آراء الكتاب
مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل
abdalmaqsud@hotmail.com
استشراف الإعلام الجديد
برغم من التطور التقني المعاصر في وسائل الاتصال الحديثة، مازال الكثيرون يفتقرون للخبرات التي تؤهلهم لاستخدام التقنيات الحديثة في أداء مهام كثيرة يمكن إنجازها بطريقة سهلة ميسرة عن طريق الهاتف المحمول، الأمر الذي يعيق سير بعض الأعمال التي يودون تجهيزها وإنجازها، وتتطلب هذه التقنيات من المستخدم إدخال بريد الكتروني وكلمة سر خاصة بكل واحد منهم على حده وبيانات أخرى . ويفتقد الكثيرون للتأهيل في هذا الأمر برغم توفر العديد من التقنيات الحديثة في متناول الجميع بعد انخفاض كلفتها على عامة أفراد المجتمع ،لهذا يتعرض البعض لعمليات الاحتيال الإلكتروني بالاعتداء على خصوصيتهم لا سيما حساباتهم البنكية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعند التواصل مع أسرته وأصدقائه ،فأصبح لزاما علينا التهيئة الذاتية للتعود على استخدام هذه التقنيات للتسهيل علينا في كافة شؤون حياتنا ،لاسيما الإعلاميون الذين يحتاجونها بطريقة ملحة ليثبتوا جدارتهم بأدائهم الإعلامي، وتشترط بعض المؤسسات الإعلامية على موظفيها استخدام التقنيات الحديثة لتسهيل الوصول للحدث بأي موقع وأي وقت ،وتواجه البعض تحديات في العثور على فرص عمل بسبب قلة خبراتهم في استخدام التقنية الحديثة، في مؤتمر استشراف الإعلام الجديد 2021 الذي عقد عن بعد عبر منصة زوم حرم الكثيرون من المتابعة وتباطئ الكثيرون من الإعلاميون في نشر مجريات الحدث برغم المواضيع الهامة والحساسة التي أثيرت خلاله وكانت هناك تحديات كثيرة قد واجهت مستخدمي الإنترنت عامة ، لمتابعة الحدث بتطبيق زوم الاتصال المرئي عن بعد وربما حالة جانحة كورونا دون تدخل الفضائيات لنقل الحدث على الهواء مباشرة لكافة أفراد الجمهور لا سيما الإعلاميون.
وجد فريق عمل مهني من أعضاء اللجنة التحضيرية الذين تابعوا وحرصوا على نقل الحدث عبر وسائل إعلام عدة ومواقع تواصل اجتماعي متعددة لكن البعض للآن قد فوت المؤتمر وتجاهل مجريات الأحداث فيه وما طرح فيه من مواضيع وقرارات وتوصيات وأطروحات تهم مستقبل الجميع وخاصة الإعلاميون الذين يحرصون على التنافس الإيجابي لخدمة الرسالة الإعلامية السامية، لهذا اجتهدت الإمارات وكانت سباقة في تأهيل الأجيال المستقبلية لهذا الأمر فحين وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله بتأسيس أكاديمية الإعلام الجديد في دبي كانت لها بصمة إيجابية في نفوس قطاع الشباب في هذه الإمارة المتميزة الذي وجدوا ضالتهم فيها ،وكذلك حين أطلق سمو الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان رعاه الله بحرصه على تبني مبادرة المبرمج الإماراتي لطلبة المدارس في المراحل الدراسية الأولى تمكن هذا الجيل الصاعد من النجاح والتفوق والتميز في استخدام التقنية الحديثة في ابتكار تطبيقات وبرامج تقنية تفيد المجتمع وقد تخرج من البرنامج ثلاث دفعات من أبناء إمارة عجمان الواعدة التي تسعى دوما لمواكبة التطورات التقنية العصرية في كافة مجالات الحياة . وتبقى الإمارات بقيادتها الحكيمة وبتوجيهات أصحاب السمو حفظهم الله وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأطال عمره السباقين في توجيه النشء الجديد من أبناء الإمارات الفتية كي يواكبوا تطورات العصر في كافة المجالات وخاصة استخدام التقنيات الحديثة لخدمة الناس جميعا ومنهم قطاع الأعلام الذي عليه أن يواجه تحديات العصر الحديث ومواكبة كافة التطورات التقنية الحديثة كي يكون متميزا قادرا على التحدي والابتكار والمواكبة لكل ما هو حديث متطور يناسب القرن الحدي والعشرين الذي يشهد طفرة معرفية غير مسبوقة على مستوى العالم أجمع.
سحر حمزة/كاتبة
العامل والتنمية
تعتبر دولة الإمارات من أولى الدولة التى اهتمت بالعامل وحقوقه من خلال سن السياسات والقوانين الداعمة لتحقيق المناخ الملائم لمفهوم الاستقرار، ومنحت هذه لقوانين حرية التنقل بين الشركات بشكل قانوني موحد، ورسمت العلاقة السوية والطبيعية بين العامل وصاحب العمل ببنود العقد المبرم بينهما للحفاظ على الحقوق ، وتحديد هيئات متخصصة في فض النزاع عند حدوثه.
وما نراه هذه الأيام من عمال قطاع المقاولات يندى له الجبين، فالعامل عند وجود عمل وانفراجه في المقاولات والتشطيبات يتقاعس عن العمل ويحاول أن يتغيب عن واجبه تجاه العمل وتجاه التنمية والتطور الذي تنادي به الدولة، وعندما يقل العمل لظروف انشائية أو حسب الجدول الزمني للمشروع يبادر نفس الشخص بالعمل والاندفاع لركوب الباص وحجز مكان، مما يجعلنا نبحث عن الأسباب النفسية لهذه الحالة الغريبة والمتكررة.
الدولة قامت بواجبها تجاه العامل بتحقيق الأمن والسلامة له، من خلال الزي الآمن في الموقع والتأكد من سلامة المعدات المستخدمة في المشروع ووجود هواتف نقالة للإسعافات الأولية وسرعة التنقل في حال الاصابة، فضلا عن القانون الصيفي الذي يراعي توقف العمل لشدة الحرارة من الظهيرة لبعد الثالثة ظهرا من اجل سلامة العامل وتوفير الصحة العامة له.
لكن ستظل فكرة التواكل والتقاعس ملازمة للعامل عند توفر العمل وكثرة المشروعات، وبقائه في الراحة بخلاف رأيه وحماسته عند ندرة العمل وتوقف المشروعات والتشطيب، ربما هذا توجه عام ليشعر من حولة بأهميته ومدى احتياج العمل له وأنه على المستوى الشخصي مهم، لكن كل الوظائف مهمة ولها دورها في الحياة مهما كانت بسيطة وضئيلة، وربما يجد العامل نفسه حين يتخذ رأي مغاير للواقع، ربما لكن الأهم هو التزام النسبة الكبيرة بالعمل وبدورهم القومي في التنمية المستدامة والتطور.
السيد امام
قابيل واحد والجميع ضحايا
انتشرت ظاهرة الشكوى والبكاء على صفحات التواصل الاجتماعي مع اختلاف الصياغة من فنانة أو مهندس أو طالب أو ربة منزل، لكن المفهوم والمحتوى واحد، عبارات الندم على كل ما قدمه سيادته وحضرتها من عطاء والاكتشاف المتأخر للقلوب السوداء، الأمر لا ينتهي عند هذا التصريح أو ذاك، العجيب والاغرب ردود الأصدقاء التي توافق وتؤكد ذلك والحكايات كثيرة عن الحسد والحقد والكراهية والطمع والتعليقات كلها تشجب وترفض وتواسي.
إذا كان الجميع متضرر من مشاعر الحقد والكراهية، إذا من أين تأتي الأحقاد، وكأن الجميع أصبح هابيل، ولا يوجد سوى قابيل واحد لكل العصور والأزمان، فالواقع مر والحقيقة مؤلمة ومتخفية دائما تحت عبارات الحب والتسامح والفضيلة، كم مرة ترددت في مد يد العون إلى شخص يحتاج مساعدتك، وكم مرة اتخذت هذا القرار، وكيف كان أداؤك مبهراً، أم ماسخاً يفتقد المذاق الإنساني الذي يشعر الآخر بآدميته وعزة نفسه.
كم مرة شعرت بالغيرة من أداء زميل لك في العمل، وكم مرة كنت محضر خير للإصلاح بين صديقين أو زوجين، وكم مرة تسبب التحيز لابنك في ظلم أو الجور على حقها أو خراب بيت بأكمله، كم مرة فضلت أهلها عن أهل زوجها في الهدايا أو صنع مساحة حب في قلوب أطفالها تجاه أصول الأب.
كثير منا تشغله همومه وطموحاته وأوجاعه ومصالحه وتسيطر الأنا عنده على سلوكه وأفكاره، وقد يشعر بالتعب والإرهاق دون أن يقدم للآخرين أي شيء يذكر ولا أقصد بالآخر هنا زوج أو أم أو ابن، هؤلاء خارج الأسئلة الإجبارية في اختبار إنسانيتنا وقدرتنا على العدل والعطاء بمنطق التعامل مع الله.
حان الوقت لتبادل الأدوار من توجيه الاتهام بالحقد ونكران الجميل وتبرع كل منا بوضع وصمة عارة على جبين قابيل المبني للمجهول الى الحوار الصريح مع النفس والعيش على أرض الواقع، إذا كان الجميع موجوعاً فمن هو مصدر الألم!
أعتقد أن أفضل ما سيحدث للإنسان حيا أو ميتا هو الحساب على نيته، نعم سنحاسب في عملية أشبه بعمليات القلب المفتوح، حيث لا يستطيع أحد تقمص دور هابيل، ولا يستطيع أي من كان تجميل وتلوين بؤر السواد والظلمة في قلبه، الأمر في غاية الوضوح والشفافية، لا أظن أن كل أجهزة كشف الكذب قادرة على قياس نسبة الحب أو الكره في قلوب البشر وسط كل هذا الكم من النفاق والتجمل بالقيم محكمة الصياغة، والتي باتت لعبة في متناول الجميع وكل ما يلزم إعادة نشر موعظة أو آية أو مشهد مصور لسقيا كلب أو إطعام جائع، ربما تم تصويره في لحظة صدق وعطاء وربما تطبيق حديث للرياء الذي يطور نفسه مع تكنولوجيا الاتصال تماما كفيروس قاتل لم نصل بعد إلى مصل واق منه.
منى عبد العزيز /كاتبة
الـتأمل
التأمل يعتبر ارتقاء روحياً للاتصال بالمصدر الداخلي الروح، وتقليل التوتر وزيادة الوعي والتوازن العاطفي وقبول الذات، وهو ممارسة وتمرين للعقل والجسد والروح يساعد على توليد الطاقة والسلام الداخلي ويمكن الإنسان من الاسترخاء لاكتشاف الذات والتعمق في الروح الداخلية والذات غير المحدودة والتعمق بها وكلما تعمقت أكثر ترى الأمور على حقيقتها وليس بقشورها بمنظور سطحي، وله علاقة بالدماغ ونشاطه وبالتحكم بالموجات الدماغية الكهربائية الناتجة عن حركة الخلايا العصبية داخل الدماغ وبالترددات الصادرة عن هذا الدماغ.
مارس التأمل يومياَ ، حياتك يجب أن تكون تأملية وهي أرقى أشكال الحياة حيث ستكتشف أسراراً لم تتخيلها وإمكانات روحية باطنة تساعدك في تجاوز المشاكل اليومية والتعامل معها بإيجابية دون التعرض لأزمات نفسية أو قلق واكتئاب.
بالتأمل ستنفتح البصيرة لترى خلف ما هو مرئي وتبتعد عن سطحية الحياة وترى جمال و روعة الحياة الحقيقية، ستخرج ثورة من داخلك تتفجر فيها كل أحاسيس الغضب والانزعاج وأي مشاعر أو أفكار سلبية، وستتخلص منها فهي مجرد برامج فكرية مزروعة في عقلك الباطن خرجت الآن للسطح، ستقوم بتطهير روحك واكتشاف ذاتك والغوص في أعمق أعماقك حيث تكمن نفسك المجهولة أو التي كنت تخاف اكتشافها.
أعط التأمل الأولوية في حياتك وسيقوم بإعادة هندسة هيكلية لعقلك وسيضيف لك وفرة في الوقت لأنه سيمكنك من رؤية الأمور من منظور آخر وتصبح أكثر فاعلية في التعامل مع الأمور دون إضاعة لوقتك أو هدر لطاقتك، بل ستشحن نفسك بطاقة إيجابية وسيزداد ترددك الطاقي وتبصر الحياة بانسياب أكثر، وستطفو للسطح أنماط فكرية تساعدك على حل أمورك بمرونة أكثر وعلى تغيير طريقة تفكيرك إلى أكثر إيجابية مع التركيز المباشر على أهدافك في المستقبل، ويجب أن تلتزم بممارسة التأمل كي ترى الفرق في حياتك فعندما تبدأ بالحالة التأملية سترى الحياة من منظور روحي وتعيش حالة عليا من التعبير عن الذات.
تتم ممارسة التأمل بالجلوس في وضع مريح وبثياب مريحة ويكون العمود الفقري بشكل مستقيم مع ارتكاز اليدين على الركبتين، ثم تقوم بعملية التنفس عدة مرات ويمكنك الاستماع لموسيقى هادئة لتساعدك على الاسترخاء ومراقبة الأفكار والمشاعر التي تعبر وأنت في حالة من السكون، وهنا تبدأ رحلة الحياة، رحلة التعمق بالذات والوصول للروح واكتشاف الأنا وهذه هي الاستنارة الحقيقية.
منال الحبال/إعلامية
الأسلوب والعالم الافتراضي
يعتقد البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي عالم افتراضي ، إنما في الواقع نجد في هذا العالم حقيقة أكثر من الواقع
لذلك علينا اختيار الاصدقاء بعناية، لأننا نعيش على صفحاتنا معظم أوقاتنا ونتشارك الأحزان والأفراح مع أشخاص لا نعرفهم شخصيا لكننا نشعر بوجودهم والسبب في ذلك هو الأسلوب في التعليق والردود وما ينشرونه على صفحاتهم يجعلنا ندرس شخصيتهم ونميزهم عن غيرهم.
ويجعلنا نعيد النظر باختيار الأصدقاء لتكون خارطة طريقنا إلى المستقبل مزهرة بأجمل الشخصيات التي جمعتنا بهم الصدفة.
وسائل التواصل الاجتماعي ليست عالما وهميا، فهي حقيقة إن أردناها حقيقة، وإن اخترنا منها أجملها فلا تتنكروا منها ولا تلطخوا سمعتها عندما تكسركم أفعالكم وأفعال غيركم، فاصنعوا من ضجيج المواقع لوحات خير ورسائل نور كي لا تكون هذه التكنولوجيا نقمة عليكم.
عايده حسن عيد
جدو.. صورني صورة
اشتاق حفيدي إلى فضاء مدرسته، فقرر أن يرافقني إليها اليوم.
اصطحبته إليها وشعرت بقلبه الصغير يخفق فرحا للعودة إلى أيك أحلامه...
وقف أمام درج مدرسته، تنهد تنهيدة عميقة وتنفس نفسا ملأ متسع مدخلها، وكأني به يرشف كأس ذكرياته فيها، متأملا تفاصيلها وسع عينيه الصغيرتين؛ شاخصا إلى كل تفصيل فيها.
لم أر الصغير جيو هادئا ساكنا في حياتي مثلما كان اليوم جالسا إلى كرسي في مدخل المدرسة، متأنيا في التأمل، وكأني به يسجد في محراب الكلمة، على ضآلة الكلمات التي كان قد كسبها من دفتر أيامه التي قضاها في كنفها إبان اجتيازه سنته الأولى والثانية في رحابها مع أترابه.
نهض عن كرسيه بكل هدوء، واتجه نحو كنيسة المدرسة، راح باتجاه القديس يوسف وامتثل بقامته الصغيرة مصليا، معلماً شفيع العيلة، أنه عائد إلى أحضان "دار الهنا" متمتما شكره له السماح بعودته مجددا، طالبا إليه أن يمضي سنة مفيدة في جنيه معارف جديدة مع رفاقه.
ولما خرجت وأياه عائدين إلى منزلنا العائلي، عاد جيو إلى متوقد نشاطه وحماسه المعهودين، وراح يركض ويقفز في الباحة الخارجية للمدرسة، وأبى إلا أن يتبرك من جرس الكنيسة فهام وغام من حوله، داعب "ضرابته" مثنى وثلاث ومال بنظرة خاطفة لمزار الساحة، متحججا بالصلاة وهو بالحقيقة، لمح صورة البطل الشهيد جو نون، مع جمع القديسين داخل المزار، وشاء أن يتأملها، مصليا لصاحبها في سره وجثا تحت المزار بحرفة طفولية لبرهة رسم شارة الصليب، وخاطبني جدو صورني صورة.
وحتى اللحظة، لا زلت أسأل نفسي ما الذي دفعه إلى طلب ذلك مني؟
أتراه أراد أن يحتفظ بلحظة استذكاره لتلميذ من تلامذة مدرستنا، عشق حكاية البطولة في عينيه من غير أن يتعرف به؟
سليمان يوسف إبراهيم /أديب وكاتب لبناني
انشر تؤجر
لا شك أنّ جميعنا إن لم يكن معظمنا تأتيه رسائل تحت عنوان "انشر تؤجر " وخصوصا في يوم الجمعة من كل أسبوع ،وقد يكون الشخص منهمكا في أعماله الجادة، أو مستمتعا بين الحُليّ والحُلل، وكلاهما يطمع في الأجر والثواب، وما أيسره، فقد جاءه أمامه دون جهد أو تعب، فيرسل للجميع وقد يتخيل أنه أدى من العمل ما لا ينقطع أثره ، ونال من الثواب أكثره، عملاً برسالة آثمة مفادها "انشر تؤجر " .
وما يدري بأنه قد يأثم ، وما ينبغي له إلا أن يتوقف ، فما يأتينا من رسائل قد تضلل القلوب وتعطل العقول عن القراءة والتمحيص بل الفهم والإدراك لما يحيط بنا من خطط دنيئة ،ومؤامرات خبيثة ، تريد أن تضرب عقيدتنا في مقتل وقد أحاطت بنا من كل حدب وصوب .
وأتساءل هل تأكدنا بأنفسنا من صحة ما نشرناه ؟ هل لدينا مرجع موّثق لذلك ، فمواقع التواصل الاجتماعي لا تعتبر مصادرا مؤكدة وخصوصا لمثل هذه القضايا المهمة التي تتعلق بالدِّين، علينا أن ننتبه جيدا لما يحاك بِنَا ، حيث يقوم بعضهم بإشاعة قضايا معينة وطرح موضوعات مزيفة وغير حقيقية حول القرآن الكريم في مواقع هنا وهناك، بدعوى أنها وجه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم فنصدقها ونحاول نشرها بشتى الطرق وكأننا قمنا بعمل جليل.
إنَّ من يطلقون هذه القضايا إنما يريدون الطعن في القرآن الكريم وتشكيك الناس فيه ، فمثلا يقومون بنشر شائعة بأن هناك إعجازا في تكرار كلمة شهر اثنتا عشرة مرة وهو عدد شهور السنة ويصدق الناس ذلك ، بل يقومون بنشره على أوسع نطاق ويتناقله جيل بعد جيل، يأتون بعد ذلك ليشككوا في صحة ذلك ويقولون ما هذا إلا كذب وافتراء ، وهم صادقون هذه المرة، فكلمة شهر لا تتكرر ١٢ مرة في القرآن كما زعموا وأشاعوا وصدقهم الناس في المرة الأولى بل ونشروه وأشاعوه بين الناس، فماذا يحدث عندئذٍ ؟
شك وعدم يقين وطعن في كتاب الله ومن هنا تكون البداية، لإن الذين يصدّرون لنا ذلك إنما يهدفون إلى التشكيك في القرآن تارة ، وفي السنة النبوية تارة آخرى ، فبعدما ينشرون خططهم الخبيثة التي يصدقها البعض ويسير في رحابها بقصد أو دون قصد ، يأتون للتشكيك فيها ويثبتون كذبها وافتراءها ، فيدخل الوهن والشك في قلوب بعض الناس وخصوصا الشباب الذي لا يقرأ ولا يحاول أن يتأكد من صحة ما يعرض أمامه .
إن كثيرا من الأمور والقضايا وخصوصا الأحاديث النبوية التي تشاع وتنشر على مواقع غير صحيحة ونجد في نهايتها عبارة ( انشر تؤجر ) أي شيء ننشره، وأي أجر نأخذه ؟
فالهدف من ذلك كله هو إحداث الخلط والاضطراب بين الصحيح وغير الصحيح ، بل وإشاعة ونشر غير الصحيح بين الناس ، فيتوهم الناس صحته ، ويخطِّئون الصحيح ، في وقت لم يعد الناس يقرأون ولا يحاولون البحث عن صحة ذلك من عدمه.
أدعو الجميع إلى عدم نشر معلومات تتعلق بالدِّين أو الوطن أيا كانت تلك المعلومات قبل التأكد من صحتها بطرق مؤكدة موثّقة، فما تظنه يخدم القضية قد يضرها ويدمرها، وأنت تكون السبب في ذلك دون قصد منك ، فنحن الآن في حرب شرسة موجهة بقصد ونية مبيته ضد أوطاننا وقيمنا، ولكل قدوة في مجتمعاتنا، وللأسف بَعضُنَا يعتبر وسائل فاعلة ضدنا على مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحرب، فأحيانا نجد صورا ومقاطع فيديو لا تليق بنا وبمجتمعاتنا وقيمنا ، فلا داعي لنشرها ولو كانت صحيحة ؛لأن ضررها أكبر من نفعها.
عاطف البطل/كاتب صحفي
طالق
قالَ تعالى عن الطلاق (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) وفي حديث (إِنَّ أبغضَ الحَلالِ إلى اللهِ الطَّلاقُ)، وَالطَّلَاق هُنَا بمعنى التَّحَرُّرُ مِنْ الشّئ وَإِزَالَة عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ يَكُونَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ ، وَمَن الْمُمْكِن أَيْضًا أَنَّ يَكُونَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ فِي حَالَةِ الْخَلْعِ، إنْ لَمْ تَسْتَطِعْ الاسْتِمْرَارِ فِي عَلَاقَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ تَرَاكم جَبَلٍ مِنْ الجَلِيد بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُحَاوِلْ أَي مِنْهُمَا إذَابَته أَو تَجَاوَزَه مِنْ أَجْلِ أبنائهما، لِذَلِك تَعَرَّضَت الْحَيَاة بَيْنَهُمَا للانهيار، بَعْدَ أَنْ سَعَى أَحَدُهُمَا جَاهِدًا لِلِانْفِصَال، صَدَرَ قَرَار الِانْفِصَال بِكَلِمَة رُبَّمَا مَصْدَرُ سَعَادَة لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّهَا اسعدت الزَّوْجَين وَلَكِن هُنَاك طَرَف ثَالِثٌ يَهْلَكَ ثُمَّ يَهْلِك وَيَقَع فِى دَائِرَة الظُّلْم الَّتِى تُقْتَل طُفُولَتِه بَعْدَ هَذَا الْقَرَار.
كَمَا كُنَّا نَرَى أَو نَقْرَأ أَو نَسْمَعْ عَنْ مَحَاكِم الْأَسِرَّة وَالنِّزَاع حَوْل بَقَاء الْأَطْفَال مَعَ الْأُمِّ أَوْ مَعَ الْأَبِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ يَسْعَى لِبَقَاء الْأَطْفَال مَعَه بُعْدِ الطَّلَاقِ حَتَّى بالتحايل عَلَى الْقَانُونِ خَاصَّة الْأُمّ الَّتِى تُقْرَع مِنْ أَجْلِهَا طُبُول الْحَرْب بِمُجَرَّدِ الِانْفِصَالِ لتتمكن وتتمسك بِأَبْنَائِهَا مَهْمَا كَلَّفَهَا الْأَمْر.
لَكِن نُشَاهِد فِى هَذِهِ الْأَيَّامِ مَا لَا يَقْبَلُهُ الْعَقْل وَلَا الْغَرِيزَة الْبَشَرِيَّة ، عِنْدَمَا تَتَخَلَّى الْأُمَّهَاتُ عَنْ رِعَايَة أبنائهن بَعْدَ حُدُوثِ الطَّلَاق ، وَظَهَرَت حَالَات كَثِيرَةٌ بِشَكْل مَلْحُوظ يُسْتَدْعَى النَّظَرُ فِيهَا ، وَتُوجَد حَالَات نَسْمَع عَنْهَا ، بِأَن الْأُمّ تَزَوَّجَت وَلَن تَرْهَن شَبَابهَا مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَة أبنائها، وَالْأَب قَدْ تَزَوَّجَ وَلَا يُرِيدُ أَبْنَاءه هُوَ أَيْضًا أَوْ أَنَّهُ أَب يَسْعَى خَلْف تَفَاصِيل رَغَبَاتِه ونزوات النَّفْس بِأَشْكَالِهَا والتحرر مِنْ كُلِّ قُيُود المسؤولية والإنسانية تجَاه أَبْنَائِه، لذَلِك يَتَدَخَّلُ فِي الْأَمْرِ بَعْض الْأَقَارِبِ أَوْ غَيْرِهِمَا لحِلّ هَذِه الْمُشْكِلَة بِأَن تتبنى جَدِّة الْأَطْفَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأُمّ تَرْبِيَتُهُم أَوْ أَنَّ تقُومَ بِهَذَا جَدِّة الْأَطْفَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَب.
لكِن الْغَرِيبِ فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي نَرَاه حَالِيًا مِن حَوْلَنَا، هُوَ أَنْ الْأَجْدَاد هُمْ أَيْضًا لَا يُرِيدُونَ تَرْبِيَة الْأَحْفَاد، لذَلِك أَصْبَح هَؤُلَاء الْأَطْفَال أَيْتَامًا حَقًّا رَغِم وُجُود الْوَالِدَيْنِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَسُرْعانَ مَا تَنْقَلِب الْأُمُور وَيَفْقِد الْأَطْفَال رعاية الْأُبُوَّة وَالْأَسرة ليحتضنهم الشَّارِع ويحتويهم، إنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى قَانُونَ عَادِل يَضْمَن سَلَامِة الْأَطْفَال وَيَنُصّ عَلَى مُحَاكِمَة الْآبَاء فِى حَالَةٍ إهمالهم لَهُمْ بَعْدَ الانفصالِ.
وَيَكُون لَدَيْنَا لجان مسؤولة عَن مُرَاقَبَة أَطْفَال الطَّلَاق أَثْنَاء وُجُودِهِم مَعَ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ تَخَلَّى الْأَب وتخلت الْأُمِّ عَنْ الْأَطْفَال تَتَكَفَّل المؤسسات برعايتهم بَعْد مُحَاكِمَة الزَّوْجَين حَتَّى لَا يَشْعُرُونَ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مرغوبين فِيهِم.
وبالتالي يَتَرَاكَم بداخلهم النَّبْذ وَالطَّرْد الاجتماعي حَتَّى وَإِنْ كَانُوا بَيْنَ أَعْمَامِهِم وَأَخْوَالهم فَلَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَوِّضَ طِفْلًا عن أَبَيه وَأُمَّه، لأن مُسْتَقْبل الْأَبْنَاءِ مَنْ صنَع الْأبَاءِ لَا أَحَدَ يُعَوِّض مَكَان أَحْد، لِكُلِّ إنْسَانٍ قِيمَتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ فِى الْمَكَان وَالْمَعْنَى وَبِهَذَا لاَبُدّ وَأَنْ يَكُونَ لَدَيْنَا طَرْحً جَدِيد نَتَحَدَّث فِيهِ عَنْ عُقُوقِ الْآبَاء وَالْأُمَّهَات لِأَوْلَادِهِم، والتى تَحْدث عَنْهَا النَّبِىّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
أحمد سلام / كاتب روائي
abdalmaqsud@hotmail.com
استشراف الإعلام الجديد
برغم من التطور التقني المعاصر في وسائل الاتصال الحديثة، مازال الكثيرون يفتقرون للخبرات التي تؤهلهم لاستخدام التقنيات الحديثة في أداء مهام كثيرة يمكن إنجازها بطريقة سهلة ميسرة عن طريق الهاتف المحمول، الأمر الذي يعيق سير بعض الأعمال التي يودون تجهيزها وإنجازها، وتتطلب هذه التقنيات من المستخدم إدخال بريد الكتروني وكلمة سر خاصة بكل واحد منهم على حده وبيانات أخرى . ويفتقد الكثيرون للتأهيل في هذا الأمر برغم توفر العديد من التقنيات الحديثة في متناول الجميع بعد انخفاض كلفتها على عامة أفراد المجتمع ،لهذا يتعرض البعض لعمليات الاحتيال الإلكتروني بالاعتداء على خصوصيتهم لا سيما حساباتهم البنكية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعند التواصل مع أسرته وأصدقائه ،فأصبح لزاما علينا التهيئة الذاتية للتعود على استخدام هذه التقنيات للتسهيل علينا في كافة شؤون حياتنا ،لاسيما الإعلاميون الذين يحتاجونها بطريقة ملحة ليثبتوا جدارتهم بأدائهم الإعلامي، وتشترط بعض المؤسسات الإعلامية على موظفيها استخدام التقنيات الحديثة لتسهيل الوصول للحدث بأي موقع وأي وقت ،وتواجه البعض تحديات في العثور على فرص عمل بسبب قلة خبراتهم في استخدام التقنية الحديثة، في مؤتمر استشراف الإعلام الجديد 2021 الذي عقد عن بعد عبر منصة زوم حرم الكثيرون من المتابعة وتباطئ الكثيرون من الإعلاميون في نشر مجريات الحدث برغم المواضيع الهامة والحساسة التي أثيرت خلاله وكانت هناك تحديات كثيرة قد واجهت مستخدمي الإنترنت عامة ، لمتابعة الحدث بتطبيق زوم الاتصال المرئي عن بعد وربما حالة جانحة كورونا دون تدخل الفضائيات لنقل الحدث على الهواء مباشرة لكافة أفراد الجمهور لا سيما الإعلاميون.
وجد فريق عمل مهني من أعضاء اللجنة التحضيرية الذين تابعوا وحرصوا على نقل الحدث عبر وسائل إعلام عدة ومواقع تواصل اجتماعي متعددة لكن البعض للآن قد فوت المؤتمر وتجاهل مجريات الأحداث فيه وما طرح فيه من مواضيع وقرارات وتوصيات وأطروحات تهم مستقبل الجميع وخاصة الإعلاميون الذين يحرصون على التنافس الإيجابي لخدمة الرسالة الإعلامية السامية، لهذا اجتهدت الإمارات وكانت سباقة في تأهيل الأجيال المستقبلية لهذا الأمر فحين وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله بتأسيس أكاديمية الإعلام الجديد في دبي كانت لها بصمة إيجابية في نفوس قطاع الشباب في هذه الإمارة المتميزة الذي وجدوا ضالتهم فيها ،وكذلك حين أطلق سمو الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان رعاه الله بحرصه على تبني مبادرة المبرمج الإماراتي لطلبة المدارس في المراحل الدراسية الأولى تمكن هذا الجيل الصاعد من النجاح والتفوق والتميز في استخدام التقنية الحديثة في ابتكار تطبيقات وبرامج تقنية تفيد المجتمع وقد تخرج من البرنامج ثلاث دفعات من أبناء إمارة عجمان الواعدة التي تسعى دوما لمواكبة التطورات التقنية العصرية في كافة مجالات الحياة . وتبقى الإمارات بقيادتها الحكيمة وبتوجيهات أصحاب السمو حفظهم الله وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأطال عمره السباقين في توجيه النشء الجديد من أبناء الإمارات الفتية كي يواكبوا تطورات العصر في كافة المجالات وخاصة استخدام التقنيات الحديثة لخدمة الناس جميعا ومنهم قطاع الأعلام الذي عليه أن يواجه تحديات العصر الحديث ومواكبة كافة التطورات التقنية الحديثة كي يكون متميزا قادرا على التحدي والابتكار والمواكبة لكل ما هو حديث متطور يناسب القرن الحدي والعشرين الذي يشهد طفرة معرفية غير مسبوقة على مستوى العالم أجمع.
سحر حمزة/كاتبة
العامل والتنمية
تعتبر دولة الإمارات من أولى الدولة التى اهتمت بالعامل وحقوقه من خلال سن السياسات والقوانين الداعمة لتحقيق المناخ الملائم لمفهوم الاستقرار، ومنحت هذه لقوانين حرية التنقل بين الشركات بشكل قانوني موحد، ورسمت العلاقة السوية والطبيعية بين العامل وصاحب العمل ببنود العقد المبرم بينهما للحفاظ على الحقوق ، وتحديد هيئات متخصصة في فض النزاع عند حدوثه.
وما نراه هذه الأيام من عمال قطاع المقاولات يندى له الجبين، فالعامل عند وجود عمل وانفراجه في المقاولات والتشطيبات يتقاعس عن العمل ويحاول أن يتغيب عن واجبه تجاه العمل وتجاه التنمية والتطور الذي تنادي به الدولة، وعندما يقل العمل لظروف انشائية أو حسب الجدول الزمني للمشروع يبادر نفس الشخص بالعمل والاندفاع لركوب الباص وحجز مكان، مما يجعلنا نبحث عن الأسباب النفسية لهذه الحالة الغريبة والمتكررة.
الدولة قامت بواجبها تجاه العامل بتحقيق الأمن والسلامة له، من خلال الزي الآمن في الموقع والتأكد من سلامة المعدات المستخدمة في المشروع ووجود هواتف نقالة للإسعافات الأولية وسرعة التنقل في حال الاصابة، فضلا عن القانون الصيفي الذي يراعي توقف العمل لشدة الحرارة من الظهيرة لبعد الثالثة ظهرا من اجل سلامة العامل وتوفير الصحة العامة له.
لكن ستظل فكرة التواكل والتقاعس ملازمة للعامل عند توفر العمل وكثرة المشروعات، وبقائه في الراحة بخلاف رأيه وحماسته عند ندرة العمل وتوقف المشروعات والتشطيب، ربما هذا توجه عام ليشعر من حولة بأهميته ومدى احتياج العمل له وأنه على المستوى الشخصي مهم، لكن كل الوظائف مهمة ولها دورها في الحياة مهما كانت بسيطة وضئيلة، وربما يجد العامل نفسه حين يتخذ رأي مغاير للواقع، ربما لكن الأهم هو التزام النسبة الكبيرة بالعمل وبدورهم القومي في التنمية المستدامة والتطور.
السيد امام
قابيل واحد والجميع ضحايا
انتشرت ظاهرة الشكوى والبكاء على صفحات التواصل الاجتماعي مع اختلاف الصياغة من فنانة أو مهندس أو طالب أو ربة منزل، لكن المفهوم والمحتوى واحد، عبارات الندم على كل ما قدمه سيادته وحضرتها من عطاء والاكتشاف المتأخر للقلوب السوداء، الأمر لا ينتهي عند هذا التصريح أو ذاك، العجيب والاغرب ردود الأصدقاء التي توافق وتؤكد ذلك والحكايات كثيرة عن الحسد والحقد والكراهية والطمع والتعليقات كلها تشجب وترفض وتواسي.
إذا كان الجميع متضرر من مشاعر الحقد والكراهية، إذا من أين تأتي الأحقاد، وكأن الجميع أصبح هابيل، ولا يوجد سوى قابيل واحد لكل العصور والأزمان، فالواقع مر والحقيقة مؤلمة ومتخفية دائما تحت عبارات الحب والتسامح والفضيلة، كم مرة ترددت في مد يد العون إلى شخص يحتاج مساعدتك، وكم مرة اتخذت هذا القرار، وكيف كان أداؤك مبهراً، أم ماسخاً يفتقد المذاق الإنساني الذي يشعر الآخر بآدميته وعزة نفسه.
كم مرة شعرت بالغيرة من أداء زميل لك في العمل، وكم مرة كنت محضر خير للإصلاح بين صديقين أو زوجين، وكم مرة تسبب التحيز لابنك في ظلم أو الجور على حقها أو خراب بيت بأكمله، كم مرة فضلت أهلها عن أهل زوجها في الهدايا أو صنع مساحة حب في قلوب أطفالها تجاه أصول الأب.
كثير منا تشغله همومه وطموحاته وأوجاعه ومصالحه وتسيطر الأنا عنده على سلوكه وأفكاره، وقد يشعر بالتعب والإرهاق دون أن يقدم للآخرين أي شيء يذكر ولا أقصد بالآخر هنا زوج أو أم أو ابن، هؤلاء خارج الأسئلة الإجبارية في اختبار إنسانيتنا وقدرتنا على العدل والعطاء بمنطق التعامل مع الله.
حان الوقت لتبادل الأدوار من توجيه الاتهام بالحقد ونكران الجميل وتبرع كل منا بوضع وصمة عارة على جبين قابيل المبني للمجهول الى الحوار الصريح مع النفس والعيش على أرض الواقع، إذا كان الجميع موجوعاً فمن هو مصدر الألم!
أعتقد أن أفضل ما سيحدث للإنسان حيا أو ميتا هو الحساب على نيته، نعم سنحاسب في عملية أشبه بعمليات القلب المفتوح، حيث لا يستطيع أحد تقمص دور هابيل، ولا يستطيع أي من كان تجميل وتلوين بؤر السواد والظلمة في قلبه، الأمر في غاية الوضوح والشفافية، لا أظن أن كل أجهزة كشف الكذب قادرة على قياس نسبة الحب أو الكره في قلوب البشر وسط كل هذا الكم من النفاق والتجمل بالقيم محكمة الصياغة، والتي باتت لعبة في متناول الجميع وكل ما يلزم إعادة نشر موعظة أو آية أو مشهد مصور لسقيا كلب أو إطعام جائع، ربما تم تصويره في لحظة صدق وعطاء وربما تطبيق حديث للرياء الذي يطور نفسه مع تكنولوجيا الاتصال تماما كفيروس قاتل لم نصل بعد إلى مصل واق منه.
منى عبد العزيز /كاتبة
الـتأمل
التأمل يعتبر ارتقاء روحياً للاتصال بالمصدر الداخلي الروح، وتقليل التوتر وزيادة الوعي والتوازن العاطفي وقبول الذات، وهو ممارسة وتمرين للعقل والجسد والروح يساعد على توليد الطاقة والسلام الداخلي ويمكن الإنسان من الاسترخاء لاكتشاف الذات والتعمق في الروح الداخلية والذات غير المحدودة والتعمق بها وكلما تعمقت أكثر ترى الأمور على حقيقتها وليس بقشورها بمنظور سطحي، وله علاقة بالدماغ ونشاطه وبالتحكم بالموجات الدماغية الكهربائية الناتجة عن حركة الخلايا العصبية داخل الدماغ وبالترددات الصادرة عن هذا الدماغ.
مارس التأمل يومياَ ، حياتك يجب أن تكون تأملية وهي أرقى أشكال الحياة حيث ستكتشف أسراراً لم تتخيلها وإمكانات روحية باطنة تساعدك في تجاوز المشاكل اليومية والتعامل معها بإيجابية دون التعرض لأزمات نفسية أو قلق واكتئاب.
بالتأمل ستنفتح البصيرة لترى خلف ما هو مرئي وتبتعد عن سطحية الحياة وترى جمال و روعة الحياة الحقيقية، ستخرج ثورة من داخلك تتفجر فيها كل أحاسيس الغضب والانزعاج وأي مشاعر أو أفكار سلبية، وستتخلص منها فهي مجرد برامج فكرية مزروعة في عقلك الباطن خرجت الآن للسطح، ستقوم بتطهير روحك واكتشاف ذاتك والغوص في أعمق أعماقك حيث تكمن نفسك المجهولة أو التي كنت تخاف اكتشافها.
أعط التأمل الأولوية في حياتك وسيقوم بإعادة هندسة هيكلية لعقلك وسيضيف لك وفرة في الوقت لأنه سيمكنك من رؤية الأمور من منظور آخر وتصبح أكثر فاعلية في التعامل مع الأمور دون إضاعة لوقتك أو هدر لطاقتك، بل ستشحن نفسك بطاقة إيجابية وسيزداد ترددك الطاقي وتبصر الحياة بانسياب أكثر، وستطفو للسطح أنماط فكرية تساعدك على حل أمورك بمرونة أكثر وعلى تغيير طريقة تفكيرك إلى أكثر إيجابية مع التركيز المباشر على أهدافك في المستقبل، ويجب أن تلتزم بممارسة التأمل كي ترى الفرق في حياتك فعندما تبدأ بالحالة التأملية سترى الحياة من منظور روحي وتعيش حالة عليا من التعبير عن الذات.
تتم ممارسة التأمل بالجلوس في وضع مريح وبثياب مريحة ويكون العمود الفقري بشكل مستقيم مع ارتكاز اليدين على الركبتين، ثم تقوم بعملية التنفس عدة مرات ويمكنك الاستماع لموسيقى هادئة لتساعدك على الاسترخاء ومراقبة الأفكار والمشاعر التي تعبر وأنت في حالة من السكون، وهنا تبدأ رحلة الحياة، رحلة التعمق بالذات والوصول للروح واكتشاف الأنا وهذه هي الاستنارة الحقيقية.
منال الحبال/إعلامية
الأسلوب والعالم الافتراضي
يعتقد البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي عالم افتراضي ، إنما في الواقع نجد في هذا العالم حقيقة أكثر من الواقع
لذلك علينا اختيار الاصدقاء بعناية، لأننا نعيش على صفحاتنا معظم أوقاتنا ونتشارك الأحزان والأفراح مع أشخاص لا نعرفهم شخصيا لكننا نشعر بوجودهم والسبب في ذلك هو الأسلوب في التعليق والردود وما ينشرونه على صفحاتهم يجعلنا ندرس شخصيتهم ونميزهم عن غيرهم.
ويجعلنا نعيد النظر باختيار الأصدقاء لتكون خارطة طريقنا إلى المستقبل مزهرة بأجمل الشخصيات التي جمعتنا بهم الصدفة.
وسائل التواصل الاجتماعي ليست عالما وهميا، فهي حقيقة إن أردناها حقيقة، وإن اخترنا منها أجملها فلا تتنكروا منها ولا تلطخوا سمعتها عندما تكسركم أفعالكم وأفعال غيركم، فاصنعوا من ضجيج المواقع لوحات خير ورسائل نور كي لا تكون هذه التكنولوجيا نقمة عليكم.
عايده حسن عيد
جدو.. صورني صورة
اشتاق حفيدي إلى فضاء مدرسته، فقرر أن يرافقني إليها اليوم.
اصطحبته إليها وشعرت بقلبه الصغير يخفق فرحا للعودة إلى أيك أحلامه...
وقف أمام درج مدرسته، تنهد تنهيدة عميقة وتنفس نفسا ملأ متسع مدخلها، وكأني به يرشف كأس ذكرياته فيها، متأملا تفاصيلها وسع عينيه الصغيرتين؛ شاخصا إلى كل تفصيل فيها.
لم أر الصغير جيو هادئا ساكنا في حياتي مثلما كان اليوم جالسا إلى كرسي في مدخل المدرسة، متأنيا في التأمل، وكأني به يسجد في محراب الكلمة، على ضآلة الكلمات التي كان قد كسبها من دفتر أيامه التي قضاها في كنفها إبان اجتيازه سنته الأولى والثانية في رحابها مع أترابه.
نهض عن كرسيه بكل هدوء، واتجه نحو كنيسة المدرسة، راح باتجاه القديس يوسف وامتثل بقامته الصغيرة مصليا، معلماً شفيع العيلة، أنه عائد إلى أحضان "دار الهنا" متمتما شكره له السماح بعودته مجددا، طالبا إليه أن يمضي سنة مفيدة في جنيه معارف جديدة مع رفاقه.
ولما خرجت وأياه عائدين إلى منزلنا العائلي، عاد جيو إلى متوقد نشاطه وحماسه المعهودين، وراح يركض ويقفز في الباحة الخارجية للمدرسة، وأبى إلا أن يتبرك من جرس الكنيسة فهام وغام من حوله، داعب "ضرابته" مثنى وثلاث ومال بنظرة خاطفة لمزار الساحة، متحججا بالصلاة وهو بالحقيقة، لمح صورة البطل الشهيد جو نون، مع جمع القديسين داخل المزار، وشاء أن يتأملها، مصليا لصاحبها في سره وجثا تحت المزار بحرفة طفولية لبرهة رسم شارة الصليب، وخاطبني جدو صورني صورة.
وحتى اللحظة، لا زلت أسأل نفسي ما الذي دفعه إلى طلب ذلك مني؟
أتراه أراد أن يحتفظ بلحظة استذكاره لتلميذ من تلامذة مدرستنا، عشق حكاية البطولة في عينيه من غير أن يتعرف به؟
سليمان يوسف إبراهيم /أديب وكاتب لبناني
انشر تؤجر
لا شك أنّ جميعنا إن لم يكن معظمنا تأتيه رسائل تحت عنوان "انشر تؤجر " وخصوصا في يوم الجمعة من كل أسبوع ،وقد يكون الشخص منهمكا في أعماله الجادة، أو مستمتعا بين الحُليّ والحُلل، وكلاهما يطمع في الأجر والثواب، وما أيسره، فقد جاءه أمامه دون جهد أو تعب، فيرسل للجميع وقد يتخيل أنه أدى من العمل ما لا ينقطع أثره ، ونال من الثواب أكثره، عملاً برسالة آثمة مفادها "انشر تؤجر " .
وما يدري بأنه قد يأثم ، وما ينبغي له إلا أن يتوقف ، فما يأتينا من رسائل قد تضلل القلوب وتعطل العقول عن القراءة والتمحيص بل الفهم والإدراك لما يحيط بنا من خطط دنيئة ،ومؤامرات خبيثة ، تريد أن تضرب عقيدتنا في مقتل وقد أحاطت بنا من كل حدب وصوب .
وأتساءل هل تأكدنا بأنفسنا من صحة ما نشرناه ؟ هل لدينا مرجع موّثق لذلك ، فمواقع التواصل الاجتماعي لا تعتبر مصادرا مؤكدة وخصوصا لمثل هذه القضايا المهمة التي تتعلق بالدِّين، علينا أن ننتبه جيدا لما يحاك بِنَا ، حيث يقوم بعضهم بإشاعة قضايا معينة وطرح موضوعات مزيفة وغير حقيقية حول القرآن الكريم في مواقع هنا وهناك، بدعوى أنها وجه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم فنصدقها ونحاول نشرها بشتى الطرق وكأننا قمنا بعمل جليل.
إنَّ من يطلقون هذه القضايا إنما يريدون الطعن في القرآن الكريم وتشكيك الناس فيه ، فمثلا يقومون بنشر شائعة بأن هناك إعجازا في تكرار كلمة شهر اثنتا عشرة مرة وهو عدد شهور السنة ويصدق الناس ذلك ، بل يقومون بنشره على أوسع نطاق ويتناقله جيل بعد جيل، يأتون بعد ذلك ليشككوا في صحة ذلك ويقولون ما هذا إلا كذب وافتراء ، وهم صادقون هذه المرة، فكلمة شهر لا تتكرر ١٢ مرة في القرآن كما زعموا وأشاعوا وصدقهم الناس في المرة الأولى بل ونشروه وأشاعوه بين الناس، فماذا يحدث عندئذٍ ؟
شك وعدم يقين وطعن في كتاب الله ومن هنا تكون البداية، لإن الذين يصدّرون لنا ذلك إنما يهدفون إلى التشكيك في القرآن تارة ، وفي السنة النبوية تارة آخرى ، فبعدما ينشرون خططهم الخبيثة التي يصدقها البعض ويسير في رحابها بقصد أو دون قصد ، يأتون للتشكيك فيها ويثبتون كذبها وافتراءها ، فيدخل الوهن والشك في قلوب بعض الناس وخصوصا الشباب الذي لا يقرأ ولا يحاول أن يتأكد من صحة ما يعرض أمامه .
إن كثيرا من الأمور والقضايا وخصوصا الأحاديث النبوية التي تشاع وتنشر على مواقع غير صحيحة ونجد في نهايتها عبارة ( انشر تؤجر ) أي شيء ننشره، وأي أجر نأخذه ؟
فالهدف من ذلك كله هو إحداث الخلط والاضطراب بين الصحيح وغير الصحيح ، بل وإشاعة ونشر غير الصحيح بين الناس ، فيتوهم الناس صحته ، ويخطِّئون الصحيح ، في وقت لم يعد الناس يقرأون ولا يحاولون البحث عن صحة ذلك من عدمه.
أدعو الجميع إلى عدم نشر معلومات تتعلق بالدِّين أو الوطن أيا كانت تلك المعلومات قبل التأكد من صحتها بطرق مؤكدة موثّقة، فما تظنه يخدم القضية قد يضرها ويدمرها، وأنت تكون السبب في ذلك دون قصد منك ، فنحن الآن في حرب شرسة موجهة بقصد ونية مبيته ضد أوطاننا وقيمنا، ولكل قدوة في مجتمعاتنا، وللأسف بَعضُنَا يعتبر وسائل فاعلة ضدنا على مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحرب، فأحيانا نجد صورا ومقاطع فيديو لا تليق بنا وبمجتمعاتنا وقيمنا ، فلا داعي لنشرها ولو كانت صحيحة ؛لأن ضررها أكبر من نفعها.
عاطف البطل/كاتب صحفي
طالق
قالَ تعالى عن الطلاق (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) وفي حديث (إِنَّ أبغضَ الحَلالِ إلى اللهِ الطَّلاقُ)، وَالطَّلَاق هُنَا بمعنى التَّحَرُّرُ مِنْ الشّئ وَإِزَالَة عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ يَكُونَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ ، وَمَن الْمُمْكِن أَيْضًا أَنَّ يَكُونَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ فِي حَالَةِ الْخَلْعِ، إنْ لَمْ تَسْتَطِعْ الاسْتِمْرَارِ فِي عَلَاقَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ تَرَاكم جَبَلٍ مِنْ الجَلِيد بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُحَاوِلْ أَي مِنْهُمَا إذَابَته أَو تَجَاوَزَه مِنْ أَجْلِ أبنائهما، لِذَلِك تَعَرَّضَت الْحَيَاة بَيْنَهُمَا للانهيار، بَعْدَ أَنْ سَعَى أَحَدُهُمَا جَاهِدًا لِلِانْفِصَال، صَدَرَ قَرَار الِانْفِصَال بِكَلِمَة رُبَّمَا مَصْدَرُ سَعَادَة لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّهَا اسعدت الزَّوْجَين وَلَكِن هُنَاك طَرَف ثَالِثٌ يَهْلَكَ ثُمَّ يَهْلِك وَيَقَع فِى دَائِرَة الظُّلْم الَّتِى تُقْتَل طُفُولَتِه بَعْدَ هَذَا الْقَرَار.
كَمَا كُنَّا نَرَى أَو نَقْرَأ أَو نَسْمَعْ عَنْ مَحَاكِم الْأَسِرَّة وَالنِّزَاع حَوْل بَقَاء الْأَطْفَال مَعَ الْأُمِّ أَوْ مَعَ الْأَبِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ يَسْعَى لِبَقَاء الْأَطْفَال مَعَه بُعْدِ الطَّلَاقِ حَتَّى بالتحايل عَلَى الْقَانُونِ خَاصَّة الْأُمّ الَّتِى تُقْرَع مِنْ أَجْلِهَا طُبُول الْحَرْب بِمُجَرَّدِ الِانْفِصَالِ لتتمكن وتتمسك بِأَبْنَائِهَا مَهْمَا كَلَّفَهَا الْأَمْر.
لَكِن نُشَاهِد فِى هَذِهِ الْأَيَّامِ مَا لَا يَقْبَلُهُ الْعَقْل وَلَا الْغَرِيزَة الْبَشَرِيَّة ، عِنْدَمَا تَتَخَلَّى الْأُمَّهَاتُ عَنْ رِعَايَة أبنائهن بَعْدَ حُدُوثِ الطَّلَاق ، وَظَهَرَت حَالَات كَثِيرَةٌ بِشَكْل مَلْحُوظ يُسْتَدْعَى النَّظَرُ فِيهَا ، وَتُوجَد حَالَات نَسْمَع عَنْهَا ، بِأَن الْأُمّ تَزَوَّجَت وَلَن تَرْهَن شَبَابهَا مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَة أبنائها، وَالْأَب قَدْ تَزَوَّجَ وَلَا يُرِيدُ أَبْنَاءه هُوَ أَيْضًا أَوْ أَنَّهُ أَب يَسْعَى خَلْف تَفَاصِيل رَغَبَاتِه ونزوات النَّفْس بِأَشْكَالِهَا والتحرر مِنْ كُلِّ قُيُود المسؤولية والإنسانية تجَاه أَبْنَائِه، لذَلِك يَتَدَخَّلُ فِي الْأَمْرِ بَعْض الْأَقَارِبِ أَوْ غَيْرِهِمَا لحِلّ هَذِه الْمُشْكِلَة بِأَن تتبنى جَدِّة الْأَطْفَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأُمّ تَرْبِيَتُهُم أَوْ أَنَّ تقُومَ بِهَذَا جَدِّة الْأَطْفَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَب.
لكِن الْغَرِيبِ فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي نَرَاه حَالِيًا مِن حَوْلَنَا، هُوَ أَنْ الْأَجْدَاد هُمْ أَيْضًا لَا يُرِيدُونَ تَرْبِيَة الْأَحْفَاد، لذَلِك أَصْبَح هَؤُلَاء الْأَطْفَال أَيْتَامًا حَقًّا رَغِم وُجُود الْوَالِدَيْنِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَسُرْعانَ مَا تَنْقَلِب الْأُمُور وَيَفْقِد الْأَطْفَال رعاية الْأُبُوَّة وَالْأَسرة ليحتضنهم الشَّارِع ويحتويهم، إنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى قَانُونَ عَادِل يَضْمَن سَلَامِة الْأَطْفَال وَيَنُصّ عَلَى مُحَاكِمَة الْآبَاء فِى حَالَةٍ إهمالهم لَهُمْ بَعْدَ الانفصالِ.
وَيَكُون لَدَيْنَا لجان مسؤولة عَن مُرَاقَبَة أَطْفَال الطَّلَاق أَثْنَاء وُجُودِهِم مَعَ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ تَخَلَّى الْأَب وتخلت الْأُمِّ عَنْ الْأَطْفَال تَتَكَفَّل المؤسسات برعايتهم بَعْد مُحَاكِمَة الزَّوْجَين حَتَّى لَا يَشْعُرُونَ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مرغوبين فِيهِم.
وبالتالي يَتَرَاكَم بداخلهم النَّبْذ وَالطَّرْد الاجتماعي حَتَّى وَإِنْ كَانُوا بَيْنَ أَعْمَامِهِم وَأَخْوَالهم فَلَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَوِّضَ طِفْلًا عن أَبَيه وَأُمَّه، لأن مُسْتَقْبل الْأَبْنَاءِ مَنْ صنَع الْأبَاءِ لَا أَحَدَ يُعَوِّض مَكَان أَحْد، لِكُلِّ إنْسَانٍ قِيمَتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ فِى الْمَكَان وَالْمَعْنَى وَبِهَذَا لاَبُدّ وَأَنْ يَكُونَ لَدَيْنَا طَرْحً جَدِيد نَتَحَدَّث فِيهِ عَنْ عُقُوقِ الْآبَاء وَالْأُمَّهَات لِأَوْلَادِهِم، والتى تَحْدث عَنْهَا النَّبِىّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
أحمد سلام / كاتب روائي