آراء الكتاب

آراء الكتاب

مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع  بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل 
abdalmaqsud@hotmail.com

تظافر الجهود من أجل السلام  
عندما تتعانق الأيادي البيضاء ، وتتوحد النوايا النقية تحت راية السلام ، تنبت في أرض الوطن أشجارٌ وارفة الظلال ، ويُصبح للتراب لحنٌ يشدو بالحياة ، فما من وطنٍ يُبنى بالانقسام ، ولا من مستقبلٍ يُرسم تحت دخان الحروب ، السلام ليس هدنةً تُكتب على الورق ، بل هو روحٌ تُسكب في النفوس ، وعملٌ دائب ، وجهودٌ تتظافر لبناء صرحٍ تتفيأ فيه الأجيال الأمن والاستقرار. 
فحين تتشابك الأكفّ بصدق ، وتتعانق الأرواح بمحبة ، تُولد الأوطان من رحم الأمل ، وتنهض من بين ركام الألم ، لتعلن للعالم أن السلام هو المعجزة الوحيدة القادرة على جمع الشتات ، ورأب الصدع ، وإعادة العمران إلى أرضٍ عطشى للطمأنينة ، فليس من قوة تعلو فوق صوتٍ يُنادي بالتسامح ، ولا من مجدٍ يُبنى على غير أساس التعاون. 
وكما قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو في قمة المسؤولية والحكمة : "إنّ عماد الدين ، وجماع المسلمين ، والعدة للأعداء ، عمارة الأرض" ، فبعمارة الأرض يبقى الدين متينًا ، وتبقى الأوطان قوية في وجه العواصف، ولن تعمر الأرض إلا إذا اجتمعت القلوب على السلام ، وانصهرت الأيدي في عملٍ واحد ، يتجاوز الجراح ، ويُعيد للبشر وجوههم الباسمة. 
إن الأوطان لا تقوم على فردٍ مهما علا شأنه ، بل على جماعةٍ تصطفّ كتفًا بكتف ، تهدم الجدران الوهمية التي تفرقهم ، وتشيد جسورًا من التفاهم والتعاون ، فإذا تظافرت الجهود، عمَّ السلام، وإذا ساد السلام، نمت الأوطان، وسار أبناؤها بخطى واثقة نحو غدٍ مشرق، فالسلام ليس راية تُرفع وقت الحاجة ، بل ثقافة تُغرس في النفوس ، ليكون البناء ثابتًا ، متينًا ، لا تهزه الأزمات ، وعندما تلتقي الجهود من كل الأطياف ، يعلو الوطن ويزهو ، ويصبح السلام لغة الأرض والإنسان. 
 حيدر فليح الشمري – كاتب صحفي 

مجلات الحائط 
فيما مضى كانت التربية والتعليم مهتمة بالأنشطة اهتماماً كبيراً، لأن الأنشطة بمختلف توجهاتها تصب في تنمية قدرات التلاميذ الفكرية والمهارية، بل وتدعم المعلم لاكتشاف المواهب من هؤلاء التلاميذ، فالأنشطة المعتمدة في التربية والتعليم تبدأ بالإذاعة المدرسية التي يعدها قسم الإعلام بالمدرسة مع الإشراف ومدرسو اللغة العربية، والتلاميذ يقدمون ما تيسر من آيات الكريم وحديث نبوي والأخبار الرئيسية وقصائد شعر وكلمة، والحقيقة أن هذا النشاط خرج كوادر من المذيعين والكتاب والشعراء وفنون الأداء. 
ومن الأنشطة التي كان لها وجود كبير، حصة الزراعة التي يخرج فيها التلاميذ ليشاهدوا أوراق الشجر على الطبيعة ويعرفون اسمها والمقارنة بين المحاصيل، ونشاط التدبير المنزلي، وكان التلاميذ يتعرفون على عمل المربى، وبعض الأطعمة، ونشاط الرسم، المسرح، الموسيقى، والنشاط الرياضي، وكل هذه الأنشطة لها معلمون وموجهون، وتحضير ودرجات، لكن كل هذا صار ينفذ بصيغة الروتين بعيدا عن العمل الجاد والاهتمام باكتشاف المواهب. 
ونشاط مهم من وجهة نظري لا يقل عن الأنشطة السابقة، وهي مجلة الحائط التي يشارك في تنفيذها عدد من التلاميذ الذين يرغبون في التعاون لعملها تحت إشراف المعلم أو المعلمة وبإرشاداتهما، المجلة غالبا ما تكون على لوحة متر في ٧٠ سم باي لون أبيض أو أصفر، المهم أن الألوان والخط يظهر فيها، وتجتمع التلاميذ لرسم أماكن الموضوعات، والترويسة في أعلى اللوحة وتحته خط بعرض اللوحة تماما، يكتب فيه أسماء المحررين والمشرف، ويتفنن المحررون في رسم مربعات ودوائر لكتابة الموضوعات التحريرية بداخلها، ويتم وضعها على الحائط بالفصل، وكل فصل يعد مجلة ويتم عليها مسابقة لأفضل مجلة، حالياً تقوم المكتبات الخارجية بعمل هذه المجلات بمقابل للتلاميذ، فأصبح عصر الاستسهال في كل شئ .
من فوائد هذه المجلة تربية النشء على العمل بروح الفريق، البحث والقراءة لاختيار موضوعات، توفيق الصور من الصحف والمجلات لإقرانها بالمحتوى، اكتشاف مواهب في الصحافة وتشجيعهم على القراءة وكتابة المقال والشعر والأبحاث، لكن للأسف ضغط المناهج التعليمية وقصر الوقت منع المدارس من الاستمرار في هذا الاتجاه الإيجابي في تربية نشء على الثقافة والمعرفة وحب العلم والمدرسة والمعلم، بعودة هذه الأنشطة ستستقيم القيم وتعود المواهب الحقيقية تقود الساحة.
الشيماء محمد – خبير صحافة وإعلام تربوي 

القدم السكري 
زرت صديقاً من مرضى السكري المحجوزين بالمستشفى، كان محجوزاً بسب جرح بسيط جدا في قدمه، وقبل أن أدخل له كان معه الممرضات ومنعنا من الدخول حتى ينتهين من عملهن، فوقفت أنتظر مع مرور أحد الأطباء الشباب، سألته عن صديقي وعن أحواله، فكانت الصدمة أن صديقي لو تأخر في الحضور للمستشفى لكان قد خسر قدمه. 
سألت الطبيب حتى أتجنب هذه الحالة ، قال :إن مرضى السكر إذا تعاملوا مع المرض بسخرية كانت العواقب وخيمة، لأن القدم السكري من الأمراض التي تحدث نتيجة الاستهتار في التعامل مع السكري بأسلوب خاطئ، خاصة وأن الشخص المريض بالسكري من النوع الثاني، يكون بسبب نقص في إنتاج الأنسولين في الدم، وبالتالي لا يمتص الجلوكوز إلى الخلايا بشكل سليم، وهنا تبدأ الأوعية الدموية والأعصاب في الجسم تتأثر بسبب المضاعفات، وفي هذه الحالة ينتج عدم تدفق الدم بشكل كامل إلى القدم، وارتفاع معدل السكر في الجسم يؤدي إلى إبطاء شفاء الجرح، وتلف في الأعصاب الذي يتسبب في عدم الشعور بالقدمين، ولا بالألم نهائياً حتى مع الأصابة بجروح وتشققات وما شابه ذلك. 
تختلف أعراض المرض على حسب شدة الحالة، ومن شخص لآخر، ولكن في الأغلب هناك أعراض شائعة للقدم السكري ومنها، عدم الإحساس، وخز أو تنميل ،خدر، جروح وبثور دون ألم، تغير لون الجلد ودرجة الحرارة، خطوط حمراء، ووجود جروح بدون أو مع صديد، وفي حالة صديقك الأمر تعدى مرحلة الخطرة، لكن إذا كانت الحالة تضاعفت كنا سنجد المرض وصل إلى العظم ما يجبر الفريق الطبي أن يقرر بتر القدم تماماً. 
لم أكن على دراية بهذه الأمراض والمضاعفات التي تتسبب في العجز الكامل لشاب يقوم بالعمل لرعاية أسرته، علينا أن نثقف أنفسنا وننشر الوعي حتى نتجنب هذه الأمور الكارثية التي تنهي حياتنا وتجعلنا جلساء على الكراسي المتحركة، وبيدنا أن نجعل الحياة بشكل أفضل من خلال تنظيم غذائي سليم، والكشف الدوري على أجسادنا لحمايتها من الأمراض المزمنة. 
علي عبد الحميد 

الوساطة الفنية 
شهدت الدراما التليفزيونية في السباق الرمضاني هذا العام، وجوه جديدة من الممثلين أبناء العاملين، وهذه التجربة أثبتت أن الفن والأعمال المبنية على الموهبة لا يمكن أن تمر مرور الكرام من باب الواسطة، قد تنجح الواسطة في تعيين معيد في الجامعة بناء على وجود الوالد أو الوالدة في هيئة التدريس، وهذا شائع جدا في الجامعات التابعة للدول، نجد أسراً كاملة في الجامعة أو في السلك الدبلوماسي، هذه الأعمال لا تحتاج إلى موهبة لذلك لا يهتم أحد بها ولا تلفت انتباه المجتمع .
الوجوه الجديدة من أبناء الممثلين الكبار، لا تشفع لهم قبول الناس لحضورهم في الدراما واقتحام بيوتهم، فالموهبة ضعيفة للغاية ولا ترتقي لمكانة الفنان بل تقف عند مؤد فاشل، فكلهم بلا استثناء نفرهم المشاهد وتنمروا عليهم حتى خرج بعضهم يسب الجمهور ويتعالى عليه من خلفية أنا ابن الفنان الكبير، وغفلوا أن الجمهور هو المقياس الحقيقي لوجودهم في حقل الفن وعلى أساس الجمهور تقاس الأجور، فلا موهبة ولا خبرة في الردود ولا تحمل مسؤولية ولا حتى لديهم فن التعامل مع الجمهور. 
المجاملات موجودة على مستويات عدة، لكن في الفن والرياضة نعتقد أن الأمر مختلف، فلا يتمكن ابن الفنان الكبير أن يدخل المجال على أكتاف الوالد أو الوالدة، فالقبول والموهبة والمقارنة التى يضعها الجمهور بين الابن وبين والده تكون ظالمة تماما، خاصة وأن الجمهور لديه حساسية من التوريث الفني والرياضي، فكم من ممثل فشل فشلا ذريعا لمجرد أنه دخل الفن من باب أبناء العاملين، ولكن في المقابل قدم أبناء ممثلين قدراتهم الفنية واستفادوا من تدريب وتطوير أنفسهم لتحقيق النجاح، فالمفروض أن يكون هناك تكافؤ فرص بين الموهوبين الحقيقيين من خارج الوسط وأبناء العاملين، فالساحة فيها كوادر فنية من الشباب يستحق أخذ الفرصة للتعبير عن نفسه بعيدا عن المجاملات التي تدهور الصناعة، وتسيء للفن وللرياضة. 
حمادة الجنايني 


فن الرواية الأدبية.. جمال ومتعة ومعرفة 
الرواية نوعٌ أدبيٌّ راقٍ وإبداع فني يفيض جمالاً وإنسانية، وهي سِجِلٌّ حافل بكل المشاعر والحقائق والأفكار التي تموج بها دنيا البشر، فهي متعة لمحبي الفنون الأدبية، ومعين ينهل منه المثقفون ومن لديهم رغبة في معرفة المجتمعات ودخائل النفوس البشرية والتزود بالحكمة. 
ويمكن تعريف الرواية بأنها سرد وصفي يصور شخصية تمثل الإنسان العادي (إنسان الحياة اليومية) بدلاً من الإنسان الخارق النبيل الذي تقوم عليه الملحمة. 
وتمر الشخصية الروائية بحدث يجري في زمان ومكان وفيه عقدة يكون حلها في النهاية، بمعنى أن الرواية تتكون من مدخل يعرف القارئ منه الشخصيات والمكان والجو العام ثم تتدرج الأحداث شيئاً فشيئاً حتى يظهر الصراع وتنشأ الأزمة، وأخيراً تأتي النهاية ومعها الحل، والحل ليس في انتصار الخير بالضرورة أو في تعافي البطل، بل قد تكون النهاية مأساوية أو سعيدة أو مفتوحة، وذلك بحسب رؤية الكاتب. 
وتمتاز الرواية بكونها نوعاً أدبياً مفتوحاً بمعنى أنها قابلة لكافة ألوان التشكيل فهي ليست جامدة، بل يمكن للأديب أن يخلق أشكالاً جديدة يختلف بها عن غيره وتجذب له القارئ، فالرواية نوع أدبي مرن يقبل التشكيل والتجريب واحتواء أنواع أدبية أخرى، فقد تجد فيها الشعر مثلاً على لسان أحد الأبطال.  ومن أشهر الروايات العالمية التي رسخت جذور الرواية وجعلتها تحظى بهذه المكانة الرفيعة في كثير من دول العالم: رواية "البؤساء" و"أحدب نوتردام" وكلاهما من تأليف الأديب الفرنسي الكبير "ڤيكتور هوجو" وكذلك رواية "الفلاحون" للروائي الفرنسي الشهير "أونُروِيه دي بلزاك" وهناك "الحرب والسلام" و"أنَّا كارنينا" للروائي الروسي "ليو تولستوي" ورواية "الجريمة والعقاب" و"الإخوة كارامازوف" لدوستويفسكي وهو روسي أيضاً ، وفي ألمانيا ظهر الأديبان "ستاندال" و"هوفمان" وفي أمريكا ظهر "جون شتايِنْبِك" و"آرنست همنجواي" و"وليم فوكنر" وفي اليابان "يوكو ميشيما" أما في أمريكا اللاتينية فقد ظهر كل من: جابرييل جارثيا ماركيز، جورجي أمادو، ماريو بارجاس يوسا، إيزابيل الليندي، خوسيه ساراماجو، باولو كويلهو.. 
وهناك أسماء أخرى كثيرة جداً امتلأت بها سماوات الأدب العالمي المعاصر، وأمتعتنا بسحر الفن الروائي.. 
والرواية بلا شك إحدى الأدوية النفسية الفعالة، فهي متعة وشفاء من الاكتئاب والقلق والضغط النفسي والتفكير الزائد، بالإضافة إلى وظيفتها التنويرية وأهميتها الثقافية لكونها إحدى وسائل المعرفة كما أنها من أبدع تجليات الفن، والحياة لا تكون حياة إلا بالفن.. 
حاتم السروي

فن الإدارة 
يسعى كل صاحب رأس مال أن يختار أكفأ الكوادر البشرية لتحقيق الخطة الاستراتيجية للشركة، وعلى هذا الأساس وفي المقابل نجد أشخاصاً عند التخرج يكثفون المعرفة وصقل خبراتهم ومهاراتهم ليكونوا مستعدين لهذه الوظائف المتميزة في الشركات الكبرى، وعندما يلتقي الطرفان ويجدان في التعامل المشترك منفعة متبادلة، تبدأ عملية الإنتاج والدفع لتحقيق الهدف. 
أحيانا يتوقف الأمر على الفرق بين الأشخاص القيادية ومكانتها الحقيقية، فمنهم من يعمل لمجرد العمل الروتيني والحصول على الراتب وربما تقاعس بحجة العمل نظير الراتب، ولكن هناك أشخاص يعملون بجد واقتدار وبروح الفريق وبمنتهى التواضع، ولديهم فن في الإدارة وهذا النموذج الذي نشرت قصته على مواقع التواصل الاجتماعي بالتدريب وللمعرفة.  فرؤية القائد تجاه الموظفين تختلف كثيراً عن رؤية المدير التقليدي، وهذا ما ترجمه مالك أحد الشركات الكبرى، حين زار أحد الفروع ووجد أحد الموظفين نائماً وقت العمل، لم يصح ويحاول إثبات وجوده بالضغط على الموظف وإجباره على تقديم استقالته وخصم مستحقاته، ولو اعتبر النوم في العمل استهتاراً بالوظيفة وأن ألفاً غيره يأمل أن يعمل في الشركة. 
وقف المالك مبتسماً حين وجد الموظف في غفوة، وجلس بجواره والتقط صورة لهما ثم نشرها على موقع الشركة وعلق عليها بأن الموظف أخذ راحة بعد تعبه وإرهاقه الشديد في خدمة العملاء، لكي تبقى شركتنا الأولى في إرضاء العملاء، وجاءت ردود فعل العملاء إيجابية، واعتبروا الملياردير رائداً في علم الإدارة وتمكن من تحويل خطأ موظف عنده إلى ولاء الموظفين حين رأوا أنه يهتم بزميلهم، وكسب ثقة واحترام العملاء الذين لمسوا حنكته في الإدارة.  ستظل التجارب والخبرات تنتقل من جيل إلى جيل، وسيظل هناك أشخاص عالة على العمل ولا يؤمنون بروح الفريق وتحمل المسؤولية، كل ما يهمهم انتهاء اليوم والحصول على الراتب نهاية الشهر ليبدأ شهراً جديدا بنفس الأسلوب والعقلية المحدودة. 
علاء رياض 

عالم الحيوان 
نشرت جريدة الفجر الإماراتية فيديو على صفحتها بــ "الانستجرام " فتاة عشرينية تقف على قارعة الطريق وبيدها (صباته) موز يتوافد عليها القرود بهدف أخذ الموز والانصراف، لفت نظري تحضر القرود وهم يتوافدون على الفتاة، وكل واحد يأتي مسرعا تشعر وكأنه سيخطف ما لديها ويهرب، لكن المفاجأة أن كل قرد يمد يده ليقطع موزة واحدة ويترك مجالاً لغيره، والأشد غرابة أن كل القرود أخذوا موزة وتركوا الفتاة تقف وبيدها ما تبقى من الموز. 
مشهد متحضر للقرود لم نره في عالم البشر، لو نفس الفتاة تقف بمنتج غير الموز يحتاجه الإنسان، في نفس الوقت والمكان لتهافت عليها الجميع وعينه على الحصول على أكبر كمية من الشيء دون النظر لغيره ولمن هم في نفس ظروفه وفي أشد الحاجة الماسة للقليل مما أخذه فوق طاقته، ويا سلام وحضر هذا الموقف فتوة الحي لأخذ كل ما بيد الفتاة وضربها ومضى، لكنه درس من القرود للبشر بدون دعاية ولا إعلان. 
على علماء النفس تحليل هذا المشهد وإبراز ما به من موعظة للبشر، الحيوان لم يأخذ إلا احتياجه وما يسد جوعه، ولا يلتفت لكمية الموز الكبيرة، لكن تأمل احتياجه من الكم، بينما البشر ينظر لاحتياجه الكم لوحده دون النظر لجوع من حوله، ولذلك نشرت الجريدة هذا الموقف لأنه خبر، فالخبر يحضر القرود، وهمجية البشر، لأن الخبر الذي ينشر هو عض الرجل الكلب وليس العكس، عض الكلب الرجل فهذا طبيعي والطبيعي لا يصلح أن يكون خبراً. 
الحيوان مظلوم عندما نسب البشر ونصف الإنسان به، فالكلب يتصف بالوفاء الذي لا نراه في الكثير من البشر وأصبح خبراً أن نجد شخصاً وفياً، الغربان تعقد محاكمة للغراب المذنب وتقضي عليه بحكم شرعي دفاعاً عن مجتمعهم، الذئب لا يخون زوجته ويكتفي بزوجه ويعرف أبناءه ولا يتزوج أمه، أو بالأحرى بمحارمه، وبار بوالديه يظل يعطف عليهم ويطعمهم حتى موتهما، تدفع الغزالة بنفسها في النهر لتقطع الطريق على التمساح الذي يتجه لأكل بنتها وتضحي بنفسها من أجل بنتها، مواقف كثيرة جدا تدل على أن الحيوانات أفضل كثيراً من بعض البشر.  المشهد المنشور بالجريدة لا يتجاوز الدقيقة لكنه درس يؤرخ تحضر الحيوان، وبدراسة الطيور والحيوانات نجدهم لا يدخرون الطعام بل يكتفون بالوجبة بوقتها، وما نراه من الحيوانات المفترسة من شراسة وقوة وعدم وجود رحمة أو ضمير، فهذا هراء وادعاء كاذب لأن الحيوان له سمات ومواصفات يقوم بالافتراس من أجل الغذاء وليس من أجل الانتقام، فما نراه من البشر من افتراس لأطفال ونساء وشيوخ وشعب أعزل هو الهمجية والافتراس غير المبرر. 
خالد سالم 

مفترق الطرق 
نضطر من وقتٍ إلى آخر أن نقف برهة، نلتقط فيها أنفاسنا، لنكتشف أن أقدامنا تقف على نقطة تُعد مفترق طرق؛ طرق متعددة، وأفكار كثيرة تنبت في النفس، تحتاج إلى رعاية وترتيب أولويات. 
نقف لنأخذ استراحة محارب مضى عمره يجاهد من أجل الأسرة، من أجل بنائها والحفاظ عليها، متابعة حثيثة لتشكيل الأبناء، وتجسيد الروح والجمال في ملامحهم، والخوف عليهم من عالمٍ افتراضي يفترسهم بأفكاره الدخيلة على بيتنا البسيط القابع في شارعٍ يمتد فيه الدفء، وحديقة صغيرة تحتضن أشجارًا لا تعرف إلا العطاء؛ تمنح الثمر الناضج في الشتاء، والظل والرائحة الفوّاحة في الصيف.  مفترق طرق يجبرنا على الاختيار، ونحن نقف وخلفنا البيت الكبير، مغلقٌ على أحلامنا وماضينا وتراثنا العميق. مكتبة يشع منها الضوء، وأنين الكتاب، تسيل منها الكلمات والحروف، تلتف حول بعضها لترسم خريطة وطن.  نقف وظهرنا محميّ بتلك الكتب، بالماضي، بالتاريخ، تتشبث أقدامنا بالأرض وكأننا أشجار جذورها في الأعماق، وفروعها تعانق السماء. كبعض الكلمات التي علمتنا معنى الوفاء، الحب، الجمال، والعشق.  نستمع لصوت فيروز مع فنجان قهوة حين تطلّ أولى خيوط النهار، تبث فينا البهجة والراحة، وتجذبنا إلى الفن الجميل، إلى الصوت الملائكي العذب. منها “نسم علينا الهوى”، “سألوني الناس”، “سألتك حبيبي”، “كيفك إنتَ”، و”زهرة المدائن”، وغيرها من الأغاني التي غصنا فيها، وغاصت هي في مشاعرنا.  طرق كثيرة تحيط بنا، ونحن نقف بحقائب فيها ألبومات الصور، وكأننا اكتفينا بالذكرى؛ تحمل الألم، والفرح، والحلم، والكفاح، والنظرة إلى المستقبل. كل صورة وراءها حكاية، وذكرى، وأمل. كل صورة تحثّنا على اختيار طريق واحد من بين الطرقات. 
أمامنا طرق فيها أشجار عالية، وطيور تغرّد، وأنهار تجري فيها المياه، تتراقص حولها الفراشات، وأغصان الأشجار لم تنسلخ عن جذوعها، لكنها تسبح وترتفع وتنخفض مع جريان الماء. كل الشواهد تمنحنا حرية الاختيار، والبحث عن الأجمل. ومع ذلك، في وجداننا شيءٌ يشدّنا إلى الخلف… إلى الأصول، إلى المبادئ، إلى البيت العتيق القديم. 
ذلك البيت الذي عشنا فيه الألم والفرح، سمعنا فيه أول صرخة مولود تشق القلب لتجلس فيه منفردًا. تألمنا، ضجرنا، فرحنا، وسعدنا. 
في لحظة واحدة، وجدنا أنفسنا نختار البيت العتيق… لنبدأ رحلة جديدة مع الأمل، والحب، وفيروز. 
رنا شريف – كاتبة