رئيس الدولة وحاكم رأس الخيمة والشيوخ يؤدون صلاة الجنازة على جثمان طحنون بن محمد
الصحة والناس
شبح فيروس ماربورغ
ربما لم يخطر ببال الكثيرين بأن تسليم الرايات يمكن أن يحدث حتى على مستوى العناصر الممرضة كالفيروسات بدل أن يكون فقط على مستوى المناسبات والأحداث الإنسانية.
فما يبدو جليا للجميع في الأونة الأخيرة وعلى رأسهم خبراء الصحة العامة في كافة أنحاء العالم وكأن فيروس كورونا أبى أن يرحل دون أن يسلم الراية إلى فيروس خطير آخر بات يثير الرعب حول العالم وأصبح اسمه يتردد مؤخرا بما يعرف باسم فيروس ماربورغ أو فيروس حمى ماربورغ النزفية أو كما يطلق عليه البعض اختصارا "مارف".
ذلك الفيروس القديم الجديد والمميت والتي قد تصل نسبة الوفيات فيه إلى ما يقارب 90% ويصعب تمييز أعراضه السريرية عن تلك الموجودة في مرضى فيروس أيبولا.
وكما هو واضح من أدبيات الاسم العلمي للفيروس حيث تم اكتشافه لأول مرة في العام 1967 بعد تفشي للمرض في مدينة ماربورغ الألمانية تلتها مباشرة مدينتي فرانكفورت الألمانية وبلغراد الصربية بأنه ينتمي حسب تصنيف الفيروسات الي عائلة الفيروسات الخيطية وهي عائلة من الفيروسات السلبية ذات الرنا أحادي السلسلة يعرف أفرادها بأنهم العوامل المسببة للحميات النزفية بما فيها حمى فيروس أيبولا النزفية المعروفة.
في واقع الأمر يعتبر مرض فيروس ماربورغ مرض شديد الضراوة ويرتبط بمعدل وفيات مرتفع للحالات المصابة.
وتعود نسبة الوفيات العالية التي يسببها الفيروس إلى تفتح الأوعية الدموية وحدوث حمى نزفية يخسر معها المصاب الكثير من الدم وتحدث صدمة لأعضاء الجسم الحيوية تليها الوفاة.
يصعب تمييز المراحل المبكرة من المرض عن الأمراض الأخرى كما لا توجد علاجات أو لقاح محدد ضد الفيروس المسبب للمرض على الرغم من أن الرعاية الداعمة قد تزيد من احتمالية فرص البقاء على قيد الحياة.
وتعتبر خفافيش الفاكهة المصرية Rousettus aegyptiacus المستودع الرئيسي المتعارف عليه حتى الآن للفيروس أو ما يعرف بالمضيف الطبيعي الذي يحتوي على الفيروس ولا تظهر عليه الأعراض.
كما أشارت بعض الاستقصاءات الي حمل الخنازير للفيروس أيضا بينما عزي وقوع تفشي الفيروس إلى أنشطة مخبرية استعملت نسانيس إفريقية خضراء Cercopithecus aethiops استوردت من أفريقيا.
ويحدث انتشار الفيروس و سريان العدوى بين البشر عن طريق الاتصال المباشر مع سوائل الجسم للشخص المصاب أما بملامسة دم الشخص المصاب بالعدوى أو إفرازاته أو أعضائه أو أي سوائل أخرى تفرز من جسده بما في ذلك ملامسة جروح الجلد أو الأغشية المخاطية.
كما وتعتبر ملامسة الأسطح أو المواد الملوثة بهذه السوائل كأغطية الأسرّة والملابس ضمن سياق طرق انتقال العدوى حيث قد سبق أن أصيب بعض العاملون في مجال الرعاية الصحية بعدوى مرض فيروس ماربورغ أثناء رعايتهم لمرضى تأكدت إصابتهم بالمرض أو اشتبه في إصابتهم به.
وتشير منظمة الصحة العالمية الي أن فترة حضانة المرض تتراوح بين 2 إلى 21 يوما يبدأ بعدها ظهور أعراض المرض الناجم عن الفيروس بشكل فجائي.
الأعراض السريرية :
■ يبدأ المرض الناجم عن فيروس ماربورغ فجأة بصداع حاد وألم في الحلق و وعكة شديدة لكامل الجسم كما تعد الأوجاع والآلام العضلية من الأعراض الشائعة أيضا.
■ ويتعرض المصاب عادة لارتفاع شديد في حرارة الجسم على شكل حمى في اليومين الأول والثاني من الإصابة يليها ضعف عام تدريجي سريع وتيرة الحدوث.
■ ثم يصاب المريض بشكل تقريبي في اليومين الثالث والرابع بإسهال مائي حاد وألام بطنية شديدة يتبعها غثيان وأقياء ويمكن أن يستمر الإسهال أسبوعا كاملا.
ويلاحظ أن المريض في هذه المرحلة يظهر بعينين غائرتين ووجه شاحب خالي من التعابير " وجه الشبح كما يسميه البعض " بالإضافة الى الخمول الشديد.
■ كما يظهر الكثير من المرضى المصابين طفحا جلديا و أعراضا نزفية وخيمة في الفترة ما بين الأيام من الخامس الي السابع علما بأن الحالات المميتة الملاحظة تتسم عادة بشكل من أشكال النزف من عدة مواضع.
حيث لوحظ وجود الدم في القيء والبراز ويصحبه في كثير من الأحيان نزف من الأنف واللثة والمهبل.
■ أن استمرار الحمى الشديدة خلال مرحلة المرض الوخيمة تؤدي الي إصابة الجهاز العصبي المركزي وبالتالي إلى حالات من التهيج والعدوانية من قبل المريض.
■ كما تم الإبلاغ في بعض الحالات عن حدوث التهاب في الخصية في المراحل المتأخرة من المرض أي بحدود اليوم الخامس عشر.
■ وفي الحالات المميتة تحدث الوفاة غالبا في الفترة بين اليومين الثامن والتاسع بعد بدء ظهور الأعراض ويسبقها عادة صدمة شديدة للأعضاء الحيوية ( تلف كبدي وفشل كلوي وعدم انتظام ضربات القلب ) في الجسم بسبب فقد الكثير من الدم وانخفاض الصفائح الدموية وما يعقبه من انخفاض ضغط الدم المصاحب له.
وكما هو ملحوظ في الحالات السابقة من المصابين بالفيروس تعد المرحلة المبكرة للإصابة بالمرض صعبة التمييز من خلال التشخيص السريري بين المرض الذي يسببه فيروس ماربورغ والعديد من الأمراض الحموية المدارية الأخرى بسبب أوجه التشابه الكثيرة في الأعراض السريرية لجميع هذه الأمراض.
فيما يستوجب عنده استبعاد سائر حالات الحمى النزفية الفيروسية الأخرى من التشخيص بما في ذلك مرض فيروس الإيبولا والملاريا وحمى التيفوئيد ومرض البريميات والالتهابات الريكتيسية وحتى الطاعون.
ويمكن إجراء الفحص المخبري للتأكيد عن طريق اختبارات مختلفة مثل ELISA واختبارات الكشف عن المستضدات واختبار تحييد المصل ومقايسة تفاعل البوليميراز المتسلسل بالانتساخ العكسي والمجهر الإلكتروني بالأضافة الي عزل الفيروس عن طريق زراعة الخلايا.
وعلى الرغم من عدم وجود لقاحات أو علاجات معتمدة مضادة لعلاج هذا الفيروس إلا أن الرعاية الداعمة عن طريق الإماهة بالسوائل الفموية أو الوريدية وعلاج بعض الأعراض المحددة للمرض يزيدان بالتأكيد من احتمالات النجاة.
عدا عن إجراء مراكز الأبحاث والمنشأت المختصة للتجارب وتقييم مجموعة من العلاجات المحتملة لهذا المرض بما فيها منتجات الدم والعلاجات المناعية والدوائية حيث يوجد عدد من الأدوية المضادة للفيروسات يحتمل أن تكون فعالة ضد فيروس ماربورغ إلا أن الدراسات لا زالت جارية حتى الآن لإثبات فعاليتها ومنها الفافيبيرافير (Favipiravir) والريمديسيفير (Remdesivir) وحتى إن تعافي الأشخاص تظل دماؤهم أو السائل المنوي على سبيل المثال قادرة على نقل العدوى للآخرين لعدة أشهر بعد ذلك.
مضاعفات الإصابة بفيروس ماربورغ قد تشمل ما يلي :
■ ألم العضلات.
■ ألم المفاصل.
■ التهاب الكبد.
■ الوهن والضعف الشديد.
■ أمراض العين.
■ فقدان السمع.
■ الذهان.
حيث يمكن أن تستمر هذه المضاعفات لفترة زمنية طويلة بعد شفاء المريض من فيروس ماربورغ.
الوقاية والسيطرة على العدوى :
■ يعد العزل الكامل ضروريا للوقاية من انتشار العدوى والسيطرة عليها.
■ ويمكن أن يفيد عزل المرضى الذين يعانون من أعراض يحتمل أن تكون ناجمة عن العدوى بفيروس ماربورغ في المرافق التي يقتصر استعمالها لهذا الغرض حيث يمكن لهذه المرافق التعامل بأمان مع سوائل الجسم المصابة بالفيروس.
■ ينبغي عزل الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع أشخاص مصابين بالعدوى لحين التحقق من سلامة نتائجهم المخبرية.
■ كما يجب تغطية مقدمي الرعاية الصحية الذين يقومون برعاية المرضى المصابين بعدوى فيروس ماربورغ بملابس واقية بشكل كامل بما في ذلك مترسة الرأس المجهزة بجهاز تنفس على الرغم من عدم الاعتقاد بأن حالات العدوى تنتشر عن طريق الهواء إلا أن الاحتياطات لمواجهة هذا الانتشار تؤخذ بعين الاعتبار.
■ ويعتبر تنظيف وتطهير الأسطح والمعدات التي قد تكون ملوثة بالفيروس من الأمور الجوهرية والبديهية مع التأكد من التعامل مع سوائل الجسم مثل الدم والعرق والقيء والبراز والبول بحذر شديد.
■ يجب توخي الحذر بعدم السفر إلى المناطق الجغرافية الموبؤة بالفيروس والالتزام بتعليمات الهيئات الصحية المعنية.
اما بالنسبة للأشخاص الذين سافروا إلى مناطق مصابة بتفشي فيروس ماربورغ أو يتواجدون في تلك المناطق فعليهم الخضوع للاحترازات التالية :
■ إجراءات النظافة الجيدة مثل غسل اليدين بالماء والصابون و استخدام معقم اليدين الكحولي وتجنب التعرض لسوائل جسم أو دم الأشخاص الآخرين.
■ عدم التعامل مع الأشياء التي يمكن أن تكون قد لامست دم أو سوائل جسم مريض مصاب بالعدوى مثل الملابس والمفارش والإبر والمعدات الطبية.
■ مراقبة صحة الأشخاص بعد عودتهم من المناطق الموبؤة لمدة 21 يوما وطلب الرعاية الطبية فور ظهور أي أعراض تشير إلى أمكانية حدوث عدوى بفيروس ماربورغ.
■ على الرغم من أنه لم يحدث الإبلاغ عن أي حالة عدوى حدثت عن طريق الجماع أو الرضاعة الطبيعية أو التلامس مع السائل الأمنيوسي إلا أنه لا توجد دلائل إرشادية ثابتة بشأن المدة التي يجب أن يمتنع فيها الأشخاص عن الاتصال الجنسي غير المحمي أو الرضاعة الطبيعية أو الاختلاط الشخصي المباشر ولكن يوصي أطباء الصحة العامة وكإجراء وقائي من منظمة الصحة العالمية بأن يمتنع الرجال عن الاتصال الجنسي لمدة 7 إلى 8 أسابيع على الأقل بعد الشفاء وإذا قام الرجال بالجماع قبل ذلك فعليهم التأكد من استعمال الواقي الذكري.
■ ولا بد من الإشارة الى أنه يجدر التحذير من إمكانية انتقال الفيروس من جثث الأفراد الذين أصيبوا به أثناء غسلها أو دفنها عن طريق الفم والعينين أو الملامسة المباشرة.
المعالجة : تنطوي على :
■ الرعاية الداعمة : حيث تنطوي المعالجة الداعمة على ما يلي :
• عطاء السوائل عن طريق الوريد للحفاظ على فقد السوائل وضغط الدم وتوازن شوارد الجسم مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم.
• نقل عوامل التخثر للمساعدة على إبطاء أو إيقاف النزف.
• معالجة الأَعراض بما في ذلك استعمال مسكنات الألم.
■ المعالجة الدوائية : كما أسلفنا لم تختبر أي أدوية جديدة لدى الأشخاص المصابين بعدوى فيروس ماربورغ لذلك لا يوجد علاج فعال للعدوى بهذا الفيروس حتى الآن.
دمتم دائما بالصحة والعافية ..
