تمكن المبدع الفنان القدير أمير كرارة من تجسيد دور الشهيد المقاتل أحمد منسي في مسلسل الاختيار، ونقل لنا تضحيات رجال القوات المسلحة ويقظتهم المستمرة في الدفاع عن الأمن الوطني، وقلت في لقاء تليفزيوني عن نفس المسلسل أن أحمد المنسي يمثل القومية العربية، والمنسي جندي عربي يتجسد في كل مواطن شريف في أي مجال من مناحي الحياة، وأنه ايقونة لجندي عربي عبر الحدود المحلية إلى الاقليمية، صحيح أن المنسي استشهد لكنه في تصوري كان يمثل كل الشهداء ونموذج مشرف لكل بطل دافع عن أمته وتخطى دفاعه حدود الخوف عن النفس وتمسكه بالميدان وارتفاع صوته بكل عزم وهو يقول لا ، لكل غازي معتدي.
وبعيدا عن المسلسل والحياة الطبيعية لكل من كرارة والمنسي نجد فروق طفيفة بينهما، طفيفة جدا لحد الهزل والوقوف عليها بكل دقة، المنسي دفع حياته مقابل الشهادة وحصلت اسرته حسب المعلن عن قيمة المتوفي مائة الف جنية والمصاب عشرون الف بينما حصل من يجسد ملحمة البطل نظير أداء الدور وحسب المعلن ثمانية عشر مليون، ليس هزل وانما تلك هى الحياة التى نعيشها، أبن البطل يظل يتيم ينظر إلى صورة والده المعلقة على الجدران ويتمتع بالمبلغ الزهيد الذي حصل عليه مقابل يتمه، وفي المقابل يعيش طفل أخر أبن البطل الافتراضي في رغد العيش، تلك هى الحياة الافتراضية التى نعيشها بكل تفاصيلها المؤلمة، لدرجة أن بعض العقلاء لا يدركون إذا كانوا أحياء أم أموات.
لا ننكر أن كرارة وصل الرسائل باقتدار، رسالة ولاء وانتماء الأبطال للوطن بأن هناك من سيجسد ملحمتهم عند استشهادهم، ورسالة أخرى تحس الشباب على اختيار طريق الفن وتجسيد أدوار الأبطال لان التجسيد مربح دنيويا من حيث الشهرة والمال والنضال الافتراضي، ورسالة بكاء الرضع والأطفال تأثيرا من اتقان كرارة وروعته في الأداء الذي وصل لقلوب الأطفال وتخيلنا أننا نعيش في بيت المنسي، كما نتخيل للأن أن أحمد مظهر هو صلاح الدين الأيوبي، مجرد حياة افتراضية نعيشها جميعا تحت مظلة غياب الوعي.
وقريبا وبعد الخروج من فيلم كورونا، سيتم تجسيد بطولات الأطباء الذين استشهدوا وهم في ميدان الشرف، سيجسد فنان قدير دور الطبيب الذي دفن في كيس أسود مكتوب عليه احذر العدوى بكورونا، وسوف نتأثر جدا وتذرف العيون الدموع وتئن القلوب على فراق هؤلاء الجنود الذين ماتوا وهم يصارعون الموت مع المرضى، سنرى الفنان وهو يرتدي البالطو الأبيض ويتلفح بالسماعة ويجري بين اروقة المستشفى لإنقاذ رجل مسن أو سيدة عجوز تعاني من كورونا، وسوف نبكي عندما يصاب الطبيب ويرحل في صمت ونصفق للفنان على أدائه المتميز وفي أول مهرجان فني سيعتلي المبدع المنصة ويرفع جائزة أفضل ممثل، في الوقت الذي تضم فيه زوجة الشهيد أبنها مع صورة زوجها والشيك المائة الف جنية المبلل بدموع الفراق والندم.