نافذة مشرعة

الاتصالات مع بوتين: الفشل الفرنسي الألماني...!

الاتصالات مع بوتين: الفشل الفرنسي الألماني...!


لقد عرفنا منذ بعض الوقت أن الثنائي الفرنسي الألماني، رغم أنه يظل لا غنى عنه، لم يعد قادرًا على توجيه سياسة الاتحاد الأوروبي بمفرده. ومع ذلك، فإن المبادرة الأخيرة لإعادة العلاقات على أعلى مستوى مع فلاديمير بوتين كانت بمثابة الفشل الذريع، الأمر الذي فاجأ المراقبين. مبادرة، لم تواجه فقط العداء المتوقع لبلدان وسط وشرق أوروبا، بل واجهت أيضًا إحجامًا صريحًا من جزء كبير من الدول الأعضاء الأخرى. في الواقع، فإن المقترح، بالإضافة إلى كونه غير لائق وغير مناسب، يخاطر بأن يأتي بنتائج عكسية. وكما لو أن كل هذا لم يكن كافيًا، فان المبادرة من الصعب أيضًا فهمها.

خرقاء
 للوثيقة الفرنسية الألمانية منطقها الخاص. وقد احتوت على جميع الملاحظات الواضحة حول سلوك روسيا العدائي تجاهنا، وهددت بمزيد العقوبات، لكنها أشارت أيضًا إلى إمكانية إجراء حوار مع روسيا حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. الى درجة التساؤل لماذا تحليل لا يختلف كثيرًا عن التحليل الذي قدمته المفوضية في الآونة الأخيرة، يبرّر مبادرة فرنسية ألمانية
في الواقع، يختلف التحليلان في نقطة واحدة فقط: الاستنتاجات... لا يمكن لدبلوماسيين ذوي خبرة الذين صاغوا الوثيقة في باريس وبرلين، تجاهل أن الاهتمام سينصب حصريًا على هذه: اقتراح استئناف الاتصالات مع روسيا على أعلى مستوى، والتي قطعت بعد ضمّ شبه جزيرة القرم. علاوة على ذلك، اقتراح يتم تقديمه في غياب أي بادرة تدل على رغبة بوتين في تغيير المسار. وكان التبرير الوحيد هو القول، “بايدن فعل ذلك، فلماذا لا نفعل نحن؟ وتكمن المشكلة في أن اجتماع جنيف بين بوتين وبايدن، والذي لم يسفر عن أي نتائج ملموسة، كان يهدف في المقام الأول إلى إنهاء حقبة ترامب من خلال إرسال عدد من الرسائل أكثر وضوحًا.
ومع ذلك، يظل الغرض من الاجتماعات الجديدة رفيعة المستوى مع الاتحاد الأوروبي في غاية الغموض. قال ماكرون، إن الحوار الأوروبي مع بوتين يجب أن يكون “طموحًا ومتطلبًا ووفيّا لقيمنا”. إنها جملة جميلة لكنها تحتوي على مثلث استحالة. فإذا كان الحوار متطلبًا ووفيا لقيمنا، فلا يمكن أن يكون طموحًا. يعلم الجميع أن فرص الحصول على تنازلات كبيرة من بوتين بشأن الموضوعات التي تهمنا معدومة، وكذلك التنازلات التي يمكننا تقديمها بشكل معقول. التخلي عن أوكرانيا؟ قبول الوجود الروسي في ليبيا؟ تخفيف العقوبات مقابل ماذا؟ “الطموح” هو بالضبط ما لم يكنه لقاء جنيف مع بايدن.

غير مناسب
في العالم الملموس، وعلى عكس ما يجري في المؤسسات البحثية، يعتبر التوقيت هو المعيار الأساسي لتقييم مبادرة سياسية. وقد جاءت الوثيقة الفرنسية الألمانية في وقت غير مناسب، عشية المجلس الأوروبي حيث بدا كل شيء جاهزًا لتأكيد وحدة الاتحاد الأوروبي، على الأقل في هذه المرحلة. ومن المفيد هنا التذكير بتسلسل الأحداث.
قبل أيام قليلة، في كورنوال ثم في قمة الناتو، أعرب الأوروبيون وبايدن عن وحدة قوية في مواجهة مبادرات بوتين العدوانية. من جهة اخرى، استعدادًا للمجلس الأوروبي، أصدرت المفوضية والممثل الأعلى جوزيب بوريل، نصًا يوثق “دوامة الانحدار” للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. وأخيرًا، عشية اجتماع المجلس، وفي تصادف غريب مع مبادرة باريس وبرلين، قامت روسيا بأعمال عدائية ضد سفينة تابعة للبحرية الملكية، وبالتالي دولة حليفة، حتى لو لم تعد عضوًا في الاتحاد الأوروبي، في مهمة في البحر الأسود.
في الاثناء، لم يقدم اجتماع جنيف أي معطيات جديدة. وكان الحس السليم يقتضي الاشارة إلى أن التوقيت لم يكن مناسبًا، وأن المبادرة كانت ستتطلب إعدادًا دقيقًا مع الولايات المتحدة، ومع بعض دول وسط وشرق أوروبا، وخاصة بولندا ودول البلطيق، ولكن أيضًا مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين، مثل إيطاليا هولندا والدول الاسكندنافية؛ كما ان الحس السليم يقترح أيضا أوكرانيا. والنتيجة هي ما رأيناه وما تسبب في استياء ماكرون وميركل الواضح عند اختتام المجلس الأوروبي. نادرًا ما يتم تشويه مبادرة من قبل دولتين مهمتين في البيان الختامي، حتى من قبل أطراف كان من الممكن، في ظل ظروف عادية، أن تتوصّل إلى توافق واسع النطاق.

نتيجة عكسية
لا أحد ينكر أن هناك أسباباً عديدة لمواصلة الحوار مع روسيا. ويتفق الجميع على وجوب توخي الحذر لتفادي تقارب مفرط بين موسكو وبكين. وجلي، مع ذلك، يمكن تصور اجتماعات على أعلى مستوى، ويمكن أن تكون مفيدة فقط إذا كان لدى المرء فكرة مسبقة عن النتائج المتوقعة، وخاصة بعد فترة إنضاج. لم يتم استيفاء أي من هذه الشروط حاليا.
المفارقة، هي أن كل شيء أصبح الآن أكثر صعوبة، بما في ذلك الحوار مع بوتين. ان وحدة الأوروبيين تجاه روسيا، والتي بدت مكتسبة، تبدو الآن معرضة للخطر، من بين أشياء أخرى، من خلال حقيقة وضع البلدين الأكثر أهمية في الزاوية. ومن المرجح أن تستيقظ المخاوف الأمريكية، التي لم تكن خاملة أبدًا، بشأن عدم موثوقية الحلفاء الأوروبيين. وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن يتحول تمظهر الحس السليم إلى هدايا سياسية لبوتين.
إذن لماذا؟ السؤال مشروع. إذا كان أصل هذه المحاولة هو ماكرون، سيد الحراك الدبلوماسي الذي لا ستبعد المبادرات المرتجلة، فسيكون لدينا تفسير لذلك. نتذكر محاولته الفاشلة لإعادة إطلاق الحوار مع بوتين، حيث استُقبل هذا الاخير في فرنسا بكل مظاهر التكريم والحفاوة.
سنتذكر أيضًا التعليق المنسوب إلى أنجيلا ميركل بعد إحدى هذه المبادرات المرتجلة: “أحب تناول الشاي مع ماكرون، لكنه بعد ذلك يكسر الأكواب ويجب أن أجمع القطع معًا”. لكن هذه المرة، هناك كل الأسباب للاعتقاد بأنّ، سيدة الحكمة والتوقيت، هي المسؤولة عن ذلك. ولسوء الحظ، لم تكسر الأكواب فحسب، بل الطقم بأكمله (من المفترض أن يكون من خزف ميسن الثمين).
في أمريكا، وليس فقط، كان هناك دائمًا شك في وجود ميل ألماني ملحوظ إلى حد ما تجاه الروس. ولا يتطلب الأمر الكثير لإعادة إحياء الذكريات البسماركية أو الاتفاقات السرية المبرمة مع الاتحاد السوفياتي للتحايل على القيود التي فرضتها معاهدة فرساي على الجيش الألماني الجديد. مثلما يمكننا أن نتذكر الشكوك التي نشأت عندما أطلق ويلي براندت ما اسماها سياسة الشرق. لكن مع ميركل، لا مبرر لهذه الشكوك إلى حد كبير. صحيح أنه كان هناك سوء إدارة لمشكلة نوردستريم 2.
لقد أدى هذا الإهمال إلى جعلها رمزًا لارتهان الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة لروسيا، في حين أن هذه الأخيرة بحاجة في الواقع إلى تصدير الغاز إلى أوروبا بقدر ما نحتاج نحن لاستيراده؛ علاوة على ذلك، فهذه التبعية مصيرها ان تتقلص إذا أعطت الصفقة الخضراء نتائج فعلية. ان المشكلة كانت ولا تزال مشكلة حماية مصالح بولندا وأوكرانيا؛ مسالة يبدو أنها لم تصل إلى مركز التفكير الألماني الا الآن. لكن هذا كان خطأ إداريًا سياسيًا أكثر منه انتهاكًا للتضامن الغربي.
بالنسبة لما تبقى، فان سياسة ميركل تجاه روسيا خالية من العيوب حتى الآن. اشتهرت بأنها الزعيمة الأوروبية الوحيدة التي يأخذها بوتين على محمل الجد. في الحوار الذي أجرته معه دائمًا، كانت متطلّبة دائمًا. وبدون زعامتها، ما كان للاتحاد الأوروبي أن يجد وحدته حول العقوبات واتفاقيات مينسك. كل هذا يزيد من صعوبة فهم هذا المأزق. في بعض الأحيان، قد يؤدي الوعي بعدم وجود الكثير من الوقت تحت تصرفك إلى تسريع وتسرّع يؤدي إلى نتائج عكسية.
إن أسوأ احتمال اليوم هو مبادرة فرنسية أو ألمانية أحادية الجانب، أو كليهما. وفي الحالتين، سيتعين على شخص ما الآن “الصاق القطع”. من الصعب تخيل ان هاتين الحكومتين المنخرطتين الآن في حملة انتخابية ستتوليان المهمة. انها بالتأكيد مهمة المفوضية، وليس مستبعدا أن يعود دور ما الى إيطاليا أيضًا، معززة بالنزعة الأوروبية الأطلسية التي استعادتها.





 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/