
بعد الحرب الباردة، اعتقد العديد من الأمريكيين أن التطوير الأخلاقي العالمي قد حل مكان الأمن القومي كهدف رئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية وأن الحسابات البراغماتية كانت شكلاً من أشكال الجبن الأخلاقي. حسب ميد، لم يعد بالإمكان استدامة تلك الأوهام. أمريكا بحاجة إلى أصدقاء الآن ولا أحد يحب أو يثق بالواعظ التأديبي المثير للشجارات.