فزعة عيال زايد
خرجت من مقر العمل متجاً إلى منزلي وأنا أقود السيارة وفي منتصف الطريق سمعتٌ صوتاً صادراً من عجلة السيارة فقلت لعلي دستُ على حجارة في الأرض، وما هي إلا ثواني معدودة وإذا بجواري سيارة فيها شابان يؤشران أن أقف على الجانب الأيسر من الطريق، توقفت وإذا العجلة ليس بها هواء، نزل الشابان من السيارة وقالا لي: الحمد الله أنك لست مسرعاً، قلت لهم: لقد سمعت صوت انفجار العجل ولكني ظننت بأني دستُ على حجر ولم ألتفت للأمر، المهم بأنني قلت لهما: شكرا لكما على تنبيهي والآن سأتصرف مع العجل أو سأتصل بأحد أقاربي، وإذا بهما يحلفان أن لا يذهبا حتى يساعداني في تغيير العجل وتركيب العجل الاحتياطي (الإسبير)، وبعد الانتهاء من المهمة الإنسانية، قالا لي: إذا احتجت أي شي أو أي مساعدة فاتصل بنا ،شباب في مقتبل العمر تقديري لأعمارهم بأنهم تخرجوا من الثانوية العامة السنة الماضية، شكرتهما على حسن صنيعهما، وأكملت طريقي، وأنا أتأمل صغر سنهما ولباقة حديثهما وحبهما لتقديم الخير والاستمتاع به، هنالك أُناس يستمتع بخدمة الناس وكأنه يخدم نفسه أو أبيه أو أخيه، لا يتأخر وإن كان هذا الرجل لا يعرفه، وقد يكون من يٌقدم الخدمة لديه ظروف أو مشغول إلا أنه يترك كل ذلك جانباً ليُبادر ويٌعبر عن حبه واستمتاعه بتقديم العون للآخرين، وكأنه أسلوب حياة، قد تكون ضائعاً في الطريق تبحث عن مؤسسة أو مول أو مستشفى في الشارع وتجد شخصاً فتسأله فيقول لك يميناً وعند منتصف الطريق انحدر يساراً ....إلخ وفي المقابل قد تجد شخصاً آخر يقول لك اركب معي، أو اتبعني بسيارتك، فالناس للناس.
علينا أن نضع قيم زايد الخير نصب أعيننا، العطاء والوفاء وحب الخير ومساعدة الآخرين والتسامح، قد يكون الجيل الحالي لم يُعاصر الشيخ زايد رحمه الله، ولكن هنا تكمن مسؤولية الآباء والأمهات، وكما قال الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة- حفظه الله ورعاه- أيتها الأم، أيها الأب، امسك القلم وأجلِس أبناءك حولك ،سطر واكتب، هذا ما كان يحبه زايد، هذا ما كان لا يحبه زايد، ونجمع تلك الأوراق، لا نضعها على الرفوف وإنما نضعها في الصدور، بهذا الوفاء نكون قد أوفينا الرجل حقه.