رئيس الدولة يتلقى اتصالا هاتفيا من رئيس أوزبكستان ويبحثان مسارات التعاون
نافذة مشرعة
الحرب في أوكرانيا علامة على عودة التاريخ
بالنسبة للعديد من الفرنسيين والأوروبيين، انها صدمة: لقد كانوا على قناعة بأنهم دخلوا حقبة حيث الحرب من اختصاص المناطق المحيطة، وغير الناضجة جدًا لفهم أن من أدوار الاقتصاد التحكم في العلاقات البشرية. احتفظت أوروبا بذاكرة حرب البلقان بشكل ضبابي. كانت النزاعات الأخرى بعيدة، وتم تفسير تدخلات حفظ النظام، مع أو بدون تفويض من الأمم المتحدة، على أنها حركات اجتماعية وصلت إلى ذروتها.
تحطمت فقاعة انعدام الوزن هذه، وأدركت أوروبا أن التهديدات التي أطلقها الرئيس التركي أردوغان ضد اليونان، وتلك التي أطلقها شي جين بينغ ضد تايوان، وغزو أوكرانيا من قبل فلاديمير بوتين، ليست تعبيرًا عن جنون قادة أو عدم كفاءة، ولا نتيجة لإحباطات جماعية ناتجة عن تفاوت في الثروة. لقد وعت أن هذه الصراعات تعكس تنافس المصالح الجيوسياسية المتباينة التي تحررت من الرؤية الغربية ولم تعد تتردد في اللجوء إلى القوة.
لن تساعد اليوتوبيا التي شكلت مخيلات الثلاثين عامًا الماضية في العثور على مفاتيح لفهم العالم الذي يعود. إنه التاريخ الذي يعطينا أدق شبكات القراءة، بشرط أن نتفادى مخاطر ومزالق المقارنات المبسّطة. عالمنا، الذي يتسم بترابط غير مسبوق، هو أساسا وفي ان واحد، نفس عالم الأمس وعالم جديد جذريًا.
في حالة النزاع الأوكراني، هناك ارتباط واضح بالحرب العالمية الثانية. ولنعترف أن أوجه التشابه عديدة: أمة تعرضت للهزيمة والإهانة سابقًا، رئيس دولة منتخب يحبس نفسه في منطق سلطوي، وهاجس مهووس، وازدراء للثقافة الليبرالية التي تعتبر في انحطاط، والإشارة إلى ماض أسطوري، والتحضير الدقيق لمرحلة هجوم عسكري تتضمن حربًا تدريبية "الحرب في إسبانيا - الحرب في سوريا"، واستخدام القوة بدون عوائق تمامًا.
يدعونا هذا التوازي المضيء إلى اختيار طريق وسط بين الهجوم الشامل الذي دعا إليه فوش قبل الحرب العالمية الأولى، وخفض التصعيد بأي ثمن الذي كان يمارسه دالاديير قبل الحرب الثانية. وهذه الاستراتيجية الوسط هي التي يحاول الغربيون اتباعها.
علاوة على ذلك، تعود الجغرافيا السياسية وتتولى مجددا هيكلة طرق التفكير. عادت المفاهيم القديمة موضة: الأوراسية، وريثة فكرة هارتلاند من قبل البريطاني ماكيندر، هي الأساس النظري للعلاقات بين روسيا والصين. ويستلهم الفكر الاستراتيجي الأمريكي من نظرية ماهان للقوة البحرية، وربما من نظرية سبيكمان أكثر، أبو مفهوم ريملاند -منطقة التفاعل تلك بين القوى القارية والبحرية التي ستكون المسرح المحتمل للحروب المستقبلية.
يواجه الأوروبيون تحديًا خاصًا. يروّجون لإيديولوجية نهاية التاريخ بعد الأمريكيين، كان يُنظر إليهم على أنهم متخمون وخاملون وضعفاء، مما أثار موجة استياء في إفريقيا أو الشرق الأوسط أو روسيا أو الصين. ففي مواجهة تغيّر المناخ، والتفاوت الاقتصادي، واختلالات النظام الدولي، والتهديدات لأمنهم، يخضع الأوروبيون الى تمحيص دقيق، شكّا أو طمعا: فهل سيظهرون الصفاء والذكاء والكرم والشجاعة اللازمة لمواجهة الرياح المعاكسة والدفاع عن نموذجهم وطمأنة حلفائهم؟
عام 1982، فاجأ استيلاء المملكة المتحدة على جزر فوكلاند من المجلس العسكري الأرجنتيني، على حساب العديد من القتلى، المراقبين، ولا سيما السوفيات الذين خلصوا إلى أن أوروبا الغربية ما زالت تعرف كيف تدافع عن نفسها، في خضم أزمة يوروميسيل. ويبدو أن أوروبا تظهر اليوم أنها مستعدة، دون خوض حرب في الوقت الحالي، للعودة إلى التاريخ مجددا... فهل ستعرف "لحظة فوكلاند"؟ .
*أميرال (2S)، المدير العام للمؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية