رئيس الدولة يؤكد أهمية دور «أدنوك» محفّزاً رئيساً للنمو والتنويع الاقتصادي في الدولة
حوكمة الفنون الشعبية
تعيش الفنون الشعبية اليوم بين تحديين كبيرين وهما: الحفاظ على الأصالة من جهة، و مواكبة العصر من جهة أخرى. وبين هذين التحديين ، تظهر الحاجة الماسة إلى “الحوكمة”؛ ذلك الإطار الذي ينظّم ويقود ويضمن استدامة الفنون الشعبية بوصفها رصيدًا ثقافيًا وأداة لبناء الوعي والهوية الوطنية و خارطة طريق نحو حماية الهوية وصناعة الإبداع.
وعليه فإن حوكمة الفنون الشعبية هي منظومة من السياسات والإجراءات والمعايير التي تهدف إلى:
• توثيق الفنون وحمايتها من التشويه والاندثار.
• تنظيم عمل الفرق الشعبية وممارسي الفنون.
• تعزيز جودة الأداء وتوحيد المعايير دون المساس بالخصوصية الثقافية.
• رفع مستوى المشاركة المجتمعية ونقل التراث إلى الأجيال الجديدة.
• ضمان التكامل بين الجهات الحكومية، والفرق، والباحثين، والممارسين.والجهات ذات النفع العام والقطاع الخاص .
باختصار، الحوكمة تجعل الفن الشعبي مسؤولية وطنية، لا مجرد أداء عابر.
والسؤال الذي يسأله معظم ممارسين الفنون الشعبية لماذا تحتاج الفنون الشعبية إلى الحوكمة؟
أولًا: لأنها إرث غير قابل للتعويض، الفنون الشعبية تمثل ذاكرة جماعية؛ قصص الأجداد، وطقوس الأفراح، والأهازيج التي ارتبطت بالبحر والصحراء والجبال والمهن والحياة اليومية. أي خلل أو انقطاع في انتقالها يعني خسارة جزء من الهوية.
ثانيًا: لتوحيد الجهود
كثير من الجهات تعمل على الفنون الشعبية، لكن الحوكمة تمنع التضارب وتخلق:
• منصة موحدة للمعايير.
• نظامًا لتنظيم الفِرق.
• برنامجًا لتأهيل الممارسين والهواة.
• وبيئة تُشجع على البحث العلمي في المجال.
ثالثًا: لمواكبة التغيرات الحديثة
بروز السياحة الثقافية، تنوع الجنسيات، التطور السريع ومواقع التواصل الاجتماعي ، الحاجة للعروض الاحترافية، كلها تتطلب نموذجًا إداريًا يُحقق التوازن بين الأصالة والمعاصرة .
3. ركائز حوكمة الفنون الشعبية
1. التشريعات والسياسات
وضع لوائح واضحة تشمل:
• شروط تأسيس الفرق الشعبية.
• ضوابط الأداء الاحترافي داخل الدولة وخارجها.
- ضوابط الزي الوطني .
• ضوابط مشاركة الناشئة مع مراعاة المعايير التربوية.
• حفظ الحقوق الفكرية للأشعار والنصوص والألحان العصرية.
2. التوثيق والأرشفة
بناء قاعدة بيانات وطنية للفنون الشعبية:
• تسجيل الأداءات بالصوت والصورة.
• كتابة الروايات الشفوية وتوثيقها.
• جمع الألحان والأهازيج والمقامات.
• أرشفة الملابس والإكسسوارات التقليدية.
3. التدريب وبناء القدرات
إعداد برامج تدريبية للفِرق وقادة الفرق والهواة و تشمل:
• مهارات الأداء الصحيح.
• منهجيات تعليم الناشئة.
• إدارة الفرق وإعداد العروض الفلكورية .
• تطوير أساليب العرض دون الإخلال بالأساس التراثي، ونبذ أي ممارسات غير متسقة مع العادات الوطنية .
4. الحوكمة المالية
وتتضمن:
• تنظيم الدعم الحكومي.
• تقييم المصروفات التشغيلية للفرق.
• مقاربة الأسعار (تسعير المكافآت)
• ضمان الشفافية في التعاقدات.
5. التواصل والمشاركة المجتمعية
فنون شعبية بلا جمهور تصبح نشاطًا جامدًا.
لذلك تشمل الحوكمة:
• إشراك المدارس والجامعات.
• إقامة مهرجانات وورش متخصصة.
• مشاركة المراكز الاجتماعية في تعليم الأطفال.
• التعاون مع الإعلام للتوعية والتوثيق.
4. دور الجهات الحكومية والمؤسسات الثقافية
تتحمل الجهات الحكومية — خصوصًا الهيئات الثقافية والتراثية — دورًا أساسيًا في:
• صياغة استراتيجية وطنية للفنون الشعبية.
• توحيد المعايير على مستوى الدولة.
• تشجيع البحث والنشر العلمي.
• دعم المبادرات التي تُشرك الشباب وتُطور طرق عرض الفنون الشعبية بما لا يخل بالأساس الشعبي .
• تمثيل الفنون الشعبية في المحافل الدولية بصورة احترافية.
5. نحو مستقبل مستدام للفنون الشعبية
الحوكمة ليست مجرد لوائح؛ إنها رؤية مستمرة تضمن أن هذا الفن، الذي عبّر عن الإنسان الإماراتي لقرون، سيبقى حاضرًا في وجدان الأجيال القادمة.
الحوكمة هي نقلة نوعية إلى عمل منظم واحترافي يرفع من شأن التراث ويمنحه مكانته المستحقة في النهضة الثقافية،، ودمتم بخير.