رئيس الدولة ومحمد بن راشد: الإمارات دولة استثنائية ومركز اقتصادي عالمي
مجهر الأحداث
انحدار الغرب...!
هل تتذكرون ذاك المشهد من فيلم “تراجع الإمبراطورية الأمريكية” للكاتب دينيس أركاند، حيث أوضح المفكر الذي لعب دوره دومينيك ميشيل، أنّ الغرب آخذ في الانحدار؟
«علامات تدهور الإمبراطورية موجودة في كل مكان: السكان يحتقرون مؤسساتهم، وانخفاض معدل الولادات، ورفض الرجال الخدمة العسكرية، والديون الوطنية تخرج عن نطاق السيطرة ، وساعات العمل المتناقصة باستمرار ، وغزو البيروقراطية، وانحطاط النخب ... «
حسنًا، قد يفسر هذا القول المكتوب قبل 36 عامًا سبب هجوم بوتين على أوكرانيا.
العصر الذهبي القادم
في كل الأحوال، هذه هي الأطروحة التي دافع عنها الفيلسوف الفرنسي لوك فيري في صفحات لوفيغارو الأربعاء الماضي.
أوه، الفيلسوف لا يذكر فيلم دينيس أركاند الشهير.
لكن كان بوسعه أن يفعل ...
لأنه بالنسبة إلى فيري، إذا لم يتردد بوتين ثانيتين قبل مهاجمة الغرب بغزو أوكرانيا، فذلك لأنه يعلم أن الغرب في حالة انحطاط ولن يرد.
كتب فيري: “من وجهة نظر بوتين، يميل مستقبل الكوكب نحو آسيا والهند والعالم الإسلامي وأفريقيا. وفي ظل هذه الظروف، أن تكون مهابا ومكروها على حد سواء من قبل “الديمقراطيات الرخوة” ليس ذا شأن.
ثقافيا، علميا، ديموغرافيا، اقتصاديا، عسكريا، المستقبل سيكون صينيّا. يبدو هذا التحليل بالنسبة له أكثر وضوحًا لأنه ينضم إلى العديد من الغربيين الذين يعتقدون أيضًا أن قارتنا قد انتهت، وأن حضارتنا قد ماتت، وأنه لا أحد مستعد للموت من أجلها».
بوتين يضع بيادقه
باختصار، بالنسبة إلى لوك فيري، فإن بوتين مقتنع بأن العصر الذهبي للعالم الغربي كان مجرد قوس في تاريخ البشرية، وأن هذه الفترة قد انتهت بالفعل.
ومن خلال مهاجمة أوكرانيا، لم يفعل الرئيس الروسي سوى وضع بيادقه على رقعة الشطرنج العالمية للتأكد من أنّ بلاده ستلعب دورًا رئيسيًا في العصر الذهبي القادم، والذي، هذه المرة، لن يدور حول أوروبا وأمريكا (لاف!)، ولكن من إيران والصين والبرازيل والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا والهند.
بالتأكيد ستدين الدول الغربية قرار بوتين بصوت واحد ...
لكن ليس مهمّا؟ بما ان الغرب لم يعد يهم!
وبما أن السنوات المجيدة للحضارة الغربية لم تعد أمامنا بل وراءنا!
وبما أنه منذئذ، كما أشار أركاند في فيلمه، لم يعد لسكان الإمبراطورية الأمريكية أطفال، ولم يعودوا يريدون الموت من أجل أفكارهم ويحتقرون مؤسساتهم!
سنتان من الجنون
بالنسبة الى فيري، يعتقد بوتين اعتقادًا راسخًا أن انحطاط الغرب ليس أطروحة من بين أفكار كثيرة أخرى، أو نبوءة.
لكنه واقع.
وكيف لا يكون محقّا؟
انظروا إلى ما حدث في العامين الماضيين.
الهجوم على مبنى الكابيتول، وتفجر أطروحات نظرية المؤامرة، وظهور الخطاب المعادي للعلم، وتكاثر التهديدات ضد المسؤولين المنتخبين والصحفيين، والرقابة في الجامعات، والإيذاء، وكراهية الغرب، والوسط الذي يغرق، والظواهر المتطرفة التي تتصاعد. ...
دون أن ننسى هؤلاء المثقفين الزائفين الذين لا يتوقفون أبدًا عن الصراخ إنها الديكتاتورية بمجرد أن يُطلب منهم أدنى تضحيات ...
أليست هذه علامات تراجع قاطعة برأيكم؟
* كاتب عمود ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون الكندي