يوميات متقاعد
يستيقظ المتقاعد مبكراً مع آذان الفجر، بعد صلاة الفجر بتحصلهم عند الكافتيريا يأكلون براتا جبن والشاي الكرك على بونيت السيارة وسوالف لين الشروق، وتجد لديه علاقة وثيقة بينه وبين الأعمال اليدوية، ففي فترة الضحى تجده يخرف نخلة، أو يبدل فيوز ليت البيت من برع، أو لابس وزار وفانيله وقحفية ومنسدح تحت السيارة يعابلها، أو ماسك الهوز ويسقي الزراعة، والعصر يمشي 10,000 خطوة، يحرق السعرات الحرارية للغداء والمكون من 5000 سعرة، مالح ويا العيش الأبيض وذاك البصل الأبيض، وقبل الأذان أو مع الأذان تجده يمشي وحيداً الهوينا والسكينة تغشاه وذاك المصباح الأصفر في يده، يخرجون من المسجد مجموعة تقول خط حرب، إدقلهم هرن عشان يخوزون من جدام السيارة، خاطرك تنزل الجامة وتقولهم طابوووووووور قف.
بتروح محل الخضراء بتحصله، بتروح الدكان تحصله، سوق السمج تحصله، يمكن وقت الظهيرة هو الوقت الوحيد الي ما تلاقيه لأنه مقيل، وكل ما تحصله في مكان وتسأله فلان هني ما شاء الله، يقول شو أسوي بعد متقاعد.
بس تلاقيه إنسان رحوم وحنون وقنوع، تجارب الحياة عصرته، الله يبارك فيه، نافع البيت، نفاع، يخلص شغل وطلبات البيت، يوصل، يوجب، يحضر مناسبات اجتماعية، زواج، ملجة، عزاء، يوصل حفيدته المدرسة إذا راح عنها الباص.
أجد متعة في الحديث معهم والاستمتاع بخفة ظلهم، في مناسبة- عقد قرآن_ وجدت أحدهم وقد سلمت عليه فرد السلام وقال عقبالك، من المفترض أن أرد عليه وأقول _إن شاء الله قريب_ حتى يشعر بأني أعزب ويعدي الموقف على خير، بس خفت أن تكون لديه صلة قرابة مع أهل زوجتي، فقلت له خلصت من زمان، قال عقبال الزوجة العشرين، على أساس أني متزوج 19 زوجة، فضحك الحضور، فأكملت مسيري بنصف إبتسامة وأنا أسلم على الناس والكل أصبح يقول لي أنا مبروك بدل أن يباركوا للعريس الحقيقي...
تحية إجلال وتقدير لكل من أكمل عشرين وثلاثين وأربعين سنة يخدم هذا الوطن المعطاء في شتى المجالات، ولديَ مقترح بسيط أتمنى أن يرى النور بأن يتم تغيير مصطلح _متقاعد_ إلى مصطلح آخر، فلقد تم مؤخراً تغيير بعض المصطلحات واستبدالها بمصطلحات أخرى مثل مصطلح كبار المواطنين أو بركة الدار أو أصحاب الهمم، أتمنى أن يتم تغيير مصطلح المتقاعدين إلى مصطلح مغاير، مثل _أصحاب العطاء_ فهذا أقل تكريم لهم بعد سنين الخدمة الطويلة، لأن كلمة متقاعد قد تُصيب بعض الناس بشيء من الإحباط أو الاكتئاب، ودمتم.