إذا لم تبالغ استطلاعات الرأي كثيرًا، فسيتم إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون بشكل مدوي في الانتخابات الرئاسية في أبريل 2022.
   النظام السياسي الفرنسي هو نظام من جولتين. في الجولة الأولى، سيتمكن الفرنسيون من الاختيار بين اثني عشر مرشحًا. وفي الجولة الثانية، التي تجرى بعد أسبوعين، سيختارون بين المرشحين المتصدّرين في الجولة الأولى.
   لذلك سيحتل إيمانويل ماكرون القمة في الجولة الأولى حيث تمنحه استطلاعات الرأي حوالي 30 بالمائة. إنه يسيطر على استطلاعات الرأي إلى درجة أنه قرر عدم خوض مناظرات مع خصومه، الذين يعاملهم كمرشحين صغار.

لوبان
   في الوقت الحالي، مارين لوبان، مرشحة اليمين القومي الشعبوي، هي التي تبدو صاحبة أفضل فرصة لمقابلة ماكرون في الجولة الثانية. وتعطيها الاستطلاعات ما بين 17 بالمائة و19 بالمائة. لذلك سيكون من حقها خوض مباراة العودة الثأرية عن عام 2017.
   لابد من الإشارة الى أنّ مارين لوبان قد تغيّرت... إنها تفاجئ. فتلك التي كان ينظر اليها بازدراء عرفت ما يسمّى في فرنسا بالتحوّل الرئاسي. لقد أدخلت جرعة “اعتدال” على برنامجها. ولئن لا تزال تتحدث عن الهجرة، وتريد محاربة الإسلاموية، فإنها قادت حملتها بشكل أساسي حول المقدرة الشرائية للفئات الشعبية... إنها مرشحة أكثر الناخبين تواضعا الذين همّشتهم العولمة ونسيتهم.
   ولو لم يكن اسمها لوبان، وما يثيره هذا الاسم من منعكس بافلوفي، لرأينا فيها مرشحة اليسار من الطراز القديم، الذي كان يهتمّ بالعمّال ولم يكن مهووسًا بهذا الذي يسمّى الآن “الأقليات».

   ومع ذلك، يمكن لثلاثة مرشحين آخرين أن يأملوا بشكل مشروع في المشاركة في الجولة الثانية، بشرط أن يشهدوا دفعة صغيرة. وجان لوك ميلينشون واحد منهم. مرشح اليسار الراديكالي، مناهض للرأسمالية ومتعدد الثقافات، يتميز بموهبة خطابية استثنائية.    يبقى إريك زمور، مرشح اليمين القومي المحافظ، المفاجأة المحتملة لهذه الحملة. لقد قلب كل شيء رأساً على عقب عندما دخل الحملة في الخريف، تعثر عدة مرات، ليقوم في كل مرة، لكنه يمر حاليا بفترة سيئة. إنه يدفع ثمن مواقفه المؤيدة لروسيا ذات يوم، رغم إدانته الشديدة للغزو.
   أما فاليري بيكريس، مرشحة اليمين الكلاسيكي، فإنها معرّضة للانهيار، بل وحتى الإذلال. الانتصار الوحيد الممكن لها هو الحصول على درجة أفضل من إيريك زمور، وهذا من شأنه أن يسمّى انتصارًا معنويّا.

اهتمامات
   إيمانويل ماكرون خدمته الأحداث. الفرنسيون معتادون على الالتفات، في الأزمات، إلى رئيسهم، الذي يحبون رؤيته كملك. وهذا ما يسمى برد فعلهم الشرعي. ففي مواجهة فلاديمير بوتين الذي يجعل أوروبا والعالم يرتعشان، يقدّم ماكرون نفسه كملاذ آمن.
   لكن هناك قلق... فحتى لو فاز إيمانويل ماكرون بنتيجة ساحقة في الجولة الثانية، بسبب انقسامات المعارضة، سيجد نفسه، في اليوم التالي للانتخابات، أمام بلد لا يزال منقسما. سيُنتخب بنتيجة باهرة ليصبح رئيسًا لا حول له ولا قوة.

****
إدانة سولجينتسين؟
ألكسندر سولجينتسين هو أحد أعظم كتاب القرن العشرين. لقد ادان نظام الغولاغ، الذي يمثل ذروة الشمولية الشيوعية في روسيا، واصفا إياه ببرودة كلينيكية. وفي فرنسا، كلية تحمل اسمه، لكن ثقافة الإلغاء تستهدفه الآن. تريد نقابات أن تجعله يدفع ثمن قوميته وقربه النسبي خلال حياته مع بوتين... تفصيل: توفي سولجينتسين عام 2008.

****
ماذا يريد بوتين؟
   بعد قرابة شهر من الحرب، هذا هو السؤال الذي نطرحه على أنفسنا الآن بصراحة شديدة: ماذا يريد بوتين؟ منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو إلى الأبد؟ ضمّها؟ ضمّ مناطقها الناطقة بالروسية؟ تدميرها؟ وإذا كان الأمر يتعلق بإعادة بناء الإمبراطورية الروسية، فإلى أي مدى سيذهب طموح بوتين؟ بولندا قلقة، ودول البلطيق أيضًا. أصبح نظام بوتين أكثر راديكالية، ويعلن تطهير الذين سيقاومونه، ويعترف بنصف كلمة بتجربة الأسوأ.

****
ماكرون الرياضي؟
    لتقديم برنامجه، الخميس الماضي، سمح إيمانويل ماكرون لنفسه بعقد مؤتمر صحفي لما يقرب من أربع ساعات، في وضع رياضي، وكأنه يريد تحقيق إنجاز بدني وفكري في نظر الفرنسيين. وهذه ليست المرة الأولى. خلال أزمة السترات الصفراء، قام بنفس التمرين أيضًا وبطريقة مماثلة فيما أسماه مناظرته الكبرى... والصحافة، عموما، تشارك في السيرك، مفتونة بإنجاز الملك.