آراء الكتاب
مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل
abdalmaqsud@hotmail.com
انتبهوا أيها السادة
إذا ما تنبهنا بأن هناك خطورة كبيرة على منطقتنا العربية، سبب تزايد الخطاب الديني المتشدد وتعالي أصوات الطائفية، التي تزيد من حجم الكراهية والحقد وتأجيج روح الانتقام بناءً على الدين أو الطائفة، وهو خطاب شديد الخطورة لأنه يمس معتقدات بالأفضلية على حساب طوائف وتشريعات أخرى، ثانية تفعيل دور المشاركة في بناء الوطن من دون إقصاء وتجاهل لأي فئة مهما كان لونه وعرقه ودينه وتوجهاته
فالعنف لا يولد إلا العنف، وبناء الدول بهذه المنهجية أمر بغاية الخطورة نحن على مفترق طريق إما الى الهاوية وإما الى النهوض بالشعب والوطن، لأن هناك أرواح تزهق من دماء الشعب الذي يعاني عدم الاستقرار، في حين أن دماءنا واحدة، ومصيرنا واحد، والذي يتربص بنا من كل جانب ويريد لنا الفشل أيضا واحد .
والحل في وحدة الأراضي والسلم الأهلي وإعادة البناء والإعمار وإعادة المهجرين من المخيمات من أولى الأولويات الواجب التعامل معها ، والكثير الكثير من العمل الجاد، فمثلا سوريا تحتاج لوحدة الصف و بناء المؤسسات ومشاركة مجتمعية لتحسين معيشة المواطن والتطلع المستقبلي لدخول الاستثمارات الواعدة، لأنه في ظل الوضع الحالي لا يمكن لأي دولة أو أفراد أن يقوموا بأية استثمارات في ظل دولة تبحث عن الاستقرار الاقتصادي .
كما أن بناء الوطن يحتاج لتكاتف الجميع والرقي بالمؤسسات والهيئات لتحقيق الأمن والأمان لتحقيق التعايش السلمي والحياة الكريمة لمواطن، من خلال سن القوانين والتشريعات التى تصب في الصالح العام .
رنا الشريف – كاتبة
دور الوالدين في الدراما
ما نشاهده هذه الأيام على الشاشات لا يمت للواقع بشيء، ةإذا كان الهدف من الدراما نقل الواقع أو تغييره، فأعتقد أن أموال الانتاج كانت كفيلة بأن تغير الواقع بالفعل إذا وزعت على مشاريع تخدم الإنسان والواقع، ووجود الوالدين في الدراما الرمضانية يحس المجتمع للتغيير السلبي والمشاركة في الانحراف الأخلاقي، ففي السابق كان وجود الأب أو الأم في الدراما يبهر العين والفكر، والقصص كانت تبجلهم وتجعلهم في موقعهم السليم، في دور المرشد والمثل الأعلى وإبراز الاحترام لهما .
اليوم نراهما في مشاهد مغايرة بحكم أن المجتمع تغير، وهذا كذب وافتراء لأن الدراما تبحث عن الشاذ من المجتمع لتعممه وتجعل منه ظاهرة، فالابن يحرق أباه وكان المؤلف قادرا على تقديم فكرة مختلفة وبعيدة عن استمتاع الابن بهذا الانتقام، فمهما حدث من الأب فلا يصح الانتقام بهذا الشكل مما يجعلنا نفهم أنها رسالة مقصودة لانتشار العنف تجاه الأب، وابن هذا العام يصفع أمه على وجهها بالكف، في مشهد مهيب تخلع منه القلوب من الصدور، لماذا فكر المؤلف في هذا الحدث وكان قادرا على وضعه في سياق آخر، وفي المسلسل نفسه تقريبا ينادي الابن على أبيه أو يقول له ضمن الحوار يا "حمار" إشارة للأجيال الحالية والقادمة برفع التكليف بين الأبناء والآباء .
نحن بصدد هجمة شرسة على المجتمع لتفكيك مفاصله الحقيقية وهي القوام الأسري، والعبث فيه بالتشكيك والتطاول على الآباء رمز المجتمع، بخلاف الاستهتار وموافقة الآباء والأمهات على عمل الأبناء في الأعمال المشبوهة والمنافية للقانون والأخلاق، لذلك نناشد المجتمع بالتمسك بالقيم ورفض ما يحدث من عبث، فالدراما لا تمثلنا كرجال شرقيين لهم الريادة في الأخلاق والانتماء ومشهورين بالشهامة والرجولة والتمسك بالمعتقد .
علاء رياض
شهر التغيير والتواصل الإنساني – ١
رمضان، هذا الضيف الكريم الذي لا يشبه غيره من الشهور، شهر يحل بنفحاته الروحانية ليملأ النفوس طمأنينة، ويعيد ترتيب الأولويات، ويوقظ في القلوب مشاعر التراحم والعطاء. إنه ليس مجرد دورة زمنية تتكرر كل عام، بل هو تجربة متجددة تحمل في طياتها دروسًا بليغة في الصبر، والانضباط، والإحساس العميق بمعنى الحياة وقيمتها.
رمضان ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر إلى المغرب، بل هو تدريب للنفس على التحكم في رغباتها، وتهذيب السلوك، وإعادة النظر في العادات اليومية التي أصبحت جزءًا من الروتين. إنه فرصة ذهبية لمن يريد أن يبدأ من جديد، ويطهر قلبه من شوائب الحياة، ويعيد ضبط بوصلته الروحية نحو الخير والصفاء. في هذا الشهر، يكتشف الإنسان أنه قادر على تخطي شهواته، وأن الإرادة الحقيقية يمكنها أن تنتصر على الرغبات مهما بدت ملحّة، وهذا الدرس الذي يقدمه رمضان لا ينتهي بانتهاء الشهر، بل يمتد أثره إلى بقية العام، ليمنح صاحبه قوة داخلية تعينه على مواجهة تحديات الحياة .
والصيام ليس مجرد جوع وعطش، بل هو حالة روحية متكاملة تهدف إلى تحرير النفس من قيود المادة، ورفع مستوى الوعي والإدراك نحو معانٍ أعمق. فحين يجوع الإنسان في نهار رمضان، لا يكون الهدف مجرد الامتناع عن الأكل والشرب، بل هو شعور عميق بمعاناة المحتاجين، وإحساس حقيقي بمن يبيت ليله دون طعام، فيتحول الصيام إلى درس في الإنسانية قبل أن يكون عبادة مفروضة. كما أن الإمساك عن الكلام الجارح، وضبط الأعصاب، وتجنب الغيبة والنميمة، كلها أشكال من الصيام النفسي الذي يرقّي الإنسان ويجعله أكثر وعيًا بأفعاله وكلماته.
وفي هذا الشهر، تصبح الروحانية أسلوب حياة، حيث تغدو العلاقة مع الله أكثر قربًا، فيرفع العباد أكفهم بالدعاء، ويمضون ساعاتهم بين صفحات القرآن، ويقفون في صلواتهم بخشوع لا يتكرر كثيرًا خلال العام. إن رمضان هو اللحظة التي يشعر فيها الإنسان بأن الله أقرب إليه من أي وقت مضى، حيث تصفو القلوب، وتذوب الأحقاد، ويشعر المؤمن بأن روحه تعود إلى نقائها الأول .
في رمضان، يتجلى العطاء بأجمل صوره، حيث يصبح الكرم سمة بارزة للمجتمعات الإسلامية، وتمتد موائد الإفطار الجماعي في كل مكان، وتزدحم الجمعيات الخيرية بالمبادرات، وتصبح الصدقة عادة يومية. يشعر الناس في هذا الشهر بأن السعادة الحقيقية ليست في الأخذ، بل في العطاء، وأن الفرحة الأعظم تكمن في رؤية ابتسامة الفقير وهو يتلقى يد المساعدة.
هذا الشهر يعيد تشكيل العلاقة بين الأغنياء والفقراء، ويقرب المسافات بين الطبقات الاجتماعية، حيث يتساوى الجميع في الإحساس بالجوع والعطش، ويتذكر القادرون معاناة المحتاجين، فتتحول مظاهر الترف والبذخ إلى بساطة، ويشعر الجميع بأنهم جزء من مجتمع واحد متكافل. كما أن زكاة الفطر تأتي كلمسة ختامية لهذا العطاء، فتكون بمثابة عيدية الفقراء التي تضمن لهم فرحة العيد مثل غيرهم، مما يعزز قيمة التضامن والتكافل الاجتماعي
وفي عصر التكنولوجيا المتسارعة، حيث أصبح التواصل الافتراضي بديلاً للعلاقات الحقيقية، يأتي رمضان ليعيد التوازن إلى هذه المعادلة، فيجمع الأسر على مائدة واحدة، ويحيي العادات العائلية التي كادت أن تندثر. مائدة الإفطار في رمضان ليست مجرد وقت لتناول الطعام، بل هي لحظة دافئة يلتقي فيها أفراد العائلة، يتبادلون الأحاديث، ويستعيدون ذكريات الطفولة، ويجدون في هذا الاجتماع فرصة لتعميق أواصر المحبة التي أضعفتها مشاغل الحياة .
حتى السحور، رغم بساطته، يحمل في طياته أجواء خاصة، حيث يجتمع أفراد الأسرة في سكون الليل، يتشاركون لقيمات خفيفة قبل أن يعودوا إلى أسرتهم، وكأنهم يحيون تقليدًا جميلاً يحمل في طياته كثيرًا من الحميمية. رمضان يعيد إلينا قيمة العائلة، ويذكرنا بأن الروابط الإنسانية لا يجب أن تضعف أمام زحام الأيام، بل تحتاج إلى لحظات من التلاقي والتواصل الصادق .
المستشار الدكتور خالد السلامي- رئيس جمعية أهل ذوي الإعاقة
المعدل الحقيقي
يقال إن رجلا كان نائما تحت جدار متهالك، فجاء رجل مسرعاً نحوه وأيقظه وساعده على الانسحاب من المكان، وإذا بالجدار ينهار فأدرك أنه كان هالكاً لا محالة، التقط أنفاسه ثم شكر الذي أنقذه وأراد أن يرد له معروفه فسأله عن اسمه، قال أنا إبليس، اندهش الرجل من موقفه معه وسأل أتفعل الخير في وأنا من البشر، فقال له مطلقاً، لو تركتك تحت الجدار لكنت شهيدا تنعم بالجنة، كذلك بعض الأشخاص يقدمون لنا الخدمات التى نراها في صالحنا ولكنها في الأصل ليست كذلك
وهذا الأمر نشاهده في منظومة التربية والتعليم في بعض دولنا النامية، يوصي أولياء الأمور لجنة الامتحان بأن يقفوا بجوار أبنائهم بكل شيء، بالغش وتقديم المعلومات لتحصيل أكبر نتائج ومعدلات في الاختبارات، معتبرين أن هذه خدمة يشكر عليها مقدم الخدمة لكنها في الأصل خدعة كبرى، فالطالب الذي حصل على المعدل العالي، بخس حق طالب آخر من تحصيل المعدل العالي بجهده، رسخ في نفوس زملائه الكره والحقد وفقدان الأمل، ودخل المرحلة التالية بمعدل ليس المعدل الذي يعبر عن مكانته العلمية معتمدا على الغش في جميع المراحل العلمية، كالرجل الذي تم إنقاذه من تحت الجدار .
على الأباء أن يدركوا أن معدلات أبنائهم لابد أن تكون حقيقية، فالمعدل الحقيقي ليضعه في المكان المناسب ويستفيد منه المجتمع والوطن، فما الفائدة أن يتقلد منصبا رفيعا وهو ليس أهل له، ولأن الجميع يتمتع بخصال وموهبة، فلماذا الخوف على الأبناء؟ قد يكون ميوله في اتجاه مختلف عن الذي يدفعه فيه الأب، لذلك على الجميع الحرص بأن الطالب يأخذ حقه بدون تدخل أهل الشر في تفتيت المجتمع وضياعه بسبب العبث في منظومة التعليم .
الشيماء محمد – خبير صحافة وإعلام تربوي
ابتعد عن الجفاف
ينصح الأطباء هذه الأيام بتكثيف أكل عدة أنواع من الأطعمة المفيدة لتجنب تأثير الجلد من عدم شرب الماء لفترات طويلة، وذلك بسبب نقص المياه فى الجسم على مدار اليوم ، كما أن الأشخاص لا يتناولون الأطعمة الصحية بعد الإفطار لتعويض فقدان المياه خلال فترة الصوم .
فهناك خطوات يجب الالتزام بها واتباعها لتجنب المشكلات الصحية، من أهمها تناول طبق من السلطة الخضراء يوميا، لأنها تحتوى في المقام الأول على الجزر والفلفل الأخضر والجرجير والخيار وغيرها من الخضروات الأخرى إذ أن التركيز على هذه الأنواع يساهم فى تعزيز الجسم بالمياه المفقودة طوال اليوم .
كما يقدم أطباء الأغذية بعض الارشادات المهمة لتجنب التعرض للجفاف، منها شرب السكريات الناتجة من الفاكهة الطبيعية، وشرب الماء الذي يحتوي على المكونات الطبيعية بعيدة عن منتزعة الفائدة، وما تلقب الماء الميت الذي لا يوجد في عناصر الماء كاملة، بهذه الإرشادات يتمكن الصائم أو من يتعرض لعدم وجود فترة طويلة بعيدا عن الطعام أن يتناول ما أشار إليه الأطباء ليتفادى الكثير من الأمراض الخطيرة التى تصيب الكلى وغيرها من الأجهزة التى تعتمد على الماء في وظائفها .
رفاعي محمد راشد
احذر السلبيين
نتعرض لدخول شخصيات سلبية إلى حياتنا وكأننا أداة جذب، خاصة للأشخاص غير سويين بالمرة، وضروري أن لدينا سمات تجذب هؤلاء، فهل المشكل فينا، أم فيهم، ما سبب كل هذا؟ كلها تساؤلات يجب أن تعرف أسبابها لكي نحذرهم ونرفض وجودهم بيننا، ليس بضرورة أن نكون سيئين ليقتحموا علينا أبواب حياتنا .
الإنسان الذكي الذي يستطيع أن يحل مشاكله ويفكر خارج الصندوق هو أكثر عرضه للاستغلالين والنرجسيين من اقتحام معبده وتعكير صفو الحياة للاستفادة الكاملة من الشخص الذي يعتبر شرنقة لكل آفاق، إذا كنا من النوع الذي يتجنب المشاكل ومسالمين بطبعنا، فهذا يعني أننا الضوء الذي يجذب البعوض بكل سهولة ويسر، هؤلاء الشخصيات السامة لدخول حياتنا والعبث بها، والحل في هذه الحالات يكون برسم حدود حمراء لعدم تجاوزهم واقتحامهم عقولنا
أما الشخصيات التى تثق في الآخرين من السهل اقتحامهم والعبث في حياتهم من قبل المخادعين الذين يعكفون صفوة الحياة ويجعلون هؤلاء الأشخاص الأسوياء يدخلون في حالات اكتأب وعزلة شديدة، وهذا من البداية خطأ فليس كل من هم في محيطك يحبونك بل هناك من يكره لمجرد الكره، كما أن الكرماء مع الناس من دون توازن يكونوا فريسة لكل استغلالي نرجسي مريض نفسي، لكي يستغل كرمهم في ملئ احتياجاته اللامتناهية سواء نفسياً أو مالياً، فلابد أن يكون هناك أسلوب للرفض وعدم اعتياد على العطاء بدون حساب، حتى لا يتحول الكرم إلى سفه، ولنعلم أن العطاء بدون مقابل وبلا حدود مع الوقت سيكون حق مكتسب لهؤلاء الانتهازيين.
الشخص المبدع صاحب التفكير أيضا يتعرض لسطو المتسلقين، مستغلين حب هؤلاء الأشخاص لمساعدة الآخرين لإغراق المبدع في مشاكل هو في غنى عنها، ويستنزفونه حتى آخر نفس فيه، لو اعتقد أي شخص أنه محبوب من المجتمع، فهذا لا يبعده عن الشخصيات السلبية التى تمتص دمه و تتغذى به، لذلك على هذا النوع أن ينتبه جيداً لطرد هذه النوعية المتعلقة من حياته ليعيش في سلام نفسي، أما الشخص الذي تعود أن ينصت للأخرين ويكون جزءا من الحل هو أكثر عرضة للاكتئاب لكثرة الاستماع مشكلات غيره والتعايش معها بكل جوارحه وإحساسه، فالذي يحكي يفرق الطاقة السلبية عند المستمع ويرحل بعد أن يصب في جعبته كل سلبياته وضياعه في عقله، فالحاكي أو الشاكي يرتاح وهو يحمل كل الطاقة السلبية .
لهذه الأسباب ينبغي أن يحذر الجميع من المنتهزين والأفاقين باسم الأخلاق أو حب الناس أو الكرم أو غيره من الخصال الحميدة، ويتجنب أصحاب الفكر والإبداع التفريط في فكره للاستغلال وغير ذلك من الذين يسعون لمساعدة المجتمع
حمادة الجنايني
زِيُّ اَلْبَنَاتِ
أَنَا بِنْتُ مِشِّ زِيِّ اَلْبَنَاتِ
أَتْعِلِمْتْ أَقِفُ بَعْدُ كُلِّ وَقْعَةٍ وَوَقْعَةٍ
حُزْنِ فَرَحِ تَعَبِ مَعِي مِش فَارِقَةٍ
مِنَّا بِنْتِ مِشِّ زِيِّ اَلْبَنَاتِ
اَلصَّبْرِ عِنْدِي مَدْرَسَةٌ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ دَايْمَا كُويْسَة
قَلَمِي هُوَ سَيَفِي
مُعَرْفَشْ مَعَهُ أَبَوِيًّا
وَلَا صِحْبِي أَوْ أَخَوِيًّا
بِحَافِظٍ عَلِي كَلِمَتِي
وَبِصَوْنٍ قَوِيٍّ عِشْرَتِي
بَسْ لِمَا بُزَعْلْ يَكْفِيكَ شَرُّ قَلْبَتِي
مَا بَنَتْ مِشَّ زِيِّ اَلْبَنَاتِ
أَنَا رَاجِلٌ وَقْتُ اَلْجِدِّ
وَخَلِيطٍ مِنْ أَلَّفَ سِتَّ وِسْت
أَنَا اَللَّيُّ فِي اَلشِّدَّةِ بُقَع وَأَقُومُ تَأْتِي
مَا هُوَ رَبُّنَا قَوَّانِي
مِشٌّ يَخْلُقُ مِنْ اَلْعَدَمِ كُلَّ شَيْءٍ
جَدِيدٍ
سماح سليم – شاعرة
صراع القيم في روح الشباب
يحلّ شهر رمضان ببركته ، كنسمة تلامس القلوب المتعبة ، ليعيد ترتيب الأرواح المبعثرة في زحام الحياة ، لكنه يأتي اليوم محاطًا بأمواج العولمة العاتية ، تلك التي تجرف الإنسان بعيدًا عن ذاته ، تصنع منه كائنًا رقميًا غارقًا في الاستهلاك واللهاث وراء مظاهر لا تنتمي إلى جوهره الروحي .
الشباب هذا الجيل الذي يتأرجح بين إرث الماضي وإيقاع الحداثة ، يجد نفسه في مواجهة مزدوجة ، بين روحانية رمضان التي تدعوه إلى التأمل والصيام والعبادة ، وبين صخب العولمة التي تحاصره بشبكاتها الافتراضية ، ومسلسلاتها الاستهلاكية ، وإعلاناتها التي تزين له المائدة قبل أن يتهيأ لصلاة ، في زمنٍ كان ينبغي أن يكون للتقشف والخشوع ، تتحول الليالي الرمضانية إلى سباق استهلاكي ، بين برامج الترفيه ومنصات التسوق التي لا تنام .
لكن رغم هذا الصراع ، يبقى في الشباب ومضةٌ من وعي ، توقٌ إلى العودة نحو الأصالة ، شعورٌ بأن رمضان ليس مجرد طقوس ، بل رحلةٌ إلى الذات ، قد تُغرِق العولمة الإنسان في بحرٍ من المغريات ، لكنها لن تستطيع أن تطفئ نور الفطرة التي تحنُّ إلى السكينة ، فالشباب الذين يتأملون في معاني الصيام ، ويبحثون عن الصفاء في زحام الحداثة ، هم الذين سيعيدون التوازن ، وسيجدون في رمضان فرصةً للانتصار على النزعة الاستهلاكية ، واستعادة قيم الرحمة والبساطة والتأمل
ما بين العولمة ورمضان ، المعركة قائمة ، لكنها ليست حربًا خاسرة ، فمن يُحسن إدارة توازنه بين عالمه الرقمي وروحه الباحثة عن الصفاء ، سيمضي في طريقٍ لا تسرقه فيه العولمة من نفسه ، بل يجعله رمضان أقرب إلى ذاته ، أقرب إلى الله
حيدر فليح الشمري – كاتب صحفي
الجامعة
لم تكن الجامعة مكانا للمعرفة وصقل العلم ودراسة المناهج المقررة على الطلاب فقط، وإنما مكان للترويح عن النفس والحب أحيانا، وغالبا ما يلفت نظر البنت في هذه السن هو المعيد أو دكتور حديث التخرج، يشترط في المعيد خفة الدم وسرعة البديهة والوسامة .
كل هذه المواصفات كانت في المعيد "سمير"، الذي أبهرني بنحته المميز وبراعته في التشريح الجسدي للتمثال، انسيابية أنامله وهو يلمس الطين الصلصال وحذف أو إضافة قطعة تكمل التجسيد كأنه يرسمني أو ينحتني، قطعة الصلصال كأنها أنا ملمسه يصلني وكأن يديه تعبث بمحيطي الجسدي .
يوما بعد يوم وأثناء محاضرته العملية كنت الطالبة الوحيدة التي تلاصقه، كأنني جزء من تمثاله أو حكايته، شعور طيب وإحساس مميز أن أكون في الكادر معه، أي كادر المهم أن نصبح كيان واحد أشم رائحته الذكية ونوع عطره المميز، لم اهتم بهمس ولمز زميلاتي، منهن من لاحظن هذا الفعل ومنهن من اعتبرن وقفتي للتعلم ورؤية اللوحة من منظور المعيد .
لم أبالي برأيهن إيجابيا أو سلبيا كنت أرى نفسي فوق الشبهات وعندي حرية مطلقة في تصرفاتي ما دامت لا تؤثر ولا تضر أحدا، يكفي أني مسرورة وسعيدة بالقرب منه، هذه الأفعال تتم رغم عني وبدافع مخالف لتركيبتي النفسية، لكن الأمر بات محير خاصة وأن رؤيته صارت إدمان وعشق ولهفة لسماع صوته .
وجوده في المدرج يشعرني بسعادة وتملك وكأنه ملكي وحدي ويشرح لي فقط، فكل من بالمحاضرة ضباب غير مرئي، الواقع تحول لحلم جميل أعيش فيه بمفردنا، لم ارى سواه ولم أشعر بنبض قلبي ولا كوني أنثى إلا في وجوده، قيثارة حب تشتعل داخلي حين أراه، حديثه أقوال مأثورة وحروفه سلاسل من لؤلؤ ينسجها في كلمات .
زملائي الذكور لم أرهم ولم أشعر تجاه أي منهم بأدنى درجات الإعجاب، لم يظهروا في الكادر مع أن العديد منهم حاول أن يقترب مني عن طريق الكلام المعسول وتمثيل الثراء والجدية، أراهم مجموعة من المراهقين السطحيين مع أن منهم من يتقلد رئيس اتحاد الطلبة، لا تربطني بهم سوى المحاضرات وأحاديث عامة وحوارات في السياسة والظواهر الاجتماعية الدخيلة على مجتمعنا، حبيبي مختلف تماما وفي مربع يغرد منفرداً بعيد عنهم بسنوات ضوئية .
مع مرور الوقت تبادلت نظراتنا وصرحت العيون بما في القلوب من هوى وعشق، أعيش حالة من الهيام لمجرد النظر إليه وأحزن عندما يغيب عن المحاضرة ويحضر زميله المعيد "خليل"، يعطي نفس المنهج، كان "خليل" أمهر من "سمير"، لكن لم أركز معه حين يشرح على المجسم ولا أهتم بحديثه وربما انصرفت من المدرج تماماً لأجلس في الكافتيريا واحتسي القهوة وعيني على البوابة الرئيسية ربما يأتي "سمير" وأراه ليصبح يومي فيه بهجة وسعادة .
يتمتع بحضور وسرعة بديهة ، جذاب، ملابسه أنيقة وتعتبر ماركات عالمية، يعيش في ثوب فنان تشكيلي، يفتح أول أزرار في قميصه ومن فوقه جاكت أنيق للغاية، شعره أسود ناعم طويل يصل لبداية كتفه، يهتم بأنواع مميزة من العطور الفاخرة، حتى حذاؤه مميز ومتناسق مع ملابسه، بالإضافة لحقيبة الظهر الجميلة جداً، كل هذه الخصال محفورة في ذاكرتي وأشتاق لرؤيتها يومياً .
كانت سنوات الكلية تمضي سريعاً ولقاؤنا ينقطع مع الإجازة لكن استمر في الذهاب للجامعة بعد التخرج لعلي أراه أو أسمع عنه خبرا يريح قلبي ويسعدني، كان مبرري وجود زملاء لي لم يحالفهم الحظ للنجاح، كنت أذهب للجلوس معهم والاستمتاع برؤية "سمير" الذي شغل جزءا كبيرا من تفكيري الدائم، صوته مشيته شرحه هندامه اهتمامه بكل تفاصيل حياته حتى وقفته أثناء الشرح أو الاستماع للطلاب وابتسامته الخفيفة الناعمة التي تشع أملا وترسم البهجة في قلبي .
سحر الألفي- كاتبة